مجلس الأمن يصوت الجمعة لـ«وقف نار فوري» في غزة تحت المادة 99

غوتيريش يستخدم أقوى أداة لأمين عام الأمم المتحدة... واعتراض أميركي مبكر

القصف الإسرائيلي يتواصل ضد قطاع غزة (إ.ب.أ)
القصف الإسرائيلي يتواصل ضد قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

مجلس الأمن يصوت الجمعة لـ«وقف نار فوري» في غزة تحت المادة 99

القصف الإسرائيلي يتواصل ضد قطاع غزة (إ.ب.أ)
القصف الإسرائيلي يتواصل ضد قطاع غزة (إ.ب.أ)

يعقد مجلس الأمن اجتماعاً، الجمعة، يستمع فيه إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي استخدم للمرة الأولى المادة 99 من الميثاق التأسيسي للمنظمة الدولية، للتحذير من أن الحرب في غزة «قد تؤدي إلى تفاقم التهديدات القائمة للسلام والأمن الدوليين».

ومنذ (الخميس)، جرى وضع مشروع القرار تحت «الإجراء الصامت»، مما يعني أنه يمكن التصويت عليه في أي وقت اعتباراً من الجمعة.

ووسط استعدادات للتصويت على مشروع قرار مدعوم عربياً ودولياً في هذا الصدد، لا تزال إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ترفض مثل هذا التوجه. وتعد المادة 99 أقوى أداة على الإطلاق يمكن أن يستخدمها أي أمين عام للأمم المتحدة، لمواجهة الأخطار المحدقة بالأمن والسلم الدوليين.

وكانت المرة الأخيرة التي استخدمت فيها هذه المادة عام 2006. وبذلك تكون هذه المادة استخدمت 10 مرات فقط منذ إنشاء الأمم المتحدة عام 1945. وهذه المرات هي: الكونغو (13 يوليو «تموز» 1960)، وشرق باكستان (3 ديسمبر «كانون الأول» 1971)، وقبرص (16 يوليو 1974)، وأزمة الرهائن الأميركيين في إيران (25 نوفمبر «تشرين الثاني» 1979)، والحرب الإيرانية - العراقية (23 سبتمبر «أيلول» 1980)، ولبنان (15 أغسطس «آب» 1989)، وجمهورية الكونغو الديمقراطية (15 مايو «أيار» 2003)، وليبيريا (28 يونيو «حزيران» 2003)، ولبنان (29 يوليو 2006)، والآن غزة.

انهيار النظام الإنساني

وقال غوتيريش في رسالته إلى أعضاء مجلس الأمن إنه «يلفت انتباه مجلس الأمن، إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد الحفاظ على السلام والأمن الدوليين». مشدداً: «إننا نواجه خطراً شديداً لانهيار النظام الإنساني» في غزة، مضيفاً أن «الوضع يتدهور بسرعة إلى كارثة ذات آثار محتملة لا رجعة فيها على الفلسطينيين ككل، وعلى السلام والأمن في المنطقة». وأكد أنه «يجب تجنب مثل هذه النتيجة بأي ثمن».

رجل يسير بين أنقاض مبنى دمره القصف الإسرائيلي خلال الليل في رفح بجنوب قطاع غزة الخميس (أ.ف.ب)

مشروع القرار

واستجابة لطلب غوتيريش، أعدت الإمارات العربية المتحدة مشروع قرار قصير، باسم المجموعة العربية، ينص على أن مجلس الأمن «يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية»، مضيفاً أنه «يكرر مطالبته بأن تمتثل كل الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، ولا سيما فيما يتعلق بحماية المدنيين». كما «يطلب من الأمين العام أن يقدم تقريراً إلى المجلس على أساس عاجل ومستمر عن حالة تنفيذ هذا القرار».

وتشير ديباجة مشروع القرار إلى رسالة غوتيريش في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2023، إلى أن مجلس الأمن يقدم هذا الإجراء استجابة لإثارته المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، معبراً عن «القلق البالغ من الحالة الكارثية في قطاع غزة ومعاناة السكان المدنيين الفلسطينيين».

اعتراض أميركي

وفي أول رد فعل من إدارة الرئيس بايدن على خطوة غوتيريش بمشروع قرار لوقف فوري لإطلاق النار، قال المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة، روبرت وود، إن «موقفنا لم يتغير»، مضيفاً أن «أفضل ما يمكننا فعله جميعاً فيما يتعلق بالوضع على الأرض هو السماح باستمرار الدبلوماسية الهادئة خلف الكواليس»، لأن هذا هو «الأمل الأفضل لمحاولة تحسين الوضع على الأرض فيما يتعلق بالإغاثة الإنسانية، وإخراج الرهائن، ومحاولة المضي نحو نوع ما من العملية» السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وإذ أقر بأن «الوضع صعب»، أكد أنه «لهذا السبب نعمل بجهد مضاعف، من الوزير (أنتوني بلينكن) والرئيس (بايدن) وآخرين، مع الزعماء الإقليميين»، مضيفاً: «نتواصل مع إسرائيل لمحاولة حملها على تعديل نهجها في التعامل، وأن تكون أكثر دقة فيما يتعلق بهجماتها ضد منشآت (حماس) وقيادتها».

وعبر عن «القلق حيال أعداد المدنيين الذين يقتلون ويصابون»، مستدركاً أن «إسرائيل تستمع إلينا، كما قلت قبل بضعة أيام، وهذا أمر يستغرق وقتاً ونحن نعمل على تحقيقه».

وأكد وود أن الولايات المتحدة «لم تجر أي مناقشات» مع الإمارات العربية المتحدة، باعتبارها عضواً في مجلس الأمن، وقدمت مشروع قرار باسم المجموعة العربية يستجيب لطلب الأمين العام للأمم المتحدة، إعلان وقف النار فوراً لأسباب إنسانية. وقال: «كنا واضحين للغاية في أننا لا نعتقد أن أي منتج آخر لمجلس الأمن في الوقت الحالي سيكون مثمراً».

وكذلك انتقد كبير السيناتورات لدى الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، جيم ريش المعروف بتأييده الشديد لإسرائيل، ما سماه «استحضار» غوتيريش المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة فيما يتعلق بالوضع في غزة، معتبراً أن ذلك «يدل على انحياز الأمم المتحدة الصارخ ضد إسرائيل ونفاقها في التعامل مع الصراعات في جميع أنحاء العالم».

وكتب على منصة «إكس»، أن «الحرب في شمال إثيوبيا كانت الصراع الأكثر دموية عام 2022؛ إذ إنها تميزت بحرمان طويل الأمد لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى تيغراي، والفظائع الجماعية، وانتشار الجوع»، مضيفاً أنها كانت «تهديداً للأمن الإقليمي». وسأل غوتيريش: «لماذا لم تحتج بالمادة 99 حينها أو للسودان الآن؟».

غضب إسرائيلي

وكذلك واجه الأمين العام للأمم المتحدة انتقادات إسرائيلية لاذعة. ووصف وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ولاية غوتيريش على رأس الأمم المتحدة، بأنها «خطر على السلم العالمي»، قائلاً عبر «إكس»، إن طلب غوتيريش تفعيل هذه المادة ودعوته لوقف إطلاق النار في غزة «يشكلان دعماً لحركة (حماس) الإرهابية وإقراراً بقتل كبار السن وخطف الأطفال واغتصاب النساء».

وهاجم المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، دعوة غوتيريش، معتبراً أنها «دليل على تحامله على إسرائيل». ووصف المناداة بوقف النار بأنه «دعوة للإبقاء على حكم (حماس) بالقطاع».

 

اللجنة الوزارية العربية والإسلامية حول الحرب في غزة أثناء لقاء أخير مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (الأمم المتحدة)

تأييد عربي ودولي

من جهته، رحب رئيس البرلمان العربي، عادل بن عبد الرحمن العسومي، بدعوة غوتيريش، معتبراً إياها «خطوة مهمة وضرورية، تنسجم مع مطالبة البرلمان العربي، الجمعية العامة للأمم المتحدة لتفعيل مبدأ الاتحاد من أجل السلم لمواجهة إخفاق مجلس الأمن، نتيجة استخدام حق الفيتو من قبل الولايات المتحدة لصالح القوة القائمة بالاحتلال».

وقال الناطق باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، إن الحكومة العراقية «تثني على ما أشار له غوتيريش، في أنّ ما يحصل في غزة، منذ عدة أسابيع يمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين».

كذلك، رحب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة «تجنباً لوقوع كارثة إنسانية».

ودعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إلى دعم رسالة غوتيريش، بعد تفعيل الأخير المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة.

وأعرب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، عن «دعمه الكامل» لرسالة غوتيريش إلى مجلس الأمن، للمطالبة بإرساء هدنة إنسانية في قطاع غزة.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية (الجامعة)

أبو الغيط: الموقف الأميركي «ضوء أخضر» لاستمرار «الحملة الدموية» الإسرائيلية

استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخميس، استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» لعرقلة قرار بمجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون يبحثون وسط الأنقاض بعد غارة إسرائيلية أصابت مدرسة تديرها الأمم المتحدة لجأ إليها الناس في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«حماس»: واشنطن شريك مباشر بحرب الإبادة في غزة

أكدت حركة «حماس» أن واشنطن «شريك مباشر بحرب الإبادة» في غزة بعد «الفيتو» بمجلس الأمن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ جلس الأمن التابع للأمم المتحدة مجتمعا (أ.ف.ب)

«فيتو» أميركي على مشروع قرار بمجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة

عطَّلت الولايات المتحدة، اليوم (الأربعاء)، صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف «فوري وغير مشروط ودائم» لإطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

TT

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)

رأى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني في الجنوب، يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، الأحد، «استشهاد أحد العسكريين وإصابة 18 بينهم مصابون بجروح بليغة نتيجة استهداف العدو الإسرائيلي مركز الجيش في العامرية على طريق القليلة - صور، كما تعرّض المركز لأضرار جسيمة».

وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) أفادت باستهداف حاجز للجيش في العامرية أدى إلى إصابة أكثر من 8 عسكريين، بينهم حالتان حرجتان، مشيرة إلى أن سيارات الإسعاف و«الصليب الأحمر» وكشافة الرسالة للإسعاف الصحي هُرعت إلى المكان، وعملت على نقل الجرحى إلى المستشفيات في صور.

عدوان مباشر

وفي تعليق منه على ما حدث رأى ميقاتي أن «استهداف العدو الإسرائيلي بشكل مباشر مركزاً للجيش في الجنوب وسقوط شهداء وجرحى يمثل رسالة دموية مباشرة برفض كل المساعي والاتصالات الجارية للتوصل إلى وقف النار، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، وتنفيذ القرار الدولي رقم 1701»، مؤكداً أن «هذا العدوان المباشر يضاف إلى سلسلة الاعتداءات المتكررة للجيش وللمدنيين اللبنانيين، وهو أمر برسم المجتمع الدولي الساكت على ما يجري في حق لبنان».

ورأى أن «رسائل العدو الإسرائيلي الرافض لأي حل مستمرة، وكما انقلب على النداء الأميركي - الفرنسي لوقف إطلاق النار في سبتمبر (أيلول) الفائت، ها هو مجدداً يكتب بالدم اللبناني رفضاً وقحاً للحل الذي يجري التداول بشأنه».

وأضاف قائلاً: «إن الحكومة التي عبّرت عن التزامها تطبيق القرار الدولي رقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، تدعو دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية إلى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد».

أدى استهداف الجيش في صور جنوب لبنان إلى أضرار جسيمة في المركز والآليات العسكرية (أ.ف.ب)

ويتعرض الجيش اللبناني منذ بدء الحرب على لبنان لاستهدافات إسرائيلية متواصلة؛ ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم، بحيث وصل عدد القتلى إلى 44 عسكرياً، بينهم 19 قُتلوا في مراكز عملهم و25 في منازلهم مع عائلاتهم.

ويأتي ذلك في ظل الحديث الجدي اليوم حول دور الجيش اللبناني في المرحلة المقبلة والوعود التي يطلقها المسؤولون اللبنانيون لناحية تطبيق القرار 1701، وزيادة عدد الجنود والضباط عند الحدود اللبنانية إلى 10 آلاف.

استهداف متكرر

وتضع مصادر أمنية الاستهدافات المتكررة للجيش اللبناني في خانة الرسائل لمنع وجود العسكريين عند الحدود اللبنانية، وهو ما يقوم به الجيش الإسرائيلي مع قوات الـ«يونيفيل» بحيث يريد فرض منطقة آمنة مهجورة ومحروقة.

وينتشر اليوم نحو 4500 عنصر من الجيش في منطقة جنوب الليطاني، كانت مهمتهم بشكل أساسي مراقبة تطبيق القرار 1701 والخروق التي تحصل، وكان قد أعيد انتشارهم بالتراجع ما بين 3 و4 كيلومترات، عند بدء التصعيد الإسرائيلي عبر إعادة تموضعهم في مراكز خلفية محصنة ومجهزة للدفاع إذا ما حدث أي تقدم للجيش الإسرائيلي»، وفق ما يؤكد مصدر أمني.