منظمة حقوقية إسرائيلية ترفض مبررات الحرب على غزة

«بتسيلم»: «ممارسات (حماس) لا تبرر القتل الجماعي للمدنيين الفلسطينيين»

دمار واسع في خان يونس (رويترز)
دمار واسع في خان يونس (رويترز)
TT

منظمة حقوقية إسرائيلية ترفض مبررات الحرب على غزة

دمار واسع في خان يونس (رويترز)
دمار واسع في خان يونس (رويترز)

أصدر مركز «بتسيلم» الحقوقي الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، بياناً فنّد فيه الحجج التي تتذرع بها حكومة إسرائيل وجيشها لتبرير القتل الجماعي الذي يطال الفلسطينيين في قطاع غزة، وقال إن ما يحصل يتناقض مع القانون الدولي ويُعد إجراماً ويجب أن يتوقف.

وقال بيان «بتسيلم»، إنه «منذ بداية الحرب، كان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قد أوضح أن إسرائيل سوف تنتقم بشدة، كما سارع الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إلى التوضيح بأنه في هذه الحرب (سيكون التركيز على كمية الضرر وليس على الدقة). هذه التصريحات تظهر بوضوح تام أن القصف المدمر هو سياسة منهجية تطبقها إسرائيل في القطاع منذ بداية الحرب. هذه السياسة، التي ألقيت في إطارها مئات الأطنان من المتفجرات على قطاع غزة، أسفرت حتى الآن عن قتل مرعب لأكثر من 15 ألف إنسان، من بينهم أكثر من 6 آلاف من الأطفال والأولاد والفتيان ونحو 4 آلاف من النساء. أحياء سكنية بأكملها انهارت، من بينها أبراج سكنية، والكثير من الشوارع أصبحت خرائب. كما لا يزال كثيرون مدفونين تحت الأنقاض ولا يزال مصيرهم غير معروف. ونحو 1,8 مليون إنسان هُجّروا من منازلهم حتى الآن وهم محشورون في ظروف غير إنسانية، من دون مياه ولا غذاء ولا أدوية».

فلسطينيون في مركز لتوزيع المساعدات الإغاثية في رفح (أ.ف.ب)

وقدمت هذه المنظمة الحقوقية الإسرائيلية مثالاً لهذه السياسة، من القصف الذي قامت به إسرائيل في الثاني من الشهر الحالي في حي الشجاعية بمدينة غزة. وقالت: «حسب ادعاء الناطق الرسمي بلسان الجيش الإسرائيلي، كان الهدف من هذا القصف قتل وسام فرحات الذي وُصف بأنه قائد كتيبة الشجاعية في (حماس) وقاد الكتيبة إبان عملية الجرف الصامد، والذي ادعى (الناطق) أنه شارك في تخطيط عمليات وأسهم في تخطيط الهجوم الوحشي على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) وأرسل مسلحي النخبة في ذلك اليوم نحو كيبوتس وموقع ناحل عوز العسكري». وتابع البيان: «ولكن، وفقاً لتقارير أولية، فقد أسفر الهجوم عن تدمير عشرات المباني السكنية وقتل العشرات. ولا يزال المئات مدفونين تحت الأنقاض. بالنظر إلى هذه النتائج، لا يبقى أي شك بشأن عدم قانونية هذا الهجوم: على أي هجوم - حتى لو كان لتحقيق هدف عسكري شرعي - أن يحقق مبدأ التناسبية، الذي يقضي بوجوب الامتناع عن تنفيذ الهجوم إذا كانت المعلومات المتوفرة تدل على أن الضرر الذي سيلحق بالمواطنين المدنيين من جراء الهجوم سيكون مبالغاً فيه مقارنة بالفائدة العسكرية المتوقع تحقيقها. أي تفسير يقول بأنه من الممكن اعتبار نتائج هذا الهجوم تناسبية من شأنه أن يُفرغ هذه القاعدة من أي مضمون».

فلسطينيون في مخيم للنازحين برفح (رويترز)

وجاء في البيان أن إسرائيل تقول إنها تبذل كل ما في وسعها لتجنب المس بالمدنيين، لكن «حماس» تختبئ خلف المواطنين وتستخدمهم دروعاً بشرية، ولذلك فإن أي مسّ إسرائيلي بـ«حماس» يستتبع بالضرورة - وليس بذنْب إسرائيل - مساً بالمواطنين. إلا أن معنى هذا الادعاء، كما جاء في البيان، هو أن إسرائيل لا تخضع لأي قيود، وأن أي عملية تقوم بها، مهما كانت نتائجها مرعبة، تُعد شرعية. وتابع البيان: «صحيح أن (حماس) تنتهك أحكام القانون الإنساني الدولي، وخاصة واجب التمييز بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية، من خلال إطلاقها الصواريخ من بين السكان المدنيين نحو المدنيين الإسرائيليين، ومن حيث إن مسلحيها يخبئون الأسلحة في منازل السكان المدنيين ويحفرون الأنفاق تحتهم. إلا أن هذا السلوك لا يعفي إسرائيل من واجبها بشأن العمل بموجب هذه الأحكام. التفسير الإسرائيلي يلغي تماما القاعدة التي تنص على أن حقيقة انتهاك أحد الأطراف هذه الأحكام لا تعفي الطرف الآخر من واجبه في تطبيقها والالتزام بها».

وتابعت «بتسيلم» أن الادعاء الثاني الذي تستخدمه إسرائيل لتبرير الضربات فهو أنها تُبلغ كل المدنيين في الأماكن التي تقوم بقصفها بضرورة مغادرة منازلهم والتوجه إلى المناطق التي تعدها «مناطق آمنة». وقالت: «هذا الادعاء منسلخ عن الواقع (...) يتجاهل حقيقة أن مواطنين كثيرين قد ظلوا في منازلهم - بعضهم لأنه لا يستطيع الوصول إلى جنوب القطاع لأسباب مختلفة، وبعضهم الآخر لأنه اختار عدم المغادرة إلى الجنوب-، والافتراض في هذه الحالة بأن المنطقة أصبحت خالية من المدنيين هو افتراض مغلوط واقعيا (...) حتى لو كان المواطنون قد غادروا فليس معنى هذا أنه بالإمكان قصف المنطقة بصورة شاملة ومن دون تحييد منازلهم، التي هي أهداف مدنية، ما لم يثبت خلاف ذلك».


مقالات ذات صلة

الشرطة الإسرائيلية تتّهم معتقلين من غزة بـ«الإرهاب» للمرة الأولى منذ بدء الحرب

شؤون إقليمية قوة من شرطة الحدود الإسرائيلية في البلدة القديمة بالقدس 17 أبريل 2022 (رويترز)

الشرطة الإسرائيلية تتّهم معتقلين من غزة بـ«الإرهاب» للمرة الأولى منذ بدء الحرب

أعلنت الشرطة الإسرائيلية، الاثنين، في سابقة هي الأولى منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، توجيه تهمة «الإرهاب» لثلاثة فلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية إسرائيليون يحتجّون ضد الحكومة ويعربون عن دعمهم للرهائن بتل أبيب 7 ديسمبر 2024 وسط الصراع المستمر بغزة بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)

مبعوث ترمب يحذّر من تداعيات عدم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل التنصيب

قال مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط إنه لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل تنصيب ترمب 20 يناير

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي: وجود قواتنا في سوريا «محدود ومؤقت» play-circle 00:37

وزير الخارجية الإسرائيلي: وجود قواتنا في سوريا «محدود ومؤقت»

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الاثنين، إنه «تم استهداف مواقع أسلحة كيماوية وصواريخ طويلة المدى اشتبهنا بها في سوريا».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي صاروخ وهمي من صنع الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون يتبنون هجوماً باتجاه إسرائيل بالاشتراك مع فصائل عراقية

تبنى الحوثيون (الأحد) هجوماً بالطائرات المسيرة على إسرائيل بالتنسيق مع فصائل عراقية موالية لإيران، فيما أكد الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخين أُطلقا من اليمن.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون جثمان شخص قُتل في غارة إسرائيلية على دير البلح بقطاع غزة (أ.ب)

انقطاع الكهرباء يهدد حياة العشرات في مستشفى بشمال قطاع غزة

أكد مدير «مستشفى كمال عدوان» في شمال قطاع غزة أن حياة أكثر من 100 مصاب مهددة بسبب انقطاع الكهرباء والمياه والأكسجين في المستشفى جراء القصف الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)

البطريرك الماروني «واثق» بأنه سيكون للبنان رئيس في 9 يناير

ماكرون في حديث هامس مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب داخل كاتدرائية نوتردام السبت الماضي (رويترز)
ماكرون في حديث هامس مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب داخل كاتدرائية نوتردام السبت الماضي (رويترز)
TT

البطريرك الماروني «واثق» بأنه سيكون للبنان رئيس في 9 يناير

ماكرون في حديث هامس مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب داخل كاتدرائية نوتردام السبت الماضي (رويترز)
ماكرون في حديث هامس مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب داخل كاتدرائية نوتردام السبت الماضي (رويترز)

إضافة إلى الجانب الكنسي والرعوي الذي ارتدته زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى باريس، بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس أساقفة باريس، فقد كان لها جانب سياسي أيضاً. فقد وفّرت الزيارة للبطريرك الفرصة، وإن كانت على هامش احتفالية إعادة تدشين كاتدرائية نوتردام، للحديث مع ماكرون ومسؤولين آخرين، وكذلك مع مسعد بولس، الأميركي اللبناني الأصل الذي عيّنه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مستشاراً خاصاً له لشؤون الشرق الأوسط.

وفي لقاء مع مجموعة ضيقة من الصحافيين في «البيت الفرنسي ــ اللبناني»، أفاد الراعي بأنه تحادث سريعاً مع الرئيس ماكرون الذي قال له إن «لبنان في قلبي ولن يخرج منه». كذلك أبدى حرصه على مواصلة الاهتمام بالملف اللبناني المقبل على استحقاقات عديدة؛ منها ملء الفراغ على رأس المؤسسات اللبنانية من خلال إجراء الانتخابات التي حُدد لها موعد في التاسع من الشهر المقبل. وشكر الراعي الرئيس الفرنسي لما أبداه إزاء لبنان وللرعاية التي خصّه بها، وقال له: «هذا واضح من خلال كل مبادراتك».

كذلك تبادل البطريرك الحديث مع مسعد بولس الذي أبلغه أنه «يخطط للذهاب إلى لبنان» ولكن من غير أن يحدّد موعداً لذلك. لكن الزيارة لن تتم، في أي حال، قبل أن يُنصّب ترمب مرة ثانية رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل. ووفق البطريرك، فإن ترمب أشاد بقوة بمستشاره الخاص واعتبر أن بولس «سيكون له تأثير قوي على سياسة ترمب» إزاء المنطقة بما فيها لبنان.

البطريرك بشارة الراعي (رويترز)

في لقائه مع المجموعة الصحافية، تحدث الراعي عن الاستحقاق الرئاسي في لبنان وبدا واثقاً من أن الموعد الذي حدّده رئيس مجلس النواب نبيه بري سيكون مثمراً بمعنى أن «الطبخة نضجت»، لأن بري التزم بموعد محدد وبعقد جلسة انتخاب من دورات عدة وبحضور سفراء عرب وأجانب، ولأنها تأتي بعد وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل والبدء بتطبيق القرار 1701.

إلا أن البطريرك رفض، كعادته، الخوض في أسماء المرشحين للرئاسة، أقله بشكل علني، معتبراً أن هناك أسماء صالحة للمهمة. وإزاء تعدد الأسماء، أشار إلى أن الأحزاب يمكن أن تصل في نهاية المطاف إلى اسمين أو ثلاثة يتم الاقتراع عليها في الجلسة المرتقبة.

وترى البطريركية المارونية أن كلاً من المرشحين له ما يتميز به عن الآخرين. وتفيد أوساطها بأن بورصة المرشحين تتأرجح بين الصعود والهبوط وأنه، حتى اليوم، ليس هناك أي منها يفرض نفسه.

وفي لقاء آخر مع مجموعة مختلطة من الفرنسيين واللبنانيين، نفى البطريرك الراعي أن يكون هناك للكنيسة المارونية مرشح تزكية. وقال: «ليس لنا مرشح، لكننا نعرف جميع المرشحين والأسماء المطروحة جيّدة. وليس دور الكنيسة أن يكون لها مرشح».

وأبدى البطريرك إحباطه لأنه لم ينجح في الجمع بين القيادات السياسية، ومنها القيادات المسيحية، منذ عام 2019، موضحاً أنهم يتذرعون بأن «الوقت غير مناسب» لكن السبب الحقيقي أن لهؤلاء القادة «مصالح خاصة» يدافعون عنها. وحضّ السياسيين اللبنانيين على أن «يغيّروا ما في أنفسهم لأنهم يتحدثون لغة غير لغة الشعب».

ولا يبدي البطريرك الماروني أي تخوف من القادم من الأيام، إذ يقول: «لن تكون هناك نتائج سلبية إذ إن اللبنانيين يتوقون للعيش بسلام، إذ إن هذه هي ثقافتهم وسيكونون على وئام والدليل على ذلك أن المسيحيين استقبلوا النازحين وفتحوا لهم بيوتهم، وأنا أؤكد أننا ذاهبون لحقبة جديدة من السلام». بيد أنه لم تفته الإشارة، في تلميح للحرب التي اندلعت بين «حزب الله» وإسرائيل، إلى أنه «يتعين أن يتوقف (حزب الله) عن اتخاذ قرار السلم والحرب (منفرداً)، إذ إن قراراً كهذا يخصّ اللبنانيين كافة». أمّا بالنسبة لاتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار، فقد أمل البطريرك ألا يكون لستين يوماً فقط بل يكون «دائماً»، مكرراً تفاؤله بأن يحل السلام وأن يعود النازحون إلى بيوتهم. ورأى أن الخلافات «بين السياسيين وليس بين اللبنانيين»، موجّهاً، مرة أخرى، الشكر لفرنسا «لوقوفها إلى جانب لبنان في الأيام الصعبة».