إسرائيل توسّع أحزمة النار إلى جنوب غزة... وقتال محتدم على الأرض

جيشها يحاول تقسيم القطاع إلى 3 أجزاء ومربعات سكنية صغيرة... وتوقعات بعملية طويلة نسبياً

دمار جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس اليوم السبت (أ.ب)
دمار جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس اليوم السبت (أ.ب)
TT

إسرائيل توسّع أحزمة النار إلى جنوب غزة... وقتال محتدم على الأرض

دمار جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس اليوم السبت (أ.ب)
دمار جراء الغارات الإسرائيلية على خان يونس اليوم السبت (أ.ب)

ركز جيش الاحتلال الإسرائيلي غاراته المكثفة في جنوب قطاع غزة، للمرة الأولى منذ بداية الحرب على القطاع، بعدما تركزت الضربات سابقاً في الشمال، في مؤشر إلى توسيع العمليات البرية نحو الجنوب.

ونفّذ الجيش الإسرائيلي مئات الغارات في شمال القطاع وجنوبه، مقيماً أحزمة نار في مناطق بالجنوب يُفترض أن تكون آمنة. وترافق ذلك مع تقطيع القطاع إلى مربعات سكنية صغيرة، بخلاف الخطة القديمة التي كان يعمل الجيش بموجبها والتي تقوم على تقسيم القطاع إلى جزئين، شمالي وجنوبي.

وقالت مصادر في الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم رصد محاولات تقدم إسرائيلية من جهة «كيسوفيم» شمال شرقي خان يونس باتجاه دوار «المطاحن»، لكن مقاومة شرسة أفشلت ذلك.

دمار واسع في خان يونس المتوقع أن تكون هدفاً للعمليات العسكرية الإسرائيلية في المرحلة المقبلة (د.ب.أ)

وأوضحت المصادر أن التقدم يشي بمحاولة إسرائيل فصل وسط القطاع عن جنوبه، وبالتالي تقسيم قطاع غزة إلى 3 أقسام وليس قسمين، ما يسهّل تقسيم كل منطقة إلى مربعات.

وأكد الجيش الإسرائيلي أنه نفّذ في غزة غارات مكثفة طالت أكثر من 400 هدف في أنحاء القطاع، بما في ذلك 50 هدفاً في منطقة خان يونس، وشمل ذلك بنية تحتية مزعومة لـ«حماس» ومسجداً لـ«الجهاد الإسلامي».

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنه يتم استهداف خان يونس للاعتقاد بأن بعض قادة «حماس» موجودون في المدينة، مشيرة إلى خطط للجيش الإسرائيلي لتوسيع العمليات البرية إلى هناك.

عمارات في خان يونس... قبل الضربات الإسرائيلية وبعدها (أ.ف.ب)

ومساء السبت، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي ورئيس جهاز الأمن الداخلي رونان بار صادقا على خطط عسكرية لمواصلة القتال في قطاع غزة خلال اجتماعهما السبت. ونقلت الهيئة عن هاليفي قوله في الاجتماع: «نحن نركز على تفكيك (حماس) بشكل أكبر، وتهيئة الظروف لعودة المزيد من المختطفين».

جاء ذلك في وقت قسّمت فيه إسرائيل القطاع إلى مربعات.

وبدأ الجيش الإسرائيلي، السبت، في استخدام خريطة تقسّم قطاع غزة إلى مئات المناطق الصغيرة، بما في ذلك في جنوب غزة، حيث من المتوقع أن تعمل القوات البرية عندما يوسع الجيش الإسرائيلي هجومه.

ويريد الجيش استخدام هذه الخريطة بدلاً من المطالبة بالإخلاء الجماعي، كما فعل في الجزء الشمالي من غزة.

صورة وزعها الجيش الإسرائيلي اليوم لمناطق يفترض إخلاؤها من السكان شمال قطاع غزة (الشرق الأوسط)

وطلب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية اللفتنانت كولونيل أفيخاي أدرعي، على منصة «إكس»، من الفلسطينيين في عدة مناطق في شمال غزة، بما يشمل جباليا والشجاعية والزيتون، الإخلاء إلى «الملاجئ المعروفة» في منطقتي الدرج والتفاح بمدينة غزة.

كما دعا الفلسطينيين في عدة مناطق في جنوب القطاع، بما يشمل خربة خزاعة وعبسان وبني سهيلا ومعن - القريبة من الحدود الإسرائيلية - إلى التوجه إلى ملاجئ في رفح.

كذلك طلب الجيش الإسرائيلي من الفلسطينيين الانتباه إلى أرقام مناطقهم ومتابعة التحديثات الصادرة منه.

ومحاولة تقسيم القطاع إلى مربعات تثير المخاوف من خطط طويلة للجيش في قطاع غزة تقوم على العمل من مربع إلى مربع.

وقال مسؤول إسرائيلي رفيع إن إسرائيل ستشن عملية عالية الكثافة في الأسابيع المقبلة، ثم عملية بكثافة أقل.

وطال القصف الإسرائيلي العنيف مناطق واسعة في غزة ودمر مربعاً سكنياً كاملاً في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.

ألسنة اللهب تتصاعد عقب غارة إسرائيلية على قطاع غزة السبت (رويترز)

وأعلن جهاز الدفاع المدني الفلسطيني في قطاع غزة، السبت، عن انتشال وإنقاذ أكثر من 300 مواطن فلسطيني، في الشجاعية بعد استهداف مربع سكني مأهول بالسكان في حي الشجاعية.

ووصف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة ما جرى في الشجاعية بأنه مجزرة مُروّعة طالت 50 عمارة سكنية ومنزلاً.

ومع تواصل سقوط الضحايا، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، السبت، ارتفاع حصيلة قتلى الغارات الإسرائيلية على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي، إلى 15 ألفاً و207 فلسطينيين. وقال متحدث الوزارة أشرف القدرة، في مؤتمر صحافي، إن حصيلة الإصابات خلال الفترة نفسها ارتفعت إلى 40 ألفاً.

وتكثيف الهجوم في غزة جاء في وقت أعلن فيه جهاز الموساد أنّ رئيسه دافيد برنياع أوعز إلى فريقه المفاوض في العاصمة القطريّة الدوحة بالعودة إلى إسرائيل، بعد تعثّر المفاوضات الجارية مع الوسيط القطري لبحث استئناف الهدنة في قطاع غزّة مقابل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليّين المتبقّين في القطاع من النساء والأطفال.

وفي بيان أصدره الموساد جاء أنّ حركة «حماس» لم تنفّذ الجزء الخاصّ بها من الاتفاق، الذي تضمّن إطلاق سراح جميع الأطفال والنّساء وفق القائمة التي قُدّمت إلى الحركة ووافقت عليها. وأشار البيان إلى أنّ رئيس الموساد يشكر رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي آي إيه» ووزير المخابرات المصري ورئيس وزراء قطر على شراكتهم في جهود الوساطة الجبّارة التي أدّت إلى إطلاق سراح 84 طفلاً وامرأة من قطاع غزّة، بالإضافة إلى 24 أجنبيّاً.

فلسطينيون ينزحون من خان يونس السبت (د.ب.أ)

وقالت قناة «كان» الإسرائيلية إن مطالبة حركة «حماس» بالانتقال إلى الإفراج عن مختطفين بالغين مقابل أسرى أمنيين فلسطينيين أدينوا بالقتل هي التي حالت دون تمديد الهدنة صباح الجمعة. وقالت مصادر إسرائيلية إن إسرائيل مستعدة لتمديد الهدنة يوماً واحداً مقابل الإفراج عن النساء والأولاد. وأوضحت في حديث مع مراسل قناة «كان» أنه بعد أربعة أيام على أكثر تقدير لن يكون بالمستطاع بحث التهدئة، لأن الجيش سيكون في خضم المرحلة الثانية من الحرب.

وتقول إسرائيل إن حوالي 135 رهينة ما زالوا في غزة، بينهم 16 طفلاً وامرأة، لكن «حماس» تقول إن النساء المتبقيات تحت أيديها هن مجندات ولا يجري التعامل معهن وفق ما جرى على النساء المدنيات.

ومع توسع القصف الإسرائيلي توسعت واحتدمت المعارك البرية.

واشتبك مقاتلون فلسطينيون مع الجيش الإسرائيلي قرب خان وينس ودير البلح وفي مناطق الشيخ رضوان والكرامة والنصر والعطاطرة ومخيم الشاطئ وبيت لاهيا وبيت حانون ومناطق أخرى.

وقالت «كتائب القسام» إنها استهدفت تحشدات للعدو شرق ماغين، وقصفت موقع «كيسوفيم» و«كيبوتس نيريم» والعين الثالثة وعسقلان برشقة صاروخية، كما استهدفت تحشدات في «زكيم» و«كيسوفيم»ودير البلح بمنظومة الصواريخ «رجوم» قصيرة المدى من عيار 114ملم، واستهدفت غرفة قيادة واستطلاع للعدو داخل مبنى شرق بيت حانون بـ4 قذائف مضادة للأفراد.

وأعلنت «القسام» قصف تل أبيب برشقة صاروخية، مشيرة إلى أنها استهدفت أيضاً دبابة بعبوة «شواظ» ما أدى إلى إحداث عدة انفجارات بداخلها وتدميرها بالكامل، وبرج دبابة أخرى بقذيفة «الياسين 105»، وجرافة من نوع «D9» بقذيفة «الياسين 105» في منطقة جحر الديك شرق المنطقة الوسطى، إضافة إلى استهداف منزل كان فيه عدد من جنود العدو بقذيفة «TBG» مضادة للتحصينات وذلك في منطقة الشيخ رضوان.

وقالت «القسام» إنها أوقعت قوة إسرائيلية راجلة متمركزة داخل مبنى في كمين محكم في منطقة التوام شمال غرب غزة، واستهدفتها بالعبوات المضادة للأفراد والقذائف المضادة للتحصينات والرشاشات الثقيلة، مؤكدة إيقاع أفراد القوة بين قتيل وجريح.

وأمام التطورات في غزة، حذرت الأمم المتحدة من أن القتال سيؤدي إلى تفاقم حالة الطوارئ الإنسانية الشديدة. وقال ينس لاركيه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في جنيف إن «الجحيم على الأرض عاد إلى غزة».

كما حذر مفوض عام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» فيليب لازاريني، من أن «الهجوم الإسرائيلي على جنوب قطاع غزة قد يدفع مليون لاجئ إلى الحدود المصرية».

وأضاف المسؤول الأممي: «إذا كان هناك قتال، فمن المرجح أن يرغب سكان غزة في الفرار إلى المناطق الجنوبية، وإلى ما وراء الحدود».


مقالات ذات صلة

تل أبيب تهدد بتحويل الضفة «غزة ثانية»

المشرق العربي رجال إنقاذ وقوات الأمن الإسرائيلية يعملون في موقع هجوم بالضفة الغربية يوم 6 يناير 2025 (أ.ف.ب)

تل أبيب تهدد بتحويل الضفة «غزة ثانية»

هدد مسؤولون إسرائيليون، أمس، بتحويل الضفة الغربية إلى «غزة ثانية»، بعد عملية نفذها مهاجمون فلسطينيون ضد مركبات إسرائيلية قرب قرية الفندق شمال الضفة، أسفرت

كفاح زبون (رام الله) «الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
المشرق العربي فلسطيني يجلس أمام متعلقاته التي تم انتشالها من أنقاض مبنى مدمر في أعقاب غارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

تململ في إسرائيل حول «صفقة غزة» بعد «قائمة الـ34» المثيرة للجدل

يبدو أن الزخم الذي أخذته «مفاوضات الدوحة» الرامية إلى إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن والأسرى، تراجع قليلاً.

كفاح زبون (رام الله) كفاح زبون (رام الله) «الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون يجمعون الطعام المتبرع به في مركز توزيع أغذية في دير البلح وسط قطاع غزة، 2 يناير 2025 (أ.ب)

برنامج الأغذية العالمي يندد بهجوم إسرائيلي على قافلة له في غزة

قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، اليوم (الاثنين)، إن قوات إسرائيلية فتحت النار على قافلة تابعة له في غزة أمس الأحد في واقعة وصفها بأنها «مروعة».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون أنقاض مبنى سكني انهار بفعل القصف الإسرائيلي في منطقة السرايا بمدينة غزة السبت (أ.ف.ب)

«هاجس مخيم جباليا المدمّر» يلاحق سكان مدينة غزة

تشكل صور الدمار الهائل، التي تخرج من شمال قطاع غزة، تحديداً من مخيم جباليا، هاجساً بالنسبة لكثير من سكان محافظة مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي تصاعد الدخان جرَّاء الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

مقتل 13 فلسطينياً بغارات إسرائيلية على غزة

أفاد الدفاع المدني في غزة بأن 13 فلسطينياً بينهم عدد من الأطفال قُتلوا في غارات جوية إسرائيلية في قطاع غزة، اليوم (الاثنين).

«الشرق الأوسط» (غزة)

واشنطن تخفف «القيود» على دمشق

قافلة شاحنات تحمل مساعدات سعودية تدخل سوريا من معبر النصيب مع الأردن أمس (رويترز)
قافلة شاحنات تحمل مساعدات سعودية تدخل سوريا من معبر النصيب مع الأردن أمس (رويترز)
TT

واشنطن تخفف «القيود» على دمشق

قافلة شاحنات تحمل مساعدات سعودية تدخل سوريا من معبر النصيب مع الأردن أمس (رويترز)
قافلة شاحنات تحمل مساعدات سعودية تدخل سوريا من معبر النصيب مع الأردن أمس (رويترز)

مع بدء العد التنازلي لرحيلها، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تخفيف بعض القيود المالية على سوريا، تاركة مسألة رفع العقوبات لقرار تتخذه الإدارة الجديدة للرئيس دونالد ترمب.

وأظهر الموقع الإلكتروني الخاص بوزارة الخزانة الأميركية أن الولايات المتحدة أصدرت أمس رخصة عامة لسوريا تسمح لها بإجراء معاملات مع مؤسسات حكومية وكذلك بعض معاملات الطاقة والتحويلات المالية الشخصية.

في الأثناء، جرت في أنقرة مباحثات تركية - أردنية. وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحافي بحضور نظيره الأردني أيمن الصفدي، إن القضاء على «وحدات حماية الشعب» الكردية بات «مسألة وقت»، وإن أنقرة لن توافق على أي سياسة تسمح للوحدات الكردية بالحفاظ على وجودها في سوريا. وأكد فيدان أن بلاده لن تسمح بتمرير أي أجندات غربية تدعم «حزب العمال الكردستاني» بذريعة مكافحة «داعش».

إلى ذلك، وصل إلى أبوظبي، أمس، أسعد الشيباني، وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة، حيث التقى الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، وبحثا التطورات في سوريا، والأوضاع الإقليمية، وسبل تعزيز العلاقات بين البلدين والشعبين.