تجدد الجدل حول الوجود الأميركي في العراق

السوداني وبلينكن بحثا التطورات... وهجمات جديدة لتنظيم «داعش»

محمد شيّاع السوداني مستقبلاً أنتوني بلينكن في وقت سابق (أ.ف.ب)
محمد شيّاع السوداني مستقبلاً أنتوني بلينكن في وقت سابق (أ.ف.ب)
TT

تجدد الجدل حول الوجود الأميركي في العراق

محمد شيّاع السوداني مستقبلاً أنتوني بلينكن في وقت سابق (أ.ف.ب)
محمد شيّاع السوداني مستقبلاً أنتوني بلينكن في وقت سابق (أ.ف.ب)

فيما جددت الولايات المتحدة الأميركية دعوتها الحكومة العراقية إلى حماية الوجود الأميركي في العراق، جدد العراق، في مقابل ذلك، رفضه قيام الولايات المتحدة بقصف منطقة جرف الصخر، التي تضم قطعات من «الحشد الشعبي» وفصائل عراقية مسلحة.

وبالتزامن مع الجدل بين واشنطن وبغداد وما تعده واشنطن تهديداً لوجودها العسكري والدبلوماسي في العراق، إثر تكرار الهجمات على القواعد العسكرية العراقية التي تضم جنوداً أميركيين، وتأكيد العراق على حمايته أي وجود أجنبي، جدد تنظيم «داعش» هجماته ضد مواقع للجيش العراقي في قضاء مخمور شمالاً، فضلاً عن هجوم غامض على منطقة العمرانية في محافظة ديالى شمال شرق العاصمة بغداد.

وكان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي أعلن أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بليكن، جدد خلاله السوداني رفض العراق أي اعتداء على أراضيه. وقال بيان المكتب الإعلامي إن «رئيس الوزراء أكد خلال الاتصال موقف العراق الرافض لأي اعتداء تتعرض له الأراضي العراقية، وإن الهجوم الذي تعرضت له منطقة جرف الصخر مثّل تجاوزاً على السيادة العراقية»، مجدداً بالوقت ذاته التزام الحكومة العراقية بحماية مستشاري التحالف الدولي الموجودين في العراق.

مطالب بلينكن

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان أصدرته الخارجية، إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن تحدث مع رئيس الوزراء العراقي، مساء الجمعة، وإنه «دعا الحكومة العراقية إلى الوفاء بالتزاماتها بحماية جميع المنشآت التي يوجد بها أميركيون». ودعا بلينكن كذلك إلى «ملاحقة المسؤولين عن الهجمات ضد الأميركيين في العراق».

تشييع عناصر من «كتائب حزب الله» قُتلوا بغارة أميركية على «جرف الصخر» في بغداد 22 نوفمبر (رويترز)

كان الطيران المسير الأميركي نفذ يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ضربات على مقرات تابعة لـ«الحشد الشعبي» (كتائب حزب الله)، في منطقة السعيدات في جرف الصخر، ما أسفر عن سقوط ضحايا، فيما قال الجيش الأميركي، في بيان، إن قوات القيادة المركزية الأميركية نفذت ضربات منفصلة ودقيقة على منشأتين في العراق، مضيفاً أن «الضربات كانت رداً مباشراً على الهجمات على القوات الأميركية وقوات التحالف، من قبل إيران والجماعات المدعومة من طهران».

وفي الوقت الذي تحاول الحكومة العراقية إمساك العصا من الوسط، فإن العديد من القوى السياسية العراقية، لا سيما الشيعية منها، تطالب الحكومة بتفعيل قرار البرلمان العراقي الصادر عام 2020 والقاضي بانسحاب القوات الأميركية. لكن الحكومة العراقية تنفي وجود قوات قتالية أميركية في العراق، وتسعى إلى اقتصار الوجود الأميركي في البلاد على المستشارين الذين يحتاجهم العراق في إطار جهوده لمحاربة الإرهاب.

باقري إلى بغداد

في غضون ذلك، ذكرت وكالة أنباء «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن رئيس هيئة أركان الجيش الإيراني محمد باقري سيتوجه إلى العاصمة العراقية بغداد على رأس وفد عسكري رفيع. تأتي الزيارة تلبية لدعوة رسمية من نظيره العراقي، كما سيلتقي خلالها عدداً من المسؤولين السياسيين والدفاعيين رفيعي المستوى «وسيبحث معهم بشأن التعاون الثنائي والإقليمي، وكذلك سيزور المراكز العسكرية في العراق»، حسبما أوردت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».

باقري والشمري خلال لقاء سابق في طهران (واع)

«داعش» بين العمرانية ومخمور

في موازاة ذلك، أعلنت قيادة عمليات نينوى، يوم السبت، انتهاء الاشتباكات المسلحة بين الجيش العراقي وعناصر في تنظيم «داعش» في قضاء مخمور، جنوب شرق الموصل. وطبقاً لمصدر في قيادة العمليات، فإن «المعركة مع عناصر تنظيم (داعش) في مخمور أسفرت عن مقتل أربعة من عناصر التنظيم». واستناداً إلى مصدر آخر، فإن «الاشتباكات تسببت بإصابة 4 من أفراد الجيش، بينهم ضابط برتبة ملازم أول في حالة خطيرة»، مؤكداً أن «عملية البحث والتفتيش مستمرة ضمن منطقة الاشتباك بحثاً عن إرهابيين». تأتي هجمات «داعش» بعد يوم من هجوم مماثل شنه مسلحون مجهولون على منطقة العمرانية في محافظة ديالى أسفر عن وقوع عشرات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين.

وكان مسلحون مجهولون نفذوا، الخميس الماضي، هجوماً بعبوات ناسفة استهدف سيارة مدنية، تلاه هجوم بأسلحة متوسطة في أطراف قرية العمرانية ( 25 كلم شمال شرق بعقوبة)، ما تسبب في مقتل 11 ضحية وسقوط 14 مصاباً، وسط غموض حول هوية منفذي الهجوم وأسبابه.

أوامر السوداني

وفي هذا السياق، أصدر رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، أمراً بتعزيز قيادة عمليات المحافظة بشكل فوري، بلواء قتالي من قوات النخبة. وطبقاً للأمر الصادر من مكتب القائد العام، فإن «اللواء سيقوم بعمليات مهمة في تعزيز رصد الاستقرار الأمني، عبر جهود تعقب الجناة في مجزرة العمرانية، والمساعدة في اعتقال شبكات الإرهاب في ديالى». وأشار البيان الصادر عن مكتب القائد العام إلى أن «اللواء سيكون رهن عمليات ديالى بشكل مباشر، لتنفيذ واجبات أمنية معقدة، بشكل يعطي أولوية للاستقرار ومنع أي حالات تؤدي إلى الفوضى والإرباك الأمني».

من جهته، بدأ وزير الداخلية العراقي، عبد الأمير الشمري، الإشراف ميدانياً على التحقيقات الجارية بشأن حادث العمرانية، حيث وصل صباح السبت إلى مدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى. وقالت وزارة الداخلية في بيان لها، اليوم السبت، إن «وزير الداخلية اطلع ميدانياً على مكان وملابسات الحادث الغادر في منطقة العمرانية بمحافظة ديالى، والإجراءات المتخذة من قبل القطعات الأمنية». وأوضحت أن الوزير «عقد اجتماعاً أمنياً مع عدد من القادة والضباط لمناقشة ملابسات الحادث».

وفي سياق الجهود لملاحقة خلايا «داعش»، أعلنت خلية الإعلام الأمني، السبت، أنه تمت الإطاحة بـ5 عناصر من عصابات «داعش» الإرهابية في محافظتي الأنبار ونينوى. وذكر بيان للخلية أنه «بعد تكثيف الجهود الاستخبارية لملاحقة ما تبقى من فلول الإرهاب، واستناداً إلى معلومات استخبارية دقيقة... ومن خلال كمائن محكمة في سيطرتي الصقور والتحدي وقرية المومي، تم إلقاء القبض على خمسة عناصر من عصابات (داعش) الإرهابية». وأضاف البيان أن «الإرهابيين مطلوبون وفق أحكام المادة (4 / إرهاب) وكان لهم دور في القتال ضد منتسبي القوات الأمنية»، مشيراً إلى أنه «تم تسليمهم إلى الجهات المختصة وفق السياقات القانونية المعمول بها».


مقالات ذات صلة

لأول مرة منذ 1997... تعداد عام لسكان العراق في 20 و21 نوفمبر

المشرق العربي عراقيون يسيرون في أحد شوارع بغداد (رويترز)

لأول مرة منذ 1997... تعداد عام لسكان العراق في 20 و21 نوفمبر

دعت السلطات العراقية سكان البلاد، اليوم (الأحد)، إلى ملازمة منازلهم يومي 20 و21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بهدف إجراء تعداد عام للسكان والمساكن.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مسافرون داخل مطار بغداد الدولي (أرشيفية - أ.ف.ب)

«فوضى» تضرب مطار بغداد... والحكومة تتدخل بالتحقيق

قالت مصادر حكومية إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني «أمر بتشكيل لجنة للتحقيق في أسباب فوضى شهدها مطار بغداد الدولي»، جراء التضارب والتأخير في مواعيد الرحلات.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)

أحزمة ناسفة وقيادات «صف أول»... تفاصيل الغارة على «داعش» غرب العراق

كشفت واشنطن وبغداد عن غارة مشتركة على مواقع لمسلحي «داعش» في الصحراء الغربية بالأنبار، أسفرت عن مقتل «قيادات» في التنظيم.

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية موقع سقوط المسيّرة التركية في كركوك (إكس) play-circle 00:24

أنقرة تتحرى مع بغداد عن مسيّرة «أُسقطت» في كركوك

أكدت تركيا أنها والعراق لديهما إرادة قوية ومشتركة بمجال مكافحة الإرهاب كما عدّ البلدان أن تعاونهما بمشروع «طريق التنمية» سيقدم مساهمة كبيرة لجميع الدول المشاركة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
المشرق العربي متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بذكرى احتجاجات مناهضة للحكومة في بغداد (أرشيفية - رويترز)

دعوات أميركية لتشريع قانون يُجرِّم الاختطاف في العراق

دعت الولايات المتحدة الجهات المعنية في العراق إلى إجراء تعديلات تشريعية بشأن ضحايا الاختفاء القسري، بعد 3 موجات من الخطف والتغيب.

حمزة مصطفى (بغداد)

وزير الدفاع السوري لنظيره الإيراني: نحن في القارب نفسه

رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)
رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)
TT

وزير الدفاع السوري لنظيره الإيراني: نحن في القارب نفسه

رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)
رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)

قال وزير الدفاع السوري، العماد علي محمود عباس، إن سوريا ودول محور المقاومة في «القارب نفسه» وعلى «الجبهة نفسها» يقاتلون إسرائيل، وإن «التعاون المشترك» سيجعلهم أقوى في مواجهة «المحور المتغطرس»، وفق ما أفادت به وسائل إعلام إيرانية قالت إن وزير الدفاع السوري هنأ، في اتصال هاتفي اليوم الأحد، نظيره الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، بتعيينه وزيراً للدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيرانية.

وفي حين لم تشر وسائل الإعلام السورية الرسمية إلى خبر الاتصال بين الوزيرين حتى إعداد هذا التقرير، فقد أفادت وكالة «مهر» الإيرانية بأن الوزير الإيراني أكد دعم بلاده «إرساء الأمن واحترام وحدة الأراضي السورية»، مشيراً إلى القواسم المشتركة بين البلدين، لا سيما دعم سوريا محور المقاومة، لافتاً إلى أنه «يجب تنفيذ الاتفاقيات بين البلدين؛ بما في ذلك نتائج زيارتكم إلى طهران».

اللجنة الاقتصادية المشتركة السورية - الإيرانية في دمشق خلال أبريل الماضي (سانا)

يُذكر أن وزير الدفاع السوري، العماد علي محمود عباس، زار طهران في مارس (آذار) الماضي في ظل ازدياد احتمالات توسع الحرب مع إسرائيل وتصعيد الضربات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية التي تستهدف القوات الموالية لـ«الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله».

وعلق الوزير الإيراني، العميد عزيز نصير زاده، على نتائج الزيارة الماضية من وزير الدفاع السوري إلى طهران، بالقول: «سوف يتوسع التعاون بسرعة أكبر».

رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقر يستقبل وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس في يناير 2023 (أرشيفية)

كما عبر الوزير الإيراني عن أسفه لعدم رؤية بلاده «أي رد فعل مناسب من المجتمع الدولي تجاه جرائم الكيان الصهيوني»، مشدداً على أنه يجب أن يستمر التعاون بين إيران وسوريا، وأن هذا «التعاون سيؤدي حتماً إلى هزيمة الكيان الصهيوني».

ونقلت «مهر» عن وزير الدفاع السوري تطلعه إلى استمرارية العلاقات بإيران، وبذل القوات المسلحة في البلدين «مزيداً من الجهود بما يتماشى مع أهداف البلدين». وقال: «نحن معكم، وعلى الجبهة نفسها. إن أمن البلدين واحد»، وإن «محور المقاومة في القارب نفسه، ويقاتلون كيان الاحتلال الذي ارتكب كثيراً من الجرائم ضد الإنسانية في غزة وسوريا واليمن». وشدد على أن التعاون المشترك «سيجعلنا أقوى في مواجهة هذا المحور المتغطرس» متمنياً تطوير هذا التعاون والاتفاقيات، والاستمرار على «هذا المنوال في مواجهة قوى الشر» وفق «مهر».

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ف.ب)

الاتصال الهاتفي بين وزيرَي الدفاع الإيراني والسوري، جاء بعد ساعات من تصريح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأن «موسكو مهتمة بتطبيع العلاقات بين النظام السوري وتركيا»، مؤكّداً أنّ «اجتماعاً جديداً سيُعقد في المستقبل القريب».

ورأت مصادر متابعة في دمشق أن «طهران، ومع كل تطور إيجابي تحققه موسكو فيما يخص ملف التقارب السوري ـ التركي، تبعث برسائل تؤكد نفوذها في سوريا، وتذكّر الجانب السوري بـ(وجوب تنفيذ الاتفاقيات المشتركة وتسديد الديون المستحقة عليه)، في نوع من الضغوط على دمشق حتى لا تمضي في ملف التقارب بعيداً عن المصالح الإيرانية».

منطقة البوكمال نقطة استراتيجية للمسلّحين المُوالين لإيران شرق سوريا (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن ضغوطاً قوية تمارَس على دمشق من الحليفين: الروسي؛ للدفع باتجاه التقارب مع تركيا، والإيراني؛ للتريث واستثمار هذا الملف في إعادة صياغة التوازنات في المنطقة؛ لا سيما مع الجانب الأميركي.

ورجحت المصادر تصدير دمشق موقفين لحليفيها: الأول إظهار التجاوب مع مساعي موسكو وبث رسائل إيجابية تجاه التقارب مع تركيا، والموقف الثاني يهادن الضغوط الإيرانية ويظهر التمسك بثبات الموقف من «محور المقاومة» والالتزام بسياساته، وإظهار التريث تجاه التقارب مع تركيا.

ولفتت المصادر إلى ما سبق أن تناولته وسائل إعلام عربية عن «زيارة سرية من رئيس الأركان السوري، العماد عبد الكريم محمود إبراهيم، إلى إيران دون إبلاغ الرئيس بشار الأسد، وذلك في الأسبوع الأول من أغسطس (آب) الماضي. ورغم خطورة تلك المعلومات، فإنه لم يصدر رد فعل من دمشق؛ بل جرى تجاهلها تماماً. وهذا يضعنا أمام احتمالين: إما وجود انقسام داخل القيادة في سوريا، وإما هي (عملية توزيع أدوار، وتصدير مواقف عدة للتحايل على ضغوط الحليفين)».

اقرأ أيضاً

اقرأ أيضاً