قذائف إسرائيلية قرب موقع «أممي» في جنوب لبنان وواشنطن تطالب بتنفيذ كامل للقرار 1701

قلق محليّ وضغوط دولية «جديّة» لمنع تجدد الحرب

دورية لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
دورية لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
TT

قذائف إسرائيلية قرب موقع «أممي» في جنوب لبنان وواشنطن تطالب بتنفيذ كامل للقرار 1701

دورية لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
دورية لـ«اليونيفيل» في جنوب لبنان قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)

اهتز الوضع الأمني في المنطقة الحدودية في الجنوب إثر خروقات محدودة رسمت هواجس سياسية لبنانية من تجدد الحرب، وتغيير الوضع الذي شهدته المنطقة الحدودية على مدى 46 يوماً، وسط ضغوط دولية «جدية» لمنع تمددها، ودفع مقابل من قبل واشنطن نحو «تنفيذ كامل لقرار مجلس الأمن 1701». ومساء الخميس، أفادت وسائل إعلام محلية بسقوط 6 قذائف إسرائيلية بالقرب من موقع قوات «اليونيفيل» الدولية في أطراف بلدة مروحين في القطاع الغربي، وأخرى في أطراف بلدة راميا.

وعكست الحركة والاتصالات الدبلوماسية باتجاه لبنان في الأسبوعين الأخيرين، «دعوات دولية جدية لمنع توسع رقعة الحرب»، كما قالت مصادر نيابية مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، مشددة على أن جميع الموفدين الدوليين «أبدوا حرصاً على التهدئة»، كما شددوا على «ضرورة تحييد الجبهة اللبنانية عن تداعيات حرب غزة باعتبار تثبيت الاستقرار أولوية للجميع». وقالت المصادر إن الرسائل الدولية «لم تتوقف لجهة ضرورة معالجة التوترات بالسياسة، ومنع الانزلاق إلى تصعيد»، وذلك في حال تجددت المعارك في غزة وفشلت الضغوط الدولية بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار فيها.

وتأتي المخاوف في ظل تغييرات عميقة حصلت في الآونة الأخيرة، تتعدى انخراط «حزب الله» في معركة غزة، وتتمثل في تعديلات على ولاية قوات حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) في تعديلين أخيرين على ولايتها في عامي 2022 و2023، بحيث سَمَحَ ذلك للقوات الدولية بالتحرك دون مرافقة الجيش اللبناني، إذ أكد قدرتها على «الوصول بحريّة» إلى المواقع المشتبه بها، ومنها ميادين الرماية والأنفاق التي بناها «حزب الله» عبر الخط الأزرق.

ويرفض «حزب الله» كما قوى سياسية أخرى، تلك التعديلات، وحاولت الحكومة اللبنانية في أغسطس (آب) الماضي العودة إلى النص السابق قبل التعديلات، لكنها فشلت. وغالباً ما كانت تحركات «اليونيفيل» قبل عام 2023، تُواجه بتحركات مقابلة من مدنيين، يرجّح كثيرون أنهم كانوا مدعومين من «حزب الله»، وذلك حين كانت دوريات البعثة الدولية تتحرك في القرى من دون مرافقة الجيش.

تطبيق القرار 1701

وعبرت واشنطن عن المخاوف من توسيع الحرب، إذ نشر حساب السفارة الأميركية في بيروت في منصة «إكس»، موقفاً للسفيرة الأميركية في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، قالت فيه: «لا نزال نشعر بالقلق إزاء احتمال امتداد هذا الصراع إلى ما هو أبعد، وعلى وجه الخصوص، لا تريد الولايات المتحدة رؤية صراع في لبنان، حيث ستكون للتصعيد آثار خطيرة على السلام والأمن الإقليميين، وعلى رفاهية الشعب اللبناني». وأكدت أن استعادة الهدوء على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية أمر في غاية الأهمية، وأضافت «يشكل التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 عنصراً رئيسياً في هذا الجهد». وتابعت: «تلعب (اليونيفيل) دوراً حيوياً على طول الخط الأزرق، ونتوقع أن تعمل جميع الأطراف على ضمان سلامة قوات حفظ السلام».

وتطالب قوى سياسية معارضة لـ«حزب الله» بينها «القوات اللبنانية»، بتطبيق القرار 1701 وانسحاب العسكريين من المنطقة الحدودية وانتشار عناصر الجيش اللبناني وحده إلى جانب «اليونيفيل»، فيما تقول الحكومة اللبنانية إن لبنان ملتزم بتطبيق القرار 1701، بينما تخرقه إسرائيل منذ إقراره، وترى بيروت، حسبما تقول مصادر مواكبة للحراك الدبلوماسي، أن القرار 1701 لا يمكن أن يُطبق على طرف دون آخر، كما لا يمكن أن يكون مجتزئاً.

وينص القرار في البند الثامن على «اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف أعمال القتال، بما في ذلك إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين ومعدات وأسلحة بخلاف الأفراد والمعدات والأسلحة التابعين لحكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان»، و«التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف والقرارين: 1559 (2004) و1680 (2006) التي تطالب بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان، حتى لا تكون هناك أي أسلحة في لبنان غير أسلحة الدولة اللبنانية أو سلطة غير سلطتها»، و«منع مبيعات أو إمدادات الأسلحة وما يتصل بها من عتاد إلى لبنان عدا ما تأذن به حكومته».

والحديث عن «الاجتزاء»، وفقاً للمصادر، «يُقصد به البند العاشر من القرار»، والذي ينص على «الطلب إلى الأمين العام أن يضع، من خلال الاتصال بالجهات الفاعلة الدولية والأطراف المعنية، مقترحات لتنفيذ الأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف والقرارين: 1559 (2004) و1680 (2006)، بما في ذلك نزع السلاح، ولترسيم الحدود الدولية للبنان، لا سيما في مناطق الحدود المتنازع عليها أو غير المؤكدة، بما في ذلك معالجة مسألة منطقة مزارع شبعا، وتقديم تلك المقترحات إلى المجلس في غضون ثلاثين يوماً»، في إشارة إلى المناطق المتنازع عليها ومطالبة لبنان بانسحاب إسرائيل من مزارع شبعا. وأسهمت نقاط النزاع في توتير الوضع الأمني في الجنوب قبل أحداث غزة، ونشط حراك سياسي ودبلوماسي تصدرته «اليونيفيل» بعقد اجتماعات ثلاثية في الناقورة لحل الخلاف وإعادة تحديد الحدود الدولية ومعالجة الخروقات.

صواريخ دفاع جوي

ميدانياً، اهتز الوضع الأمني في جنوب لبنان صباح الخميس، وارتفعت وتيرة المخاوف من تجدد الأعمال العسكرية، إثر سماع دوي انفجارات في المنطقة الحدودية. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بسماع أصوات قوية في المناطق الحدودية الجنوبية، موضحة أنها «دوي صواريخ اعتراضية للقبة الحديدية».

وقال الجيش الإسرائيلي إنه «نجح في اعتراض هدف جوي مشبوه عبر من لبنان إلى الأراضي الإسرائيلية»، فيما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن أي هجمات من لبنان.

وذكر متحدث باسم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) لـ«رويترز» أنه تم رصد عملية إطلاق من لبنان باتجاه إسرائيل أعقبها رد انتقامي من إسرائيل.

وفي الجنوب، سجل تحليق مكثف للطيران الحربي في أجواء منطقتي النبطية وإقليم التفاح على علو مرتفع، بالتزامن مع تحليق متواصل لطائرات تجسسية في أجواء قرى وبلدات النبطية على علو متوسط. كما سجل تحليق للطائرات الحربية الإسرائيلية فوق أجواء القطاع الغربي، ونفذت الطائرات الإسرائيلية تحليقاً دائرياً فوق البحر قبالة مدينة صور، حسبما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام».



إلى أين وصلت المفاوضات بين إسرائيل و«حماس»؟

فلسطينيون يحملون جثث أقارب قُتلوا في ضربة إسرائيلية أصابت مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ب)
فلسطينيون يحملون جثث أقارب قُتلوا في ضربة إسرائيلية أصابت مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ب)
TT

إلى أين وصلت المفاوضات بين إسرائيل و«حماس»؟

فلسطينيون يحملون جثث أقارب قُتلوا في ضربة إسرائيلية أصابت مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ب)
فلسطينيون يحملون جثث أقارب قُتلوا في ضربة إسرائيلية أصابت مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ب)

يزداد الحديث الإعلامي الإسرائيلي عن حراك يتعلّق بالمفاوضات مع حركة «حماس» للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لفترة محددة، تُجرى خلالها مفاوضات أكثر جدية بشأن وقف إطلاق نار دائم؛ وهو ما أكدته مصادر من «حماس»، وإن كانت قد أشارت إلى عدم حدوث «انفراجة» بعد.

ويوم الأحد الماضي، لوَّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإمكان حدوث انفراجة قريباً، وقال إنه قد يرسل وفداً للتفاوض، وإنه أصدر توجيهاته بالمُضي قدماً في المفاوضات.

وصرَّحت مصادر قيادية في «حماس» من داخل القطاع وخارجه لـ«الشرق الأوسط» أن حراك التفاوض لا يزال مستمرّاً، رغم الحرب الإيرانية - الإسرائيلية، وقالت إنه يكون في بعض الأحيان أكثر نشاطاً، وأحياناً يكون بطيئاً، بسبب انشغال الوسطاء وغيرهم في ملفات يرونها أكثر إلحاحاً.

وأوضحت المصادر أن الحراك الحالي لم يصل حتى اللحظة إلى «انفراجة أو اختراق حقيقي»، غير أن هناك قدراً من التقدم «يأتي في إطار التجاوب الإيجابي» الذي نقله الوسطاء لقيادة «حماس» عن إمكان التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل بشأن فترة الستين يوماً التي حددها مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف مؤخراً، وضمان استمرارية وقف إطلاق النار خلالها، مع التأكد من توزيع إطلاق سراح المختطفين الإسرائيليين على فترات لضمان التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار طوال هذه الفترة.

مصابان يتلقيان إسعافات في مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة بعد إطلاق الرصاص عليهم قرب مركز لتوزيع المساعدات (أ.ف.ب)

ولم تستبعد المصادر حدوث «اختراق جدي» في الأيام أو الفترة المقبلة، لكنها قالت إن هذا يعتمد في الأساس على موقف إسرائيل.

«مجرد مراوغات»

وأكَّدت المصادر أن الخلاف الأساسي حتى اللحظة لا يتمثل فقط في ضمان التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، إذ تسعى الحركة للحصول على ضمانات واضحة «بإجراء مفاوضات جادة للوصول لاتفاق شامل يصل بنا إلى وقف الحرب»، وهو أمر قالت إن إسرائيل «ما زالت تراوغ بشأنه، وهو ما قد يعوق إمكانية التوصل إلى اتفاق مجدداً».

وأشارت المصادر إلى أن الحركة تلقت وعوداً من الوسطاء بحل الأزمة الإنسانية وتنفيذ البروتوكول الإنساني.

وفيما يتعلق بالحديث الدائر في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن حدوث «تقدم كبير» في المفاوضات، قال أحد المصادر القيادية في «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: «الأمر بيد إسرائيل فقط، لكن يمكن اعتبار كل ما يتردد في وسائل الإعلام العبرية مجرد مراوغات لا أكثر، لأنه في الحقيقة حكومة نتنياهو ما زالت تتهرب من تقديم التزامات واضحة بوقف الحرب».

فلسطينيون يتلقون الرعاية الطبية البسيطة المتاحة بمستشفى ناصر في خان يونس بعد إصابتهم بالرصاص قرب مركز لتوزيع المساعدات الثلاثاء (أ.ف.ب)

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الثلاثاء، عن مصادر إقليمية لم تُحددها أن هناك «تقدماً كبيراً جداً» في المفاوضات نحو التوصل لصفقة أسرى، بما يشمل وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.

وقال أحد المصادر: «أظهر الجانبان مرونة، لكنهما يخشيان عواقب المواجهة مع إيران»، مشيراً إلى أن الوفد الإسرائيلي لم يتوجه إلى الدوحة بعد «خشية أن يؤدي ذلك إلى إبطاء وتيرة المحادثات، لا تسريعها».

ووفقاً للصحيفة، فإن مسؤولين أميركيين أبلغوا عائلات المحتجزين الإسرائيليين في الأيام الأخيرة بوجود «مؤشرات إيجابية للغاية» على حدوث انفراجة.

غير أن مسؤولاً إسرائيلياً قال إن القضايا «أوسع نطاقاً بكثير، وتتعلق بإنهاء الحرب فعلياً». وأضاف: «لا تقتصر المفاوضات على المرحلة الأولى المتمثلة في إطلاق سراح ما بين 8 و10 مختطفين أحياء».

وتطالب عائلات المحتجزين الإسرائيليين بالعمل على الإفراج عن أبنائها، واستغلال الوضع في إيران لوضع قضيتهم على رأس جدول المفاوضات مع طهران لوقف الحرب هناك.

ووجهت عائلة الجندي الإسرائيلي المحتجز لدى «حماس»، ألون أوهال، مناشدة لنتنياهو بأن يتضمن أي اتفاق قد يبرم مع إيران شرطاً يُلزمها بأن تضغط على الحركة للإفراج الفوري عن رهائنها.