إعدام «متعاونين» في طولكرم وسط تنامي حضور «حماس» في الضفة

هتافات تدعم الحركة بعد إطلاق أسرى من سجون إسرائيل

أسرى محررون في بيتونيا قرب رام الله مساء الجمعة (أ.ف.ب)
أسرى محررون في بيتونيا قرب رام الله مساء الجمعة (أ.ف.ب)
TT

إعدام «متعاونين» في طولكرم وسط تنامي حضور «حماس» في الضفة

أسرى محررون في بيتونيا قرب رام الله مساء الجمعة (أ.ف.ب)
أسرى محررون في بيتونيا قرب رام الله مساء الجمعة (أ.ف.ب)

في ظل مؤشرات على تنامي دور حركة «حماس» في الضفة الغربية، أعدم مسلحون في مخيم طولكرم، ليلة الجمعة، فلسطينيين اثنين للاشتباه بتعاونهما مع إسرائيل، وعُلّقا على عامود كهربائي وسط تجمهر حشد كبير حولهما، مطلقين هتافات ضد «الخونة».

ورغم أن الفلسطينيين اللذين أُعدما «اعترفا» في توثيق مصور بأنهما ساعدا الجيش الإسرائيلي في اغتيال مسلحين بطولكرم، حيث زعم أحدهما حصوله على 17 ألف شيقل، والثاني على 10 آلاف شيقل، فإن السلطة الفلسطينية تعتبر هذه الإعدامات خارجة عن القانون، علماً بأنها يمكن أن تكون قد انتُزعت منهما تحت التعذيب.

وهاجمت السلطة الفلسطينية سابقاً إعدام «حماس» في غزة متهمين بالتعاون مع إسرائيل، وقالت إن هذه الإعدامات تجري خلافاً للقانون الفلسطيني الذي ينص على وجوب المصادقة عليها من رئيس الدولة.

ونصّت المادة (109) من القانون الأساسي الفلسطيني على أنه «لا ينفّذ حكم الإعدام الصادر من أي محكمة إلا بعد التصديق عليه من رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية»، وبذات المضمون نصت المادة (409) من قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 على أن «لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد مصادقة رئيس الدولة عليه».

دمار في أحد أحياء خان يونس... الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة هدفها «القضاء على حماس» (أ.ف.ب)

ولم يوقّع عباس في الضفة الغربية على أي حكم إعدام مطلقاً؛ لأن السلطة الفلسطينية تلتزم بالبروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1989، والقاضي بإلغاء العقوبة.

ولم يتضح بعد من هي الجهة التي وقفت خلف إعدام الفلسطينيين في طولكرم. لكن ما يُسمى بـ«جهاز أمن المقاومة» تطرق إلى عملية الإعدام، وقال في بيان: «نرغب أن نُعلمكم أنه لا توجد حصانة لأي عميل أو خائن، وكل من يثبت بأنه متورط بأي عملية اغتيال لمقاتلينا ومقاومينا، سنهاجمه، ونلاحقه وسنحكم عليه بالإعدام».

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن المنفذين مسلحون ينتمون إلى «حماس».

الأسيرة المحررة أصيل الطيطي تضع عصبة رأس «حمساوية» في وصولها إلى مخيم بلاطة في نابلس ليلة الجمعة (أ.ب)

وجاء ذلك في ظل مؤشرات إلى أن الحرب الإسرائيلية للقضاء على «حماس» في قطاع غزة أدت، كما يبدو، إلى زيادة في شعبيتها في الضفة الغربية. فقبالة مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين في بيت لحم، أطلقت الأسيرة المحررة روضة أبو عجمية، بعد وصولها مباشرة من السجن الإسرائيلي إلى مخيمها، في إطار صفقة التبادل التي أبرمت بين «حماس» وإسرائيل بوساطة قطرية ومصرية، هتافات تشيد بمحمد ضيف، القائد العام لـ«كتائب القسّام». وهتف خلفها كثير من مستقبليها الذين تتنوع انتماءاتهم الحزبية، بطبيعة الحال، بهتافات تشيد بـ«حماس» التي كانت أعلامها ترفرف إلى جانب العلم الفلسطيني وأعلام فصائل أخرى. تكرر هذا المشهد في كل المناطق التي استقبل فيها أسرى محررون في الضفة الغربية، في مؤشر واضح على تمدد حضور «حماس» في الضفة في ذروة الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.

وطيلة سنوات، كانت «حماس» شبه محظورة في الضفة الغربية؛ إذ كان عناصرها يخشون ملاحقة إسرائيل من جهة، ومن جهة ثانية يخشون صداماً مع السلطة الفلسطينية التي لم تكن تسمح بنشاطات علنية للحركة، ولم يكن ممكناً أن تصل إلى حد نشاطات مسلحة واضحة، مثلما يحدث اليوم في شمال الضفة.

علامات وجود «حماس» في الضفة موجودة أيضاً خلال الترحيب بالأسيرة المحررة هناء البرغوثي في بيتونيا ليلة الجمعة (أ.ب)

ويمكن القول، في الحقيقة، إن الهجوم الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ضد إسرائيل، أعطى دفعة دعم للحركة في الضفة، ثم جاءت صفقة التبادل لتُخرج مناصري الحركة إلى العلن، على رغم الحملة الكبيرة التي تشنها إسرائيل في مناطق الضفة واعتقلت خلالها، منذ السابع من أكتوبر، ما لا يقل عن 1500 من قادة «حماس» وكوادرها.

وإذا كانت أبو عجمية هتفت للضيف في مخيم الدهيشة، فإن نور الطاهر من نابلس خرجت متحدثة لوسائل الإعلام من أمام علم كبير لـ«حماس»، في حين ارتدت «أم عاصف» البرغوثي شالاً يرمز للحركة. وقالت سارة عبد الله، من نابلس، وهي ترتدي الكوفية الفلسطينية، إنها فخورة بـ«القسّام» وغزة، فيما ظهر أسرى محررون من الفتية تحت سن الـ19 عاماً، وهم يرتدون عصبة للحركة أو يهتفون لها.

ترحيب بأسيرة محررة قرب رام الله ليلة الجمعة (رويترز)

وجاء ذلك في ظل مسيرات برام الله ونابلس وبيت لحم وجنين هتف فيها شبان هتافات تدعم «حماس» في وجه «الهجوم الإسرائيلي - الأميركي» عليها.

وقال مصدر في الحركة لـ«الشرق الأوسط» إن الحرب الحالية التي تشنها إسرائيل ضدها في غزة والضفة وكل الحروب السابقة «لم تنجح في كسر (حماس) بل حصل العكس». وأضاف أن «(حماس) متجذرة» بين الفلسطينيين، وأن «محاولة إسرائيل القضاء عليها حلم لن يتحقق».

وأكدت المصدر أن «(حماس) لم تتخل يوماً عن دورها في الضفة رغم الحرب المفتوحة ضدها، ولن تتخلى اليوم ولا غداً، بل ستعزز حضورها».

وبدأت إسرائيل حرباً ضد «حماس» في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، وقالت إنها تهدف إلى القضاء على الحركة، وإسقاط سلطتها. وبموازاة ذلك، شنّت حرباً في الضفة كذلك، وحذّرت كل متضامن مع الحركة بأنها ستصل إليه.

ورغم أن ما تواجهه الحركة اليوم غير مسبوق، لكنها اختبرت طيلة عقود حالات مد وجزر كثيرة.

وقبل الانقسام الفلسطيني عام 2007، كان نشاط «حماس» في الضفة علنياً على جميع الصعد، في المساجد والمؤسسات والشوارع، وشارك عناصرها في الانتفاضة الثانية، ونفّذ مسلحوها انطلاقاً من الأراضي التي تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية عمليات في قلب إسرائيل.

لكن بعد الانقسام تم منع أي نشاط للحركة، واعتقلت السلطة عناصر الحركة ولاحقت أموالها وأسلحتها في كل مكان، وجردتها من مؤسسات. ثم أثناء فترات مختلفة، كان يتم فيها تشكيل حكومات توافقية أو اتفاقات مصالحة، أو أثناء حروب سابقة، كانت «حماس» تعاود الظهور علناً، ثم يتم التضييق عليها من جديد. واستمر الأمر على هذا المنوال حتى ظهرت مجموعاتها المسلحة مرة أخرى في شمال الضفة الغربية هذا العام، وهو ظهور أثار القلق إلى حد كبير، وقاد في مرات عديدة إلى مواجهات كبيرة مع إسرائيل، ومحدودة مع السلطة الفلسطينية.

الأسيرة المحررة نور الطاهر في بيتونيا ليلة الجمعة (أ.ف.ب)

وفي بداية أغسطس (آب) الماضي كانت الأجهزة الأمنية الفلسطينية بصدد رفع مستوى التدخل في شمال الضفة، وقال مسؤول فلسطيني في رام الله لصحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية آنذاك، إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب من رجاله العمل من أجل زيادة السيطرة على المخيمات، وهو أمر لم يتحقق بسبب استمرار إسرائيل في شن هجمات قاتلة على الفلسطينيين هناك، ما عقّد من تدخل السلطة التي كانت تخشى من أن سيطرة المسلحين على المخيمات في الضفة قد تساعد على نشر الفلتان الأمني.

وتقول السلطة إن الفلتان الأمني هو أحد أهداف الحكومة الإسرائيلية بهدف إضعاف السلطة، وإن على المسلحين عدم التدخل في الحياة المجتمعية أو أن يقوموا بدور السلطة.


مقالات ذات صلة

وفاة قيادي بـ«حماس» في الضفة الغربية بعد نقله من سجن إسرائيلي للمستشفى

المشرق العربي سجن جلبوع الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)

وفاة قيادي بـ«حماس» في الضفة الغربية بعد نقله من سجن إسرائيلي للمستشفى

ذكرت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الجمعة، أن قيادياً بحركة «حماس» في الضفة الغربية توفي بعد نقله من سجن إسرائيلي لمستشفى.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
العالم فلسطينيون يتفقدون الأضرار الناجمة عن غارة إسرائيلية في طولكرم بالضفة الغربية (رويترز)

لضلوعهم في عنف بالضفة... أستراليا تفرض عقوبات على مستوطنين إسرائيليين

فرضت أستراليا، اليوم (الخميس)، عقوبات مالية وحظر سفر على 7 مستوطنين إسرائيليين وحركة شبابية قالت إنهم متورطون في أعمال عنف ضد فلسطينيين في الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (كانبيرا)
المشرق العربي بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش خلال اجتماع حكومي في تل أبيب 7 يناير الماضي (رويترز)

نقابات فلسطينية سترفع دعوى لتعويض العمال الممنوعين من العمل في إسرائيل

أعلنت نقابات عمّال فلسطين أنها سترفع دعوى ضد إسرائيل للمطالبة بتعويض العمال الفلسطينيين عن إلقائهم في سوق البطالة بسبب منعهم من العمل في إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون بين الأنقاض في أعقاب غارة إسرائيلية على طولكرم بالضفة الغربية (رويترز)

في 24 ساعة... مقتل 11 فلسطينياً برصاص إسرائيلي في الضفة الغربية

قُتل ثلاثة فلسطينيين، اليوم الأربعاء، برصاص الجيش الإسرائيلي في مدينة طوباس، ومخيم قلنديا شمال القدس، ومدينة طولكرم بالضفة الغربية. وأفاد الهلال الأحمر…

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي فلسطينيون يفرون من الجزء الشرقي من خان يونس بعد أوامر إسرائيلية بالإخلاء (رويترز)

«هدنة غزة»: «تحركات جديدة» تعزز جهود «المرحلة الأولى»

تتراجع نقاط «الخلاف العلني» في مسار مفاوضات «هدنة غزة»، مع «تحركات جديدة»، تشمل مناقشات إسرائيلية للانسحاب من كامل القطاع بأول مراحل تنفيذ مقترح بايدن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مقتل 5 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على شمال رفح

الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح في غزة (د.ب.أ)
الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح في غزة (د.ب.أ)
TT

مقتل 5 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على شمال رفح

الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح في غزة (د.ب.أ)
الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح في غزة (د.ب.أ)

قُتل خمسة فلسطينيين وأصيب آخرون، اليوم (السبت)، في قصف إسرائيلي استهدف شمال مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مصادر محلية قولها إن «طائرات الاحتلال الحربية قصفت منزلاً مأهولاً بالسكان لعائلة المصري في منطقة مصبح بشمال مدينة رفح، ما أدى لمقتل خمسة مواطنين وإصابة العشرات».

وتشن إسرائيل حرباً شاملة ضد قطاع غزة عقب الهجوم الذي شنته الفصائل الفلسطينية المسلحة، وفي مقدمتها حركة «حماس»، على القواعد والمستوطنات الإسرائيلية فيما يعرف بغلاف غزة يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.