في منطقة الكسوة جنوب غربي دمشق، يبدي سكان استفاقوا ليلا مذعورين من ضربات مفاجئة شنّتها إسرائيل على موقع عسكري مجاور، خشيتهم من تصعيد جديد بعدما كانت وتيرة الغارات تراجعت منذ الشهر الماضي.
وطالت أربع ضربات إسرائيلية ليل الثلاثاء مقرا لفرقة عسكرية في الكسوة، ما أسفر عن مقتل شخصين. كما استهدفت ضربات أخرى مقرّا عسكريا في محافظة درعا المجاورة جنوبا وعددا من التلال. وقال الجيش الإسرائيلي إن ضرباته في جنوب سوريا طالت مواقع تحتوي أسلحة.
قرب المقرّ العسكري في الكسوة، يقول أحمد محمّد الذي كان مناوبا في عمله داخل محطة وقود في المنطقة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «سمعنا ضربات متتالية تلاها دوي انفجارات أضاءت السماء ثم شاهدنا ألسنة نيران تتصاعد».
ويضيف الشاب: «نتخوّف من تجدّد الغارات الإسرائيلية ومن توغل إسرائيلي، أن تصل القوات الإسرائيلية إلى هنا».
داخل المقر الذي يشغله عناصر من الجيش الجديد ويقع في حقل مترام ويمرّ قربه طريق رئيسي، استهدفت الضربات باحة تتوقف فيها الدبابات. وأظهرت صور لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» ملتقطة من الجو الأربعاء نحو عشرين دبابة، ثلاثة منها عليها آثار حريق وغبار أسود يغطّي الأرض حولها.
ويقول ريان، وهو صاحب مكتب لبيع السيارات قريب من الموقع المستهدف، متحفّظا عن ذكر شهرته، «غالبية الدبابات نُقلت تباعا إلى المقرّ بعد تجميعها من الطرق والحواجز».
وكان عناصر الجيش السوري السابق تركوها بعد فرارهم ليلة الإطاحة بحكم بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول).
ويضيف: «قبل ساعة من تنفيذ الضربات، حلّقت مسيّرة كانت تصوّر على الأرجح لأكثر من ساعة ونصف الساعة»، قائلا: «عند سقوط الصواريخ، اهتزت المنازل والنوافذ».
«تحوّل في الضربات»
وقال الجيش الإسرائيلي ليلا بعد تنفيذ الضربات إنه قصف «أهدافا عسكرية في جنوب سوريا، بما في ذلك مراكز قيادة ومواقع عديدة تحتوي على أسلحة»، من دون أن يذكر مكانها بالتحديد.
وحذّر في بيان من أنّ «وجود قوات ومعدّات عسكرية في الجزء الجنوبي من سوريا يشكل تهديدا لمواطني إسرائيل»، و«سيواصل العمل لإزالة أيّ تهديد لمواطني إسرائيل».
وجاءت هذه الضربات بعد ساعات من خروج مظاهرات في مدن سورية عدة الثلاثاء تنديدا بتصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال فيها إنّ بلاده لن تسمح لقوات الإدارة الجديدة بالانتشار في المنطقة الواقعة جنوب دمشق، مؤكدا العمل لجعل المنطقة «منزوعة السلاح بالكامل».
وأعقبت الضربات مؤتمر الحوار الوطني الذي عقد في دمشق الثلاثاء لتحديد الخطوط العريضة لإدارة المرحلة الانتقالية، وأكد خلاله المجتمعون رفض «التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية».
وشنّ الجيش الإسرائيلي فور إطاحة الأسد مئات الغارات على منشآت عسكرية وقواعد بحرية وجوية في أنحاء البلاد، لضمان منع سقوط ترسانة الجيش السوري في أيدي قوات الإدارة الجديدة، كما قال. وتوغّلت قواته إلى المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في الجولان والواقعة على أطراف الجزء الذي تحتله إسرائيل.
ورغم تنديد الإدارة الجديدة بالتوغّل الإسرائيلي، إلا أن أي مواقف عالية النبرة لم تصدر عنها إزاء إسرائيل. وكرّر الرئيس الانتقالي أحمد الشرع مرارا أن بلاده التي تواجهها تحديات عدة لا تريد الدخول في أي صراعات جديدة مع جيرانها.