3 مسؤولات أمميات يطالبن بـ«وقف النار فوراً» في غزة

دعون إلى مشاركة النساء الفلسطينيات والإسرائيليات في إحلال السلام

أعضاء مجلس الأمن يستمعون لإفادة من المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» كاثرين راسل (أ.ف.ب)
أعضاء مجلس الأمن يستمعون لإفادة من المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» كاثرين راسل (أ.ف.ب)
TT

3 مسؤولات أمميات يطالبن بـ«وقف النار فوراً» في غزة

أعضاء مجلس الأمن يستمعون لإفادة من المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» كاثرين راسل (أ.ف.ب)
أعضاء مجلس الأمن يستمعون لإفادة من المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» كاثرين راسل (أ.ف.ب)

أخذت 3 من المسؤولات الأمميات حيِّز الصدارة في مجلس الأمن الأربعاء للمطالبة بـ«وقف النار فوراً» في غزة، حيث بلغت معاناة النساء والأطفال حدوداً لا سابق لها.

وإذ حذرن من أن تهجير الفلسطينيين أو نقلهم من أراضيهم «خط أحمر»، دعون إلى مشاركة النساء الفلسطينيات والإسرائيليات في الجهود المنشودة لدفع عملية السلام على أساس حل الدولتين.

وبطلب من كل من مالطا والإمارات العربية المتحدة، عقد مجلس الأمن جلسة إحاطة مفتوحة حول «الحالة في الشرق الأوسط، بما فيها المسألة الفلسطينية» للنظر في «التطورات المثيرة للقلق البالغ في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأثرها الشديد على النساء والأطفال».

واستمع إلى إفادتين من كل من المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، سيما بحوث، والمديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، كاثرين راسل، والمديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، ناتاليا كانيم، اللواتي تعاقبن على الكلام عن عواقب الغزو الإسرائيلي لغزة بعد هجمات «حماس» وغيرها من الفصائل في القطاع، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ضد إسرائيل، ما أدى إلى مقتل نحو 14 ألفاً من الفلسطينيين، بينهم أكثر من 3 آلاف امرأة و5300 طفل في غزة، علماً بأن هناك نحو 3 آلاف شخص، بينهم قرابة 1500 طفل، توجد بلاغات عن «فقدانهم، وربما كانوا محاصرين أو متوفّين تحت الأنقاض»، فضلاً عن أكثر من 1.7 مليون شخص صاروا نازحين في غزة.

وفي المقابل، نشرت السلطات الإسرائيلية أسماء أكثر من 1200 قتيل في إسرائيل، بينهم 33 من الأطفال، بالإضافة إلى وجود أكثر من 230 رهينة لدى «حماس»، التي ستطلق منهم نحو 50 من النساء والأطفال، في إطار صفقة تشمل أيضاً إطلاق نحو 150 من النساء والأطفال الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة سيما بحوث (صور الأمم المتحدة)

خط أحمر

وقدمت بحوث عرضاً لرحلتها الأخيرة إلى كل من مصر والأردن، حيث اجتمعت مع أطراف حكومية وشركاء من المجتمع المدني وعاملين في المجال الإنساني ومتطوعين، موضحة أنها سمعت «نداءات لا لبس فيها مراراً وتكراراً بأننا بحاجة إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار». وقالت إنها «سمعت أيضاً (...) أن تهجير الفلسطينيين أو نقلهم من أراضيهم خط أحمر»، داعية إلى حماية المدنيين وتسهيل الوصول إلى المساعدات «من دون عوائق»، بالإضافة إلى الدعوات من أجل إنهاء الاحتلال، ومن أجل «إحراز تقدم منسق نحو حل الدولتين».

استعدادات مصرية لاستقبال الأطفال الخدج القادمين من قطاع غزة (أ.ف.ب)

وإذ رحَّبت بحوث بالقرار الأخير لمجلس الأمن، أملت في أن يكون «بداية لتوافق أكبر في الآراء لإيجاد حل»، داعيةً إلى «تنفيذه على الفور». لكنها نبَّهت إلى أن «هذا القرار، مثل أكثر من 100 قرار في شأن القضية الفلسطينية منذ عام 1948، لا يشير إلى قضايا النوع الاجتماعي».

وحضَّت أعضاء مجلس الأمن على «ضم أصوات النساء الفلسطينيات والإسرائيليات في العمل من أجل السلام»، داعية إلى «الاعتراف بقيادتهن، ودعوتهن إلى المشاركة الهادفة في أي جهود تفاوضية». ورأت أن «الآن، أكثر من أي وقت مضى، يجب علينا أن نسعى إلى السلام، وأن نتذكر عندما نفعل ذلك أن المرأة تظل أكبر دائرة انتخابية وأكثرها موثوقية لتحقيق هذه الغاية».

الأثر على الأطفال

وتلتها راسل التي شكرت لمجلس الأمن إصدار القرار «2712» الذي «يعترف بالتأثير غير المتناسب لهذه الحرب على الأطفال»، مع مطالبة أطراف النزاع بتحمل أعباء حماية الأطفال بموجب القانون الدولي، مضيفةً أنه «من الأهمية بمكان أن هذا القرار يدعو إلى هدنة إنسانية مديدة وممرات إنسانية في غزة».

أطفال نازحون فروا من شمال غزة بسبب القصف الإسرائيلي يسيرون على أرض موحلة ضربتها الأمطار في مستشفى ناصر الاثنين (أ.ف.ب)

وتمنَّت تنفيذها «بشكل عاجل» لكي يتمكن الشركاء في المجال الإنساني من الوصول إلى المدنيين المحتاجين، خصوصاً الأطفال. وإذ رحَّبت باتفاق وقف النار المحدود، قالت: «نحن في وضع يسمح لنا بتوسيع نطاق تسليم الحاجات الماسَّة بسرعة في غزة»، مضيفة أن «هناك حاجة إلى المزيد من الموارد لتلبية هذه الحاجات المتزايدة». وأكدت أن «هذا ليس كافياً على الإطلاق. يجب إنهاء الحرب ووقف قتل الأطفال وتشويههم فوراً».

ونبهت إلى أن «التكلفة الحقيقية لهذه الحرب الأخيرة في فلسطين وإسرائيل ستُقاس بحياة الأطفال - أولئك الذين فقدوا بسبب العنف، وأولئك الذين تغيروا إلى الأبد». وقالت إن «تدمير غزة وقتل المدنيين لن يأتي بالسلام أو الأمان في المنطقة»، عادّةً أن «الحل السياسي التفاوضي» هو المخرج من الحرب. وحضَّت الطرفين على «الاستجابة لهذا النداء، بدءاً بالنداء الإنساني لوقف النار بوصفه الخطوة الأولى على طريق السلام».

المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان ناتاليا كانيم (صور الأمم المتحدة)

وعرضت كانيم أثر الهجمات على المرافق الصحية، مما أدى إلى إضعاف إمكانية حصول النساء في غزة على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية. وقدمت تحديثاً في شأن تقديم المساعدات الإنسانية، بما في ذلك مجموعات الصحة الإنجابية ولوازم رعاية التوليد ورعاية الأطفال حديثي الولادة في حالات الطوارئ، موضحةً أن عدم إمكانية الوصول في غزة إلى «مرافق الصرف الصحي والمستشفيات، إلى جانب نقص مستلزمات النظافة، تعرّض النساء والفتيات للأمراض والالتهابات».

وذكَّرت بأن العديد من النساء في غزة يلدن من دون مساعدة طبية، بل إن «بعضهن يلدن في ملاجئ مكتظة أو في الشوارع وسط الأنقاض»، في حين أن النساء الحوامل والمرضعات معرَّضات بشكل متزايد لخطر سوء التغذية.


مقالات ذات صلة

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

شؤون إقليمية سيدة تغلق فمها وتربط يديها بحبل خلال مظاهرة في تل أبيب تطالب بإعادة المحتجزين في غزة (رويترز)

رهائن سابقون في غزة يطالبون بعد عام من الإفراج عنهم بإعادة الباقين

بعد عام على إطلاق سراحهم خلال الهدنة الوحيدة بين إسرائيل وحركة «حماس» الفلسطينية، دعا رهائن سابقون في غزة إلى تأمين الإفراج عمن لا يزالون محتجزين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».