الغزيون يتنفسون الصعداء مع الهدنة... وينشغلون في البحث عن الأحبة

انتشال الجثث من تحت الأنقاض والوصول إلى بيوتهم أقصى أمانيهم

يبحثون بين أنقاض المنزل المدمر عما كان في بيتهم أعقاب غارات إسرائيلية على خان يونس الأربعاء (أ.ب)
يبحثون بين أنقاض المنزل المدمر عما كان في بيتهم أعقاب غارات إسرائيلية على خان يونس الأربعاء (أ.ب)
TT

الغزيون يتنفسون الصعداء مع الهدنة... وينشغلون في البحث عن الأحبة

يبحثون بين أنقاض المنزل المدمر عما كان في بيتهم أعقاب غارات إسرائيلية على خان يونس الأربعاء (أ.ب)
يبحثون بين أنقاض المنزل المدمر عما كان في بيتهم أعقاب غارات إسرائيلية على خان يونس الأربعاء (أ.ب)

التقط أهالي قطاع غزة أنفاسهم، بعد الإعلان عن هدنة إنسانية تبدأ الخميس وتستمر 4 أيام في القطاع، وبدأوا يخططون لقضاء حاجاتهم التي لا تشبه أي حاجات عرفوها قبل الحرب، وتنحصر إلى حد كبير في انتشال أحبائهم من تحت الركام، أو تفقد مصيرهم، أو زيارة قبورهم، إلى جانب معاينة وتفقد وإحصاء الخسائر والأضرار الأخرى، ولقاءات طال انتظارها، إذا تيسر لهم ذلك.

وحولت الحرب الإسرائيلية القطاع منطقة، أقل ما يقال عنها إنها «منكوبة»، تغيرت معالمها إلى ركام تحللت تحته الجثث الكثيرة ممن لم تستطع طواقم الإنقاذ انتشالها خلال 48 يوماً، وهي القضية (انتشال الجثث)، التي قالت حركة «حماس»: إنها «كانت دافعاً مهماً وراء الاتفاق».

يخطط محمد أبو حجر من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، والذي دمرت غارة إسرائيلية منزله قبل 8 أيام، للذهاب إلى منزله مرة أخرى والبحث تحت الأنقاض عن 2 من أطفاله، لم يستطع إلى جانب طواقم الدفاع المدني، انتشالهما بعد الهجوم، مثل الكثير من جيرانه.

يراقب بحث آخرين بين أنقاض المباني التي استهدفتها الغارات الإسرائيلية في مخيم جباليا شمال غزة بداية نوفمبر (أ.ب)

وقال أبو حجر لـ«الشرق الأوسط»، إنه ينتظر الهدنة على أحر من الجمر، وسيغامر بالوصول إلى منزله في مخيم جباليا الذي تحاصره الدبابات الإسرائيلية، من أجل البحث عن طفليه «أيهم» (7 أعوام)، و«سامر» (12 عاماً).

ولا يجد أبو حجر كلمات مناسبة يصف فيها حجم الألم «كل يوم أتحسر عليهما، أشعر بالعجز الكبير والقهر. ما عرفت ألاقيهما ولا أكرمتهما بالدفن، سأقضي كل ساعة في الهدنة من أجلهما».

ويأمل أبو حجر، مثل كل غزي آخر، أن يتم تمديد الهدنة الإنسانية لأيام أكثر، وصولاً إلى وقف إطلاق نار دائم؛ من أجل الانتهاء من مهمته ولملمة جراحه.

مفقودون وجنازات جماعية

ووفقاً لإحصائيات حكومية رسمية في غزة، فإن هناك نحو 6500 مفقود، إما تحت الأنقاض أو جثامينهم ملقاة في الشوارع والطرقات ويمنع الاحتلال نقلهم إلى أي مستشفيات.

وشيع الفلسطينيون الأربعاء في مقبرة جماعية في خان يونس جنوب القطاع، 100 فلسطيني من الشمال، سلم الاحتلال جثامينهم للسلطات الصحية هناك.

جثث لضحايا فلسطينيين أمام قسم الطوارئ بمستشفى «الشفاء» في غزة الجمعة (أ.ف.ب)

ويأمل الفلسطينيون في العثور على مزيد من الجثامين في أيام الهدنة القليلة، وهي مهمة معقدة بالنظر إلى حجم الدمار وقلة الإمكانات، وتمترس الإسرائيليين في مواقع في القطاع. ويثير بقاء الإسرائيليين في القطاع، قلق الكثير من الغزيين الذين يتطلعون إلى الوصول إلى منازلهم أثناء الهدنة.

وقال محمود ياسين من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، إنه يريد العودة إلى منزله في المخيم، لكنه لا يعرف إذا كان ذلك ممكناً. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «من يوم ما تركنا البيت بعد أسبوع من الحرب، لا نعرف ما هو مصيره. احتلوه دمروه خرّبوه لا نعرف».

وسيطرت القوات الإسرائيلية مع بداية الحرب البرية على المخيم بشكل كامل. ويخشى ياسين من أنه لن يستطيع حتى الوصول إلى بيته إذا لم تتراجع القوات الإسرائيلية.

يتفقدون الأضرار بعد غارة إسرائيلية على منزل في خان يونس الأربعاء (أ.ف.ب)

ومثل ياسين، فان الكثير من الغزيين لا يعلمون شيئاً عن منازلهم، وينتظرون بفارغ الصبر السماح لهم بالوصول إلى مناطق سكنهم وتفقد ما تبقى من أحلامهم هناك.

ويمني سمير أبو صفية، من سكان منطقة جامعة القدس بحي النصر، النفس، بأن يجد منزل عائلته كما تركه. وقال أبو صفية لـ«الشرق الأوسط»: «آمل أن أجد تعب العمر كما هو. وإذا وجدته، فإن أفضل أمنياتي أن أحصل على ملابسي الشتوية في هذا البرد».

وقد اتفق أبو صفيه مع والده وشقيقه على التوجه فوراً إلى منزلهم مع بدء سريان الهدنة الإنسانية، ووضعوا خطة، إذا وجدوه أصلاً، من أجل نقل الكثير من الأغراض والمستلزمات إلى المكان الذي أصبحت تعيش فيه عائلاتهم في إحدى مدارس النزوح بحي الشيخ رضوان القريب من حي النصر.

«لا أعرف... ستكون لحظات صعبة والمشاعر مختلطة، لا نعرف ما سنقابله هناك، أنا أتخيل المنزل كما هو وأتخيله ركاماً وأتخيله نصف مدمر. لا أستطيع تخيل اللحظة».

هذا، وتعرضت 44 ألف وحدة سكنية لهدم كلي في العدوان الإسرائيلي على القطاع، و230 ألف وحدة للهدم الجزئي. وقالت السلطات في غزة: إن 60 في المائة من الوحدات السكنية في القطاع غير صالحة للسكن، إما بسبب الهدم الكلي أو الجزئي البليغ (غير صالح للسكن).

يخبزون الخبز على فرن من الطين وسط نقص الوقود وغاز الطهي جنوب قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)

شمال وجنوب

وإذا كان سكان الشمال قد يستطيعون تفقّد أحبائهم ومنازلهم، فإن النازحين إلى الجنوب لا يملكون أدنى فرصة؛ ما يعمق مأساتهم الإنسانية.

وقال الشاب أمجد حسان الذي نزح من حي الرمال الجنوبي إلى خان يونس: إن شروط الهدنة مجحفة بحقهم، وكان يأمل وعائلته بأن يسمح لهم بحرية الحركة من أجل تفقد منزلهم. وأضاف: «مئات آلاف هنا لا يعرفون شيئاً عن منازلهم في الشمال، لهم منازل وأحبة. لا نعرف لماذا لم تشمل الهدنة السماح لنا بالعودة إلى الشمال مثلما سيسمح بالتنقل الآمن من الشمال إلى الجنوب».

وكانت إسرائيل قد فصلت شمال القطاع عن جنوبه، ودفعت مئات الآلاف إلى الجنوب تحت قوة النار، ولم تسمح لهم بالعودة، ولا تخطط لذلك حتى بعد انتهاء الحرب.


مقالات ذات صلة

مقتل 17 فلسطينياً غالبيتهم أطفال بقصف إسرائيلي على غزة

المشرق العربي أقارب خلود أبو دهر (27 عاماً) وابنها آدم (8 أعوام) خلال جنازتهما بالقرب من مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح في غزة (إ.ب.أ)

مقتل 17 فلسطينياً غالبيتهم أطفال بقصف إسرائيلي على غزة

قُتل 17 فلسطينياً على الأقل، وأُصيب آخرون، اليوم الأربعاء، على أثر استهداف الطيران الإسرائيلي مخيم البريج وبلدة جباليا وسط وشمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي منال لُباد أم لثمانية أطفال وسط خيام غارقة في مياه الأمطار بمدينة غزة (أ.ب)

في غزة... منتجات العناية الصحية للنساء حلم بعيد المنال

تزداد مصاعب الحياة تعقيداً بالنسبة لنساء غزة في مخيمات النازحين بسبب انعدام منتجات العناية الشخصية.

«الشرق الأوسط» (دير البلح (غزة))
شؤون إقليمية بطارية من نظام «القبة الحديدية» الإسرائيلي في محيط غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

 إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أطلق من غزة وسقوط آخر في «منطقة مفتوحة»

أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح اليوم (الأربعاء)، عن إطلاق صاروخين من قطاع غزة باتجاه جنوب إسرائيل بعد منتصف الليل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الطفلان الشقيقان بلال ومحمد حمد يجمعان المياه التي غمرت خيمتهما في دير البلح وسط قطاع غزة أمس (أ.ب)

نتنياهو «يقصف» الصفقة: سنعود للقتال في غزة

«إذا كانت هناك صفقة، وآمل أن تكون كذلك، فإن إسرائيل ستعود للقتال بعدها... لا يوجد لبس في ذلك. وليس هناك جدوى من التكتم وإخفاء هذا؛ لأن العودة للقتال تعني.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل قائد بقوة «نخبة حماس» شارك في هجوم 7 أكتوبر

أعلنت إسرائيل، الثلاثاء، القضاء على قائد في قوة النخبة التابعة لـ«حماس»، والذي قاد الهجوم على «كيبوتس نير عوز» خلال هجوم الحركة على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الشرع يطمئن المسيحيين... وقائد «ردع العدوان» للدفاع

مقاتل من الحكم السوري الجديد يقف بجوار أشخاص يرتدون زي «بابا نويل» في دمشق أمس (رويترز)
مقاتل من الحكم السوري الجديد يقف بجوار أشخاص يرتدون زي «بابا نويل» في دمشق أمس (رويترز)
TT

الشرع يطمئن المسيحيين... وقائد «ردع العدوان» للدفاع

مقاتل من الحكم السوري الجديد يقف بجوار أشخاص يرتدون زي «بابا نويل» في دمشق أمس (رويترز)
مقاتل من الحكم السوري الجديد يقف بجوار أشخاص يرتدون زي «بابا نويل» في دمشق أمس (رويترز)

التقى قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، وفداً من الطائفة المسيحية بمذاهبها المتعددة في دمشق، عشية بدء السنة الميلادية الجديدة. وجاء اللقاء بمثابة رسالة طمأنة للمسيحيين عقب مضايقات قام بها متشددون في الأيام التي تلت سقوط النظام السابق.

في الأثناء، شدّدت السعودية على أهمية احترام سيادة سوريا واستقلالها، ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونها، وذلك خلال جلسة مجلس الوزراء التي ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أمس (الثلاثاء)، في الرياض.

وقال الشرع، في تهنئة بمناسبة رأس السنة، إن المسيحيين «جزء أساسي من نسيج المجتمع السوري. إن الترابط بين الشعب السوري بمختلف مكوناته يعكس قوة وحدتنا وتنوعنا».

وأكدت الإدارة الجديدة، في بيان أمس، تعيين قائد عملية «ردع العدوان» التي أطاحت نظام بشار الأسد، وزيراً للدفاع. جاء ذلك عقب تعيينات واسعة لقادة في «هيئة تحرير الشام» بمناصب رفيعة في المؤسسة العسكرية.

إلى ذلك، أعلنت فرنسا أنها ضربت موقعين لتنظيم «داعش» في سوريا، في أوّل عملية من نوعها منذ سنتين.