بديل الحلبوسي لرئاسة البرلمان العراقي يفجّر خلافات سياسية ومذهبية

مساعي التوافق تصطدم بعوائق قانونية قد تصل إلى الشارع

من جلسة الأربعاء (الشرق الأوسط)
من جلسة الأربعاء (الشرق الأوسط)
TT

بديل الحلبوسي لرئاسة البرلمان العراقي يفجّر خلافات سياسية ومذهبية

من جلسة الأربعاء (الشرق الأوسط)
من جلسة الأربعاء (الشرق الأوسط)

أخفق البرلمان العراقي في انتخاب رئيس جديد له خلفاً لرئيسه السابق محمد الحلبوسي الذي أنهت «المحكمة الاتحادية العليا» عضويته الأسبوع الماضي.

وبعد يومين من وصول قرار «الاتحادية» إلى البرلمان، أصدر النائب الأول لرئيسه، محسن المندلاوي أمراً تنفيذياً بـ«إنهاء عضوية» الحلبوسي من البرلمان، وشغور منصب الرئيس الذي كان يحتله لدورتين.

وبمجرد فتح المندلاوي باب الترشيح لرئاسة البرلمان في أول جلسة يعقدها بعد قرار إنهاء العضوية، برزت الخلافات، سواء كانت في السياق القانوني أو السياسي، بشأن مدى صحة عقد الجلسة خلال عطلة تشريعية.

محمد الحلبوسي (رويترز)

ومع أن البرلمان عقد خلال الفترة الأخيرة، جلستين استثنائيتين بشأن مواضيع طارئة، إلا أن انتخاب رئيس للبرلمان ينبغي أن يكون في أول جلسة عادية يعقدها، وليس في جلسة استثنائية، طبقاً للنظام الداخلي.

وفي وقت حملت نقطة الخلاف الأولى مسحة قانونية، فإن نقطة الخلاف الثانية حملت مسحة مذهبية... حيث اعترضت القيادات السنية على «فتح باب الترشح» كون المنصب من حصة المكون السني، وبالتالي، فإن العرب السنة هم المعنيون في اختيار الرئيس الجديد؛ الأمر الذي حمل رئاسة الجلسة على تغيير جدول الأعمال، وحصره بفقرتين، الأولى، انتخاب رئيس البرلمان، والأخرى، القراءة الثانية لمشروع قانون تمديد عمل مفوضية الانتخابات.

وبين شرعية الجلسة (الاستثنائية) الأربعاء، وهي الثالثة في العطلة التشريعية، وعدم شرعيتها، فإن البرلمان، ومعه القوى السياسية التي تستعد في الثامن عشر من الشهر المقبل لإجراء انتخابات مجالس المحافظات، دخلا في ورطة حقيقية تتمثل في «كيفية الخروج من هذا المأزق»... ففي الوقت الذي تبدو الحاجة ماسّة إلى تعديل قانون «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» التي تنتهي ولايتها قبيل أيام من فتح صناديق الاقتراع، فإن الخلافات الحادة بين الشيعة والسنة مرة، وبين السنة أنفسهم مرة أخرى، يجعل من الصعوبة بمكان، اتخاذ قرارات حاسمة: في حال لم يتم انتخاب رئيس للبرلمان، فإنه يصعب التمديد لعمل المفوضية. وفي حال لم يتم التمديد لعمل المفوضية، فإن الانتخابات سوف تكون بحكم المؤجلة لعدم وجود غطاء قانوني لإجرائها، وعدم قدرة المفوضية على إدارتها بسبب انتهاء مدة ولايتها.

الحلبوسي يلتقي عدداً من أعضاء كتلة «دولة القانون» بحضور عدد من نواب حزب «تقدُّم» في 9 نوفمبر الحالي (البرلمان العراقي)

مع ذلك، فإن بعض القوى السياسية، وطبقاً لمبدأ التوافقات الذي سارت عليه العملية السياسية في العراق بعد عام 2003 وإلى اليوم، تسعى إلى اتخاذ قرار برلماني (تنقصه الشرعية طبقاً لخبراء القانون) يقضي بالعمل على التمديد للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مع تأجيل انتخاب رئيس جديد للبرلمان، على أن يتولى النائب الأول لرئيس البرلمان إدارة جلساته إلى ما بعد إجراء الانتخابات.

ومع أن مثل هذه الدعوات، يراد لها إتاحة الفرصة للقوى السياسية لاختيار برلمان متوافَق عليه من قِبل الجميع، فإنها تصطدم بعائق قانوني، هو أنها سوف تتيح لقوى المعارضة، وفي المقدمة منها «التيار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر، والقوى المدنية الأخرى، الطعن بها، إلى حد ربما يصل إلى تحريك الشارع، وهو أمر قد يجر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه.

جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (أ.ب)

وعلى رغم أن منصب رئيس البرلمان هو من حصة العرب السنة، طبقاً للتقسيم المكوناتي للمناصب السيادية العليا، فإنه؛ وبسبب عدم تمكن القيادات السنية من الاتفاق على مرشح واحد، حصلت انقسامات حتى داخل قوى الإطار التنسيقي الشيعي التي دخلت على خط هذا المنصب المهم مرتين. الأولى كونها تؤيد بعض المرشحين من هذا الطرف السني أو ذاك، وترفض في الوقت نفسه مرشحين آخرين، والأخرى؛ لكونها الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً، فإن أي مرشح سني لمنصب رئيس البرلمان لا توافق عليه مسبقاً، لن يتمكن من الحصول على الحد المطلوب من أصوات الفوز، وهو النصف زائد واحد من عدد أعضاء البرلمان العراقي.

ويذكر، أن الأكراد من جهتهم وعبر بيان صدر عن مقر زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، أعلنوا أنهم يؤيدون مَن تتفق عليه الكتل السنية من دون شروط مسبقة.

الرأي


مقالات ذات صلة

استمرار الخلافات السياسية يحُول دون انعقاد البرلمان العراقي

المشرق العربي جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)

استمرار الخلافات السياسية يحُول دون انعقاد البرلمان العراقي

رغم انتخاب رئيس جديد له بعد شغور المنصب لمدة سنة وتمديد الفصل التشريعي لمدة شهر، لم يتمكن البرلمان العراقي من عقد جلساته.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز) play-circle 02:01

العراق: رئيس برلمان «سُني» بأجندة «الإطار التنسيقي»

بعد انتخابه رئيساً للبرلمان العراقي، تعهد محمود المشهداني بإكمال ما تبقى من الدورة التشريعية والتمهيد للانتخابات المقبلة، نهاية عام 2025.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

«توافق نادر» بين المالكي والحلبوسي يسهّل انتخاب رئيس البرلمان العراقي

بعد جولتي اقتراع امتدتا لساعات، انتخب أعضاء البرلمان العراقي السياسي المخضرم محمود المشهداني، رئيساً جديداً للمجلس.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)

خاص من هو محمود المشهداني الرئيس الجديد للبرلمان العراقي؟

عاد محمود المشهداني، الطبيب ذو الخلفية الإسلامية، إلى الواجهة بعد مرور نحو 16 عاماً على إقالته من منصب رئيس البرلمان العراقي.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صورة لإحدى جلسات البرلمان العراقي برئاسة الحلبوسي (أرشيفية - رويترز)

العراق: جلسة لانتخاب رئيس البرلمان الخميس

عقب فشل دعوته الأولى لعقد جلسة السبت الماضي لانتخاب رئيس جديد للبرلمان العراقي حدد «الإطار التنسيقي» الشيعي الحاكم غدا الخميس موعدا جديدا لانتخاب رئيس البرلمان.

حمزة مصطفى (بغداد)

إسرائيل توسّع دائرة استهدافاتها إلى الشمال والجبل... وغارات عنيفة على الضاحية

TT

إسرائيل توسّع دائرة استهدافاتها إلى الشمال والجبل... وغارات عنيفة على الضاحية

دخان كثيف يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت إثر استهدافها بـ13 غارة (د.ب.أ)
دخان كثيف يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت إثر استهدافها بـ13 غارة (د.ب.أ)

تأخذ الحرب الإسرائيلية على لبنان منحى تصاعدياً عنيفاً في موازاة التضارب في التصريحات والمعلومات التي تنقل من إسرائيل بين التي تشير إلى تقدم في مباحثات وقف إطلاق النار، والتأكيد على الاستمرار بالحرب؛ إذ بعد ساعات قليلة على تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء، أنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار، وأن تل أبيب ستواصل ضرب «حزب الله» بكل قوتها، شنّ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت أدت إلى سقوط مبان بأكملها، ومن ثم على بلدات عدة في الجنوب، كما طال القصف مبنى في قضاء عاليه بعد ساعات على استهداف مبنى في عكار، شمال لبنان.

في المقابل، واصل «حزب الله» إطلاق صواريخ باتجاه شمال إسرائيل، وأُفيد بمقتل شخصين في نهاريا بشمال إسرائيل، بعد سقوط صاروخ من لبنان، ودوّت صفارات الإنذار في تل أبيب.

13 غارة على الضاحية وسقوط مبان بأكملها

وفيما جرت العادة أن يتم قصف الضاحية ليلاً، حذّر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، صباح الثلاثاء في منشور على منصة «إكس» سكان مناطق محددة في الضاحية، داعياً إياهم إلى «إخلاء المباني وتلك المجاورة لها فوراً والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر»، مشيراً إلى أربعة أحياء سيتم استهدافها.

وعلى أثر هذه التحذيرات، سُمعت أصوات إطلاق نار كثيف في الهواء بهدف التنبيه إلى ضرورة الإخلاء، وشهدت شوارع الضاحية الجنوبية زحمة سيارات مع مغادرة السكان الذين عادوا إليها قبل القصف الذي وصل إلى 13 غارة خلال ساعة واحدة، بعضها استهدف مباني لم تكن مدرجة على خريطة التحذيرات.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الطيران الحربي الإسرائيلي دمر في غاراته على الضاحية الجنوبية مجمع زين الطبي في بئر العبد، وهو مبنى لم يكن محدداً في خريطة التحذيرات، كما دمرت الغارات مباني كبيرة بشكل كامل ومبنى «حرقوص تشكن»، على أوتوستراد هادي نصر الله. وتركز القصف على حارة حريك التي استهدفت بـ5 غارات وبئر العبد والصفير والمريجة والليلكي والحدث، وتردّد صداها في العاصمة بيروت.

ومنذ نهاية سبتمبر (أيلول)، تشنّ إسرائيل غارات بشكل منتظم على الضاحية الجنوبية التي كان يسكنها ما بين 600 ألف و800 ألف شخص قبل الحرب، وفقاً للتقديرات. وكانت الضاحية قد تعرّضت ليل الجمعة الماضي لنحو 14 غارة طالت أكثر من 4 أحياء فيها.

بعد مجزرة الشمال غارة في عاليه وسقوط قتلى

وفي إطار الاستهدافات المتنقلة في المناطق التي تصنف على أنها «آمنة» في لبنان، شنّ الطيران الإسرائيلي غارة على المنطقة الواقعة بين بعلشميه وضهور العبادية - الطريق الدولية في قضاء عاليه، حيث استهدف منزلاً. وأفادت وزارة الصحة اللبنانية، في بيان لها، بأن الغارة على بعلشميه أدت «في حصيلة أولية إلى سقوط خمسة شهداء وإصابة اثنين بجروح».

وفي بيروت سجل تحليق كثيف للطيران الإسرائيلي في أجواء مدينة بيروت، طوال ساعات النهار وعلى علو منخفض.

وأتى ذلك بعد ساعات على ارتكاب إسرائيل مجزرة في عكار في شمال لبنان، حيث كانت بلدة عين يعقوب، مساء الاثنين،، هدفاً لغارة إسرائيلية أدت إلى سقوط 17 قتيلاً و15 جريحاً، في قصف هو الأول من نوعه على هذه المنطقة الواقعة في أقصى شمال لبنان. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، الثلاثاء، بحصيلة نهائية للمجزرة، مشيرة إلى سقوط 17 شهيداً و15 جريحاً، هم من العائلات النازحة من المناطق التي تعرضت للعدوان الإسرائيلي وأفراد لسوريين نازحين. كما تسببت الغارة بأضرار في الممتلكات والأبنية المجاورة وعدد من السيارات.

مقتل اثنين في نهاريا بصواريخ «حزب الله» وصفارات الإنذار تدوي في تل أبيب

وأفاد إعلام إسرائيلي بمقتل شخصين في نهاريا شمال إسرائيل، بعد سقوط صاروخ أطلق من لبنان، في وقت دوّت فيه صفارات الإنذار في تل أبيب الساحلية وسط إسرائيل في أعقاب إطلاق مقذوفات من لبنان، وفق ما لفتت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت «القناة الـ12» الإسرائيلية إنه تعطل العمل بمطار بن غوريون شرقي تل أبيب لأكثر من نصف ساعة، إثر رشقة الصواريخ من لبنان. وأفاد الجيش الإسرائيلي بـ«سماع صفارات الإنذار في مناطق عديدة وسط إسرائيل بعد إطلاق مقذوفات من لبنان». قبل أن يعلن أن «سلاح الجو الإسرائيلي اعترض ثلاثة مقذوفات أطلقت من لبنان».

من جهته، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الثلاثاء، إن إسرائيل اعترضت ثلاث قذائف صاروخية عبرت الحدود قادمة من لبنان. وأشارت «يديعوت أحرونوت» إلى تعليمات لنحو 70 ألف إسرائيلي بدخول الملاجئ، بعد تحذيرات من تسلل طائرات دون طيار من لبنان، فيما ذكرت وسائل إعلام لبنانية بتحطم مسيّرة أطلقت من لبنان على مدرسة في جيشر هزيف شمال نهاريا.

وفي بيانات له أعلن «حزب الله» عن استهدافه مقرات وتجمعات عسكرية إسرائيلية، فيما سُجّل تراجع في المواجهات في المعركة البرية ووزع الإعلام الحربي التابع للحزب مشاهد من عملية استهداف جرافة عسكريّة تابعة للجيش الإسرائيلي قرب الجدار الحدودي في بلدة كفركلا على الحدود اللبنانية الجنوبية.

وأفاد الحزب باستهداف مستوطنة ديشون ومستوطنة كفريوفال ومستوطنة كفر بلوم، إضافة إلى تجمّع لقوات الجيش الإسرائيلي في مستوطنة شوميرا، وتجمّع آخر في مستوطنة زرعيت ومربض مدفعية في نافيه زيف، بصليات صاروخية.