دو ريفيير لـ«الشرق الأوسط»: غزة جزء من فلسطين… وفرنسا ضد الترحيل

وصف رد الفعل ضد «حماس» بأنه «مبرر قانوني وسياسي» ودعا إلى حماية المدنيين

المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير (صور الأمم المتحدة)
المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير (صور الأمم المتحدة)
TT

دو ريفيير لـ«الشرق الأوسط»: غزة جزء من فلسطين… وفرنسا ضد الترحيل

المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير (صور الأمم المتحدة)
المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير (صور الأمم المتحدة)

أكد المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير، في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»، أن ما يحصل في غزة «مأساة»، داعياً إلى السماح بإدخال أكثر من مئة شاحنة من المساعدات يومياً للمدنيين الفلسطينيين المحاصرين في القطاع.

وإذ كرر التنديد بـ«الهجمات الإرهابية» التي نفذتها «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، شدد على أنه «يحق لإسرائيل أن تدافع عن نفسها»، مقارناً ما يحصل بالعمليات العسكرية التي تنفذها فرنسا في الشرق الأوسط ومنطقة الساحل ضد «القاعدة» و«داعش». لكنه استدرك أن «المدنيين ينبغي ألا يكونوا هدفاً».

وفي الحوار الذي تزامن مع تصويت مجلس الأمن على قرار «الهدنات المديدة» و«الممرات الآمنة» في كل أنحاء غزة، عدّ السفير الفرنسي أن هذا الموقف مجرد «خطوة أولى» في الطريق إلى «نهاية هذه الأزمة»، آملاً في «استئناف عملية سلام حقيقية وذات صدقية تفضي إلى حل الدولتين» ضمن اتفاق يحتوي على «ضمانات أمنية» لإسرائيل وعلى إعطاء «وضع الدولة» لفلسطين.

وإذ شدد على أن «غزة أرض فلسطينية»، أكد رفض المقترحات الإسرائيلية عن ترحيل أهلها، حذر في الوقت ذاته من أنه «في غياب المنظور السياسي» سيشهد العالم انتقالاً متواصلاً «من دورة عنف إلى أخرى» في الأراضي المحتلة.

وكذلك عبّر الدبلوماسي الرفيع عن «قلق بالغ» في بلاده من احتمال توسيع نطاق الحرب في اتجاه الضفة الغربية ونحو لبنان.

المندوب الدائم لدولة فلسطين المراقبة لدى الأمم المتحدة رياض منصور مصافحاً المندوب الفرنسي نيكولا دو ريفيير في نيويورك (أ.ف.ب)

وهنا نص الحوار:

* الوضع الرهيب في غزة وإسرائيل يذكّرني بمقال كتبه سلفكم السفير (فرنسوا) دولاتر، وكان الأمر يتعلق بسوريا، فقال: إن حلب كانت بمثابة مقبرة للأمم المتحدة. عندما ترى ما يحصل الآن في غزة، ماذا تقول؟

- أعتقد أن ما يحصل الآن مأساة. لا يمكن لأحد أن يتفاجأ بالأحداث الأخيرة. وأعتقد أن الوضع في الشرق الأوسط بين إسرائيل وفلسطين تدهور بمرور الوقت. هذا واضح. لكننا نشهد خطوة جديدة في هذه الأزمة. في 7 أكتوبر، شهدنا هجوماً إرهابياً غير مسبوق ضد إسرائيل. قُتل 1200 إسرائيلي لمجرد أنهم يهود. وهذا ما يجب أن يُندد به مراراً وتكراراً. ولإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها. وهذا ما لا ينبغي أن يتكرر. وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، من الواضح أننا في حاجة حقاً إلى تحسين، ونحتاج إلى وصول إنساني كامل. إن ما يحدث الآن هو بالطبع بعيد كل البعد عن الكفاية. الأمم المتحدة تحاول جاهدة الحصول على وصول أكبر. ولكن حتى الأمس القريب، دخلت 20 شاحنة فقط في اليوم من معبر رفح.

نحتاج إلى 100 شاحنة وإلى المزيد.

لذلك؛ أعتقد أن هناك تقدماً بطيئاً، لكنه غير كافٍ على الإطلاق. لا نحتاج فقط إلى توصيل المعونات، بل أيضاً إلى امتثال كل الأطراف الكامل للقانون الإنساني الدولي واتفاقات جنيف. ينبغي حماية المدنيين. المدنيون ينبغي ألا يكونوا هدفاً. غير أن الإرهابيين يمكن أن يكونوا هدفاً. ونحن في حاجة إلى إطلاق الرهائن. وما نود أن نراه في نهاية هذه الأزمة - وكلما أسرعنا كان أفضل - هو استئناف عملية سلام حقيقية وذات صدقية تفضي إلى حل الدولتين. وهذا ما افتقدناه في الأشهر والسنوات الماضية. في غياب المنظور السياسي، لا أعتقد أننا نستطيع حل هذه الأزمة. سنتحرك من دورة عنف إلى دورة عنف أخرى.

صورة من الحدود بين إسرائيل وغزة تظهر الدخان المتصاعد أثناء القصف الإسرائيلي على القطاع (أ.ف.ب)

بين الإرهابيين والمدنيين

* ما هو منظوركم في فرنسا؟ قيل في فرنسا والولايات المتحدة وفي كل مكان: لا شيء يبرر ما فعلته «حماس». فهل هناك ما يبرر ما تفعله إسرائيل في غزة منذ 40 يوماً؟

- حسناً، الإرهاب بالتأكيد خارج الحسابات، وغير مقبول، والإرهابيون ينبغي أن يُحاسَبوا. والعمل العسكري ضد الإرهابيين مبرر. ويمكنني الإصرار على ذلك؛ لأن فرنسا تفعل ذلك في الشرق الأوسط، كما تعلمون، ضد «داعش». وفرنسا تفعل ذلك في منطقة الساحل. لذلك؛ نحتاج إلى اتخاذ إجراءات عسكرية ضد الإرهابيين.

الدول التي تتعرض لهجمات من الإرهابيين، لديها الحق في الدفاع عن نفسها. وهذا أمر قانوني، وله ما يبرره سياسياً. ولكن ينبغي احترام القانون الدولي واتفاقية جنيف. كما قلت من قبل، لا ينبغي أن يكون المدنيون هدفاً، وينبغي حماية المدنيين. وينبغي أن يكون هناك تمييز واضح بين المقاتلين، وهم في هذه الحال إرهابيون، وبين السكان المدنيين في غزة. الأمر واضح للغاية. وهذا ما نكرره مراراً.

* من الواضح ربما أن الإسرائيليين أخفقوا في التمييز بين المدنيين والمسلحين الذين تتحدث عنهم، والذين تعدّهم الولايات المتحدة والغرب إرهابيين...

- لا، أعتقد أننا سنواصل مطالبة كل الأطراف بالالتزام القانون الدولي. بالطبع، لإسرائيل الحق في الرد على الهجوم الإرهابي، ولكن ينبغي أن تستهدف الإرهابيين. هذا واضح... عندما يستخدم مقاتلو «حماس» المستشفيات والمرافق المدنية؛ بغية الحصول على ملجأ، وفقط للتأكد من أن الهجمات ستكون لها أضرار جانبية. هذه استراتيجيتهم، وهذا يتعارض أيضاً مع اتفاقية جنيف والقانون الدولي. وهذا السلوك ينبغي التنديد به أيضاً.

نيكولا دو ريفيير في أحد اجتماعات مجلس الأمن (أ.ب)

أمن لإسرائيل ودولة لفلسطين

* على رغم أن مجلس الأمن سيتبنى على الأرجح قراراً، فإن هذا لا يعني أن مجلس الأمن فعال، علماً أنه الأداة الأقوى في النظام الدولي. ماذا يمكنك أن تقول عن ذلك؟

- الأمر محبط للغاية؛ لأن الهجوم ضد إسرائيل وقع في 7 أكتوبر. منذ خمسة أسابيع، ولم يتمكن المجلس من الرد. كان ينبغي للمجلس أن يندد بالهجوم، وأن يطالب بإطلاق الرهائن، وأن يطالب بالإغاثة الإنسانية، وباحترام القانون الدولي، وما إلى ذلك. الآن، كما قلت للتو، من المحتمل جداً أن المجلس سيقوم بخطوة أولى (في إشارة إلى القرار الذي تم إقراره بالفعل). يركز هذا القرار على إجراءات العمل الإنساني في ما يتعلق بالأطفال. لذا؛ له تركيز محدود جداً. غير كافٍ إطلاقاً. وهذا محبط أيضاً. لكنه خطوة أولى. ولذلك؛ فإن فرنسا ستؤيد هذا القرار. وهو يتعلق بالأطفال، ولا أحد يمكنه أن يكون ضد ذلك. أجد صعوبة في فهم ذلك. لكنه مجرد دعوة للمضي قدماً.

أعتقد أننا في حاجة إلى وضع إطار لما يحدث في غزة. ونحتاج في أسرع ما يمكن إلى هدنة إنسانية كاملة، بما يؤدي إلى وقف لإطلاق النار. هذا ما نحتاج إليه، مع احترام حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وملاحقة مقاتلي «حماس»، وهم هدف مشروع. وما نحتاج إليه أيضاً، كما قلت في البداية، نحن في حاجة إلى استئناف عملية سلام واضحة في الشرق الأوسط مع إسرائيل وفلسطين. أمن إسرائيل ينبغي ألا يكون قابلاً للتفاوض. ينبغي منح إسرائيل ضمانات أمنية. وينبغي إعطاء فلسطين وضع الدولة الذي من دونه أعتقد أن الأزمة ستتواصل. ما شهدناه في السنوات الثماني إلى التسع الماضية هو الغياب التام لعملية السلام في الشرق الأوسط. إن الاتفاقات الثنائية كـ«اتفاقات إبراهيم» مفيدة. ولكنها لا تعالج، أكرر مرة أخرى، الموضوع الفلسطيني.

المساعدات مجرد بداية

* اضطلعت فرنسا بدور ريادي على المستوى الدولي لتقديم المساعدات الإنسانية عبر مؤتمر باريس. هل نتوقع أن تقوم فرنسا بالمتابعة في مجلس الأمن في ما يتعلق بمؤتمر باريس. هل تحضّرون أي شيء؟ هل يمكنكم تسليط بعض الضوء حول ما تقومون به؟

- شكراً للإشارة إلى مؤتمر باريس، الرئيس (إيمانويل) ماكرون نظّمه الأسبوع الماضي (9 نوفمبر/تشرين الثاني). كان ناجحاً، مع الكثير من المشاركين ووكالات الأمم المتحدة والمجتمع المدني، وتمكنا من جمع قرابة مليار دولار لغزة. وهذه مجرد بداية. ولذلك؛ سنواصل الدفع لتقديم الإغاثة الإنسانية لشعب غزة. هناك شعور بحالة الطوارئ. وستقوم فرنسا بكل ما يمكن القيام به هنا في نيويورك، في الأمم المتحدة، وفي مجلس الأمن على وجه الخصوص، من أجل دفع هذه القضية في اتجاه الحل، واستئناف عملية السلام.

توسيع الحرب

* يتحدث بعض المسؤولين الإسرائيليين عن الترحيل من غزة إلى أماكن أخرى. وهذا يثير بعض الغضب في مصر والأردن؛ لأن هذا تلاعب في النظام الجيو - سياسي للشرق الأوسط. وهناك أيضاً أشخاص يشعرون بالقلق من احتمال امتداد الحرب إلى لبنان، إلى الضفة الغربية، أو حتى أبعد. هل فرنسا قلقة من هذا الأمر؟

- نعم. نحن قلقون للغاية بشأن التوسع المحتمل للحرب. أعتقد أن الأزمة في غزة سيئة بما فيه الكفاية. آخر شيء نريد رؤيته هو أزمة أخرى في الضفة الغربية.

وفي الحقيقة، ارتفع مستوى العنف بشكل ملحوظ في الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة، وينبغي أن يتوقف. «حماس» لا توجد في الضفة الغربية. وثانياً، تزايدت أيضاً التوترات بين إسرائيل ولبنان على الحدود. وآخر شيء نريده هو جبهة جديدة بين إسرائيل وجنوب لبنان، وبخاصة «حزب الله».

ولذلك؛ نحن نشعر بقلق بالغ إزاء احتمال توسع الحرب. في ما يتعلق بغزة، نحتاج إلى وضع نهاية لهذه الأزمة. نحتاج إلى حماية المدنيين. يجب أن يكونوا في وضع يمكنهم من البقاء في بلادهم في ظروف سلمية. نحن لا نتحدث عن ترحيل سكان. نحن في حاجة إلى الدفاع عن القانون الدولي. غزة أرض فلسطينية.

وأعتقد أن الشعب الفلسطيني في غزة ينبغي أن يكون في وضع يسمح له بالعيش بسلام هناك. مرة أخرى، هذه الأزمة مأساة. ومرة أخرى، هذا الوضع ما كان ليكون مأسوياً لو لم تقم «حماس» قبل خمسة أسابيع بقتل وحشي لـ1200 إسرائيلي. وأنا متأكد أن شعب غزة ما كان ليعاني ما يعانيه لو لم تقم «حماس» بذلك. لذلك؛ دعني أذكّر الجميع بذلك.

سكان يتوجهون من شمال غزة باتجاه الجنوب بأوامر من الجيش الإسرائيلي (إ.ب.أ)

بمثابة إنذار

* قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: إن كل هذا لم يأتِ من العدم. وهذه الكلمة أحدثت ضجة لدى الإسرائيليين...

- ... هذا صحيح. ولذلك؛ أعتقد أننا في حاجة إلى حل سياسي. في غياب حل سياسي لفلسطين، ولكن أيضاً لإسرائيل على المستوى الأمني، فإن هذا الوضع يمكن أن يعود مراراً وتكراراً. أعتقد أنه ينبغي أن يكون بمثابة إنذار.

* كلمة أخيرة سعادة السفير؟

- آمل حقاً بأن نتمكن من المساهمة في تسوية ما في غزة. كلما استعجلنا ذلك أفضل. أنا لا أطلب من إسرائيل أن توقف أعمالها ضد مقاتلي «حماس». أعتقد أن هذا الإجراء مشروع ومبرر. ولكنني أعتقد أننا في حاجة إلى حماية جميع المدنيين في غزة وخارجها. لا ينبغي أن يكونوا هدفاً. وينبغي تزويدهم بالإغاثة الإنسانية في أسرع وقت ممكن. وبمجرد عودة الوضع في غزة إلى طبيعته، أعتقد أنه سيكون من الملح إعادة إطلاق عملية سلام حقيقية وذات صدقية.


مقالات ذات صلة

واشنطن: بلينكن أكد لإسرائيل أهمية تحسين الوضع الإنساني بغزة

الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أرشيفية - رويترز)

واشنطن: بلينكن أكد لإسرائيل أهمية تحسين الوضع الإنساني بغزة

قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الوزير أنتوني بلينكن شدد على أهمية تحسين الوضع الإنساني في غزة خلال اجتماع مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي سائق يقوم بفحص البضائع عند الحدود أثناء مرور شاحنات مساعدات عبر معبر إيريز على الحدود مع شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)

غزة: فتح معبر جديد لدخول المساعدات الإنسانية

أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، فتح معبر جديد لدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بعد ضغط أميركي.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا مائدة تجمع مصريين وغزيين داخل شقة في القناطر الخيرية (الشرق الأوسط)

«غزيو مصر» لم يحملوا الغربة في حقائبهم

بينما يجمع الغزيون الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» في مصر، على رغبتهم في العودة إلى القطاع، فإن أحداً منهم لم يشر إلى «الغربة»، أو يشكو «الوحشة والقلق».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري يستقبل كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة (الخارجية المصرية)

مصر تدعو لمضاعفة الاستجابة الإنسانية لاحتياجات الفلسطينيين

طالبت مصر، الثلاثاء، بضرورة العمل على مضاعفة الاستجابة الإنسانية لاحتياجات الفلسطينيين بقطاع غزة مع دخول فصل الشتاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية امرأة يجري نقلها من منطقة مستهدفة إلى سيارة إسعاف وسط الأعمال العدائية بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في نهاريا اليوم (رويترز)

مقتل إسرائيليَّين في نهاريا بقصف مصدره لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، اليوم (الثلاثاء)، مقتل شخصين في مدينة نهاريا شمال إسرائيل بعد إطلاق مقذوفات من لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

فنانون لبنانيون يكافحون الحرب ويواصلون الإبداع

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

فنانون لبنانيون يكافحون الحرب ويواصلون الإبداع

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

بينما تشنّ إسرائيل هجوماً عسكرياً دامياً على وطنه لبنان في حربها مع «حزب الله»، تساءل الفنان شربل صموئيل عون عن دور الفن ومكانته في بلد يجتاحه الصراع.

وقال عون، وهو رسام ونحات يمزج بين فنون متعددة ويبلغ من العمر 45 عاماً: «الفن هل بيظل إله محل في هيك أزمة؟»، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يحمل قطعة فنية غير مكتملة بورشته في بلدة الفنار - لبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

وتاريخياً، لعب لبنان دوراً محورياً في المشهد الفني بالعالم العربي وكان بمثابة مركز نابض بالحياة للفنون البصرية والموسيقى والمسرح ويمزج بين المؤثرات التقليدية والمعاصرة.

والآن يعبّر الفنانون اللبنانيون في أعمالهم عن الإحباط واليأس الذي يشعرون به منذ الهجوم الإسرائيلي على وطنهم قبل عام والذي أسفر عن مقتل أكثر من 3200 شخص، معظمهم منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتعكس أعمال عون بشكل مباشر الأزمات المتتالية التي يمر بها لبنان. فقد بدأ في عام 2013 جمع التراب من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان لرسم سلسلة من اللوحات متعددة الطبقات قبل أن ينتقل إلى استكشاف وسائل أخرى.

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يعمل على قطعة فنية باستخدام الغبار المخلوط بالراتنج في بلدة الفنار - لبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

ويقول الفنان عون إن الظلام واليأس الناجمين عن الحرب والركام الذي خلَّفته حملة القصف الإسرائيلي المكثفة في جنوب لبنان وشرقه والضاحية الجنوبية لبيروت أحييا رغبته في العمل بالتراب.

وقال: «يا بتوقفي كل شيء، يا إنه بالشيء إللي باقيلك فيه معنى شوي بتكفي».

وتم إلغاء معرضين له بسبب الحرب. وبينما كان يعيش في السابق على الدخل الذي يجنيه من فنه، يعتمد الآن على بيع العسل من منحل أسسه في البداية مشروعاً لصنع أعمال فنية من شمع العسل.

وقال: «لم يعد بإمكاني الاعتماد على سوق الفن».

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يرتدي بدلة تربية النحل أثناء حضوره مقابلة مع وكالة «رويترز» في بلدة الفنار بلبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

وأُغلقت صالات العرض في مختلف أنحاء بيروت خلال الأشهر القليلة الماضية، وقال أصحابها لوكالة «رويترز» إنه لا يوجد طلب على شراء الأعمال الفنية في هذا التوقيت. ونقل متحف سرسق الشهير في لبنان، وهو متحف للفن الحديث، معروضاته إلى مخزن تحت الأرض.

المغنية والموسيقية اللبنانية جوي فياض تحمل غيتارها بالاستوديو الخاص بها في مزرعة يشوع - لبنان 6 نوفمبر 2024 (رويترز)

وعانت المغنية والموسيقية اللبنانية جوي فياض من التأثير النفسي للصراع الذي جعل من الصعب عليها أداء عروضها منذ أشهر عدة.

وقالت: «هذا الشيء عمل شوي (حدودا) للإبداع تبعي، وبالتالي (انغلقت) شوي على حالي، ما بقى فيني أعطي غيري ولا أعطي حالي كمان».

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

ووجهت طاقتها في المقابل إلى كتابة الأغاني. وعادت مجدداً لتأدية عروض في الفترة الماضية بالغناء للأطفال النازحين واللاجئين في لبنان خلال حفل خيري أقيم في شمال بيروت.

وأضافت: «بتخيل أحلى شعور كان برجع أحسه بعد فترة طويلة إني أشوفهم كلهم مبسوطين... وعم بيغيروا جو وينبسطوا من بعد فترة صعبة أكيد»، خصوصاً لمن اعتادوا على سماع صوت القصف بدلاً من الموسيقى.