تضامن مع إعلامية لبنانية رداً على ملاحقتها من القضاء العسكري

ليال الاختيار: اضطهاد سياسي سافر بأسلوب القمع القضائي

ليال الاختيار (من حسابها على موقع «إكس»)
ليال الاختيار (من حسابها على موقع «إكس»)
TT

تضامن مع إعلامية لبنانية رداً على ملاحقتها من القضاء العسكري

ليال الاختيار (من حسابها على موقع «إكس»)
ليال الاختيار (من حسابها على موقع «إكس»)

أعلنت أحزاب وقوى سياسية لبنانية تضامنها مع الإعلامية ليال الاختيار، التي أصدر القضاء العسكري اللبناني مذكرة بحث وتحرٍّ بحقّها، على خلفية دعوى تقدَّم بها أسرى محرَّرون وإعلاميون مقرَّبون من «حزب الله»، بعد إجرائها مقابلة​ صحافيّة على قناة «العربيّة» مع المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، ​أفيخاي أدرعي،​ في الشهر الماضي.

وأكدت الاختيار، مساء الخميس، أنه جرى إبلاغها بمذكرة بحث وتحرٍّ أصدرتها بحقّها النيابة العامة العسكرية في لبنان، على أثر «إخبار تقدَّم به ضدِّي محسوبون على حزب الله، تحت مسميات مقنّعة»، وفق ما قالت في تغريدة لها بموقع «إكس»، مساء الخميس.

ووصفت الاختيار هذه الخطوة بأنها «اضطهاد سياسي سافر، بأسلوب القمع القضائي، وهي لا تمتّ إلى الحق والحقيقة والعدالة بصلة». ورأت أن «الذين يقفون خلفها يُلحقون بأنفسهم العار الأخلاقي والوطني والإنساني، فهم مَن نَهَب الدولة وأفلس الشعب وتنازل عن سيادة الوطن وثرواته، وها هم يغطون ارتكاباتهم بفبركات لقمع الحريات».

وأضافت الاختيار: «إنني لستُ خائفة لأنني لبنانية من الآن وحتى يوم القيامة، وعربية من الآن وحتى آخِر نفَس»، متوجهة إلى مُصدري مذكرة البحث والتحري ضدّها بالقول: «لن تمسّوا حريتي ولا كرامتي ولا قناعاتي، مهما فعلتم».

وتُعدّ الاختيار من أبرز خصوم «حزب الله» في الإعلام، وغالباً ما تنتقد الحزب، في تغريداتها ومواقفها السياسية، وتتعرض لمضايقات واتهامات بـ«التطبيع مع إسرائيل»، وصولاً إلى حملة سياسية وإعلامية شُنّت ضدها وضد إعلاميين آخرين من خصوم الحزب ومنتقديه، في الأسبوع الماضي، حيث انتشرت ملصقات في منصة «إكس» تتهمهم بالمشاركة في قتل أطفال غزة، وهو ما واجهه الإعلاميون المستهدَفون بالحملة، بالاستنكار والرفض، معتبرين أن الحملة تسعى لإسكاتهم عن انتقاد الحزب وإيران.

وبعد ثلاثة أيام من اندلاع حرب غزة، استقبلت الاختيار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على الهواء، وشُنّت حملة إلكترونية وإعلامية ضدّها بعدما عرفت عنه أنه «الناطق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي»، كما وصفته بـ«الأستاذ أدرعي»، مما دفع «هيئة ممثّلي الأسرى والمحرّرين»، في بيان، للتقدم بإخبار ضدها أمام المحكمة العسكرية، في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتقدم بالإخبار المحامي غسان المولى بوكالته عن إعلاميين وأسرى.

واللافت أن الإخبار قُدّم ضدّها وحدها، ولم يجرِ تقديمه ضد آخرين من إعلاميين لبنانيين يستقبلون أدرعي على الشاشات العربية، وبينهم زملاء لها في «العربية»، مما دفع لاعتقاد أن الحملة على الاختيار «ذات خلفية سياسية»، وهو ما برز في مواقف القوى السياسية والأحزاب التي تضامنت معها، وأشارت إليه النائبة بولا يعقوبيان بشكل مباشر.

ورأت يعقوبيان أن «من المعيب أن تُمنع ليال الاختيار من دخول بلدها عبر استخدام ما يُعرَف بالقضاء». وأضافت: «واضح أن الموضوع لا علاقة له بتطبيق القانون، إنما هو انتقام من موقفها السياسي المعارض لحزب الله».

وذكرت يعقوبيان أن «أغلب الصحافيين اللبنانيين، الذين عملوا في الفضائيات العربية والدولية، قابلوا إسرائيليين في جزء من تغطيتهم الأحداث، ولم تجرِ ملاحقتهم. هذه نتيجة قضاء مُسيَّس مسيطَر عليه من الطبقة السياسية». وختمت: «كل التضامن والحب، وسامِحينا على عجزنا أمام مافيا السلطة».

وعلى صعيد الأحزاب، أشارت مفوضية الإعلام في «الحزب التقدمي الاشتراكي»، في بيان أصدرته، الجمعة، إلى أن «استخدام القضاء بقصد التضييق والتشفّي مرفوض بأي شكل من الأشكال، وتحديداً في وجه حرية الإعلام والحق بالعمل الإعلامي المهني، بصرف النظر عن أي اعتبار، ومهما كانت وجهات النظر متباينة». وقالت المفوضية، في بيان، إنّه «من غير المبرَّر إطلاقاً إصدار مذكرة بحث وتحرٍّ بحق الصحافية ليال الاختيار»، داعية «الجميع إلى التمسك بالحريات ميزة أساس في لبنان».

في السياق نفسه، أشار جهاز الإعلام في حزب «الكتائب اللبنانية» إلى أن «حزب الله يشنّ حملة إلكترونية لهدر دم الإعلاميين واللبنانيين الأحرار؛ لأنهم يرفضون جرّ بلدهم إلى الحرب، أمر مُدان ومرفوض لكنه نهج المتسلط الذي يرفض الرأي الآخر، لا بل يريد إلغاء وجوده»، مضيفة أنه «ليست المرة الأولى التي يتناغم فيها القضاء العسكري، ومن غير اختصاصه، مع موجات القمع والإلغاء وهدر الدم، وهذا أمر مُشين».

وأعرب حزب «الكتائب» عن تضامنه مع الاختيار «وكلّ من يتعرض لهذه الحملات الجائرة والمُخجلة بحق لبنان»، مشدداً على أن «وجه بلدنا لن يتغيّر ولن يتحوّل إلى دولة بوليسية، مهما حاولتم، وسيبقى معقل الكلمة الحرة رغماً عن كل من يأبى ويكره».

أما النائب السابق فارس سعيد فأكد أن «صدور بلاغ بحث وتحرٍّ بحق ليال الاختيار معيب». وأضاف: «لبنان لا يُحكَم بالكيديّة. كلنا ليال».



تركيا وإدارة دمشق تتفقان على عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا

وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)
وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)
TT

تركيا وإدارة دمشق تتفقان على عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا

وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)
وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)

أكدت تركيا والإدارة السورية عدم السماح بتقسيم سوريا أو أن تصبح أراضيها مصدراً لتهديد جيرانها، واتفقتا على البدء بعملية سياسية تمهد لاستقرار البلاد وتحتضن جميع أبناء الشعب بلا تفرقة على أساس طائفي أو ديني أو عرقي.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في مؤتمر صحافي مشترك عقد عقب اجتماع وزراء الخارجية والدفاع ورئيسي جهازي المخابرات في كل من تركيا والإدارة السورية بمقر وزارة الخارجية في أنقرة، الأربعاء: «الآن هو الوقت المناسب للتخلص من الإرهاب والأسلحة، وهو الوقت المناسب للسلام والتضامن والتنمية والازدهار ونبذ الصراعات الداخلية في سوريا».

عملية سياسية شاملة

وأضاف فيدان أن الوقت قد حان لعملية سياسية تشمل كل العناصر العرقية والدينية والطائفية في سوريا، لافتاً إلى أنه «لسوء الحظ، لا تزال العقوبات المفروضة على سوريا سارية المفعول، ومن الممكن للولايات المتحدة أن تمنح إعفاءً جزئياً، ونعلم أن الاتحاد الأوروبي يعمل على هذا الأمر أيضاً، إذا تم رفع العقوبات فإن العملية سوف تتسارع».

فيدان مصافحاً نظيره السوري خلال استقباله بالخارجية التركية في أنقرة (الخارجية التركية)

ولفت وزير الخارجية التركي إلى أن نظام بشار الأسد استضاف منظمات إرهابية في سوريا لسنوات، وأن سوريا ستزداد قدرة على محاربة المنظمات الإرهابية بعد سقوط هذا النظام.

وذكر فيدان أن الاجتماع مع الجانب السوري تناول تقديم الدعم من جانب تركيا للعمليات ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، مضيفاً: «لن نوافق على تقسيم سوريا، وقد حان الوقت لتطهيرها وتطهير المنطقة من الإرهاب والأسلحة، وحان الوقت للسلام والتضامن والتنمية والازدهار، ولم يعد هناك مكان للإرهاب في المنطقة».

وأشار فيدان إلى أن تركيا ستعمل على دعم الإدارة السورية في جميع المجالات سواء إعادة الإعمار أو التنمية وتمهيد الظروف المناسبة لعودة اللاجئين وسيعمل البلدان معاً على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والتجارة وغيرها من المجالات.

وأعلن أن القنصلية التركية في حلب ستبدأ العمل في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي.

بدوره، أكد وزير الخارجية في الإدارة السورية، أسعد الشيباني أن الإدارة الجديدة لن تسمح بأن تكون الأراضي السورية مصدر تهديد لتركيا أو لأي دولة أخرى من جيرانها، مشيراً إلى حاجة سوريا إلى دعم حقيقي لإعادة إعمارها وتنميتها.

لا لتقسيم سوريا

وقال الشيباني إن الإدارة السورية ستعمل على عودة سوريا إلى دورها الفاعل البارز في المنطقة بما يحقق الأمن والاستقرار وحسن الجوار، ويد سوريا اليوم ممدودة للعالم أجمع وليست جزيرة منقطعة ضمن مشاريع مشبوهة كما أراد لها النظام السابق.

فيدان والشيباني خلال المؤتمر الصحافي (أ.ف.ب)

وأضاف: «إننا نؤكد اليوم أكثر من أي وقت مضي ضرورة تآلف الشعب السوري وتوحده وعدم التفاته للدعوات الطائفية أو التي تسعى لتقسيم مجتمعنا، والتي تحاول تغيير هوية سوريا وحاضرها وماضيها، فسوريا لكل السوريين وليست مرتبطة بفئة من الشعب».

وتابع «أننا نفتح صفحة جديدة بين الشعب السوري ومحيطه ونعمل على بناء الصورة الحديثة القائمة على الأسس الحضارية والأخلاقية لبلادنا، ونعمل كذلك على استكمال وحدة الأراضي السورية وجعلها تحت إشراف الحكومة المركزية في دمشق، فسوريا لا يمكن أن تقسم، ولن يقبل شعبها بذلك، وهذا هو المسار الوحيد لصون سوريا واستعادة سيادتها».

وأكد أن العلاقات بين بلاده وتركيا ستشهد في الفترة المقبلة آفاقاً واسعة للتعاون مع تركيا في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وتعزيز الروابط الشعبية والبناء على الإرث المشترك.

ولفت إلى أن «الأمن والاستقرار والازدهار مرتبطة بشكل مشترك بين بلدينا ونتطلع لأن تكون العلاقات بينهما نموذجاً صادقاً في العلاقات بين الدول يقوم على احترام سيادة الدولتين ووحدة أراضيهما».

وشدد على أن الإدارة السورية الجديدة لن تسمح بأن تستخدم الأراضي السورية منطلقاً لتهديد الأراضي التركية والشعب التركي، و«سنعمل على إزالة هذه التهديدات عبر العديد من الوسائل، ونشكر تركيا على وضع ثقتها في قدرة الإدارة السورية على معالجة هذه التهديدات، خاصة فيما يتعلق بمنطقة شمال شرقي سوريا».

وأضاف: «إننا نعمل الآن على معالجة هذه القضايا بالتفاوض والحوار ونعتقد أننا سنصل إلى نتائج ملموسة في القريب العاجل».

مباحثات تركية سورية

وعقدت بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة الأربعاء مباحثات تركية مع الإدارة السورية، بصيغة 3+3، شارك فيها وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والسوري أسعد الشيباني، والدفاع التركي يشار غولر والسوري مرهف أبو قصرة، ورئيسا جهازي المخابرات التركي إبراهيم كالين والسوري أنس خطاب.

وزراء خارجية ودفاع ورئيسا مخابرات تركيا وسوريا قبل انطلاق مباحثاتهما بمقر الخارجية التركية في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)

وبحث الاجتماع التطورات في سوريا، وبخاصة وضع وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والاشتباكات المستمرة بينها وبين فصائل «الجيش الوطني السوري»، المدعومة من تركيا في شرق حلب، وموقف الإدارة السورية منها، حيث ترغب تركيا في حلها وإلقاء أسلحتها وخروج عناصرها الأجنبية من سوريا، وانخراط العناصر السورية في الجيش السوري الموحد.

وبحسب ما ذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، تناولت المباحثات أيضاً ملفات التعاون الأمني والتعاون في مجالات الطاقة وإعادة الإعمار والتنمية، إلى جانب الملف الأمني والتعاون في مكافحة التنظيمات الإرهابية.

كما تناولت المباحثات ملف العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين، وجهود رفع العقوبات المفروضة على دمشق.

وقالت المصادر إن الجانب التركي أكد مجدداً دعمه للإدارة السورية في مختلف المجالات لإنجاز المرحلة الانتقالية وتحقيق الأمن والاستقرار في سوريا.

واستقبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعضاء الوفد السوري بالقصر الرئاسي في أنقرة.

وكان إردوغان استبق المباحثات بإعلان أنها ستركز عل سبل دعم سوريا وإعادة الإعمار.

تحذير لـ«قسد»

وحذر من أن أنقرة لديها القوة والقدرة على سحق كل التنظيمات الإرهابية في سوريا، بمن فيهم مقاتلو تنظيم «داعش» ووحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

إردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان، في كلمة أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان، الأربعاء: «لن نسمح بحدوث أي شكل من أشكال الفوضى في سوريا، ولن نسمح بزرع بذور الفتنة بيننا وبين الشعب السوري».

وأضاف أن مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية يمثلون أكبر مشكلة في سوريا الآن بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، وإن لم تلق تلك الوحدات أسلحتها فلن تتمكن من الإفلات من نهايتها المحتومة.

وتابع: «إذا كانت سوريا والمنطقة تتخلصان من تهديد (داعش)، فإن تركيا هي القوة العظمى التي لديها القدرة على حل هذه القضية».

وقال إردوغان: «يجب على الجميع أن يرفعوا أيديهم عن المنطقة ونحن قادرون مع إخواننا السوريين على سحق تنظيم (داعش) و(الوحدات الكردية)، وجميع التنظيمات الإرهابية في وقت قصير».

وشدد إردوغان على أن تركيا تتابع وتدعم حل كل قضايا الإخوة الأكراد في سوريا، وأن تركيا هي الضامنة لأمن الأكراد.

بدوره، قال وزير الدفاع يشار غولر، رداً على سؤال حول عملية عسكرية تركية محتملة ضد «قسد» في شرق الفرات، إن العمليات والضربات مستمرة، لافتاً إلى تنفيذ عدد كبير من الضربات، الثلاثاء، مضيفاً: «مكافحة الإرهاب مستمرة».