قال رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي إن قرار المحكمة الاتحادية العليا، الثلاثاء، بإنهاء عضويته في مجلس النواب «غير دستوري»، في أزمة تنذر بتبعات سياسية في العراق الذي يستعد لإجراء انتخابات محلية الشهر المقبل.
والتقى الحلبوسي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، صباح الأربعاء، حيث بحثا آخر التطورات السياسية، والعمل على إدامة الاستقرار السياسي، حسبما ذكر بيان لرئاسة الوزراء العراقية.
وأضاف البيان أن السوداني أكد أهمية الركون إلى الحوار وحل جميع الإشكالات المستجدة، من خلال التواصل بين القوى السياسية التي تمثل الركيزة الأساسية للعملية السياسية.
وفي وقت لاحق، قال الحلبوسي في مؤتمر صحافي: «نحن حريصون على إيضاح الجنبة القانونية لما حدث وليس الجنبة السياسية»، مضيفاً أن «الدستور حدد الحالات التي تستوجب إنهاء العضوية، في حالة الوفاة أو الاستقالة أو الجناية أو المرض تنتهي عضوية النائب»، حسبما أوردت «وكالة أنباء العالم العربي». وتابع: «لم تراع المحكمة الاتحادية كل شروط إنهاء عضويتي من مجلس النواب. واجب المحكمة الاتحادية الالتزام بالدستور وتطبيق نصوصه بنحو غير قابل للاجتهاد».
ومضى الحلبوسي قائلاً: «المحكمة الاتحادية بقرارها خالفت الدستور، وهذا أمر خطير. ليس من حق المحكمة الاتحادية تسلم طلبات إنهاء عضوية النائب قبل المرور بمجلس النواب. واجب المحكمة الاتحادية الالتزام بالدستور وتطبيق نصوصه بنحو غير قابل للاجتهاد». وأضاف: «القضية ليست قضية محمد الحلبوسي، بل مسألة دولة، وما حصل واضح وغير قابل للاجتهاد، وقد خالف الدستور. من حق المحكمة الاتحادية أن تبت في مسألة استقالة ليث الدليمي، وليس صحة عضويته من عدمها».
وأردف: «المحكمة الاتحادية عملت على تعديل دستوري دون أن يعرض على الشعب»، مشيراً إلى أن «قانون المحكمة الاتحادية يفصل في الاتهامات الموجهة لرئاسة الجمهورية والوزراء وليس البرلمان». وزاد: «منذ تأسيس المحكمة الاتحادية وحتى الأمس، لا توجد أي قضية نظرت بها تخص إنهاء عضوية نائب».
«اجتماعات مكثفة»
قال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن قوى «الإطار التنسيقي الشيعي» و«ائتلاف إدارة الدولة» تباشران اجتماعات مساء الأربعاء، «تقتصر على نقطتين، وهما إنهاء عضوية رئيس البرلمان التي بدت مفاجئة في توقيتها لا في حيثياتها، وإعلان زعيم التيار الصدري مقاطعة أنصاره للانتخابات المحلية الشهر المقبل».
وقال المصدر إن موضوع إقالة الحلبوسي من عضوية البرلمان «سوف يكون البند الأهم داخل اجتماع (إدارة الدولة) الذي يضم، بالإضافة إلى القوى الشيعية الرئيسية والتي تمثل الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً، كلاً من الكرد والسنة»، لافتاً إلى احتمال غياب الحلبوسي عن الاجتماع. وقال: «في حال لم يشارك السنة في الاجتماع بوصفهم الركن الثالث في معادلة الائتلاف الحاكم والداعم للحكومة، فإن مصير هذا الائتلاف سوف يكون على المحك لأول مرة بعد عام على تشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني».
وبحسب المصدر، فإن «الكرد وهم الركن الآخر المهم في هذا الائتلاف، سوف يكون لهم موقف سياسي من قضية إقالة الحلبوسي، رغم أنهم وبخاصة (الحزب الديمقراطي الكردستاني) بزعامة مسعود بارزاني، سيعلنون احترامهم لقرار القضاء رغم وجود مشاكل سابقة لهم مع المحكمة الاتحادية التي كانت أقصت مرشح البارزاني لرئاسة الجمهورية وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري».
ويعتقد المصدر أن «الكرة باتت اليوم في ملعب (الإطار التنسيقي الشيعي) الذي لدى بعض أطرافه خصومة مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، لكن يتوجب عليه خلال اجتماعه الذي سوف يسبق اجتماع (ائتلاف إدارة الدولة) أن يقدم تطمينات للكرد بالدرجة الأولى، ولباقي الأطراف في المكون السني، ما عدا خصوم الحلبوسي من السنّة الذين فرحوا بقرار الاتحادية الذي قضى باستبعاده».
ويعد البند الثاني المهم في اجتماع قوى «الإطار التنسيقي الشيعي»، وتالياً «ائتلاف إدارة الدولة»، هو مصير الانتخابات المحلية بعد قرار الصدر بمقاطعة أنصاره وبدء مظاهرات في بعض المحافظات الوسطى والجنوبية، حيث رفعت شعارات مضادة لإجراء الانتخابات المحلية في موعدها المقرر الشهر المقبل.
على كف المفاجآت
وعلى الرغم من أن الموقف النهائي بشأن إجراء الانتخابات المحلية من عدمه لا يتوقف على القرار السياسي الذي يصدر عن اجتماع الأربعاء فقط، فإنه يتصل من جانب آخر بمدى قدرة البرلمان على تعديل قانون المفوضية المستقلة للانتخابات التي ينتهي عملها قبيل إجراء الانتخابات.
وكان البرلمان قد عقد، الثلاثاء، جلسة رسمية كاملة النصاب لوضع مشروع تعديل قانون المفوضية لجهة التجديد لها لمدة ستة شهور لغرض إجراء الانتخابات، لكن صدور قرار الاتحادية بإنهاء عضوية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في أثناء انعقاد الجلسة جعله يرفع الجلسة حتى إشعار آخر.
وفي هذا السياق، فإنه في حال لم يقتنع الكرد والسنة، ما عدا خصوم الحلبوسي، بالتبريرات التي سوف يقدمها لهم ممثلو «الإطار التنسيقي» بشأن قضية الحلبوسي أو مقاطعة الصدر، فإن جلسات البرلمان المقبلة مهددة بعدم الانعقاد في حال قاطع السنة وامتنع الأكراد عن الحضور، وهو ما يعني عدم وجود نصاب كامل لعقد الجلسات، وبالتالي يكون من غير الممكن إجراء الانتخابات بسبب انتهاء عمل المفوضية.
وفي سياق ما إذا كانت مخرجات الاجتماعين سوف تفضي إلى اتخاذ قرار بتأجيل إجراء الانتخابات أو إجرائها في موعدها المقرر، فإن التداعيات في كلتا الحالتين سوف تكون غير عادية.
ففي حال تم تأجيل الانتخابات المحلية طبقاً لما ترجح بعض المصادر السياسية أن القوى الشيعية كلها سواء المتحمسة لإجراء الانتخابات أو المعارضة، فإنها سوف تقدم هدية مهمة لزعيم التيار الصدري الذي لا يزال جمهوره يرى أنه تم خذلانه من قبل نفس قوى الإطار بعد انسحاب نوابهم وضياع أصواتهم.
ويعارض خيار تأجيل الانتخابات بشدة كل من «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، وحركة «عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي.
يضاف إلى ذلك أنه في حال تم اتخاذ قرار التأجيل الذي قد لا يعارضه الكرد والسنة بشدة، فإن هذا التأجيل سوف يفتح الباب أمام إمكانية إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وربما بمشاركة صدرية واسعة، خصوصاً أن الصدر كان قد لمح في بيان المقاطعة إلى أن الانتخابات إذا أجريت دون مشاركة واسعة فسوف تفقد شرعيتها المحلية والدولية.