بكاء وأيادٍ في الهواء لمرضى ولاجئي «الشفاء» خلال عمليات تفتيش الجيش الإسرائيلي

تجمع قرابة ألف شخص في ساحة المشفى وطلب الجنود من البعض خلع ملابسهم

جنود إسرائيليون يسيرون في مجمع مستشفى الشفاء وسط عمليتهم البرية (رويترز)
جنود إسرائيليون يسيرون في مجمع مستشفى الشفاء وسط عمليتهم البرية (رويترز)
TT

بكاء وأيادٍ في الهواء لمرضى ولاجئي «الشفاء» خلال عمليات تفتيش الجيش الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يسيرون في مجمع مستشفى الشفاء وسط عمليتهم البرية (رويترز)
جنود إسرائيليون يسيرون في مجمع مستشفى الشفاء وسط عمليتهم البرية (رويترز)

أمر جنود إسرائيليون كان بعضهم مقنعاً وآخرون يطلقون النار في الهواء، الفلسطينيين الذين لجأوا إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة بالاستسلام، بعد اقتحامهم فجر الأربعاء أكبر مستشفيات القطاع، وفق صحافي يعمل مع وكالة الصحافة الفرنسية.

جنود إسرائيليون أثناء عملية عسكرية حول مستشفى الشفاء في مدينة غزة (أ.ف.ب)

وبلغة عربية ركيكة، صرخ جندي قائلاً: «كل الشبان من 16 عاماً وما فوق، عليكم رفع أيديكم إلى فوق والخروج من المبنى إلى الساحة الخارجية وتسليم أنفسكم».

وفوراً، بدأ مئات من الشبان الخروج من العديد من الأقسام الطبية.

وكانت تقديرات للأمم المتحدة أشارت إلى وجود 2300 شخص على الأقل داخل المجمع، بينهم مرضى وأفراد طواقم طبية ونازحون.

قبل المعارك التي اندلعت في محيط المستشفى منذ أيام بين حركة «حماس» والجيش الإسرائيلي، كان عشرات آلاف النازحين لجأوا إلى المستشفى، كما إلى غيره من المؤسسات الطبية والتربوية، أملاً في حماية أنفسهم من القصف المكثف الذي يتعرض له القطاع منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، تاريخ قيام «حماس» بشن هجوم غير مسبوق على إسرائيل.

رجل يسير داخل مبنى مستشفى الشفاء أثناء العملية البرية الإسرائيلية حول المستشفى في مدينة غزة في 12 نوفمبر (رويترز)

وتكثّف القصف بعد بدء الجيش الإسرائيلي عمليات برية واسعة داخل قطاع غزة في 27 أكتوبر. ومع تقدمه في اتجاه مستشفى الشفاء، فتح الجيش «ممراً آمناً» خرج منه آلاف الفلسطينيين ونزحوا جنوباً.

وخرجت طوابير من الفلسطينيين وهم يرفعون أياديهم من أقسام الحروق والولادة والجراحة وغسيل الكلى، بحسب الصحافي العالق في المستشفى بعد أن كان قصده قبل أيام للقيام بتغطية.

في ساحة المستشفى، شاهد قرابة ألف شخص مع أياديهم في الهواء، وطلب الجنود من البعض خلع ملابسهم.

داخل أروقة المستشفى، كان بعض الجنود يطلقون النار في الهواء عند تنقلهم من غرفة إلى أخرى وهم يقومون بعمليات بحث وتفتيش دقيقة.

وتعالت أصوات بكاء نساء وأطفال في الأقسام المختلفة.

مقابل قسم الطوارئ، وضع الجنود بوابة إلكترونية نصبت عليها كاميرات.

وتتهم السلطات الإسرائيلية «حماس»، التي تصنفها الولايات المتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي «منظمة إرهابية»، باستخدام المستشفيات، وبينها «الشفاء»، لشن هجمات أو الاختباء واستخدام المدنيين «دروعاً بشرية»، الأمر الذي تنفيه الحركة.

وتبنت الولايات المتحدة اتهامات الدولة العبرية. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي الثلاثاء إن حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» لديهما «مركز قيادة ومراقبة انطلاقاً من مستشفى الشفاء». ودخلت دبابات إسرائيلية المجمع، وتمركزت أمام أقسام مختلفة.

مسعفون ينظرون إلى الأضرار في العنابر المليئة بالدخان داخل مستشفى الشفاء بعد غارة إسرائيلية اليوم (رويترز)

ويقع مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة حيث تدور معارك بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلين من حركة «حماس» على الأرض.

ودارت في محيط مستشفى الشفاء منذ أيام معارك عنيفة ترافقت مع قصف إسرائيلي كثيف.

وكانت الظروف صعبة داخل المجمع، خصوصاً في ظل انقطاع الكهرباء منذ أيام.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان الأربعاء إنه قام بتسليم حاضنات وأغذية للأطفال وإمدادات طبية إلى المستشفى خلال العملية الدقيقة والمحددة الهدف ضد «حماس»، التي يقوم بها في «منطقة محددة من المستشفى».

وأكّد أنّ وحداته «تضمّ طواقم طبّية ومتحدّثين باللغة العربية خضعوا لتدريبات محدّدة للاستعداد لهذه البيئة المعقّدة والحسّاسة، بهدف عدم إلحاق أيّ ضرر بالمدنيين الذين تستخدمهم (حماس) دروعاً بشرية».

ولم يعرف إن كان الجيش نقل أيضاً وقوداً إلى المستشفى لتشغيل الحاضنات، إذ إن مولدات الكهرباء توقفت في الأيام الأخيرة عن العمل بسبب نقص الوقود في المستشفى.

وأعلنت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» وفاة 27 مريضاً في العناية المكثفة وسبعة من المواليد الأطفال الخدج بسبب انقطاع التيار الكهربائي خلال الأيام الأخيرة.

وللمرة الأولى منذ أربعين يوماً، دخلت شاحنة وقود من مصر إلى قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي الأربعاء، وفق ما أفادت وسائل إعلام قريبة من السلطات في القاهرة.

وتوقفت مستشفيات عدة عن تقديم الخدمات بسبب نقص الوقود.

وقتل نحو 1200 شخص في إسرائيل منذ بدء هجوم «حماس»، غالبيتهم من المدنيين قضوا في اليوم الأول من الهجوم بحسب السلطات الإسرائيلية التي تقدّر كذلك أن نحو 240 شخصاً أخذوا رهائن في الهجوم. وقال الجيش الثلاثاء إن 46 جندياً قتلوا في قطاع غزة منذ بدء الحرب.

وتقصف إسرائيل القطاع دون هوادة منذ الهجوم. وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة «حماس» الثلاثاء أن 11320 شخصاً قتلوا في القصف بينهم 4650 طفلاً.

وكان مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية قال الثلاثاء إن «179 جثة» على الأقل دفنت في «قبر جماعي» في باحة المجمع، موضحاً أن بينهم الأطفال الخدج السبعة الذين توفوا جراء انقطاع الكهرباء عن حاضناتهم.

وأضاف: «اضطررنا إلى دفنهم في قبر جماعي»، مشيراً إلى أن «الجثث تنتشر في ممرات المستشفى والكهرباء مقطوعة عن برادات المشارح».


مقالات ذات صلة

السعودية ترحب باتفاق وقف النار في غزة

الخليج السعودية تأمل أن ينهي الاتفاق بشكل دائم الحرب الإسرائيلية الوحشية على غزة (رويترز)

السعودية ترحب باتفاق وقف النار في غزة

رحبت السعودية باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مثمنة الجهود التي بذلتها دولة قطر، ومصر، والولايات المتحدة في هذا الشأن.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي فرحة الفلسطينيين باتفاق وقف إطلاق النار في غزة (رويترز)

ترحيب عربي ودولي باتفاق وقف النار في غزة

توالت ردود الفعل الدولية المرحبة باتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي فلسطينيون يحتفلون بأنباء التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (إ.ب.أ) play-circle 00:57

«حماس»: اتفاق وقف النار «إنجاز كبير» وثمرة صمود 15 شهراً

كشف سامي أبو زهري المسؤول في حركة «حماس» لوكالة «رويترز» اليوم (الأربعاء) إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «إنجاز كبير».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي معبر رفح الحدودي (أرشيفية - رويترز)

السيسي يدعو للإسراع في إدخال المساعدات إلى غزة دون عراقيل

رحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الأربعاء باتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ ترمب وروبين في حدث انتخابي في كارولاينا الشمالية 4 نوفمبر 2024 (رويترز)

روبيو... صقر جمهوري لمنصب وزير الخارجية

حرص ماركو روبيو، الذي اختاره دونالد ترمب لوزارة الخارجية في إدارته الجديدة، أمام مجلس الشيوخ، الأربعاء، على مهاجمة الصين.

رنا أبتر (واشنطن)

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
TT

فرنسا: نريد المساهمة في بزوغ لبنان الجديد

الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)
الرئيس المنتخب جوزيف عون مجتمعاً الأربعاء في قصر بعبدا بوزير خارجية الدنمارك لارس لوك راسموسن (إ.ب.أ)

ثلاث رسائل أساسية يحملها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته القصيرة للبنان الجمعة، وهي الزيارة الثالثة من نوعها بعد الزيارتين اللتين قام بهما بعد حادثة تفجير المرفأ صيف عام 2020؛ وتتناول «سيادته على أراضيه، وإصلاحه اقتصاده لتوفير التنمية والازدهار، والمحافظة على وحدته».

ويحط ماكرون في بيروت وبمعيته وفد رسمي ضيق، يضم وزيري الخارجية والدفاع جان نويل بارو وسيباستيان لو كورنو، ومبعوثه الخاص إلى لبنان الوزير السابق جان إيف لو دريان، وعدداً قليلاً من النواب ومجموعة من الشخصيات التي لديها صلات «خاصة» بلبنان، وهم مدعوون شخصيون لماكرون.

ووفق البرنامج المتوافر، فإن ماكرون سيلتقي العماد عون في قصر بعبدا، بعدها سيتحدث الرئيسان إلى الصحافة. كذلك سيلتقي ماكرون الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ورئيس الوزراء المكلف نواف سلام الذي سبق لفرنسا أن اقترحته رئيساً لحكومة إصلاحية مقابل انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وفي سياق اجتماعاته، سيلتقي ماكرون قادة الفينول في مقر السفير الفرنسي في بيروت ورئيسي مجموعة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار «الجنرالين الأميركي والفرنسي» لمراجعة كيفية تطبيق الاتفاق، والعمل على تسريع انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وانتشار الجيش اللبناني.

تريد باريس أن تكون إلى جانب لبنان اليوم وغداً، كما كانت بالأمس، وهي تعتبر، وفق المصادر الرئاسية، أن لبنان «بلد أكبر من حجمه»، وأنه «يتحلى، في الشرق الأوسط اليوم، بقيم سياسية ورمزية واستراتيجية». وتعتبر هذه المصادر أن «انخراط فرنسا إلى جانب لبنان، اليوم، يمكن أن يتم في ظروف أفضل بعد انتخاب عون وتكليف سلام، وبسبب التطورات التي حصلت في الإقليم». وباختصار، تريد باريس أن «تساهم في بزوغ لبنان الجديد».

يحتل ملف «السيادة» الأولوية في المقاربة الفرنسية، التي تذكر مصادرها بما قامت وتقوم به باريس لمساعدة الجيش اللبناني، إن بالتجهيز أو بالتدريب، أو للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإقامة لجنة المراقبة.

وتركز فرنسا على أهمية تمكين الدولة اللبنانية بفرض الرقابة على حدودها، والسيطرة على كامل أراضيها، معتبرة أن ذلك يعد «جزءاً لا يتجزأ من تنفيذ القرار 1701». وتضيف المصادر، المشار إليها، أن ثمة «فرصة للبنانيين لإظهار أنهم قادرون على ترميم سيادتهم». أما بخصوص الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، فقد قالت المصادر الرئاسية إن باريس تريد أن يتم وفق البرنامج الموضوع له، داعية إسرائيل، و«حزب الله» أيضاً، إلى الالتزام به.

ثمة عنصر آخر أشار إليه قصر الإليزيه، في معرض العمل لسيادة لبنان، ويتمثل في تركيز وزير الخارجية الفرنسي، عند زيارته لدمشق ولقائه أحمد الشرع، على «ضرورة احترام السيادة اللبنانية، وفرض الرقابة على الحدود، ومنع التهريب، وألا تكون سوريا مصدر تهديد لجيرانها»؛ وهي المسائل نفسها التي تناولها ميقاتي في زيارته إلى سوريا مؤخراً.

تقيم باريس فاصلاً بين عودة السيادة وبين دعوة «حزب الله» للتحول إلى حزب سياسي مثل بقية الأحزاب العاملة في لبنان، وهي تدرج هذا التحول في إطار المحافظة على وحدة لبنان. وتقوم القراءة الفرنسية على اعتبار أن «حزب الله» فقد الكثير من قدراته العسكرية ومن قياداته، وخسر استراتيجياً بسبب سقوط نظام الأسد، ويصعب عليه اليوم التزود بالسلاح كما كان الحال في السابق.

وبالنظر لكل هذه التحولات، فقد ذكرت مصادر «الإليزيه» أن الرئيس ماكرون «شجع دوماً (حزب الله) على التحول إلى حزب سياسي، وأنه كان جزءاً من طاولة الحوار التي ترأسها ماكرون في عام 2020، وأن الطريق إلى ذلك يمر عبر التخلي عن سلاحه، والدخول بشكل كامل في اللعبة السياسية» اللبنانية. وترى باريس أنه «بدلاً من ميزان القوى الذي كان سائداً في السابق، فإن المطلوب أن يدخل (حزب الله) في عقد سياسي حكومي، ما يمكن من عودة المؤسسات إلى عملها الطبيعي، ويحافظ على وحدة جميع اللبنانيين».

أما الرسالة الثالثة التي يحملها ماكرون، فعنوانها «رغبة باريس في الاستمرار في مواكبة اللبنانيين ومساعدتهم على القيام بالإصلاحات البنيوية المطلوبة منهم»، التي تمر بداية بتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يعد شرطاً لإعادة إنهاض الاقتصاد اللبناني.

وتعتبر فرنسا أن لا مساعدات للبنان «من غير ترميم الثقة الدولية به»؛ الأمر الذي يحتاج إلى توفير الشفافية و«تنظيف» الاقتصاد. والأهم من ذلك، أن باريس التي تريد العمل من أجل إنهاض الاقتصاد اللبناني، تصر على إجراء الإصلاحات من أجل أن تكون قادرة على تعبئة الأسرة الدولية من أجل مساعدة لبنان. ولدى سؤالها عما إذا كانت فرنسا تحضر لمؤتمر دولي، على غرار الذي دعت إليه الخريف الماضي لدعم الجيش واللبنانيين، لم توفر إجابة واضحة، بل فهم أن فرنسا لن تتردد في القيام بكل مع هو مفيد من أجل مساعدة لبنان.

وأشارت المصادر الفرنسية، أكثر من مرة، إلى العمل المشترك الذي تقوم به باريس بالتشاور والتنسيق مع السعودية، وأيضاً مع الولايات المتحدة، بما في ذلك فريق العمل الذي سيصل إلى البيت الأبيض في «حقائب» دونالد ترمب، مؤكدة أن التشاور «مستمر» مع واشنطن، وأن الطرفين «توصلا إلى رؤية مشتركة» بالنسبة للبنان.