رئيس مجموعة العمل الأميركية للبنان ينتقد «العقاب الجماعي» للفلسطينيين

إدوارد غابرييل يحذر من «ارتكاب الأخطاء» على الحدود مع إسرائيل ويدعو لانتخاب رئيس توافقي

TT

رئيس مجموعة العمل الأميركية للبنان ينتقد «العقاب الجماعي» للفلسطينيين

إدوارد غابرييل (الشرق الأوسط)
إدوارد غابرييل (الشرق الأوسط)

انتقد رئيس مجموعة العمل الأميركية للبنان (تاسك فورس) إدوارد غابرييل، في حوار مع «الشرق الأوسط»، ما سمّاها «عقيدة العقاب العسكري الهائل» التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين، متسائلاً عن عدد المدنيين الذين ينبغي أن يقتلوا قبل الوصول إلى قادة «حماس»، داعياً إلى «تكييف» المساعدات الأميركية بعدم استمرار قتل الأبرياء. وإذ كشف أن اجتماعات مكثفة عقدت أخيراً مع مسؤولين كبار في إدارة الرئيس جو بايدن، بينهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، بالإضافة إلى مشرعين في الكونغرس، عبّر عن «قلق بالغ» من احتمال اتساع رقعة التصعيد كلما طال أمد الحرب، محذراً من «ازدياد فرص ارتكاب الأخطاء» عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.

ورأى غابرييل، وهو رجل أعمال متحدر من أصول لبنانية وعمل في إدارات أميركية سابقة سفيراً ويقود حالياً مجموعة الدعم التي تعد أكبر لوبي عربي في أميركا، أن «الوقت حان» وبات «ناضجاً» لانتخاب رئيس للبنان «الآن»، معوّلاً على دور قيادي تلعبه المملكة العربية السعودية بغية «عكس هذه الأحداث الرهيبة» في المنطقة، والتعاون مع الولايات المتحدة ضمن الخماسية، التي تضم أيضاً كلاً من فرنسا ومصر وقطر بهدف «التوصل إلى إجماع» يتيح المضي قدماً لحل المشكلة الرئاسية في لبنان، بل أيضاً لكي تفهم إسرائيل أن «لديها مصلحة كبيرة للغاية فيما تفعله السعودية» بالنسبة إلى اليوم التالي بعد الحرب في غزة، وترى أن «هناك طريقاً إلى الأمام لحماية مصالحها، ولكن الأهم من ذلك هو إقامة دولة فلسطينية عادلة ونزيهة للشعب الفلسطيني».

وإذ أكد أن أسوأ كارثة اقتصادية يشهدها لبنان منذ منتصف القرن التاسع عشر «سببها داخلي»، متمثلاً بـ«الفساد والميليشيات المسلحة بشكل غير قانوني، أي (حزب الله)»، شدد على أن الطريق للخروج من هذه الأزمة «يحتاج إلى استراتيجية لا يمكن أن تمر عبر إيران، ولا يمكن أن تمر عبر إسرائيل».

وهنا نص الحوار:

* الجميع يراقبون الأخبار المروعة الآتية من غزة وإسرائيل. وهذا يؤثر على لبنان بطرق عديدة. ولكن سؤالي هو كيف تفسر موقف الولايات المتحدة فيما يتعلق بهذا الصراع، بما في ذلك احتمال امتداده إلى لبنان؟

- أعتقد أن هذه مشكلة مثيرة للانقسام الشديد في الولايات المتحدة. وتسببت في الكثير من الألم والمعاناة بين الجميع. لا أستطيع أن أتخيل أولئك الذين فقدوا أحباءهم. الأمر صعب للغاية، خصوصاً لدى الجالية الفلسطينية الأميركية. لذا، اسمح لي أن أحاول وضع هذا في سياق سياسي. كما تعلم، العناق الكبير الذي قدمه بايدن عندما وصل إلى إسرائيل يبدو مفهوماً عندما تفكر في مئات الأبرياء الذين قُتلوا على الفور. وأعتقد أن هذا رد فعل فوري لا يختلف عن رد فعلنا بعد (هجمات) 11 سبتمبر (أيلول) 2001. ولكن ما حصل بعد ذلك من رد فعل هائل وغير متناسب من قتل الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال والنساء، قُوبل برد فعل بطيء من الإدارة. وأعتقد بصراحة أن هذا فاجأ المجتمع الدولي. كان عليهم أن يعملوا بجد وفوراً من أجل المطالبة بوقف العنف. وأعتقد أنهم بذلوا جهداً كبيراً في الآونة الأخيرة لمحاولة وقف العنف، ثم ذهبوا إلى أبعد من ذلك للحصول على هدنة فقط، وهذا ما لا يعتقد كثيرون أنه جيد بما فيه الكفاية. ولكن في الوقت الراهن، ونظراً لعقيدة العقاب العسكري الهائل التي فرضتها إسرائيل، فإن هذا ما تمكنت أميركا من القيام به حتى الآن. وينبغي عليهم (في الإدارة) أن يفكروا في تكييف المساعدات المستقبلية (لإسرائيل) بعدم قتل سكان الضفة الغربية، وكذلك التأكد من عدم قتل الأرواح البريئة بشكل متواصل.

هجوم ضد لبنان؟

* نعم سعادة السفير، أيضاً لأن لبنان قد يتأثر بشدة. إذا كنت تأمل في ألا تحصل نكبة ثانية، فإن المنطقة برمتها، بما في ذلك لبنان، يمكن أن تواجه مشكلة كبيرة إذا حصلت. هل أنت قلق من احتمال حدوث نكبة ثانية؟

- أشعر بقلق بالغ لأنه كلما طال أمد هذه الحرب، ازدادت فرصة التصعيد. أعتقد أن إيران أوضحت أخيراً أنها ترغب في رؤية وقف للعنف والتفاوض في شأن الرهائن والسجناء. سمعت خطاب (الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن) نصر الله الذي لم يدع أساساً إلى التصعيد، وعملياً، نأى بلبنان وبنفسه عن جهود «حماس». وكذلك، فإن الولايات المتحدة واضحة للغاية مع إسرائيل. فهمنا أن وزير (الدفاع الإسرائيلي يوآف) غالانت أراد في البداية أن يهاجم لبنان بشكل استباقي. وأعتقد أن الرئيس (جو) بايدن و(وزير الخارجية) أنتوني بلينكن عملا بجد لوقف ذلك. الآن أعتقد أن دبلوماسيتنا ناجحة. ومع ذلك، يتعين على الولايات المتحدة أن تحمي أصولها أيضاً. لديها سفن (حربية) قبالة شواطئ إسرائيل ولبنان. وفي الوقت الحالي، يقتصر عملها فقط على قصف المواقع التي تؤثر على الأصول الأميركية أو المواطنين الأميركيين. إذا بقي عند هذا الحد، ولم يتصاعد الأمر بين إسرائيل و«حزب الله» آمل في أن تنجح الدبلوماسية. لكن كلما طال الأمر، ازدادت فرص ارتكاب الأخطاء.

نائبة وزير الخارجية الأميركي بالوكالة فيكتوريا نولاند ورئيس مجموعة العمل الأميركية للبنان إدوارد غابرييل يتوسطان أعضاء المجموعة (الشرق الأوسط)

بلينكن ونولاند وآخرون

* كان لكم دور فعال في منح لبنان غطاءً واقياً، ليس فقط مما يحدث الآن، بل أيضاً في الماضي. هل يمكن تسليط بعض الضوء على ما تفعلونه هنا داخل الولايات المتحدة؟ رأيت في مرحلة ما أنكم اجتمعتم مع نائبة وزير الخارجية بالوكالة فيكتوريا نولاند وربما آخرين خلف الكواليس. هل يمكن أن تخبرنا عما تفعلونه؟

- بالتأكيد. في الأسبوعين الماضيين، عقدنا عشرات الاجتماعات. التقينا أكثر من 20 عضواً في الكونغرس وموظفيهم. التقينا الوزير أنتوني بلينكن، والقائمة بأعمال نائب الوزير نولاند، وعقدنا ثلاثة اجتماعات في البيت الأبيض واجتماعات أخرى في وزارة الخارجية. قمنا بجهد قوي للغاية. ونحن ندعو في الأساس إلى ثلاثة أمور: الأول، يجب أن تكون هناك هدنة، وقف للعنف في أسرع وقت ممكن من أجل منع استمرار التصعيد. وبهذا المعنى، نشعر بقوة أنه في هذه المرحلة بأن العقيدة العقابية العسكرية التي تتبعها إسرائيل قاسية للغاية. كم هو عدد قادة «حماس» هناك؟ مقابل كم عدد الأشخاص الذين يتعين قتلهم قبل الوصول إلى قادة «حماس»؟ في مرحلة ما، هذا يجب أن يتوقف. ثانياً، أحياناً في أسوأ الأوقات، يكون الوقت ناضجاً لانتخاب رئيس لبناني. يحتاج زعماء العالم إلى شخص ما على الطرف الآخر من الهاتف غير القائم بتصريف الأعمال، من أجل التحدث معه عن الحياد، وعن دعم البلاد، والتأكد من أن القوات المسلحة اللبنانية تؤدي مهمتها. ولكي تكون هناك رسالة من النوع الصحيح موجهة إلى «حزب الله»، هناك حاجة إلى رئيس في هذه المرحلة. والآن قد تكون الظروف ناضجة. نحن ندعو الخماسية، المؤلفة من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر إلى أن تجتمع الآن، وأن تذهب إلى لبنان الآن. حان الوقت. كل الأطراف مستعدة لتنحية مرشحيها الشخصيين جانباً والبحث عن حل وسط، ولكنها تحتاج إلى قيادة. والجهة الوحيدة التي يمكن أن تحرك الخماسية هي الولايات المتحدة التي يتعين عليها أن تدفع وتجذب للقيام بذلك، رغم أني أعتقد أن السعودية وقطر قائدتان عظيمتان في هذا الجهد. وأخيراً، يتعين على الولايات المتحدة أن تلعب دوراً قيادياً. كما تعلم، قال توماس فريدمان: قد لا تهتم بالشرق الأوسط، لكنه بالتأكيد يهتم بك. علينا أن نواجه حقيقة أننا نحتاج إلى استراتيجية للشرق الأوسط، استراتيجية للبنان لا يمكن أن تمر عبر إيران، ولا يمكن أن تمر عبر إسرائيل. يجب أن تكون استراتيجية للبنان، تشكل جزءاً من استراتيجية شاملة للشرق الأوسط تشمل أصدقاءنا في الخليج، وكيف يمكننا العمل سوية لحل هذه المشكلات. تلك هي الرسائل الثلاث الكبرى.

السعودية مفتاح

* أشكرك على الإشارة إلى ذلك. أريد أن أسأل على وجه التحديد عن الدور المحتمل للمملكة العربية السعودية للمساعدة أولاً في الحفاظ على استقرار لبنان ومساعدته أيضاً على الخروج من هذا النفق المظلم الموجود فيه الآن لفترة من الوقت، الذي أصبح الآن خطيراً للغاية بسبب التصعيد عبر الخط الأزرق. ماذا تفعلون؟

- نعم، شكراً لك على هذا السؤال. أعتقد أن المملكة العربية السعودية يمكن أن تكون واحدة من أهم الدول في الوقت الحالي، لعكس هذه الأحداث الرهيبة. أرى أمرين مهمين بالنسبة للمملكة العربية السعودية في الوقت الحالي. أولاً، ضمن الخماسية، ينبغي التوصل إلى إجماع مع قطر والولايات المتحدة والدول الأخرى بما يتيح المضي قدماً لحل المشكلة الرئاسية. هم مفتاح لذلك. ما يقولونه سيؤثر بشكل كبير على كيفية تحرك الدول الأخرى. وبطبيعة الحال، يتعين على الولايات المتحدة أن تعمل بشكل وثيق مع السعودية لتحقيق ذلك. ثانياً، أعتقد أنه عندما تفكر في الحاجة إلى اليوم التالي (بعد الحرب)، وكما تعلم، فإن أحد الأمور - التي نقولها للإدارة - هو أنه في كل مرة تتحدثون فيها عن الحرب، عليكم إدراج حقوق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. وفي هذا الصدد، أعتقد أن إسرائيل لديها مصلحة كبيرة للغاية فيما تفعله السعودية في اليوم التالي. وبهذا المعنى، تتمتع السعودية بقدر كبير من القدرة على العمل مع الولايات المتحدة ودول الخليج الأخرى ومصر ودول شرق أوسطية وأوروبية أخرى، ولكن حقاً بقيادة أميركية وسعودية، لكي ترى إسرائيل أن هناك طريقاً إلى الأمام لحماية مصالحها، ولكن الأهم من ذلك هو إقامة دولة فلسطينية عادلة ونزيهة للشعب الفلسطيني.

لا إيران ولا إسرائيل

* شكراً لك، سعادة السفير، ذكرت بعض التحديات المتزايدة التي يواجهها لبنان. وهناك جوانب أخرى: الأزمة المالية والاقتصادية وما يمكن أن أسميه أزمة سيادة القانون في لبنان. لا يوجد حكم قانون لذلك نرى ميليشيات ومجموعات أخرى تتصرف دون أي اهتمام. لأكون صادقاً، ليست هناك دولة في لبنان، وأسأل: كيف يمكن للجالية اللبنانية الأميركية أن تساعد في كل هذه الجبهات.

- حسناً، إنها تساعد كما ترى، تتحدث بصوت واحد كبير، ليس فقط الجالية الأميركية اللبنانية، ولكن مجموعة العمل من أجل لبنان عملت أيضاً بشكل وثيق جداً مع مجتمع مراكز الأبحاث في واشنطن للقيام بعملية واحدة مدروسة، سياسة واحدة مدروسة للمضي قدماً. أعتقد أننا جميعاً متحدون، المجتمع العربي الأميركي، والجالية الأميركية اللبنانية، وهؤلاء الخبراء في الشأن اللبناني. وبهذا المعنى، أعتقد أنه من المهم توضيح بعض النقاط: الأولى - وأنت محق - هذه أسوأ كارثة اقتصادية منذ منتصف القرن التاسع عشر وسببها داخلي، لا بسبب قوى خارجية، ولا بسبب ركود عالمي. سببها الفساد والميليشيات المسلحة بشكل غير قانوني، أي «حزب الله». هاتان هما المسألتان الكبيرتان اللتان يجب التعامل معهما. هناك مقترح إصلاح من صندوق النقد الدولي أمامهم، ونحن نعمل مع كل الأطراف للتوصل إلى توافق في الآراء حياله. ونعمل مع الأطراف للتوصل إلى توافق في الآراء حيال الرئيس. نتعامل مع قضايا متعلقة بالتعليم والصحة وحتى مشكلة اللاجئين. لذلك نحن متحدون ونحاول أن نكون مفيدين. لكن في النهاية، الأمر كله يتعلق الآن بانتخاب رئيس. وللقيام بذلك، سنحتاج حقاً إلى أن تجتمع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والخماسية مع الجالية اللبنانية الأميركية التي تضغط بقوة من أجل هذا الجهد.

سلاح أميركا السرّي

* الجميع في العالم كانوا يحسبون أن هذا ليس بلداً جميلاً فحسب، بل هو بلد متنوع للغاية. هناك تعايش. وكان يُوصف بأنه سويسرا الشرق، ولكن الآن عندما تتحدث إلى الناس يقولون: أوه، هذا البلد ليس لديه رئيس، ومجلس نوابه لا يعمل، وحكومته ضعيفة للغاية. ما فائدة لبنان الآن؟ لماذا علينا أن ندعم لبنان بهذا القدر إذا كان اللبنانيون أنفسهم لا يساعدون أنفسهم وبلدهم؟

- حسناً، أميركا تمتلك سلاحاً سرياً للغاية عندما يتعلق الأمر بالملف اللبناني، أو الأميركيين اللبنانيين: هناك الكثير من الأميركيين الناجحين للغاية، وهم من أصل لبناني، ومؤهلون جداً وقادرون على العمل للتأكد من أن لبنان يظل أولوية لدى الكونغرس الأميركي ولدى الولايات المتحدة. ثانياً، تذكّر أن لبنان هو الدولة التعددية الأكثر أهمية في الشرق الأوسط. وعلاوة على ذلك، هناك نظام تعليمي عظيم يبشر بالديمقراطية، وحقوق الإنسان، والفكر الغربي. وبهذا المعنى، فإن لبنان من خلال النظام الجامعي، الابتدائي والثانوي، هو أداة قيّمة للمساعدة في تدريب وتثقيف القادة في كل أنحاء المنطقة. لقد ذهب الكثيرون بينهم إلى الجامعة الأميركية في بيروت على سبيل المثال. وكما قلت، إنها دولة قامت على سيادة القانون، وشعبها متعلم جداً. وعلى الرغم من هجرة الأدمغة في الوقت الحالي، وهذا الوضع عصيب، فإن (لبنان) لديه كل الأسباب، بسبب الشتات في جميع أنحاء العالم، واللبنانيين المتعلمين داخل البلاد، للسيطرة على الوضع. تذكر أن هذه عملية بطيئة. العام الماضي، أجريت انتخابات نيابية، وتغلب هؤلاء على الغالبية في «حزب الله». ببطء شديد، ولكن هذا بالتأكيد يحصل. الأمر سيتطلب جهداً متضافراً. من أصدقاء لبنان مثل المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة وفرنسا وغيرها، بالإضافة إلى هذا الشتات اللبناني القوي جداً في الولايات المتحدة وحول العالم.

اللبنانيون ليسوا وحدهم

* هذا بيان يبعث على الكثير من الأمل. والأمر الأخير هو ما إذا كانت لديك أي رسالة مباشرة إلى اللبنانيين في هذه اللحظة الحرجة...

- الشعب اللبناني ينبغي أن يعرف أنه ليس وحيداً. هناك عدد كبير ممن يهتمون بهم. اللبنانيون الأميركيون والشتات اللبناني في كل أنحاء العالم يعملون ليل نهار لمساعدتهم، مباشرة بالمساعدات، وبشكل غير مباشر من خلال التأكد من أن المجتمع الدولي يركز على الحلول للبنان. رأيتم أحد أهم مبعوثي الرئيس (جو بايدن)، وهو (مستشار البيت الأبيض لشؤون الطاقة) آموس هوكستين الذي مر من هناك للتو. سمعتم أنتوني بلينكن يتحدث عن لبنان بشكل مباشر للغاية. نواصل اجتماعاتنا على أعلى المستويات. لذلك، هناك اهتمام كبير بجعل لبنان أولوية. ونأمل في أن يكون الاتفاق البحري (مع إسرائيل) مجرد بداية لأمور تكتيكية صغيرة يمكنها بناء الثقة، والتحرك على الحدود البرية بعد ذلك. وبطبيعة الحال، يجري دفن هذه الأمور عندما تكون هناك قضية أكبر تتعلق بالحرب. لذا فلنركز على ذلك الآن، ونتأكد من أن صوت الشعب اللبناني مسموع جيداً في العواصم حول العالم. هذا عمل رئيسي. والشعب اللبناني ينبغي أن يعرف أنه ليس وحيداً.



«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
TT

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)
مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)

أعلن «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي للإدارة الذاتية وقوات «قسد»، الاستعداد للحوار مع تركيا بعدما أظهر الصراع الذي يدور في الشمال السوري ما قال مسؤوله إنه «نيات تركيا السيئة»، وأن «قوات سوريا الديمقراطية» ستُدمج في الجيش السوري.

وفي مقابل الحشد والتوعد التركي ضد المسلحين الأكراد، كشف رياض درار رئيس المكتب الاستشاري لمجلس «مسد» في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن المبعوثين الأميركي سكوت بولز ونظيره الفرنسي فابريس ديبليشان، يعملان على نزع فتيل الحرب مع تركيا وقال: «لأننا نريد فعلاً الوصول إلى استقرار، بالنسبة لتركيا وفصائلها فإنها تهدد بقتال الكرد وقوات (قسد)، حيث إن فصائل (فجر الحرية) لم تشارك في حملة دمشق، واكتفت باحتلال تل رفعت بريف حلب، وحيي الأشرفية وشيخ مقصود بحلب، حيث الغالبية الكردية».

ويرى هذا المسؤول البارز أن «أفضل طريق للسلام مع تركيا هو نزع السلاح من المناطق المهددة، والدخول في حوارات سياسية مباشرة» في إشارة إلى مدينة عين العرب الواقعة بالريف الشرقي لمحافظة حلب شمالاً.

وقال درار: «حتى لا يبقى لدى تركيا حجج وذرائع لهجوم كوباني لأنها رمز للحرية والمقاومة، يريدون كسر إرادتها، وأنقرة تحرض هذه الفصائل على القتال، كما فعلوا في منبج عندما دخلوها ونهبوها».

أفراد من «قسد» خلال تشييع خمسة عناصر قُتلوا في منبج بمواجهات مع فصائل تدعمها تركيا (أ.ف.ب)

ولطالما هددت تركيا بسيطرة فصائل «فجر الحرية» الموالية لها على مدينة عين العرب «كوباني» الواقعة على بعد نحو 160 كيلومتراً شرق محافظة حلب، واستقطبت هذه المدينة الملاصقة للحدود السورية - التركية اهتماماً عالمياً بعد هجوم واسع نفذه «تنظيم داعش» في محاولته للسيطرة عليها في 2 يوليو (تموز) 2014، وباتت نقطة انطلاقة تعاون المقاتلين الأكراد مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي تشكل لقتال «داعش»، والذي نفذ أولى ضرباته على المدينة الكردية دعماً للمقاتلين، وتم إلحاق الهزيمة بالتنظيم المتشدّد بعد معارك عنيفة استمرت نحو 6 أشهر.

نزع فتيل الحرب

وأكد درار أن الوسيطين الأميركي والفرنسي «يعملان لنزع فتيل الحرب، لأننا نريد فعلاً الوصول إلى استقرار أولاً، ثم الذهاب إلى دمشق للتفاوض مع (هيئة تحرير الشام) للوصول إلى نوع من التفاهم لإدارة سوريا بشكل مشترك»، وأشار إلى أن تركيا تريد تقاسم الكعكة السورية «من خلال وجودها وتغييرها الديموغرافي للمناطق الشمالية، لكي تستطيع أن تسيطر على المشاركة، وتدير لعبة التدخل في سوريا من جديد».

وبعد عقود من التهميش، تصاعد نفوذ أكراد سوريا تدريجياً في شمال سوريا، خصوصاً بعد انسحاب قوات النظام السوري من مناطقهم نهاية عام 2012، وتمكنوا من إقامة إدارات ذاتية، وتأسيس قوات عسكرية وأمنية، فضلاً عن إنشاء مؤسسات عامة، وإعادة إحياء لغتهم وتراثهم، وافتتاح مدارس يتم فيها تدريس مناهج باللغة الكردية، غير أن المقاتلين الأكراد خسروا بلدات رئيسة منذ إطلاق عملية «ردع العدوان» في 8 من ديسمبر (كانون الأول)، بعد سيطرة فصائل «فجر الحرية» الموالية لتركيا على بلدة تل رفعت وقرى منطقة الشهباء ومدينة منبج بريف حلب الشرقي، وتتقدم نحو مدينة كوباني.

«غياب المجتمع الدولي»

ولفت رئيس المكتب الاستشاري لمجلس «مسد» إلى أن تركيا الوحيدة التي استفادت من هذه التغييرات المتسارعة في سوريا، وتابع درار: «تستطيع أنقرة أن تدخل بكل حرية عندما تكون ذاهبة باتجاه الجوار الحسن، لكنها الآن عبر أسلوب التحريض للفصائل السورية التي تقاتل معها، تفعل شيئاً غير مطلوب، وتغتنم الفرصة بغياب المجتمع الدولي لما يجري في سوريا».

وزير الدفاع التركي مع جنود من الوحدات العسكرية على الحدود التركية - السورية (الدفاع التركية)

ويعتقد المسؤول الكردي أن الولايات المتحدة «غير راضية عن السياسة التركية التصعيدية والعدائية تجاه أكراد سوريا»، ويقول إنه: «توجد إشارات خاصة من أميركا بأن هذا الفعل فاضح وغير مقبول، ولا يمكن أن يسمح به، لكن إردوغان استغل فرصة التشجيع من ترمب عندما مدح تركيا، كما مدح إردوغان بأنه ذكي ويفهم»، موضحاً أن الإدارة الذاتية، بجناحها السياسي «مسد»، شكلت وفداً للتواصل مع الحكومة الجديدة في دمشق.

وقال درار: «يمكننا أن نصل معها إلى نتائج عبر التفاوض، وتوحيد القرار السوري، ومشاركة كل السوريين في المرحلة الانتقالية والحكومة المقبلة»، ويعزو تأخر ذهاب الوفد إلى العاصمة السورية إلى «الحرب التي تجري الآن في مناطقنا، وتهديدات تركيا المتصاعدة، وعندما يتوقف هذا التهديد سيكون الوفد جاهزاً للذهاب إلى دمشق».

وأكد في ختام حديثه استعداد الإدارة الذاتية للاشتراك في الحكومة السورية المقبلة، وفي فعاليات المرحلة الانتقالية، وختم قائلاً: «قوات (قسد) سوف تكون جزءاً من الجيش السوري بعد التسوية، عندما يتشكل الجيش الوطني سنكون جزءاً منه».