فرنسا وسويسرا تزودان لبنان بوثائق عن أملاك وأموال رياض سلامة

النائب العام التمييزي يتسلَّم تقريراً مفصلاً عن حساباته

صورة ارشيفية لرياض سلامة في مكتبه عندما كان حاكماً لمصرف لبنان (ا ف ب)
صورة ارشيفية لرياض سلامة في مكتبه عندما كان حاكماً لمصرف لبنان (ا ف ب)
TT

فرنسا وسويسرا تزودان لبنان بوثائق عن أملاك وأموال رياض سلامة

صورة ارشيفية لرياض سلامة في مكتبه عندما كان حاكماً لمصرف لبنان (ا ف ب)
صورة ارشيفية لرياض سلامة في مكتبه عندما كان حاكماً لمصرف لبنان (ا ف ب)

عاد ملف رياض سلامة إلى واجهة الاهتمام القضائي، حيث تسلَّم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تقريراً مفصّلاً من هيئة التحقيق في مصرف لبنان، تضمَّن كامل حسابات الحاكم السابق في لبنان، وأرفق التقرير بشريحة إلكترونية (usb) تحوي أرقام الحسابات وقيمة كل منها. وأوضح مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن «خطوة هيئة التحقيق الخاصة بمكافحة تبييض الأموال جاءت جواباً على كتاب عويدات الذي كلّفها بهذه المهمة، فور تسلّمه تقرير «التدقيق الجنائي» الذي أصدرته شركة «ألفاريز أند مارسال» منتصف شهر أغسطس (آب) الماضي.

وأشار المصدر إلى أن النائب العام التمييزي «كلف ثلاث جهات قضائية التحقيق بكيفية صرف ما يقارب 111 مليون دولار من أموال البنك المركزي غير محدَّدة وجهة صرفها»، مشيرة إلى أن «هذا التقرير أُحيل على المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، على أن يُسلمه الأخير إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت الذي يضع يده على الملف».

وشكَّل قرار تكليف قاضي التحقيق في بيروت بلال حلاوي، بمهام قاضي التحقيق الأول في بيروت خلفاً للقاضي شربل أبو سمرا الذي أُحيل على التقاعد، مدخلاً لاستئناف التحقيق في الملف الذي يلاحَق فيه رياض سلامة وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك، بجرائم «الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرب الضريبي»، بعد أن توقف التحقيق منذ ثلاثة أشهر، جراء دعوى أقامتها رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل، القاضية هيلانة إسكندر، ضد أبو سمرا، أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز ضد الدولة اللبنانية، بسبب ما سمته «الخطأ الجسيم» الذي ارتكبه أبو سمرا، لأنه لم يبادر إلى توقيف سلامة، وأدَّت هذه الدعوى إلى تجميد التحقيق.

وأشار المصدر القضائي إلى أن القاضي حلاوي «بإمكانه استئناف التحقيق فور تبلغه قرار تكليفه وتسلمه مهامه الجديدة، باعتبار أن دعوى المخاصمة محصورة بشخص القاضي أبو سمرا وأدائه، وليس بدائرة التحقيق».

ولا يزال ملف سلامة ورفاقه يحظى باهتمام الجهات القضائية الأوروبية؛ إذ نفَّذ القضاء السويسري استنابة صادرة عن النيابة العامة التمييزية في لبنان، وكشف المصدر القضائي أن القاضي عويدات «تسلَّم مراسلة من المدعي العام الاتحادي السويسري، تضمَّنت الوثائق والمستندات التي جمعها الأخير والعائدة لحسابات رياض ورجا سلامة ومقربين منهما في المصارف السويسرية، على أن تُضمّ هذه الوثائق إلى الملف اللبناني، ويبدأ التحقيق فيها قريباً، لتبيان مصادر هذه الحسابات، وما إذا كان لها علاقة بعمليات تبييض الأموال».

وفي سياق التعاون اللبناني الأوروبي أيضاً، تسلم عويدات نسخة عن محضر التحقيق الذي أجرته القاضية الفرنسية أود بوريزي في باريس مع مساعدة رياض سلامة ماريان الحويك، وأُحيلت الإفادة على قاضي التحقيق في بيروت. وأكدت مصادر مواكبة لمسار التحقيق الأوروبي لـ«الشرق الأوسط»، أن «إيداع لبنان هذه الإفادة جاء بناء لطلب النائب العام التمييزي، وفي إطار التعاون بين القضاءين اللبناني والفرنسي». وشددت على أن «تسليم لبنان نسخة عن التحقيق الفرنسي يأتي ترجمةً لاتفاق عويدات وبوريزي، لجهة تبادل المعلومات التي تفيد الطرفين». وكشفت المصادر أنه «سبق للقاضية الفرنسية أن زودت لبنان بإفادة رئيس مجلس إدارة (بنك الموارد) الوزير السابق مروان خير الدين التي قدمها للقضاء الفرنسي»، مشيرة إلى أن التحقيق الفرنسي «يتمحور حول شبهات عن عمليات تبييض أموال وشراء عقارات ومنازل عائدة لرياض سلامة وشقيقه رجا وماريان الحويك وصديقة سلامة آنا كازاكوفا الأوكرانية».



«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

القضاء العراقي طالب الأشخاص الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» باللجوء إلى القضاء لإنصافهم (أ.ف.ب)
القضاء العراقي طالب الأشخاص الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» باللجوء إلى القضاء لإنصافهم (أ.ف.ب)
TT

«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

القضاء العراقي طالب الأشخاص الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» باللجوء إلى القضاء لإنصافهم (أ.ف.ب)
القضاء العراقي طالب الأشخاص الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» باللجوء إلى القضاء لإنصافهم (أ.ف.ب)

أكدت مصادر نيابية متطابقة قيام القضاء العراقي بإرسال كتب رسمية إلى البرلمان، وجميع مؤسسات الدولة، تشجع وتطالب الأشخاص، الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» على اتصالاتهم الخاصة، باللجوء إلى القضاء ورفع شكوى ضد الجهات والأشخاص المتورطين في ذلك.

ومنذ التسريب الصوتي الشهير لزعيم ائتلاف «دولة القانون»، نوري المالكي، منتصف يوليو (تموز) 2020، والقضية تثير مزيداً من القلق ومخاوف جدية لدى الشخصيات والأحزاب السياسية. ووقتذاك وصف المالكي في التسريب المنسوب إليه الحشد الشعبي بـ«أمة الجبناء»، ومقتدى الصدر بـ«الخائن»، وهدد بقتاله بالسلاح.

التسريب الصوتي لنوري المالكي أثار مزيداً من القلق ومخاوف السياسيين (غيتي)

ومع أن التحقيق المزعوم الذي أعلنته السلطات حينها لم يثبت، أو ينفي صحة التسجيل الصوتي للمالكي، أو الجهة التي قامت به، ولم يعلن أيضاً عن أي نتيجة تذكر، فإنه ومنذ ذلك الوقت بات المتخاصمون، سواء على المستوى السياسي أو الوظيفي، ينظرون إلى التسجيلات الصوتية بوصفها سلاحاً فتاكاً للإيقاع بالخصوم، وأداة لإخراجهم من حلبة العمل السياسي والإداري.

وينظر معظم المراقبين إلى العام الحالي، بوصفه أكثر الأعوام التي اشتعلت فيها «حرب التسريبات» الصوتية، خاصة بعد أن بدأ بفضيحة «التنصت»، التي يديرها مسؤول كبير في مكتب رئيس الوزراء، محمد السوداني، وشملت التنصت على معظم زعماء ورؤساء الكتل السياسية، لا سيما داخل قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، وهو ما أحدث فجوة كبيرة في العلاقة بين السوداني وبعض قيادات الإطار، ما زالت قائمة بحسب مصادر مطلعة.

اشتعلت «حرب التسريبات» الصوتية بعد فضيحة «التنصت» التي يديرها مسؤول كبير في مكتب محمد السوداني (د.ب.أ)

والأسبوع الماضي، تحدثت مصادر قضائية عن ارتفاع عدد الدعاوى المقدمة للقضاء بشأن فضيحة «التنصت»، ضد المتورطين فيها بالمكتب الحكومي، وأكدت ارتفاع عدد الشكاوى إلى 80 دعوى، قدمت للقضاء من قبل نواب وسياسيين وشخصيات مختلفة.

ويعتقد مصدر مسؤول في قوى «الإطار التنسيقي» أن معظم التسريبات الصوتية، التي ظهرت للعلن، تستند إلى «أساس لا أخلاقي وغير مدفوعة بالرغبة في إحقاق الحق، أو بناء حكم رشيد».

ويقول المصدر، الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إن معظم التسريبات الصوتية، التي ظهرت للعلن خلال السنوات والشهور الأخيرة «صحيحة تقريباً، لكن الجهات التي قامت بذلك تستهدف الإطاحة بهذا السياسي، أو ذلك الموظف المسؤول للحلول محله، أو ابتزازه وإخراجه من مكانته الوظيفية».

في المقابل، والكلام للمصدر ذاته، فإن «الاستهتار وعدم الخشية من المساءلة يدفعان كثيراً من المسؤولين والسياسيين إلى عدم توخي الحذر في الاتصالات الهاتفية، التي يقومون بإجرائها، وقد وصل الأمر ببعض المسؤولين إلى طلب دفع الرشوة عبر الجوال».

ويؤكد المصدر ذاته أن «الكثير من القيادات السياسية أوشكت على التخلي عن هواتفها الخاصة، خشية عمليات التنصت، ولا تستخدمها إلا في نطاق ضيق جداً، ومن جوالات بديلة في بعض الأحيان». مضيفاً: «المؤسف هو أن غياب الردع والمحاسبة يؤدي غالباً إلى تنامي فضائح التسجيلات الصوتية، التي قد تؤدي في مرحلة من المراحل إلى تقويض العملية السياسية برمتها».

بدوره، حذر القيادي في «ائتلاف النصر»، عقيل الرديني، الجمعة، من افتعال أزمات مختلفة في العراق خلال المرحلة المقبلة مع قرب انتخابات مجلس النواب. وقال في تصريحات صحافية: «هناك من يفتعل الأزمات السياسية بهدف الإساءة، ولهذا برزت قضية ما تسمى التسريبات، التي تقف خلفها جهات سياسية داخلية تريد الابتزاز». مضيفاً أن «هناك خوفاً من تزايد هذه الأزمات بشكل كبير خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً مع قرب انتخابات مجلس النواب».

وخلال الشهرين الأخيرين تفجرت ثلاث فضائح «تسريب» رئيسية، أدت الأولى إلى اعتقال عضو مجلس محافظة ذي قار الجنوبية، على خلفية عمليات ابتزاز قام بها عبر تسجيلات صوتية. وقبل أسبوعين انتشر تسريب صوتي لرئيس هيئة الضرائب، علي علاوي، وهو يتحدث عن رغبته في الحصول على مبالغ مالية ضخمة من أحد الأشخاص، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء إلى سحب يده من المنصب وإحالته إلى التحقيق.

وما زال التسريب الصوتي المنسوب لرئيس هيئة المستشارين في مجلس الوزراء، عبد الكريم الفيصل، يحظى بمزيد من الاهتمام الشعبي والرسمي، ويعرض حكومة رئيس الوزراء لانتقادات شديدة، رغم نفيها صحة التسجيل الصوتي المنسوب إليه.