الصين تقترح وأميركا ترفض «هدنة إنسانية فورية» في غزة

خلافات مجلس الأمن تخرج إلى العلن بعد جلسة مغلقة حول الحرب

مجلس الأمن خلال إحدى الجلسات (د.ب.أ)
مجلس الأمن خلال إحدى الجلسات (د.ب.أ)
TT

الصين تقترح وأميركا ترفض «هدنة إنسانية فورية» في غزة

مجلس الأمن خلال إحدى الجلسات (د.ب.أ)
مجلس الأمن خلال إحدى الجلسات (د.ب.أ)

فشلت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، خلال جلسة مشاورات مغلقة سادها «التوتر» حسب دبلوماسيين، في التوافق على مشروع القرار الذي اقترحته الدول العشر المنتخبة، بسبب استمرار الخلافات على طبيعة الهدنات الإنسانية المنشودة، لتوصيل المساعدات الملحة لأكثر من مليونين من الفلسطينيين المدنيين المحاصرين في غزة التي حولها القصف الإسرائيلي مقبرةً للأطفال تحت شعار القضاء على «حماس».

وعلمت «الشرق الأوسط» من دبلوماسي في المجلس أن رئيس مجلس الأمن لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، المندوب الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة، تشانغ جون، اقترح حداً أدنى من الإجماع على مجموعة «عناصر للصحافة» تتضمن «مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار»، بالإضافة إلى «تأمين توصيل المساعدات الإنسانية من دون عوائق»؛ غير أن المندوب الأميركي البديل للشؤون السياسية روبرت وود رفض الاقتراح الصيني.

المندوب الأميركي البديل للشؤون السياسية روبرت وود متحدثاً مع الصحافيين (صور الأمم المتحدة)

مؤتمر باريس

وعلى أثر الاجتماع المغلق الذي استمر زهاء ساعتين، صرح المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير، بالإشارة أولاً إلى المؤتمر الإنساني الذي ينظمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، في باريس، بمشاركة المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى (الأونروا) فيليب لازاريني، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث، وقال إنه «ما يتعين علينا القيام به هو حماية المدنيين، وتقديم الإغاثة الإنسانية لهم»، موضحاً أنه لتحقيق ذلك «نحن بحاجة إلى هدنات إنسانية، نحتاج إلى إتاحة وصول وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، وهذا ما يجب أن يحدث الآن».

من اليسار: المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير متحدثاً مع نظيرته البريطانية بربارا وودوارد والمندوب الأميركي البديل للشؤون السياسية روبرت وود (صور الأمم المتحدة)

الموقف الصيني

وتجنب الدبلوماسي الفرنسي الإجابة عن أسئلة في شأن اختلاف وجهات النظر بين بلاده من جهة، والولايات المتحدة وبريطانيا من الجهة الأخرى.

ثم خرج رئيس مجلس الأمن مع المندوبة الإماراتية لانا نسيبة. وأشار إلى أن «الهجمات الإسرائيلية أصابت المستشفيات ومخيمات اللاجئين والمدارس ومباني الأمم المتحدة، وأماكن العبادة، وغيرها من المرافق المدنية في قطاع غزة»، مضيفاً أنه «في خضم هذا الوضع الكارثي، شددنا على ضرورة تحرك مجلس الأمن بشكل عاجل، واعتماد قرار هادف وقابل للتنفيذ». وحض كل الأطراف على «اتخاذ خطوات عاجلة نحو وقف الأعمال العدائية، لضمان حماية المدنيين»، مطالباً أطراف النزاع بـ«تسهيل التوفير المستمر والكافي للسلع والخدمات الأساسية من دون عوائق، لجميع المدنيين في كل أنحاء قطاع غزة». وأوضح أن «الخدمات تشمل الكهرباء والماء والوقود والغذاء والإمدادات الطبية المستدامة».

الوضع «كارثي»

وقالت لانا نسيبة إنه في خضم «الوضع الكارثي، نؤكد على ضرورة تحرك مجلس الأمن بشكل عاجل، واعتماد قرار هادف وقابل للتنفيذ»، داعية إلى «وقف إنساني عاجل لإطلاق النار». وحضت «كل الأطراف على اتخاذ خطوات عاجلة نحو وقف الأعمال العدائية، لضمان حماية المدنيين»، مطالبة أطراف النزاع بـ«تسهيل التوفير المستمر والكافي ودون عوائق، للسلع والخدمات الأساسية لجميع المدنيين في كل أنحاء قطاع غزة. ويجب أن يشمل ذلك الكهرباء والمياه والوقود والغذاء والإمدادات الطبية المستدامة والواسعة النطاق».

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بعيد كلمة له عن حرب غزة الاثنين (رويترز)

اليوم التالي

وأقر المندوب الأميركي بشكل منفصل بأن الولايات المتحدة تعمل من أجل التوصل إلى هدنات إنسانية. وقال للصحافيين: «نحن مهتمون بمتابعة الحوار في هذا الشأن»، معترفاً بأن «هناك خلافات داخل المجلس».

ورداً على سؤال في شأن اليوم التالي بعد القضاء على حكم «حماس» في غزة، أجاب وود: «لم نصل إلى هذه المرحلة». وعبّر عن «القلق من أي نوع من أعمال العنف الجارية على طول الحدود مع لبنان»، موضحاً: «إننا لا نريد لهذه الحرب أن تنتشر (...) نعتقد أنه ليس من مصلحة أحد أن تمتد تلك الحرب إلى لبنان».


مقالات ذات صلة

مبعوث ترمب ينتقل من الدوحة لإسرائيل لدفع جهود الوساطة في اتفاق غزة

المشرق العربي صبي فلسطيني يلعب داخل سيارة دمرتها غارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة السبت (أ.ف.ب)

مبعوث ترمب ينتقل من الدوحة لإسرائيل لدفع جهود الوساطة في اتفاق غزة

انخرط مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، مع الوسطاء للدفع باتجاه إبرام صفقة للإفراج عن الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فتاة فلسطينية تقف أمام منزلها في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة (رويترز)

عائلة فلسطينية تنشد العدالة بعد مقتل أطفالها في غارة إسرائيلية بالضفة الغربية

كانت بتول بشارات تلعب مع شقيقها رضا في قريتهما بالضفة الغربية المحتلة. وخلال لحظات، قتلت غارة إسرائيلية بطائرة مسيّرة الطفل مع اثنين من أبناء عمومتهما.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات (رويترز)

الدفاع المدني بغزة: مقتل 8 فلسطينيين في غارة إسرائيلية على جباليا

قتل ثمانية أشخاص بينهم طفلان بغارة جوية إسرائيلية استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في شمال قطاع غزة، وفق ما أفاد الناطق باسم الدفاع المدني.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية صورة ملتقطة من جنوب إسرائيل على الحدود مع غزة تظهر تصاعد الدخان فوق المباني المدمرة في شمال القطاع (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخاً أطلق من غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، أن دفاعاته الجوية اعترضت صاروخاً أطلق من جنوب قطاع غزة على «كيبوتس كيرم شالوم».

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون ينتظرون دورهم للحصول على المياه في دير البلح وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

وسط «تحديات كبيرة»... بلدية غزة تكافح لتأمين لتأمين المياه للمواطنين

أعلنت بلدية غزة، اليوم (السبت)، أنها تواصل جهودها لتأمين المياه للمواطنين في ظل انقضاء 463 يوماً من الحرب على القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

مبعوث ترمب ينتقل من الدوحة لإسرائيل لدفع جهود الوساطة في اتفاق غزة

صبي فلسطيني يلعب داخل سيارة دمرتها غارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة السبت (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يلعب داخل سيارة دمرتها غارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة السبت (أ.ف.ب)
TT

مبعوث ترمب ينتقل من الدوحة لإسرائيل لدفع جهود الوساطة في اتفاق غزة

صبي فلسطيني يلعب داخل سيارة دمرتها غارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة السبت (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يلعب داخل سيارة دمرتها غارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة السبت (أ.ف.ب)

انخرط مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، مع الوسطاء للدفع باتجاه إبرام صفقة للإفراج عن الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة، فزار الدوحة وانتقل منها إلى إسرائيل.

وقال مسؤول إسرائيلي لوكالة «رويترز»، إن ويتكوف سيجتمع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، السبت، وذلك في وقت أفاد فيه مسؤول إسرائيلي ثانٍ بإحراز بعض التقدم في المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة «حماس»، التي تجري بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة، والرامية إلى التوصل إلى اتفاق في غزة.

وكان رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، التقى مبعوث ترمب في الدوحة الجمعة.

أطفال فلسطينيون خارج خيمتهم في مدينة غزة السبت (أ.ف.ب)

وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان مقتضب، إن الطرفين استعرضا «آخر تطورات الأوضاع في المنطقة، لا سيما الجهود الهادفة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة» بين إسرائيل و«حماس». وكانت قطر أكدت بداية الأسبوع الحالي، أن المحادثات بشأن التوصل إلى هدنة في غزة تتواصل «على المستوى الفني».

وتلعب قطر، إلى جانب الولايات المتحدة ومصر، دور الوسيط في محادثات متواصلة منذ أشهر خلف الكواليس، بهدف التوصل إلى هدنة في غزة والإفراج عن الرهائن. لكن باستثناء أسبوع توقف فيه القتال أواخر عام 2023، وتم خلاله إطلاق سراح عشرات الرهائن المحتجزين لدى «حماس» في مقابل فلسطينيين كانوا في السجون الإسرائيلية، فشلت جولات التفاوض المتتالية خلال الحرب.

صبي فلسطيني يبيع الشموع أمام مبنى مدمر في مدينة غزة السبت (أ.ف.ب)

وانتهت جولة سابقة من الوساطة في ديسمبر (كانون الأول)، بإلقاء كل طرف اللوم على الآخر بالفشل، إذ اتهمت «حماس» إسرائيل بوضع «شروط جديدة»، بينما اتهمت الدولة العبرية الحركة الفلسطينية بوضع «عقبات جديدة» أمام التوصل إلى اتفاق.

وتحدث الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، الخميس، عن إحراز «تقدم حقيقي» في المفاوضات. وقال للصحافيين في البيت الأبيض: «إننا نحرز بعض التقدم الحقيقي، لقد التقيت المفاوضين اليوم». وأضاف: «ما زلت آمل بأن نتمكن من إجراء عملية تبادل (لأسرى مقابل رهائن). (حماس) هي التي تقف في طريق هذا التبادل حالياً، لكنني أعتقد أننا قد نكون قادرين على إنجاز ذلك، نحن بحاجة إلى إنجازه».

ويبذل الوسطاء جهوداً جديدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين المحتجزين هناك قبل تولي ترمب منصبه في 20 يناير (كانون الثاني)، بعدما هدد «حماس» بجحيم في الشرق الأوسط، في حال لم يحصل ذلك قبل دخوله البيت الأبيض.

فلسطينيون يحصلون على وجبة طعام من منظمة خيرية في مدينة غزة السبت (أ.ف.ب)

في هذا الوقت، يواصل الجيش الإسرائيلي عمليته المفتوحة منذ 3 شهور في شمال قطاع غزة، موقعاً مزيداً من القتلى بين الفلسطينيين المدنيين.

وقتل 8 أشخاص، السبت، بينهم طفلان في غارة جوية إسرائيلية استهدفت مدرسة تؤوي نازحين في شمال قطاع غزة، وفق ما أفاد الناطق باسم الدفاع المدني، محمود بصل، بينما قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف مسلحين من «حماس».

وقال بصل إن «8 شهداء بينهم طفلان وامرأتان» قتلوا إثر غارة جوية شنها الطيران الحربي الإسرائيلي على مدرسة «حلاوة» في بلدة جباليا بشمال القطاع. وأضاف أن الغارة الجوية أسفرت أيضاً عن إصابة 30 شخصاً بينهم 19 طفلاً، لافتاً إلى أن هذه المدرسة التي تعرضت للقصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي عدة مرات، تؤوي «آلاف النازحين».

وأقر الجيش الإسرائيلي بأنه نفذ غارة على المدرسة السبت. وقال في بيان إن القوات الجوية الإسرائيلية «نفذت ضربة دقيقة على الإرهابيين في مركز قيادة وسيطرة كان يستخدم سابقاً مدرسة في جباليا». وقال إنه استهدف المبنى لأن «إرهابيي (حماس) استخدموا المدرسة للتخطيط وتنفيذ الهجمات».

وكانت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس» أعلنت أنه قُتل 32 شخصاً في قطاع غزة خلال 48 ساعة حتى صباح السبت، ليرتفع إجمالي عدد القتلى إلى 46537 منذ اندلاع الحرب، مبينة أن ما لا يقل عن 109571 فلسطينياً أصيبوا خلال الحرب التي اندلعت بعد هجوم شنته «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بإسرائيل.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن دفاعاته الجوية اعترضت صاروخاً أطلق من جنوب قطاع غزة على «كيبوتس كيرم شالوم».