«الضبابية» تكتنف المقترحات الأميركية لـ«اليوم التالي» بعد «إنهاء حماس»

بيرنز في إسرائيل لإطلاق الرهائن و«ردع» أي توسيع للحرب

فلسطينيون يخلون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يخلون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«الضبابية» تكتنف المقترحات الأميركية لـ«اليوم التالي» بعد «إنهاء حماس»

فلسطينيون يخلون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يخلون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة (رويترز)

مع وصول مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ويليام بيرنز، إلى إسرائيل، في مستهل جولة تقوده إلى كل من مصر والمملكة الأردنية وقطر والإمارات العربية المتحدة، وربما دول أخرى في الشرق الأوسط، كشف مسؤولون أميركيون أن محادثاته تركز على «الوضع في غزة، ودعم المفاوضات الجارية حول الرهائن، والتزام الولايات المتحدة مواصلة ردع الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية عن توسيع الحرب بين إسرائيل و(حماس)».

ودفعت الأهداف التي وضعتها إسرائيل، ومنها الإجهاز على «حماس» وحكمها في غزة، والموافقة المعلنة والضمنية من الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية على «عدم العودة إلى (الستاتيكو) الذي كان قائماً قبل هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، و«إنهاء حكم (حماس) في القطاع»، إلى إثارة نقاش مفتوح على أرفع المستويات في شأن «ترتيبات اليوم التالي» في غزة.

صورة التقطت في 16 يناير للجيش الإسرائيلي يتدرب في منشأة عسكرية على حرب المدن تحاكي مدينة غزة في صحراء النقب الجنوبي (أ.ف.ب)

ولكن لم تظهر حتى الآن أي مؤشرات على وجود إجماع أو وضوح بين ما يسعى إليه المسؤولون الأميركيون وما يعلنه نظراؤهم من الإسرائيليين الذين حاولوا أولاً الترويج لنقل فلسطينيي غزة إلى شبه جزيرة سيناء، وهذا ما رفضته مصر بشكل قاطع، لتستبدل إسرائيل به تهجير سكان شمال غزة إلى جنوبها، فضلاً عن اقتراح إسرائيل جعل الأردن وطناً بديلاً للفلسطينيين، وهذا ما رفضته الدول العربية بشكل قاطع أيضاً.

ضبابية «اليوم التالي»

ويرخي ذلك أجواء من الضبابية حول «ترتيبات اليوم التالي»، وربما يسعى بيرنز، وهو دبلوماسي متمرس يتمتع بعلاقات قديمة وخبرة واسعة في الشرق الأوسط، إلى إزالة الغموض الذي لا يزال يكتنف طبيعة «اليوم التالي» بعد «حماس» في غزة، علماً بأن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي عقد محادثات في كل من إسرائيل والأردن والعراق وتركيا، بالإضافة إلى رام الله، أكد أن إدارة الرئيس جو بايدن تعتقد أن «هناك واجباً أن تستعيد السلطة الفلسطينية السيطرة على قطاع غزة الخاضع لسيطرة (حماس) منذ عام 2007».

وبينما تعد رحلة بيرنز جزءاً من التواصل المستمر لإدارة الرئيس جو بايدن مع الأطراف الرئيسية في محاولة للحصول على هدنة إنسانية في القتال ومنع نشوب حرب إقليمية، أفاد مسؤول أميركي بأن بيرنز وصل إلى إسرائيل الأحد، ويعتزم السفر إلى دول أخرى للاجتماع مع نظرائه في أجهزة المخابرات وزعماء الدول، لإجراء مناقشات حول «المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الحرب في غزة والجهود المبذولة لإطلاق الرهائن الذين تحتجزهم (حماس)». وأضاف أن بيرنز «سيعزز التزامنا التعاون الاستخباري، وبخاصة في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والأمن».

مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ويليام بيرنز (أرشيفية - أ.ف.ب)

اجتماعات بيرنز

وتوقع موقع «أكسيوس» الأميركي أن يجتمع بيرنز مع كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس جهاز المخابرات (الموساد) ديفيد بارنيع، وغيرهم من كبار المسؤولين الإسرائيليين. وتوقع أيضاً أن يزور بيرنز، قطر، التي تضطلع بدور رئيسي في المحادثات الرامية إلى تأمين إطلاق الرهائن الذين تحتجزهم «حماس»، ومصر، التي تلعب دوراً رئيسياً في الجهود الرامية إلى إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. وتكهن أن يزور بيرنز الأردن والإمارات العربية المتحدة.

ونقلت صحيفة «النيويورك تايمز» عن مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة «تتطلع أيضاً إلى توسيع تبادل المعلومات الاستخبارية مع إسرائيل، وتوفير معلومات قد تكون مفيدة حول مواقع الرهائن أو أي هجمات لاحقة من (حماس)».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن باتجاه الطائرة بعد اجتماعاته مع نظرائه الأتراك في أنقرة (أ.ب)

وعدَّ المراقبون الأميركيون تعليقات بلينكن الأوضح حتى الآن، لأنها تشير إلى أن الولايات المتحدة ودولاً أخرى تنظر في «مجموعة متنوعة من الترتيبات المحتملة»، ومنها «السلطة الفلسطينية الفعالة والمنشطة» التي يجب أن تحكم غزة في نهاية المطاف، من دون أن يقدم أي سبل لجعل السلطة الفلسطينية فعالة أو التغلب على المعارضة الإسرائيلية على هذه الفكرة، علماً بأنه اقترح بشكل غامض «ترتيبات مؤقتة أخرى قد تشمل عدداً من البلدان الأخرى في المنطقة. ويمكن أن يشمل ذلك وكالات دولية من شأنها أن تساعد في توفير الأمن والحكم». ويعتقد أنه يقصد مرشحين لهذا الدور المؤقت من الدول العربية وربما الأمم المتحدة، بدعم من منظمات دولية حكومية وغير حكومية أخرى، طبقاً لما قاله أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية لدى جامعة جورج واشنطن، ناثان براون، الذي ألف 6 كتب عن السياسة في العالم العربي.

إحباط من نتنياهو

وباعتباره أحد الأصوات الأكثر ثقة لدى إدارة بايدن فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، صار بيرنز بمثابة دبلوماسي متجول لاستكشاف الأخطاء وإصلاحها في البيت الأبيض، طبقاً لـ«النيويورك تايمز»، التي لاحظت أن «زيارات المسؤولين الأميركيين، خصوصاً بايدن، كان لها تأثير على الإسرائيليين، الذين شعر الكثير منهم بالإحباط من تعامل (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو مع الأزمة».

وأضافت أنه «مع ذلك، لا تزال هناك توترات بين المسؤولين الإسرائيليين ونظرائهم الأميركيين، إذ تدفع الولايات المتحدة، إسرائيل، إلى تبني حملة عسكرية تركز بشكل أكبر على تقليل الخسائر في صفوف المدنيين».

ميرا العالول فلسطينية أميركية خلال مسيرة لدعم الفلسطينيين في دنفر بولاية كولورادو الأحد (أ.ف.ب)

نصائح للإسرائيليين

ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم «لا يخبرون الإسرائيليين بما يجب عليهم فعله، لكنهم يقدمون لهم النصح حول تجاربهم الخاصة في حرب العراق ويغرسون في حكومة نتنياهو أهمية عدم تقليد الأخطاء الأميركية بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001».

ملصق للتنديد بنتنياهو وبايدن في مظاهرة بلوس أنجليس مطالبة بوقف الحرب (إ.ب.أ)

ولم تؤكد وكالة الاستخبارات المركزية المعلومات التي سُرّبت عن محطات سيتوقف فيها بيرنز في الدول العربية، علماً بأن بيرنز يتمتع بعلاقة وثيقة مع الملك عبد الله الثاني بن الحسين، منذ كان سفيراً لدى الأردن.

ويربط براون «الافتقار إلى الوضوح» عند المسؤولين الأميركيين بتساؤل عن «كيفية حكم غزة عندما تنتهي الحرب»، معتبراً أنه «من الخطأ أن تفترض السيناريوهات اليوم التالي كما لو كانت هذه حرباً تقليدية ستفسح المجال بوضوح ووضوح لترتيبات ما بعد الحرب المتفق عليها أو المفروضة».


مقالات ذات صلة

خالد مشعل: السابع من أكتوبر أعاد إسرائيل إلى «نقطة الصفر»

المشرق العربي القيادي بحركة «حماس» خالد مشعل (وسط الصورة) خلال كلمة له في الدوحة (رويترز - أرشيفية)

خالد مشعل: السابع من أكتوبر أعاد إسرائيل إلى «نقطة الصفر»

قال خالد مشعل، رئيس حركة «حماس» في الخارج، إن هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «جاء نتيجة تصاعد جرائم التنكيل بالأسرى، وزيادة التضييق على الفلسطينيين».

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور)
تحقيقات وقضايا سيدة فلسطينية تبحث عن ابنها المفقود عبر صورته على هاتفها في مخيم جباليا (رويترز)

الغزّيون ملّوا الحروب ويحلمون بحياة تشبه الحياة

الغزيون مرهقون بأسئلة صعبة: مَن يعيد الأحبة والبلاد؟ من يبني البيوت؟ أين يجدون جثامين أحبائهم لدفنهم؟ غالبيتهم يبحثون عن الهجرة ولا يفكرون بمن يحكم القطاع غداً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)

ماكرون يطالب بالكفّ عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة

دعا الرئيس الفرنسي، السبت، إلى الكفّ عن تسليم الأسلحة للقتال في غزة، لافتاً إلى أن الأولوية هي للحلّ السياسي للحرب المستمرة منذ عام بين إسرائيل وحركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة ترفع صورهم خلال احتجاج قرب مقر إقامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في القدس يوم 30 سبتمبر (إ.ب.أ)

عائلات إسرائيليين محتجزين في غزة تنفّذ إضراباً عن الطعام

بدأ أفراد في عائلات الإسرائيليين المحتجزين في أنفاق حركة «حماس» بقطاع غزة إضراباً عن الطعام، متهمين حكومة بنيامين نتنياهو بأنها أهملت قضيتهم في ظل حرب لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فوزية أمين سيدو امرأة إيزيدية اختطفها «داعش» في العراق وتم إنقاذها بعملية في غزة (وزارة الخارجية العراقية)

عملية بقيادة أميركية تحرر إيزيدية من غزة بعد 10 سنوات في الأسر

قال مسؤولون عراقيون وأميركيون إن شابة إيزيدية عمرها 21 عاماً اختطفها مسلحون من تنظيم «داعش» في العراق قبل أكثر من عقد تم تحريرها من قطاع غزة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

لبنان: لدينا «تطمينات» وليس «ضمانات دولية» بعدم استهداف إسرائيل المطار

طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت (رويترز)
طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت (رويترز)
TT

لبنان: لدينا «تطمينات» وليس «ضمانات دولية» بعدم استهداف إسرائيل المطار

طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت (رويترز)
طائرة تابعة لشركة «طيران الشرق الأوسط» اللبنانية تقلع من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت (رويترز)

قال وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الثلاثاء، إن السلطات تلقت خلال اتصالاتها الدولية «تطمينات» بخصوص عدم استهداف إسرائيل مطار رفيق الحريري الدولي، لكنها لا ترقى إلى «الضمانات» على وقع غارات كثيفة في محيط المرفق الجوي منذ الأسبوع الماضي.

وكثّفت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول) غاراتها الجوية خصوصاً على ضاحية بيروت الجنوبية التي يقع مطار رفيق الحريري، الوحيد في البلاد، عند أطرافها. وشنّت غارات في جنوب البلاد وشرقها، استهدفت إحداها منطقة المصنع الحدودية، ما أدى إلى قطع المعبر البري الرئيسي بين لبنان وسوريا.

وأكد حمية أن الحكومة اللبنانية «تسعى إلى أن تُبقي المرافق العامة براً وبحراً وجواً سالكة وأولها مطار رفيق الحريري الدولي»، بوابة لبنان جواً إلى العالم.

وعما إذا كانت الحكومة اللبنانية تلقت ضمانات دولية بعدم استهدافه، أوضح حمية: «في الاتصالات الدولية الجارية نوع من التطمين»، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى «فرق كبير بين التطمينات والضمانات».

وسأل: «أي ضمانات؟ عدو لا يراعي المدنيين، ولا يراعي المباني السكنية التي تضم أطفالاً، أكثر من 2000 شهيد»، في إشارة إلى حصيلة القتلى الإجمالية منذ بدء «حزب الله» وإسرائيل التصعيد عبر الحدود قبل عام.

وكانت الولايات المتحدة حضّت، الاثنين، إسرائيل على عدم شنّ أيّ هجوم على مطار بيروت أو الطرق المؤدية إليه. وقال المتحدث باسم «الخارجية» ماثيو ميلر: «نرى أنه من الأهمية بمكان ليس فقط أن يبقى المطار مفتوحاً، بل أن تظل الطرق المؤدية إليه مفتوحة أيضاً»، خصوصاً من أجل تمكين الراغبين في مغادرة لبنان من رعايا أميركيين ورعايا دول أخرى، من أن يفعلوا ذلك.

ونفى حمية الاتهامات الإسرائيلية باستخدام المطار والمعابر الحدودية لإدخال السلاح إلى «حزب الله»، وشدد على أن المطار «يخضع للقوانين اللبنانية، ولتدقيق من مختلف الإدارات المعنية والأجهزة الأمنية».

ويتعيّن على «كل طائرة عسكرية أو طائرة تُقل سلاحاً أن تخضع لموافقة الجيش اللبناني» في المطار قبل حصولها على ترخيص من وزارته.

وأفاد حمية بـ«تنسيق كامل» مع الجيش والأجهزة المعنية بشأن المعابر البرية والجوية والبحرية؛ لأنه «عندما تُغْلَق هذه المعابر، فهذا يعني أننا محاصَرون».

منذ الرابع من أكتوبر (تشرين الأول)، لا يزال الطريق الدولي بين لبنان وسوريا مغلقاً بالاتجاهين بعد غارة نفذها الجيش الإسرائيلي، وقال إنها دمّرت نفقاً أرضياً تحت الحدود اللبنانية السورية، كان «حزب الله» يستخدمه «لنقل كثير من الوسائل القتالية».

وعَبَرَ عشرات الآلاف من اللبنانيين واللاجئين السوريين الحدود قبل استهدافها، هرباً من الغارات الإسرائيلية الكثيفة.

ولا يزال العشرات يعبُرون الحدود سيراً على الأقدام.

وقال حمية: «قَطْعُ هذا المعبر تَسَبَّبَ في وجود مشكلة كبيرة. نتواصل مع رئيس الحكومة، ونجري الاتصالات اللازمة ليعود المعبر إلى العمل مجدداً».

ومعبر المصنع هو بوابة لبنان الرئيسية براً إلى العالم العربي. وتمر عبره البضائع والمنتجات الزراعية المصدَّرة، بالإضافة إلى حركة المسافرين من سوريا وإليها.

وأوضح حمية: «معبر المصنع هو معبر أساسي... للاستيراد والتصدير، ومعبر حيوي للمُزارع والصناعيِّ اللبنانييْن كي يستطيعا التصدير براً».