ترقب في لبنان لكلمة نصر الله بالتزامن مع زيارة قاآني

مخاوف واسعة من الانزلاق إلى الحرب

تشييع مقاتل من «حزب الله» سقط في المعارك الدائرة في جنوب لبنان (رويترز)
تشييع مقاتل من «حزب الله» سقط في المعارك الدائرة في جنوب لبنان (رويترز)
TT

ترقب في لبنان لكلمة نصر الله بالتزامن مع زيارة قاآني

تشييع مقاتل من «حزب الله» سقط في المعارك الدائرة في جنوب لبنان (رويترز)
تشييع مقاتل من «حزب الله» سقط في المعارك الدائرة في جنوب لبنان (رويترز)

نادراً ما استأثرت كلمة لحسن نصر الله، الأمين العام لـ«حزب الله»، بالاهتمام والترقب الواسعين، ليس لبنانياً فقط، بل في إسرائيل والمنطقة وأوسع من ذلك، مثل الكلمة المنتظرة منه يوم الجمعة، والتي تأتي بعد تساؤلات عن مبررات غيابه الإعلامي رغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء الحرب على غزة.

وكان «حزب الله» قد عمل على التمهيد إعلامياً لهذه الكلمة، وأخذت المواقع المتصلة به تنشر لقطات لنصر الله في أوضاع مختلفة، إما وهو يسير في مقره، وإما وهو يراجع بعض النصوص ويضع ملاحظاته عليها، كما تم تسريب نص بخط يده يوجه تعليمات إلى الحزبيين بكيفية التعامل مع تشييع القتلى الذين يسقطون للحزب في جنوب لبنان واعتبارهم «شهداء على طريق القدس». وقد سقط للحزب في هذه المعارك ما يقارب الخمسين مقاتلاً.

وربما منذ حرب إسرائيل و«حزب الله» في يوليو (تموز) 2006 لم يكن لكلمة نصر الله مثل هذا الاهتمام، مع ضرورة التذكير بأن المواجهة في ذلك الوقت كانت محصورة بجبهة لبنان الجنوبية مع إسرائيل، فيما يشكل دخول «حزب الله» المعركة الحالية، إذا تم الإعلان عنه وتجاوز المناوشات الحالية المضبوطة الوتيرة عبر الحدود، عاملاً يمكن أن يغير معادلات الحرب، كما سيؤدي بالتأكيد إلى أضرار واسعة بالبنية التحتية في مختلف القطاعات اللبنانية، التي تقف أصلاً على حافة الانهيار. من هنا جاء الترقب الواسع وسعي الدبلوماسيين الغربيين في بيروت لمحاولة معرفة موقف الحزب من توسيع مشاركته في الحرب.

وفيما لوحظ تحفّظ وسائل الإعلام القريبة من «حزب الله» أو الناطقة باسمه عن تسريب أي إشارة إلى ما يمكن أن تتضمنه كلمة نصر الله، لوحظ الخميس تسابق مؤسسات ومدارس وشركات إلى الإعلان عن الإقفال وتوقف أعمالها ظهر يوم الجمعة، قبل كلمة نصر الله المتوقعة الساعة الثالثة بعد الظهر، في إطار التحسب لما يمكن أن تتضمنه. وعلى رغم التكتم الإعلامي لوسائل الإعلام القريبة من الحزب، يتم تداول معلومات تشير إلى توجه نصر الله إلى التأكيد أن المعركة الجارية هي بالدرجة الأولى معركة حركة «حماس»، وهي التي تقرر حاجات الانخراط فيها ودرجة الانخراط، من دون إغفال الانتقادات المنتظرة للدول الداعمة لإسرائيل في هذه المعركة.

ومن غير الواضح كيف سيتعامل نصر الله مع المناخ السائد في لبنان على نطاق واسع، على الصعيدين الحكومي والشعبي، بما في ذلك من جهات حليفة للحزب، مثل «التيار الوطني الحر» الذي يدعو إلى ضرورة تجنيب لبنان الانزلاق إلى الحرب، لما لذلك من ذيول كارثية في ظل أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية المنهارة.

إلى ذلك، تترافق كلمة نصر الله، اليوم، مع ما تسرّب عن وجود إسماعيل قاآني، قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني، في بيروت، والدلالات المهمة لهذه الزيارة في إطار المعركة الدائرة حالياً في غزة. كما تأتي كلمة نصر الله في أعقاب مواقف لبعض قادة حركة «حماس» السابقين مثل خالد مشعل وموسى أبو مرزوق، حملت عتباً على «حزب الله»؛ لعدم انخراطه أكثر في القتال. ومع أن الحزب آثر الصمت حيال هذه المواقف فقد علم أن القياديَّين المذكورين تبلغا انزعاجاً من هذه المواقف من إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لـ«حماس». فيما تولى نائب الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، التصريح أن الحزب يشغل الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، ولولا ذلك لكانت الفرق الإسرائيلية المرسلة إلى الجنوب تشارك في الحرب على قطاع غزة.



تركيا وإدارة دمشق تتفقان على عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا

وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)
وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)
TT

تركيا وإدارة دمشق تتفقان على عملية سياسية شاملة تحفظ وحدة سوريا

وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)
وزيرا الخارجية التركي والسوري في مؤتمر صحافي في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)

أكدت تركيا والإدارة السورية عدم السماح بتقسيم سوريا أو أن تصبح أراضيها مصدراً لتهديد جيرانها، واتفقتا على البدء بعملية سياسية تمهد لاستقرار البلاد وتحتضن جميع أبناء الشعب بلا تفرقة على أساس طائفي أو ديني أو عرقي.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في مؤتمر صحافي مشترك عقد عقب اجتماع وزراء الخارجية والدفاع ورئيسي جهازي المخابرات في كل من تركيا والإدارة السورية بمقر وزارة الخارجية في أنقرة، الأربعاء: «الآن هو الوقت المناسب للتخلص من الإرهاب والأسلحة، وهو الوقت المناسب للسلام والتضامن والتنمية والازدهار ونبذ الصراعات الداخلية في سوريا».

عملية سياسية شاملة

وأضاف فيدان أن الوقت قد حان لعملية سياسية تشمل كل العناصر العرقية والدينية والطائفية في سوريا، لافتاً إلى أنه «لسوء الحظ، لا تزال العقوبات المفروضة على سوريا سارية المفعول، ومن الممكن للولايات المتحدة أن تمنح إعفاءً جزئياً، ونعلم أن الاتحاد الأوروبي يعمل على هذا الأمر أيضاً، إذا تم رفع العقوبات فإن العملية سوف تتسارع».

فيدان مصافحاً نظيره السوري خلال استقباله بالخارجية التركية في أنقرة (الخارجية التركية)

ولفت وزير الخارجية التركي إلى أن نظام بشار الأسد استضاف منظمات إرهابية في سوريا لسنوات، وأن سوريا ستزداد قدرة على محاربة المنظمات الإرهابية بعد سقوط هذا النظام.

وذكر فيدان أن الاجتماع مع الجانب السوري تناول تقديم الدعم من جانب تركيا للعمليات ضد تنظيم «داعش» الإرهابي، مضيفاً: «لن نوافق على تقسيم سوريا، وقد حان الوقت لتطهيرها وتطهير المنطقة من الإرهاب والأسلحة، وحان الوقت للسلام والتضامن والتنمية والازدهار، ولم يعد هناك مكان للإرهاب في المنطقة».

وأشار فيدان إلى أن تركيا ستعمل على دعم الإدارة السورية في جميع المجالات سواء إعادة الإعمار أو التنمية وتمهيد الظروف المناسبة لعودة اللاجئين وسيعمل البلدان معاً على تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والتجارة وغيرها من المجالات.

وأعلن أن القنصلية التركية في حلب ستبدأ العمل في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي.

بدوره، أكد وزير الخارجية في الإدارة السورية، أسعد الشيباني أن الإدارة الجديدة لن تسمح بأن تكون الأراضي السورية مصدر تهديد لتركيا أو لأي دولة أخرى من جيرانها، مشيراً إلى حاجة سوريا إلى دعم حقيقي لإعادة إعمارها وتنميتها.

لا لتقسيم سوريا

وقال الشيباني إن الإدارة السورية ستعمل على عودة سوريا إلى دورها الفاعل البارز في المنطقة بما يحقق الأمن والاستقرار وحسن الجوار، ويد سوريا اليوم ممدودة للعالم أجمع وليست جزيرة منقطعة ضمن مشاريع مشبوهة كما أراد لها النظام السابق.

فيدان والشيباني خلال المؤتمر الصحافي (أ.ف.ب)

وأضاف: «إننا نؤكد اليوم أكثر من أي وقت مضي ضرورة تآلف الشعب السوري وتوحده وعدم التفاته للدعوات الطائفية أو التي تسعى لتقسيم مجتمعنا، والتي تحاول تغيير هوية سوريا وحاضرها وماضيها، فسوريا لكل السوريين وليست مرتبطة بفئة من الشعب».

وتابع «أننا نفتح صفحة جديدة بين الشعب السوري ومحيطه ونعمل على بناء الصورة الحديثة القائمة على الأسس الحضارية والأخلاقية لبلادنا، ونعمل كذلك على استكمال وحدة الأراضي السورية وجعلها تحت إشراف الحكومة المركزية في دمشق، فسوريا لا يمكن أن تقسم، ولن يقبل شعبها بذلك، وهذا هو المسار الوحيد لصون سوريا واستعادة سيادتها».

وأكد أن العلاقات بين بلاده وتركيا ستشهد في الفترة المقبلة آفاقاً واسعة للتعاون مع تركيا في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وتعزيز الروابط الشعبية والبناء على الإرث المشترك.

ولفت إلى أن «الأمن والاستقرار والازدهار مرتبطة بشكل مشترك بين بلدينا ونتطلع لأن تكون العلاقات بينهما نموذجاً صادقاً في العلاقات بين الدول يقوم على احترام سيادة الدولتين ووحدة أراضيهما».

وشدد على أن الإدارة السورية الجديدة لن تسمح بأن تستخدم الأراضي السورية منطلقاً لتهديد الأراضي التركية والشعب التركي، و«سنعمل على إزالة هذه التهديدات عبر العديد من الوسائل، ونشكر تركيا على وضع ثقتها في قدرة الإدارة السورية على معالجة هذه التهديدات، خاصة فيما يتعلق بمنطقة شمال شرقي سوريا».

وأضاف: «إننا نعمل الآن على معالجة هذه القضايا بالتفاوض والحوار ونعتقد أننا سنصل إلى نتائج ملموسة في القريب العاجل».

مباحثات تركية سورية

وعقدت بمقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة الأربعاء مباحثات تركية مع الإدارة السورية، بصيغة 3+3، شارك فيها وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والسوري أسعد الشيباني، والدفاع التركي يشار غولر والسوري مرهف أبو قصرة، ورئيسا جهازي المخابرات التركي إبراهيم كالين والسوري أنس خطاب.

وزراء خارجية ودفاع ورئيسا مخابرات تركيا وسوريا قبل انطلاق مباحثاتهما بمقر الخارجية التركية في أنقرة الأربعاء (الخارجية التركية)

وبحث الاجتماع التطورات في سوريا، وبخاصة وضع وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، والاشتباكات المستمرة بينها وبين فصائل «الجيش الوطني السوري»، المدعومة من تركيا في شرق حلب، وموقف الإدارة السورية منها، حيث ترغب تركيا في حلها وإلقاء أسلحتها وخروج عناصرها الأجنبية من سوريا، وانخراط العناصر السورية في الجيش السوري الموحد.

وبحسب ما ذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، تناولت المباحثات أيضاً ملفات التعاون الأمني والتعاون في مجالات الطاقة وإعادة الإعمار والتنمية، إلى جانب الملف الأمني والتعاون في مكافحة التنظيمات الإرهابية.

كما تناولت المباحثات ملف العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين، وجهود رفع العقوبات المفروضة على دمشق.

وقالت المصادر إن الجانب التركي أكد مجدداً دعمه للإدارة السورية في مختلف المجالات لإنجاز المرحلة الانتقالية وتحقيق الأمن والاستقرار في سوريا.

واستقبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعضاء الوفد السوري بالقصر الرئاسي في أنقرة.

وكان إردوغان استبق المباحثات بإعلان أنها ستركز عل سبل دعم سوريا وإعادة الإعمار.

تحذير لـ«قسد»

وحذر من أن أنقرة لديها القوة والقدرة على سحق كل التنظيمات الإرهابية في سوريا، بمن فيهم مقاتلو تنظيم «داعش» ووحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

إردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان، في كلمة أمام اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بالبرلمان، الأربعاء: «لن نسمح بحدوث أي شكل من أشكال الفوضى في سوريا، ولن نسمح بزرع بذور الفتنة بيننا وبين الشعب السوري».

وأضاف أن مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية يمثلون أكبر مشكلة في سوريا الآن بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، وإن لم تلق تلك الوحدات أسلحتها فلن تتمكن من الإفلات من نهايتها المحتومة.

وتابع: «إذا كانت سوريا والمنطقة تتخلصان من تهديد (داعش)، فإن تركيا هي القوة العظمى التي لديها القدرة على حل هذه القضية».

وقال إردوغان: «يجب على الجميع أن يرفعوا أيديهم عن المنطقة ونحن قادرون مع إخواننا السوريين على سحق تنظيم (داعش) و(الوحدات الكردية)، وجميع التنظيمات الإرهابية في وقت قصير».

وشدد إردوغان على أن تركيا تتابع وتدعم حل كل قضايا الإخوة الأكراد في سوريا، وأن تركيا هي الضامنة لأمن الأكراد.

بدوره، قال وزير الدفاع يشار غولر، رداً على سؤال حول عملية عسكرية تركية محتملة ضد «قسد» في شرق الفرات، إن العمليات والضربات مستمرة، لافتاً إلى تنفيذ عدد كبير من الضربات، الثلاثاء، مضيفاً: «مكافحة الإرهاب مستمرة».