دمشق تربط عودة النازحين بالمساعدات

المقداد وبوحبيب طالبا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته

المقداد مجتمعاً مع بوحبيب والوفد المرافق في دمشق الاثنين (إ.ب.أ)
المقداد مجتمعاً مع بوحبيب والوفد المرافق في دمشق الاثنين (إ.ب.أ)
TT

دمشق تربط عودة النازحين بالمساعدات

المقداد مجتمعاً مع بوحبيب والوفد المرافق في دمشق الاثنين (إ.ب.أ)
المقداد مجتمعاً مع بوحبيب والوفد المرافق في دمشق الاثنين (إ.ب.أ)

ربطت سوريا عودة نازحيها بتوفير المساعدات الدولية، فيما قالت مصادر متابعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن دمشق تحاول استثمار ملف اللاجئين عبر «تذرعها بعدم توفر بيئة ملائمة لعودتهم إلى المناطق المدمرة، وصعوبة تأمين الخدمات اللازمة لهم».

الموقف السوري جاء بعد اجتماع في دمشق، الاثنين، بين وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ونظيره اللبناني عبد الله بوحبيب المكلف من الحكومة اللبنانية بحث ملف النازحين السوريين. ورافق بوحبيب في زيارته، وهي الأولى إلى دمشق، وفد رسمي ضم المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري وأمين سر المجلس العسكري في وزارة الدفاع اللبنانية.

وأصدر الجانبان بياناً مشتركاً أفاد بأنهما اتفقا على عقد اجتماعات تنسيقية لاحقة على مستوى المسؤولين والخبراء المختصين لمتابعة المسائل المتصلة بعودة النازحين، وضبط الحدود، وتبادل تسليم المحكومين العدليين. وأشار إلى أن زيارة بوحبيب هدفت إلى «التشاور وتنسيق المواقف إزاء التحديات المشتركة التي يواجهها البلدان الشقيقان والتصعيد الحاصل في المنطقة». ووفق البيان؛ فقد «دان الجانبان العدوان الإسرائيلي الممنهج ضد الشعب الفلسطيني، وأكدا ضرورة وقفه بشكل فوري، ووضع حد لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي، والعمل على الإدخال الفوري وغير المشروط للمساعدات الإنسانية إلى غزة». كما شددا على «الرفض القاطع لأية محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني أو تصفية قضيته العادلة»، وأكدا «ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة في فلسطين ولبنان والجولان السوري وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس».

المقداد مستقبلاً بوحبيب في دمشق الاثنين (إ.ب.أ)

وتدارس الجانبان الهدف من هذه الزيارة وهو «معالجة التحديات المتصلة بأزمة النزوح السوري في لبنان». ووفق البيان المشترك، فقد «شددا على أهمية التعاون المشترك لضمان العودة الكريمة للمهجرين السوريين إلى وطنهم الأم، وضرورة تحمل المجتمع الدولي والأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة لمسؤولياتهم في المساعدة على تحقيق هذا الهدف». وشرح المقداد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية على مدى السنوات الماضية وفي الآونة الأخيرة لإعادة الأمن والاستقرار وتيسير عودة السوريين إلى وطنهم، مؤكدا أن «سوريا ترحب بجميع أبنائها وتتطلع لعودتهم، وهي تبذل قصارى جهدها بالتعاون مع الدول الصديقة والشركاء في العمل الإنساني لتحقيق ذلك».

من جهته، أعرب بوحبيب عن «امتنانه وتقديره للجهود والإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية». ووفق البيان، فقد «تم الاتفاق على عقد اجتماعات تنسيقية لاحقة على مستوى المسؤولين والخبراء المختصين لمتابعة المسائل المتصلة بعودة النازحين، وضبط الحدود، وتبادل تسليم المحكومين العدليين، وغيرها من المسائل ذات الاهتمام المشترك».

وفي دمشق، قالت لـ«الشرق الأوسط» مصادر متابعة إن «الجانب اللبناني يريد من دمشق تسهيل خطة إعادة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم في سوريا، إلا إن دمشق تتذرع بعدم توفر بيئة ملائمة لعودة اللاجئين إلى المناطق المدمرة، وصعوبة تأمين الخدمات اللازمة لهم، في ظل التضييق الاقتصادي وتدهور الأوضاع المعيشية، في محاولة منها لاستثمار ملف اللاجئين للضغط على الدول العربية التي انفتحت عليها كي تبذل مساعي لدى الإدارة الأميركية من أجل تخفيف العقوبات الاقتصادية الدولية على دمشق، والسماح للشركات الأجنبية والعربية بالمساهمة في عملية إعادة الإعمار».

 وأوضحت المصادر أن «زيارة الوزير اللبناني تأخرت؛ إذ كان متوقعاً أن تتم في يوليو (تموز) الماضي بالترافق مع الانفتاح العربي على دمشق»، لافتة إلى أن «التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة واحتمال توسع الحرب (في غزة) إقليمياً سيرحل ملف اللاجئين إلى قائمة الانتظار، وهو ما ستستغله دمشق لتوسيع هوامش المناورات السياسية على الصعيد العربي».

وكان وزيرا الخارجية السوري واللبناني بحثا في اتصال هاتفي خلال سبتمبر (أيلول) الماضي ملف اللاجئين، وجرى الاتفاق على عقد لقاء بينهما فور عودة الوزير اللبناني من نيويورك، حيث شارك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي سحابة من الدخان ترتفع في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت جراء غارات إسرائيلية (رويترز)

مقتل 6 أشخاص في بعلبك وغارة إسرائيلية «عنيفة» على الضاحية الجنوبية

أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية، مساء السبت، بأن غارة إسرائيلية وصفتها بأنها «عنيفة جداً»، استهدفت منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أعمدة دخان تظهر في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت عقب غارات إسرائيلية (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ «جولة ثالثة» من القصف على الضاحية الجنوبية لبيروت

قال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن طائراته الحربية نفذت جولة ثالثة من القصف على أهداف لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أحد عمال البلدية ينتشل العلم اللبناني من بين الأنقاض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

مسعفة تبحث عن والدها بين الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على شرق لبنان

على خطى والدها علي، انضمت سوزان كركبا إلى صفوف الدفاع المدني في لبنان، لكنها لم تكن لتصدّق أنّها ستُضطر يوماً إلى البحث عن جثته بين أنقاض مركز لجهاز الإسعاف.

«الشرق الأوسط» (دورس)
المشرق العربي بري خلال لقائه السفيرة الأميركية الخميس (مجلس النواب)

بري لـ«الشرق الأوسط»: الورقة الأميركية لا تتضمن حرية حركة لإسرائيل... ولا قوات «أطلسية»

بري تعليقاً على استهداف مسقط رأسه ومناطق نفوذه: ضغط نتنياهو «ما بيمشيش معنا».

ثائر عباس (بيروت)

عودة الحركة إلى معبر البوكمال بعد احتواء توتر عشائري

معبر البوكمال (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
معبر البوكمال (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

عودة الحركة إلى معبر البوكمال بعد احتواء توتر عشائري

معبر البوكمال (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
معبر البوكمال (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

نجحت دمشق في احتواء التوتر في مدينة البوكمال، وفُتح معبر البوكمال الرسمي على الحدود السورية ـ العراقية، بعد نحو 10 أيام من إغلاقه على خلفية اشتباكات عشائرية محلية بين عشيرة الحسون، وعشيرة المشاهدة التي ينضوي عدد من أبنائها في ميليشيا «الفوج 47»، التابعة للحرس الثوري الإيراني.

وشهدت مدينة البوكمال وريفها مواجهات عنيفة، وتم قطع الطرق وإغلاق المعابر مع العراق، وأظهرت العشائر الموالية لدمشق مشاعر كراهية للوجود الإيراني، وصلت حد المطالبة بطرد الميليشيات التابعة لإيران من البوكمال، ما أقلق طهران التي تجهد لتجذير وجودها في دير الزور وإحكام سيطرتها عليها بشتى الوسائل. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الحركة المرورية في معبر البوكمال الرسمي مع العراق عادت بشكل «تدريجي»، وشهد المعبر، صباح اليوم (السبت)، «حركة عبور من الأراضي السورية إلى العراق» وذلك بـ«التوازي مع نشاط الحركة، ونقل البضائع المهربة في معبر السكك غير الرسمي».

اتفاق تهدئة بين عشيرة الحسون وميليشيات «الفوج 47» التابعة للحرس الثوري الإيراني في البوكمال (المرصد السوري)

وجاء ذلك، بعد الأحداث التي تفجّرت في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، قبل أكثر من أسبوع، التي أدت إلى توتر كبير في مدينة البوكمال وأطرافها، وانقطاع الطريق في المدينة والطريق مع العراق.

وأفادت مصادر إعلامية محلية، في وقت سابق، بعبور 3 شاحنات إيرانية مغلقة يوم الجمعة، من العراق باتجاه محافظة حمص وسط سوريا، مع تضارب الأنباء حول محتوياتها، في حين قالت وسائل إعلامية مقربة من دمشق إنها محملة بالمساعدات للبنانيين الوافدين إلى سوريا.

ويعدّ معبر البوكمال، الذي يقابله على الجانب العراقي معبر القائم في محافظة الأنبار، نقطة نفوذ إيرانية استراتيجية، بوصفه بوابةً رئيسيةً للطريق البري الذي يصل إيران بسوريا ولبنان عبر العراق، كما يعدّ معبراً رئيسياً بين سوريا والعراق منذ استعادة دمشق وطهران السيطرة عليه عام 2017، وطرد تنظيم «داعش» منه.

وتجهد إيران في تجذير نفوذها في محافظة دير الزور، حيث تتمركز الميليشيات التابعة لها في مناطق سيطرة دمشق غرب نهر الفرات. وقالت مصادر محلية في دير الزور لـ«الشرق الأوسط» إن إيران تراهن في بسط نفوذها بين العشائر عبر إقناع زعماء العشائر المحلية بأنهم من سلالة آل البيت، وتنشر عبر مراكزها الثقافية معلومات ودراسات تكشف عن الجذور التاريخية لتلك العشائر، في لعب واضح على «وتر الأصل والحسب والنسب» في شد العصب العشائري.

مقاتلون من العشائر في البوكمال (متداولة)

مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، قال (السبت) إن إيران «متمسكة باستمرار نفوذها بشكل كبير جداً في محافظة دير الزور الاستراتيجية، أو في القسم الخاضع لسيطرة قوات النظام والإيرانيين في غرب الفرات، بالإضافة إلى القرى السبع التي تقع بالقرب من قاعدة حقل كونيكو»، وذلك رغم المحاولات الروسية «لتحجيم الدور الإيراني في دير الزور عبر توزيع المساعدات، وإرسال مستشارين وضباط روس مع قوات النظام إلى مناطق السيطرة الإيرانية».

وكان المرصد أصدر تقارير عدة، في وقت سابق، عن إخضاع عناصر محليين تم تجنيدهم لدورات تدريبية. وقال إنه لم يتضح بعد الهدف من تلك الدورات، هل هي لمحاربة «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، أم لمحاربة القوات الأميركية. وقال المرصد إن الذين تم تجنيدهم سابقاً من أبناء دير الزور، وهم بالعشرات، كانوا من المطلوبين للخدمة الإلزامية لدى القوات الحكومية بهدف الإعفاء من الخدمة الإلزامية، وقد تم تدريبهم في أحد المعسكرات في دير الزور لإقحامهم على جبهات الانتشار الإيراني، بعد انحسار حضور الحرس الثوري الإيراني و«حزب الله» اللبناني في دير الزور؛ نتيجة الانصراف إلى مواجهة إسرائيل والتمركز عند الحدود السورية - اللبنانية.

جندي عراقي يراقب الأوضاع بالقرب من الحدود العراقية - السورية عند معبر «البوكمال - القائم» الحدودي (أرشيفية - رويترز)

وبحسب المرصد، تسعى دمشق إلى فرض سيطرتها الكاملة في محافظة دير الزور وتحجيم دور الميليشيات الإيرانية، مع التشكيك بإمكانية تحقيق ذلك بحسب المرصد، الذي أكد أنه حتى الآن لم تنجح دمشق «سوى في القرى السبع في تحجيم دور الإيرانيين والطلب منهم الخروج من المنطقة وعدم استهداف القواعد الأميركية»، لكن الميليشيات الإيرانية باتت «تستهدف القواعد الأميركية من ضفاف نهر الفرات الغربية».