واشنطن ترفض تهديدات إيران و«حزب الله» بجرّ لبنان إلى حرب جديدة

شيا في الذكرى الـ40 لتفجير مقر المارينز: ننبذ محاولات تشكيل المنطقة «بالعنف والإرهاب»

إحياء الذكرى الأربعين لتفجير مقر المارينز في بيروت (السفارة الأميركية)
إحياء الذكرى الأربعين لتفجير مقر المارينز في بيروت (السفارة الأميركية)
TT

واشنطن ترفض تهديدات إيران و«حزب الله» بجرّ لبنان إلى حرب جديدة

إحياء الذكرى الأربعين لتفجير مقر المارينز في بيروت (السفارة الأميركية)
إحياء الذكرى الأربعين لتفجير مقر المارينز في بيروت (السفارة الأميركية)

أعلنت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، رفض واشنطن والشعب اللبناني «تهديدات البعض بجرّ لبنان إلى حرب جديدة»، مشددة في الذكرى الـ40 لتفجير مقرّ مشاة البحرية الأميركية في بيروت على «أننا مستمرون في نبذ أي محاولات لتشكيل مستقبل المنطقة من خلال الترهيب والعنف والإرهاب»، في إشارة إلى «حزب الله» وإيران وحركة «حماس».

وأحيت السفارة الأميركية في بيروت، الاثنين، الذكرى الأربعين لتفجير مقرّ مشاة البحرية الأميركية في بيروت في 23 أكتوبر (تشرين الأول) 1983، حيث قام انتحاري بتفجير المقر مما أسفر عن مقتل 241 جندياً أميركياً، وتلاه بلحظات انفجار آخر في مقر المظليين الفرنسيين، وأدى إلى مقتل 58 مظلياً فرنسياً. وشارك السفير الفرنسي في بيروت هيرفي ماغرو في الفعالية، ووضع السفيران إكليلاً من الزهر على النصب التذكاري في السفارة الأميركية المزيَّن بعبارة «لقد أتوا بسلام».

وقالت شيا في المناسبة: «قبل 40 عاماً، كان الشعب اللبناني في منتصف طريق الحرب الأهلية المروعة التي أدّت إلى مقتل عشرات الآلاف ودفعت ما يقارب مليون لبناني إلى الفرار من منازلهم. بناءً على طلب الحكومة اللبنانية، شكّلت الولايات المتحدة، إلى جانب حلفائنا الفرنسيين والإيطاليين والمملكة المتحدة، قوة جديدة متعددة الجنسيات لمساعدة الحكومة اللبنانية على استعادة السيادة الكاملة على بيروت وكلّ لبنان، أو، كما قال الرئيس رونالد ريغان في ذلك الوقت، لضمان (السماح للشعب اللبناني برسم مستقبله). هذا طموح لا نزال نتمسك به». ولفتت إلى أنه في عام 1982، وصل 800 عنصر تقريباً من مشاة البحرية الأميركية (المارينز) إلى بيروت، وكانوا «شباباً أمامهم مستقبل مشرق، ولديهم التزام عميق بخدمة بلدهم والقيم التي نعتزّ بها كأميركيين ولبنانيين»، مذكّرة بأنه «قبل لحظات قليلة فقط من الموعد المقرر لمنبه الصباح، تم قطع مستقبلهم المشرق في غضون ثوانٍ»، وذلك عندما «قاد انتحاريّ شاحنة مملوءة بالمتفجرات إلى المقر وقام بتفجيره، في هجوم تم تنفيذه بدعم من إيران، وتحوّل هذا المبنى إلى أنقاض».

حرمان المستقبل

وأضافت: «خلال ثوان قليلة، حرم عمل إرهابي جبان هؤلاء الجنود من مستقبلهم المشرق. لقد تُركت عائلات حزينة إلى الأبد بسبب خسارة لا يمكن تصوّرها، كما تركت الأمة بأكملها في حالة صدمة». وبعد دقائق من التفجير «ضرب انتحاري ثان ثكنة دراكار الفرنسية، وقتل 58 مظلياً فرنسياً».

وقالت شيا: «نحن هنا أيضاً لنقول بشكل لا لبس فيه أن التزامنا تجاه شعب لبنان أقوى بكثير من أي عمل جبان من أعمال العنف أو الإرهاب»، مضيفة: «اليوم، نحن نرفض، ويرفض الشعب اللبناني تهديدات البعض بجرّ لبنان إلى حرب جديدة. ونحن مستمرون في نبذ أي محاولات لتشكيل مستقبل المنطقة من خلال الترهيب والعنف والإرهاب».

«نحن هنا أيضاً لنقول بشكل لا لبس فيه أن التزامنا تجاه شعب لبنان أقوى بكثير من أي عمل جبان من أعمال العنف أو الإرهاب»

السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا

وتابعت شيا: «إنني هنا أتحدث ليس فقط عن إيران و(حزب الله)، بل وأيضاً عن (حماس) وآخرين، الذين يصوّرون أنفسهم كذباً على أنهم مقاومة نبيلة، والذين، ومن المؤكّد، لا يمثلون تطلّعات أو قيم الشعب الفلسطيني، في حين أنهم يحاولون حرمان لبنان وشعبه من مستقبلهم المشرق».
وأضافت: «شعار مشاة البحرية الأميركية هو الإخلاص دائماً. واليوم، بعد مرور 40 عاماً على تفجير مقر مشاة البحرية، نحن مخلصون إلى الأبد لذكرى هؤلاء الجنود البالغ عددهم 241 جندياً، وجميع هؤلاء؛ من أميركيين ولبنانيين وغيرهم، ضحوا بحياتهم لدعم السلام. إننا مخلصون إلى الأبد لقيمنا ومبادئنا، وهي القيم والمبادئ نفسها التي أتت بقوات مشاة البحرية الأميركية إلى هنا في الثمانينات، والتي أعرف أننا؛ بصفتنا أميركيين ولبنانيين، نتقاسمها اليوم. أولئك منا الذين يخدمون هنا اليوم ويواصلون العمل يوميّاً لتعزيز تلك القيم ولنكون قوّة إيجابيّة من أجل السلام والاستقرار والوحدة الوطنيّة في لبنان، واليوم، على وجه الخصوص، نفعل ذلك تخليداً لذكرى أولئك الذين دفعوا الثمن الباهظ».
وإلى جانب احتفال السفارة الأميركية، زرع أعضاء مفرزة مشاة البحرية شجر أرز في «محمية أرز الشوف الطبيعية» لتكريم الجنود الأميركيين الذين قضوا في عام 1983.


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»
أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»
TT

«جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع

أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»
أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

ينشغل الفضاء السياسي والشعبي العراقي بصورة جدية هذه الأيام باحتمالات توسيع إسرائيل دائرة حربها، لتشمل أهدافاً كثيرة في عموم البلاد؛ رداً على الهجمات التي تشنها فصائل مسلحة، في حين أشار مصدر مقرب من «التحالف الحاكم» إلى أن جرس الإنذار السياسي يرن في مكاتب الأحزاب الرئيسة هذه الأيام.

وغالباً ما يرتبط الانشغال بمخاوف جدية من استهداف مواقع رسمية ربما تمتد لتشمل مقار حكومية وحقول نفط ومواقع استراتيجية، ولا تقتصر على مقار ومعسكرات الفصائل المتهمة بمهاجمة إسرائيل، حسب مصادر مقربة من قوى «الإطار التنسيقي». وتنقل مصادر صحافية «تقديرات حكومية» عن إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي».

توسيع دائرة الحرب

يبدو أن المخاوف العراقية السائدة، خصوصاً داخل الأوساط السياسية، إلى جانب الشكوى الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، أمام مجلس الأمن الدولي ضد 7 فصائل مسلحة، وتحميل بغداد الهجمات التي تشنها الفصائل ضدها؛ دفعت الحكومة العراقية وعبر وزارة خارجيتها إلى توجيه رسائل رسمية إلى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي؛ رداً على التهديدات الإسرائيلية ضد العراق.

وقالت وزارة الخارجية، السبت، إن «العراق يُعد ركيزة للاستقرار في محيطيه الإقليمي والدولي، ومن بين الدول الأكثر التزاماً بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة».

وأضافت أن «رسالة الكيان الصهيوني إلى مجلس الأمن تمثّل جزءاً من سياسة ممنهجة؛ لخلق مزاعم وذرائع بهدف توسيع رقعة الصراع في المنطقة».

وشددت الوزارة على أن «لجوء العراق إلى مجلس الأمن يأتي انطلاقاً من حرصه على أداء المجلس لدوره في حفظ السلم والأمن الدوليين، وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لوقف العدوان الصهيوني في قطاع غزة ولبنان، وإلزام الكيان الصهيوني بوقف العنف المستمر في المنطقة والكف عن إطلاق التهديدات».

وتابعت أن «العراق كان حريصاً على ضبط النفس فيما يتعلق باستخدام أجوائه لاستهداف إحدى دول الجوار». وشدد على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية التي تشكّل انتهاكاً صارخاً لمبادئ القانون الدولي».

وأكدت «الخارجية» العراقية «الدعوة إلى تضافر الجهود الدولية لإيقاف التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، وضمان احترام القوانين والمواثيق الدولية، بما يُسهم في تعزيز الأمن والاستقرار».

وقد طلب العراق تعميم الرسالة على الدول الأعضاء وإيداعها بوصفها وثيقة رسمية لدى المنظمات المعنية، حسب بيان «الخارجية».

السوداني خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن الوطني (رئاسة الوزراء العراقية)

أجواء ما قبل الضربة

يقول مصدر مقرّب من «الإطار التنسيقي»، إن «الأحزاب الشيعية الرئيسة تنظر بجدية بالغة إلى حجم التهديدات الإسرائيلية، وتحثّ حكومة السوداني على اتخاذ جميع الوسائل والإجراءات الكفيلة بتجنيب البلاد ضربة إسرائيلية محتملة».

ويؤكد المصدر «قيام جميع قادة الفصائل والقادة الشيعة البارزين باختيار مواقع بديلة، وتتحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد استبدال أماكن أخرى بمعظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وحول ما يتردد عن طيران إسرائيلي يجوب الأجواء العراقية، ذكر أن «لا شيء مؤكداً حتى الآن، لكنه غير مستبعد، خصوصاً أن الأجواء العراقية تسيطر عليها القوات الأميركية، وليست لدى العراق قدرة على إيقاف تلك الخروقات، ويفترض أن تقوم الجهات الأمنية بتبيان ذلك».

وتقدّم العراق رسمياً، نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمذكرة احتجاج رسمية إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وإلى مجلس الأمن الدولي، تضمّنت إدانة «الانتهاك الصارخ» الذي ارتكبته إسرائيل بخرق طائراتها أجواءَ العراق وسيادته، واستخدام مجاله الجوي لضرب إيران.

دبلوماسية وقائية

يقول المحلل والدبلوماسي السابق غازي فيصل، إن الرسائل التي وجّهتها الحكومة العراقية إلى مجلس الأمن وبقية المنظمات الدولية والإسلامية، بمثابة «دبلوماسية وقائية»، تريد من خلالها تجنيب البلاد ضربة إسرائيلية محتملة.

ويعتقد فيصل أن الهجوم الإسرائيلي إذا وقع فإنه «سيستهدف فصائل مسلحة سبق أن وجّهت أكثر من 200 طائرة وصاروخ، ومستمرة في تهديداتها».

ويؤكد أن «فصائل مسلحة عراقية موالية لطهران تحشد في منطقة قضاء سنجار التي تمثّل موقعاً استراتيجياً على الطريق بين إيران والأراضي السورية للدعم اللوجيستي وتسليح القواعد في سوريا والعراق، وشن هجمات نحو القوات الأميركية و(التحالف الدولي)، والجولان، وهي واحدة من القواعد الاستراتيجية المهمة لـ(الحرس الثوري) الإيراني في العراق».

ويضيف فيصل أن «الفصائل المسلحة تصر على الاستمرار في الحرب، وترفض موقف الحكومة الذي يدعو إلى التهدئة والحياد ورفض الاعتداءات الإسرائيلية، وضمان حق الشعب الفلسطيني ورفض الاعتداء على لبنان».

كما أن رسائل الحكومة تأتي في سياق أنها «ليست مسؤولة بشكل مباشر عن استراتيجية الفصائل التي هي استراتيجية ولاية الفقيه الإيرانية. الرسالة جزء من الدبلوماسية الوقائية لتجنيب العراق الحرب ونتائجها الكارثية».

وسبق أن كرّر العراق مراراً عدم سماحه باستخدام أراضيه لمهاجمة دول الجوار أو أي دولة أخرى؛ لكن بعض الآراء تميل إلى أنه قد يسمح لإيران بذلك في حال شنّت إسرائيل هجوماً عليه.

عناصر من «حركة النجباء» العراقية خلال تجمع في بغداد (أرشيفية - أ.ف.ب)

300 هجوم إسرائيلي

من جانبه، تحدّث عمر الشاهر -وهو صحافي عراقي مطلع على نقاشات النخبة السياسية حول التصعيد في المنطقة- أن «الحكومة لديها تقديرات مقلقة بشأن الأمن القومي العراقي، تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد إلى قرابة 300 هجوم من طرف الكيان اللقيط المغتصب، في بحر 3 أيام».

وقال الشاهر، في تدوينة له عبر «فيسبوك»: «ليست هناك معلومات محددة عن طبيعة الأهداف ونوعيتها، ولكن فكرة تعرّض العراق إلى 100 هجوم يومياً على مدار 3 أيام جديرة بإثارة الهلع!».

وأضاف أن «جزءاً كبيراً من المعلومات التي استندت إليها حكومتنا في بناء تقديراتها، جاء من حلفاء دوليين كبار، تتقدمهم الولايات المتحدة، وأجزاء أخرى متفرقة جاءت من حلفاء ثانويين، ومن أطراف عراقية متداخلة في التطورات الإقليمية الراهنة».