إسرائيل عازمة على مواصلة حربها بعد إطلاق «حماس» رهينتين أميركيتين

غالانت وصل قرب حدود غزة وتابع الجاهزية لتنفيذ غزو بري محتمل

ناتالي رعنان (يسار) وجوديث تاي رعنان تتحدثان عبر الهاتف مع الرئيس الأميركي جو بايدن بعد احتجازهما كرهينتين وإطلاق سراحهما لاحقًا من قبل «حماس» (أ.ف.ب)
ناتالي رعنان (يسار) وجوديث تاي رعنان تتحدثان عبر الهاتف مع الرئيس الأميركي جو بايدن بعد احتجازهما كرهينتين وإطلاق سراحهما لاحقًا من قبل «حماس» (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل عازمة على مواصلة حربها بعد إطلاق «حماس» رهينتين أميركيتين

ناتالي رعنان (يسار) وجوديث تاي رعنان تتحدثان عبر الهاتف مع الرئيس الأميركي جو بايدن بعد احتجازهما كرهينتين وإطلاق سراحهما لاحقًا من قبل «حماس» (أ.ف.ب)
ناتالي رعنان (يسار) وجوديث تاي رعنان تتحدثان عبر الهاتف مع الرئيس الأميركي جو بايدن بعد احتجازهما كرهينتين وإطلاق سراحهما لاحقًا من قبل «حماس» (أ.ف.ب)

تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «بالقتال حتى النصر» في غزة، مما يشير إلى عدم توقف القصف العسكري أو التراجع عن الغزو البري المتوقع للقطاع بعد أن أفرجت حركة (حماس) عن رهينتين أميركيتين.

وأطلقت حركة «حماس» التي تحكم قطاع غزة أمس (الجمعة) سراح الأميركية جوديث (59 عاما) وابنتها ناتالي (17 عاما) اللتين اختطفتا في هجومها على جنوب إسرائيل يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وأظهرت صورة نشرتها وكالة «رويترز» للأنباء بعد إطلاق سراحهما الأم وابنتها محاطتين بثلاثة جنود إسرائيليين وتمسك كل واحدة منهما بإحدى يدي جال هيرش المنسق الإسرائيلي لشؤون الأسرى والمفقودين.

جوديث تاي رعنان وابنتها ناتالي شوشانا رعنان المواطنتان الأميركيتان اللتان تم احتجازهما كرهائن من قبل مسلحي «حماس» الفلسطينية تسيران وهما يمسكان بيدي عميد بالجيش الإسرائيلي (رويترز)

وقال أوري رعنان والد الفتاة والذي تم الاتصال به عبر الهاتف في بانوكبيرن بولاية إلينوي خارج شيكاغو إنه تحدث مع ابنته عبر الهاتف. وأضاف «تبدو في حالة جيدة تماما وسعيدة للغاية».

وكانت الأم وابنتها أول رهينتين أكد الجانبان إطلاق سراحهما، منذ أن اقتحم مسلحون من «حماس» بلدات إسرائيلية وقتلوا 1400 شخص معظمهم من المدنيين واختطفوا نحو 200.

وقال نتنياهو في بيان صدر في وقت متأخر من مساء أمس (الجمعة) «اثنان من مختطفينا موجودان في الوطن. لن نتخلى عن جهودنا لإعادة جميع المختطفين والمفقودين». وأضاف «وفي الوقت نفسه سنواصل القتال حتى النصر».

وقال أبو عبيدة المتحدث باسم «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لـ«حماس» في بيان «استجابة لجهود قطرية أطلقنا سراح محتجزتين أميركيتين (أُم وابنتها) لدواع إنسانية، ولنثبت للشعب الأميركي والعالم أن ادعاءات (الرئيس جو) بايدن وإدارته الفاشية هي ادعاءات كاذبة لا أساس لها من الصحة».

رجل يقود دراجته وسط الدمار في قطاع غزة (رويترز)

وتحشد إسرائيل دبابات وقوات بالقرب من قطاع غزة استعدادا لغزو بري محتمل. وأدى قصفها لغزة إلى مقتل ما لا يقل عن 4137 فلسطينيا بينهم مئات الأطفال بالإضافة إلى تشريد أكثر من مليون شخص، وفقا لما ذكره مسؤولون فلسطينيون.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أمام لجنة بالكنيست إن تحقيق إسرائيل لأهدافها لن يكون سريعا أو سهلا. وتابع «سنطيح بمنظمة (حماس). سندمر بنيتها العسكرية والحكومية. إنها مرحلة لن تكون سهلة. سيكون لها ثمن». وقال إن المرحلة اللاحقة ستكون أطول لكنها تهدف إلى تحقيق «وضع أمني مختلف تماما» لن يشكل أي تهديد لإسرائيل من غزة. وأردف «ليس يوما وليس أسبوعا وللأسف ليس شهرا».

وقد أفادت صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية اليوم السبت بأن غالانت وصل قرب حدود قطاع غزة في ساعة متأخرة من الليل للقاء مسؤولين في الجيش. وأوضحت الصحيفة أن غالانت تابع عن كثب جاهزية القوات الإسرائيلية للقيام بغزو بري محتمل للقطاع.

* قصف ليلي عنيف

أفادت وسائل الإعلام الفلسطينية بوقوع قصف إسرائيلي عنيف في غزة خلال الليل وشمل ذلك قصف منزل في جباليا شمال غزة مما أدى إلى مقتل 19 شخصا على الأقل.

وقالت وسائل الإعلام إن طائرات إسرائيلية قصفت ستة منازل في شمال قطاع غزة في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت) مما تسبب في مقتل ثمانية فلسطينيين على الأقل وإصابة 45 آخرين.

ولم يصدر تعليق فوري من الجيش الإسرائيلي.

وقالت بطريركية القدس للروم الأرثوذكس وهي الطائفة الرئيسية للمسيحيين الفلسطينيين إن القوات الإسرائيلية قصفت كنيسة القديس برفيريوس في مدينة غزة وهي الكنيسة التي لجأ إليها المئات من المسيحيين والمسلمين.

وقد طلبت إسرائيل بالفعل من جميع المدنيين إخلاء النصف الشمالي من قطاع غزة، الذي يضم مدينة غزة. ولم يغادر الكثير من السكان بعد قائلين إنهم يخشون فقدان كل شيء وليس لديهم مكان آمن يذهبون إليه مع تعرض المناطق الجنوبية للهجوم أيضا.

وردا على سؤال عما إذا كانت إسرائيل قد اتبعت حتى الآن قوانين الحرب في ردها على هجوم «حماس»، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس (الجمعة) أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها والتأكد من عدم قدرة «حماس» على شن هجمات مرة أخرى. وأضاف «من المهم أن تتم العمليات وفقا للقانون الدولي والقانون الإنساني وقانون الحرب... سيكون هناك متسع من الوقت لإجراء تقييمات حول كيفية إجراء هذه العمليات ولكن لا يمكنني إلا أن أقول من جانب الولايات المتحدة، هذا لا يزال مهما بالنسبة لنا».

وقال مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن أكثر من 140 ألف منزل، ما يقرب من ثلث جميع المنازل في غزة، لحقت بها أضرار بالإضافة إلى تدمير ما يقرب من 13 ألف منزل بالكامل.

وقد تركز الاهتمام الدولي على إيصال المساعدات إلى غزة عن طريق معبر رفح المصري.

وقال بايدن، الذي زار إسرائيل يوم الأربعاء إنه يعتقد أن الشاحنات المحملة بالمساعدات ستمر خلال 24 أو 48 ساعة.

وتفقد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش المعبر من على الجانب المصري أمس الجمعة، ودعا إلى دخول عدد كبير من الشاحنات إلى غزة كل يوم وأن تكون عمليات التفتيش، التي تصر إسرائيل عليها لمنع وصول المساعدات إلى «حماس»، سريعة وعملية.

وقد عرض معظم الزعماء الغربيين حتى الآن الدعم للحملة التي تشنها إسرائيل على «حماس» رغم تزايد القلق بشأن محنة المدنيين في غزة.

ودعت دول إسلامية كثيرة إلى وقف فوري لإطلاق النار ونظمت أمس الجمعة احتجاجات في مدن بأنحاء العالم الإسلامي تطالب بوقف القصف.

وفي الضفة الغربية المحتلة، التي اندلعت فيها أعمال عنف منذ بدء القصف الإسرائيلي لغزة، قتلت القوات الإسرائيلية بالرصاص فتى فلسطينيا خلال اشتباكات بالقرب من مدينة أريحا.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الفتى يدعى محمد سليمان عواجنة (17 عاما)، ليرتفع بذلك عدد القتلى الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) إلى 84.


مقالات ذات صلة

هل يوقف التصعيد إنتاج الغاز الإسرائيلي؟

الاقتصاد صورة أرشيفية لحقل ليفياثان الإسرائيلي (رويترز)

هل يوقف التصعيد إنتاج الغاز الإسرائيلي؟

قررت شركة الطاقة الأميركية العملاقة «شيفرون»، التي تدير حقل «ليفياثان» الإسرائيلي قبالة ساحل البحر المتوسط، تعليق العمل في مد خط أنابيب بحري.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (يسار) ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (وزارة الدفاع الأميركية)

تقرير: إلغاء زيارة وزير دفاع إسرائيل لأميركا يعكس الخلافات بين البلدين قبل الرد على إيران

سلطت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية الضوء على إلغاء الحكومة الإسرائيلية بشكل مفاجئ الزيارة المقررة من قبل أعلى مسؤول دفاعي في إسرائيل وهو وزير الدفاع يوآف غالانت

«الشرق الأوسط» ( واشنطن)
المشرق العربي أهالي ينعون جثمان سجى خريوش وزوجها وطفليها وشقيقها الذين استشهدوا في غارة إسرائيلية خلال جنازتهم في مخيم بالضفة الغربية 4 أكتوبر الحالي (رويترز)

بينهم أسرى سابقون... إسرائيل تعتقل 25 فلسطينياً من الضفة الغربية

اعتقلت القوات الإسرائيلية 25 فلسطينياً على الأقل من الضفة، بينهم أطفال، وسيدة، إضافة إلى أسرى سابقين.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الدخان يتصاعد مع تواصل القتال بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» (رويترز) play-circle 00:28

مقتل إسرائيليين اثنين جراء صواريخ أطلقت من لبنان على كريات شمونة

قتل إسرائيليان اليوم (الأربعاء) جراء صورايخ أطلقت من لبنان على كريات شمونة بشمال إسرائيل، وفق مسعفين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أم فلسطينية تدعى رحاب تنعى ابنها محمد البالغ من العمر 14 عاماً في مستشفى الأقصى بدير البلح في غزة والذي قُتل إثر غارة إسرائيلية (إ.ب.أ)

مقتل 16 فلسطينياً بينهم 9 من عائلة واحدة في قصف إسرائيلي على غزة

قتل 16 فلسطينياً، بينهم 9 من عائلة واحدة، في الساعات الأولى من صباح اليوم (الأربعاء) جراء غارات إسرائيلية على حي الشجاعية.

«الشرق الأوسط» (غزة )

أسئلة حول حصر تكليف قاسم لـ«الأخ الأكبر» بوقف النار؟

نعيم قاسم في إطلالته الأخيرة: ندعم الحراك السياسي لـ«الأخ الأكبر» نبيه برّي (الشرق الأوسط)
نعيم قاسم في إطلالته الأخيرة: ندعم الحراك السياسي لـ«الأخ الأكبر» نبيه برّي (الشرق الأوسط)
TT

أسئلة حول حصر تكليف قاسم لـ«الأخ الأكبر» بوقف النار؟

نعيم قاسم في إطلالته الأخيرة: ندعم الحراك السياسي لـ«الأخ الأكبر» نبيه برّي (الشرق الأوسط)
نعيم قاسم في إطلالته الأخيرة: ندعم الحراك السياسي لـ«الأخ الأكبر» نبيه برّي (الشرق الأوسط)

يسجّل عدد من أصدقاء «حزب الله» عتبه على نائب أمينه العام، الشيخ نعيم قاسم، لتأييده «الأخ الأكبر»، رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، في حراكه الذي يقوده بعنوانه الأساسي «وقف النار»، وأن «لا محل، قبل وقفه، لأي نقاش بالنسبة إلينا»، من دون أن يتبنّى حَرفية الموقف الذي توصّل إليه برّي في اجتماعه برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، الذي أرفقه بطلب نشر الجيش اللبناني في جنوب الليطاني، وتطبيق القرار 1701؛ كونه يشكّل الآلية المطلوبة دولياً لعودة الهدوء إلى الجنوب.

فقاسم لم يكن مضطراً لحصر تأييده لبرّي بوقف النار، ولم يكن ليلقى إحراجاً داخل الحزب ما دام أن أمينه العام حسن نصر الله، قبل اغتياله بساعات، كان وافق على هذه الآلية لعودة الاستقرار إلى الجنوب، والتي شكّلت الضوء الأخضر الذي شجّع ميقاتي للسفر إلى نيويورك، وأن يتلاقى في خطابه مع النداء الأميركي - الفرنسي المدعوم دولياً لوقف النار، برغم أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو هو من أردى هذا النداء أرضاً، مستعصياً على إرادة المجتمع الدولي، بانقلابه على موافقته، بعد أن قطع وعداً للرئيس الأميركي جو بايدن بتأييده.

بين موقف قاسم وبيان «المقاومة الإسلامية»

وبرغم أن نتنياهو هو من تصدى للنداء، ولم يسمح له بأن يرى النور، فلا مجال، كما يقول هؤلاء الأصدقاء، لترف الوقت، وكان الأفضل لنعيم قاسم تدعيم الموقف اللبناني بتأييده - بلا شروط - ثلاثيةَ: وقف النار، ونشر الجيش، وتطبيق القرار 1701، في ضوء ما يُنقَل على لسان السفيرة الأميركية لدى لبنان، ليزا جونسون، بأن النداء لم يَمُت ولا يزال مطروحاً على الطاولة، وأن الرئيس بايدن يواصل ضغطه على نتنياهو؛ للعودة عن تعطيل تطبيقه، الذي يحظى بتأييد لبناني كان موضع إشادة من قِبلها، حسبما أبلغته إلى كبار المسؤولين الذين التقتهم في الساعات الأخيرة.

ومع أن قاسم تجنّب استحضار إسناد الحزب حركة «حماس» في غزة، في إطلالته الثانية على جمهور المقاومة وبيئته، مكتفياً بالقول إن جبهة لبنان مسانِدة لغزة، واستنزفت العدو 11 شهراً، مدافعاً عن إيران في دعمها للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية، فإنه في المقابل أغفل الإشارة إلى الربط بين جبهتَي غزة والجنوب، بخلاف البيان الصادر عن غرفة عمليات «المقاومة الإسلامية»، الذي جاء بعد انقضاء ساعات على خطاب قاسم، وورد فيه حرفياً: «أمّا لغزة الحبيبة فنقول: نحن على العهد والوعد، ولن نتخلى عن دعمنا وإسنادنا لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة ومقاومته الباسلة والشريفة، وهذه وصية سيد شهداء طريق القدس، وهي أمانة في أعناقنا ونحن أهل الأمانة».

موقف بلا مفاعيل على الأرض

فهل جاء البيان في سياق الحرص على تسجيل موقف مبدئي تحت عنوان أن لا خيار للمقاومة الإسلامية سوى مُضيّها في إسناد «حماس»؛ التزاماً بموقفها المبدئي الداعم لها، وأنه لن يترتب على هذا الموقف مفاعيل على الأرض، في حال أن الجنوب بدأ يستعيد هدوءه بضغط من واشنطن على نتنياهو لوقف عدوانه وتَماديه في تدمير القرى وإحراقها، وهذا ما يقطع الطريق على من يراهن بأن المقاومة تتمايز - في موقفها بعدم الفصل بين الجبهتين - عن قاسم، ويحاول أن يؤسّس عليه سياسياً إلى أن يكتشف أن رهانه في غير محله، وأن التنسيق قائم، ولا مجال لاستحضار خلاف لا أساس له من الصحة.

لذلك، تبقى الكلمة للميدان في الجنوب، وإسناد «المقاومة الإسلامية» لـ«حماس» ما هو إلا ورقة سياسية لم يَعُد لها دور في ظل التراجع الملحوظ لـ«حماس» في تصدّيها لإسرائيل، ولا يمكن للحزب التفريط بها ما لم تُصرَف في وضع حدّ للعدوان الإسرائيلي، في ظل ارتفاع المخاوف من طول أمد الحرب إلى ما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية، تحت ضغط الابتزاز الذي يمارسه نتنياهو لتغيير الوضع في الجنوب، على نحو يؤدي إلى تبدُّل ميزان القوى في الشرق الأوسط.

عراقجي والذراع العسكرية للحزب

وعليه، فإن تجنّب قاسم الإشارة إلى الربط بين الجبهتين يأتي ترجمةً لانسجامه مع المداولات التي دارت بين برّي وميقاتي وجنبلاط، وانتهت إلى صرف النظر عن التلازم بين غزة والجنوب، بينما لا تستبعد مصادر مواكِبة أن الدوافع التي أمْلت على وزير خارجية إيران عباس عراقجي في زيارته لبيروت، التمسكَ بالتلازم بين الجبهتين، هي اعتقاده بأن القرار يعود للذراع العسكرية لـ«حزب الله» الذي هو على صلة وثيقة بـ«الحرس الثوري»، ما يُملي عليه إيداع قرار وقف النار في عهدة طهران التي تتحضر لرد إسرائيل على قصفها عدداً من منشآتها؛ ثأراً منها لاغتيالها رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية في عقر دار «الحرس الثوري»، واغتيال الأمين العام لـ«حزب الله».

وبكلام آخر، هل تتريث «المقاومة الإسلامية» في حسم أمرها حيال الفصل بين الجبهتين إلى ما بعد قيام إسرائيل بالرد على إيران، ليكون في وسع الأخيرة تحديد المسار العام للمواجهة التي يمكن أن تتوسّع من الجنوب نحو الإقليم، في حال أن واشنطن لم تتمكّن من ضبط إيقاع الرد الإسرائيلي بشكل لا يجعله يخرج عن طابع السيطرة، أسوةً بضبط إيقاع الردود التي حصلت بين طهران وتل أبيب في أعقاب قيام الأخيرة باستهداف القنصلية الإيرانية في دمشق؟

تبادل أدوار؟

لكن هناك من يدعو إلى عدم الذهاب بعيداً في الاجتهاد بتقديم التباين بين قاسم و«المقاومة الإسلامية»، حول الربط بين الجبهتين وكأنه قائم حُكماً، ويتعامل معه على أنه مجرد تبادل لوجهات النظر على قاعدة توزيع الأدوار، وبالتالي لن يكون حاضراً في حسابات الحزب الذي قطع شوطاً على طريق استيعابه للصدمة التي هزّته باغتيال نصر الله، وهو يكاد الآن يستعيد عافيته بملء الشواغر في الميدان التي نجمت عن اغتيال أبرز قياداته وكوادره العسكرية.

وفي هذا السياق تُبدي المصادر تفاؤلها بديمومة العلاقة بين الحزب وبرّي، وتقول إن تفويضه لم يكن عابراً ومرحلياً لتقطيع الوقت، وإنما ينم عن رغبة الحزب في تعزيز تحالُفه مع «أمل»، وأن مقاربتهما للملف الرئاسي تشكّل محطة لاختبار عمق تعاونهما، وتفهّم برّي لوجهة نظر الحزب بإصراره على ترحيل انتخاب الرئيس إلى ما بعد تبيان الوجهة النهائية للحرب في الجنوب، وبالتالي فإن الحراك الرئاسي يبقى تحت سقف ملء الفراغ إلى حين توافر الشروط لانتخابه.