إسرائيل تصعّد في غزة بعد حكومة الطوارئ وتمهد لمرحلة ثانية

أعداد الضحايا تفوق القدرة الاستيعابية للنظام الصحي... و«القسام» تتعهد بمفاجآت

إجلاء الجرحى بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم رفح للاجئين (أ.ب)
إجلاء الجرحى بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم رفح للاجئين (أ.ب)
TT

إسرائيل تصعّد في غزة بعد حكومة الطوارئ وتمهد لمرحلة ثانية

إجلاء الجرحى بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم رفح للاجئين (أ.ب)
إجلاء الجرحى بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم رفح للاجئين (أ.ب)

قضت إسرائيل على عائلات بأكملها، ومحت أحياء كبيرة في قطاع غزة، بعد ساعات من إعلان حكومة طوارئ في إسرائيل تقود الحرب، وتعهّد وزير الدفاع يوآف غالانت بـ«محو (حماس) من على وجه الأرض».

وفي حين قصفت إسرائيل طوال فجر يوم الخميس مناطق واسعة في قطاع غزة، وهدمت المنازل والعمارات على رؤوس ساكنيها، وقتلت مئات الفلسطينيين، معلنةً أنها جاهزة لدخول بري، تعهدت «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» بهزيمة الجيش الإسرائيلي على أرض غزة، ولمحت إلى مرحلة ثانية في الحرب ستفاجئ إسرائيل.

وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هجاري، إن الجيش استهدف قوات النخبة في «حماس»، في هجماتها الأخيرة، وقتل محمد أبو شمالة القائد الكبير في القوات البحرية التابعة للحركة في جنوب قطاع غزة، ومصطفى شاهين، ناشط «حماس» الذي قام بتصوير وبث الهجوم الذي نفذته الحركة، متعهداً: «سنصفي الحسابات مع كل مَن شارك في فظائع الحرب».

سحابة دخان تغطي غزة نتيجة القصف المكثف يوم الخميس (أ.ف.ب)

لكن في غزة، نفت «حماس» أن تكون إسرائيل استهدفت قوات النخبة، وقالت إن القصف الانتقامي استهدف المدنيين الآمنين، وهي مسألة أكدتها مشاهد الدمار التي لحقت بأحياء وأبراج ومناطق كاملة جرى فيها هدم منازل على رؤوس ساكنيها؛ ما اضطر الفلسطينيين للعمل ساعات طويلة من أجل من انتشال الجثامين التي رفعت عدد الذين قتلتهم إسرائيل منذ بداية الهجوم إلى نحو 1500.

وأطلقت إسرائيل عشرات الصواريخ والقنابل على منطقة أبراج المخابرات شمال غربي مدينة غزة، ومناطق واسعة على طول الحدود شمال القطاع وغرب بلدة بيت لاهيا وفي رفح ودير البلح والنصيرات وخانيونس والشاطئ ورفح وحجر الديك.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن «قطاع غزة بات منطقة منكوبة إنسانياً على مختلف الصعد، بسبب القصف والدمار وإطباق الحصار في ما يمثل جريمة عقاب وإبادة جماعية».

مشيعو عائلة أبو الريش الذين قُتلوا خلال غارة جوية إسرائيلية على خان يونس جنوب غزة الخميس (أ.ف.ب)

وأوضح المكتب الإعلامي في بيان أن «عدد الشهداء بلغ 1354 شهيداً و6049 جريحاً، منهم أكثر من 60 في المائة نساء وأطفال، بينما هناك 1140 مصاباً و303 شهداء خلال الـ24 ساعة الماضية».

وبحسب بيان المكتب، فإن عدد النازحين بلغ قرابة 350 ألف نازح توزعوا في 110 مركز إيواء، ولدى أقارب أو معارف.

واتهم المكتب الإعلامي الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب قرابة 30 مجزرة ضد العائلات، وذكر أنه تم تدمير 752 مبنى سكنياً و2835 وحدة في صورة هدم كلي، و32000 وحدة بها ضرر بليغ، منها 1791 وحدة غير صالحة للسكن، بينما تم تدمير 42 مقراً حكومياً وعشرات المرافق والمنشآت العامة.

ومع استمرار القصف، اليوم (الخميس)، ارتفعت بسرعة أعداد الضحايا، وأعلنت وزارة الصحة أن حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي الشامل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة حتى مساء الخميس «ارتفعت إلى 1448 شهيداً و6868 مصاباً، نصفهم من الأطفال والنساء».

الارتفاع الكبير في عدد الضحايا خلال يوم واحد أربك النظام الصحي المحاصَر أصلاً الذي يعاني نقصاً حاداً في الأدوات الطبية، ولم يجد متسعاً للجثامين والجرحى.

وأظهرت صور في ساحة مجمع الشفاء الطبي جثامين العشرات من الضحايا مسجاة هناك بعدما امتلأت ثلاجات الموتي، بينما كان عشرات الجرحى بلا أسرّة.

فلسطينيون تجمعوا أمام جثث ضحايا قضوا في القصف الإسرائيلي خارج مستشفى الشفاء بمدينة غزة أمس (د.ب.أ)

وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، إن العدد الكبير للجرحى يفوق حالياً القدرة الاستيعابية للمشافي في قطاع غزة. وحذرت من انهيار الوضع الصحي في قطاع غزة، نتيجة النقص الحاد في المستلزمات الطبية واللوازم الخاصة بغرف العمليات والأدوية وأكياس الدم.

ودعت المنظمات الصحية الدولية إلى المساعدة بفتح مشافٍ ميدانية في قطاع غزة، للعمل على إنقاذ حياة المصابين، خصوصاً النساء والأطفال والشيوخ.

التصعيد الإسرائيلي الكبير يمهّد، كما يبدو، لهجوم بري محتمل. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه يستعد للمرحلة المقبلة من الحرب.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ريتشارد هيخت، للصحافيين، الخميس، إن القوات «تستعد لمناورة برية، إذا تقرر ذلك»، لكن القيادة السياسية لم تأمر بذلك بعد.

وردَّت «كتائب القسام» بتهديد إسرائيل بمرحلة ثانية، وقال الناطق باسم «الكتائب»، أبو عبيدة، إن «القسام» جاهزة للدفاع عن غزة، وستهزم الجيش الإسرائيلي هناك، مؤكداً أن ثمة تنسيقاً أعلى مع محور المقاومة بشأن مستقبل الصراع مع العدو.

وقصفت «القسام»، الخميس، تل أبيب والقدس وقاعدة رعيم العسكرية وسديروت وأسدود وياد مردخاي وعسقلان.


مقالات ذات صلة

«كتائب القسام» تنشر فيديو لرهينة محتجزة في قطاع غزة

المشرق العربي مقاتلان من «كتائب القسام» خلال عرض عسكري قرب الحدود مع إسرائيل بوسط قطاع غزة 19 يوليو 2023 (رويترز)

«كتائب القسام» تنشر فيديو لرهينة محتجزة في قطاع غزة

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، السبت، مقطع فيديو جديداً لرهينة محتجزة في غزة منذ هجوم الحركة على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

المشرق العربي مصاب فلسطيني يستند إلى عكازين بعد إجلائه من مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة (رويترز)

غزة: الجيش الإسرائيلي «دمّر» كامل المنظومة الصحية في شمال القطاع

اتهم الدفاع المدني في غزة الجيش الإسرائيلي بـ«تدمير» كل المنظومة الصحية في شمال القطاع، بعد اعتقاله مدير مستشفى كمال عدوان وأفراداً من طاقمه.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي «كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية- أ.ف.ب)

«حماس» تعلن «تحرير» فلسطينيين محتجزين لدى الجيش الإسرائيلي بشمال غزة

أعلنت «كتائب القسام» (الجناح العسكري لحركة «حماس») اليوم، أن مقاتليها تمكنوا من «تحرير» فلسطينيين كان الجيش الإسرائيلي يحتجزهم داخل منزل في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة )
المشرق العربي إسماعيل هنية ويحيى السنوار (لقطة من فيديو لـ«كتائب القسام»)

لأول مرة... «القسام» تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، (السبت)، فيديو يُظهِر عدداً من قادتها الراحلين لمصانع ومخارط تصنيع الصواريخ.

أحمد سمير يوسف (القاهرة)
تحليل إخباري «كتائب القسام» تشارك في عرض عسكري وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle 02:05

تحليل إخباري «سلاح أبيض» و«أحزمة ناسفة»... تكتيكات جديدة لـ«القسام» في غزة

الواقع الميداني أجبر عناصر «القسام» على العمل بتكتيكات وأساليب مختلفة، خصوصاً وأن الجيش الإسرائيلي نجح في تحييد الكثير من مقدرات المقاومين.

«الشرق الأوسط» (غزة)

بلينكن لتسليم ترمب «خطة متكاملة» لغزة ما بعد الحرب

TT

بلينكن لتسليم ترمب «خطة متكاملة» لغزة ما بعد الحرب

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن متحدثاً في «الأتلانتيك كاونسيل» في واشنطن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن متحدثاً في «الأتلانتيك كاونسيل» في واشنطن (أ.ب)

حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في خطاب هو الأخير له قبل إنهاء عهد الرئيس جو بايدن، مطلع الأسبوع المقبل، المجتمع الدولي على دعم خطته لما بعد الحرب في غزة، والتي تنص على إنشاء قوة مشتركة فلسطينية ودولية لإدارة القطاع وإعادة إعماره، كاشفاً أنه سيجري تسليم هذه الخطة لإدارة الرئيس المقبل دونالد ترمب.

ووصف بلينكن انتخاب جوزيف عون رئيساً وتكليف نواف سلام تشكيل حكومة جديدة بأنهما «خطوتان مهمتان نحو التحول إلى دولة ذات سيادة» في لبنان.

وكان كبير الدبلوماسيين الأميركيين يتحدث في مؤسسة «أتلانتيك كاونسيل» البحثية حيث ألقى خطابه الأخير بوصفه وزيراً للخارجية في عهد بايدن الذي ينتهي بعد 5 أيام، مخصصاً إياه للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط. وعرض أولاً الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الأربع الماضية، لا سيما فيما يتعلق بالتكامل في المنطقة، وتوسيع اتفاق إبراهيم للتطبيع بين الدول العربية وإسرائيل ومكافحة الإرهاب وملف إيران النووي، مؤكداً أن الرئيس بايدن «وفى بالتزام ألا تحصل إيران على سلاح نووي في عهده».

وما أن وصل إلى الكلام عن غزة حتى صرخت إحدى الحاضرات متهمة بلينكن بدعم ارتكاب «إبادة» بحق الفلسطينيين في القطاع.

أحد المحتجين الذين جرى إخراجهم من القاعة أثناء خطاب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في واشنطن (أ.ف.ب)

وأشار الى أن الولايات المتحدة «أحرزت تقدماً كبيراً نحو اتفاق شامل من شأنه أن يعزز شراكتنا الاستراتيجية مع المملكة العربية السعودية» التي تركز على إيجاد «مسار موثوق به إلى دولة فلسطينية» قبل أي كلام عن التطبيع مع إسرائيل. وكرر أن توقيت هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «لم يكن مصادفة».

إيران ضعفت

ثم نهضت سيدة أخرى في القاعة واتهمت بلينكن بالمساهمة في قتل الأطفال الفلسطينيين قبل إخراجها من القاعة.

ولكن بلينكن تابع كلامه حول «تدمير القدرة العسكرية والحكومية لـ(حماس)، وتم قتل العقول المدبرة وراء الهجوم»، بالإضافة إلى وضع «طهران في موقف دفاعي» لا سيما بعد القضاء على «حزب الله» وقيادته وبنيته التحتية في لبنان.

وقال: «فقدت إيران طريق إمدادها البري إلى (حزب الله). دمرت إسرائيل كثيراً من قواعد نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد وأسلحته ومصانعه وأسلحته، بما في ذلك الأسلحة الكيماوية غير القانونية».

وأكد أن موازين القوى في الشرق الأوسط «تتغير بشكل كبير وليس بالطريقة التي كانت (حماس) وأنصارها تأمل فيها أو تخطط لها، ومع ذلك تظل المنطقة مليئة بالمخاطر، من التحول السياسي الهش في سوريا إلى يأس إيران لاستعادة ردعها بكل ما قد يعنيه ذلك لطموحاتها النووية، إلى هجمات الحوثيين المستمرة على إسرائيل والشحن الدولي».

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

​​وأضاف أنه «يتعين علينا أن نعمل على صوغ واقع جديد في الشرق الأوسط؛ حيث يشعر كل الناس بمزيد من الأمن. ويمكن للجميع أن يحققوا تطلعاتهم الوطنية. ويمكن للجميع أن يعيشوا في سلام». وعند هذه النقطة نهضت امرأة ثالثة صارخة في وجه بلينكن، ومتهمة إياه بارتكاب «إبادة».

خطة متكاملة

ورداً على سؤال عن قرب التوصل إلى اتفاق على وقف الحرب في غزة، أجاب أنه «أقرب من أي وقت مضى، ولكن الآن، ونحن جالسون هنا، ننتظر الكلمة الأخيرة من (حماس) بشأن قبولها، وإلى أن نحصل على هذه الكلمة، سنظل على الحافة». وأضاف: «قد تأتي هذه الكلمة في أي وقت. وقد تأتي في الساعات المقبلة. وقد تأتي في الأيام المقبلة. هذا ما نبحث عنه». وكشف أن إدارة الرئيس بايدن ستسلم فريق الرئيس ترمب خطة متكاملة لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، بما في ذلك تفاصيل عن قوة أمنية مؤقتة تضم قوات دولية وفلسطينيين.

وسئل عن إيران، فأجاب أنها «أصبحت الآن عند نقطة يمكنها فيها إنتاج مواد انشطارية لسلاح نووي. سلاح نووي في غضون أسبوع أو أسبوعين»، موضحاً أنها «في مكان أكثر خطورة مما كانت عليه عندما وضعناها في صندوق مع الاتفاق النووي» لعام 2015. وإذ أشار إلى أن الرئيس ترمب تحدث عن الحصول على صفقة أفضل، قال: «حسناً، دعنا نر. ربما تكون هناك فرصة للقيام بذلك».

وضع لبنان

وإذ تحدث بلينكن عن 3 أهداف دبلوماسية مترابطة، بينها التوسط في حل دائم للصراع بين إسرائيل و«حزب الله»، وإنهاء الحرب في غزة و«تطبيع العلاقات» بين الدول العربية وإسرائيل، قال إن الهدف في لبنان هو «منع (حزب الله) من إعادة تشكيل نفسه بطريقة يمكن أن تهدد إسرائيل أو تستمر في احتجاز الدولة اللبنانية والشعب اللبناني رهائن»، موضحاً أن «الترتيب الذي توسطنا فيه مع فرنسا يفي بهذه المعايير، ويمكِّن حكومة لبنان من استعادة السيطرة على أراضيها، كما يوفر للاقتصاد اللبناني وقوات الأمن اللبنانية المساعدات والدعم اللازمين للغاية»، كما أنه «يحافظ على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وفقاً للقانون الدولي».

رئيس الوزراء اللبناني المكلف نواف سلام يلوح بيده لدى وصوله للقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون (إ.ب.أ)

وزاد: «تعمل الولايات المتحدة وفرنسا على مدار الساعة لمراقبة الاتفاق ومعالجة الانتهاكات، والآن، بعد 6 أسابيع فقط من الاتفاق، صوَّت مجلس النواب اللبناني بأكثرية ساحقة لانتخاب رئيس جديد»، بالإضافة إلى تكليف رئيس وزراء جديد، في «خطوتين مهمتين نحو التحول إلى دولة ذات سيادة آمنة وناجحة وتلبي حاجات اللبنانيين».