تركيا تؤكد إصرارها على إنهاء «تهديدات شمال سوريا»

سؤال برلماني حول افتتاح مدرسة دينية تركية تحت سيطرة «تحرير الشام»

مركبة عسكرية خلال دورية بالقرب من تل أبيض بسوريا (أرشيفية - رويترز)
مركبة عسكرية خلال دورية بالقرب من تل أبيض بسوريا (أرشيفية - رويترز)
TT

تركيا تؤكد إصرارها على إنهاء «تهديدات شمال سوريا»

مركبة عسكرية خلال دورية بالقرب من تل أبيض بسوريا (أرشيفية - رويترز)
مركبة عسكرية خلال دورية بالقرب من تل أبيض بسوريا (أرشيفية - رويترز)

أكدت وزارة الدفاع التركية أن القوات المسلحة ستواصل عملياتها الهادفة للقضاء على التهديدات الإرهابية في شمال سوريا، في الوقت الذي تواصل فيه التصعيد والاستهدافات في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا.

كما وقعت استهدافات متبادلة بين القوات التركية والقوات السورية ضمن مناطق خفض التصعيد في حلب وإدلب في شمال غربي سوريا.

هجمات واسعة

وقال مستشار الصحافة والعلاقات العامة بوزارة الدفاع التركية زكي أكتورك، في إفادة صحافية، الخميس، إن جميع العمليات التي تنفذ ضد مواقع وعناصر «حزب العمال الكردستاني» ووحدات حماية الشعب الكردية (أكبر مكونات «قسد»)، أسفرت عن القضاء على 252 إرهابياً من عناصر «العمال الكردستاني» والوحدات الكردية في ضربات جوية في شمالي سوريا والعراق.

وأضاف أن الضربات الجوية التي نفذت في شمال سوريا في أيام 5 و6 و8 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي (عقب الهجوم الذي استهدف وزارة الداخلية في أنقرة في أول أكتوبر وتبناه «حزب العمال الكردستاني»)، تم دعمها باستخدام مركبات الدعم الناري البري. وتابع أنه تم في هذه العمليات استهداف جميع منشآت وأنشطة «حزب العمال الكردستاني»، واتحاد المجتمعات الكردستانية، و«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي السوري ووحدات حماية الشعب.

وأشار إلى أنه تم تسجيل العدد الإجمالي للكهوف والملاجئ والمستودعات التي يستخدمها الإرهابيون، والتي تحتوي على إرهابيين على مستوى مسؤول، بالإضافة إلى المنشآت التي يستخدمها التنظيم مصدراً للدخل. وقال إنه «تم تدمير 194 هدفاً في شمالي سوريا والعراق بنجاح، وتم تحييد (قتل) 229 إرهابياً».

وأضاف أنه تم الرد على محاولات الهجوم التي تهدف إلى تعطيل بيئة الأمن والسلام التي نشأت في مناطق العمليات التركية في شمال سوريا، على الفور، حيث تم التصدي لـ233 تحرشاً الأسبوع الماضي.

وتابع أنه تم القضاء على 4 أشخاص من أصل 637 شخصاً تم القبض عليهم في أثناء محاولتهم عبور الحدود بشكل غير قانوني في الأسبوع الماضي.

في السياق ذاته، نفت مصادر من وزارة الدفاع التركية مزاعم بشأن انطلاق الطائرة «إف - 15» الأميركية التي أسقطت مسيرة تركية بالقرب من قاعدة «تل بيدر» التابعة للتحالف الدولي في ريف الحسكة في شمال شرقي سوريا في 5 أكتوبر الحالي من «إنجرليك» وقالت: «إنها مجرد تكهنات بأنها أقلعت من قاعدة (إنجرليك) جنوب تركيا».

ونقلت وكالة «الأناضول» الرسمية عن المصادر أن «مثل هذا الوضع (الانطلاق من إنجرليك) غير وارد... الطائرة أقلعت من الأردن».

التصعيد مع «قسد»

واستمراراً للتصعيد، قصفت القوات التركية وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري»، الموالي لأنقرة، بالمدفعية الثقيلة، الخميس، قرية الربيعات بريف أبو راسين شمال غربي الحسكة، وسط سقوط قذائف على منازل المدنيين.

وجاء ذلك، بعد تعرض القاعدة التركية في قرية دابق بريف أعزاز شمال حلب، لقصف صاروخي مصدره مناطق انتشار قوات «قسد» والجيش السوري للمرة الثانية خلال أسبوع، حيث قتل في الهجوم الأول جنديان تركيان.

في الوقت ذاته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قوات «قسد» استهدفت، بقذائف المدفعية، قاعدة للقوات التركية في ريف عين عيسى شمال الرقة، وردت القوات التركية على مصادر النيران.

وذكر المرصد أن محطة مياه «علوك»، التي تعد المصدر الوحيد لمدينة الحسكة توقفت نتيجة القصف التركي خلال الأيام الماضية لمحطات الكهرباء في القامشلي المغذية لمحطة عامودا، والتي تغذي محطة كهرباء درباسية المصدر الوحيد لتغطية محطة علوك، ما أدى إلى توقف المحطة، ما ينذر بكارثة إنسانية؛ لأنها تمد مدينة الحسكة بالمياه الصالحة للشرب والتي يسكنها أكثر من مليون نسمة، بالإضافة لقصف لمحطة السد الغربي وخروجها عن الخدمة بسبب تضرر المحولات الموجودة فيها، والتي بدورها تغذي محطة السد الشرقي، المصدر الوحيد لمحطة تصفية الحمة، والتي يتم فيها عملية تنقية مياه مدينة الحسكة وضخها.

وأجرت قوات «التحالف الدولي» و«قسد»، الأربعاء، تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية في قاعدة «تل بيدر» شمال الحسكة، استهدفت رفع الجاهزية القتالية لدى الجنود، في ظل التطورات والأحداث الأخيرة التي تشهدها المنطقة.

مواجهات في حلب وإدلب

وفي محافظة حلب، قصفت القوات التركية والفصائل الموالية لها، بالمدفعية الثقيلة، قرى أبين وكالوته وعقيبة والزيارة وزرنا عيت بناحية شيراوا بريف عفرين، ضمن مناطق انتشار «قسد» والقوات السورية.

تدريبات مشتركة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» وقوات «التحالف الدولي» ضد «داعش» في ريف الحسكة (أرشيفية - أ.ف.ب)

كما نفذت القوات التركية قصفاً مدفعياً وصاروخياً عنيفاً، استهدفت مواقع للجيش السوري والجماعات الموالية له بريف إدلب الشرقي وعلى طريق دمشق - حلب الدولي (إم 5).

وبحسب المرصد السوري، ردت القوات السورية بقصف قاعدتين للقوات التركية في قريتي بلنتا والأبزمو بريف حلب.

وقال المرصد إن مواطناً أصيب جراء قصف بأكثر من 40 صاروخاً نفذته قوات النظام المتمركزة بالحواجز المحيطة لمنطقة خفض التصعيد (بوتين - إردوغان) في قرى مرعيان وشنان وكفر حايا بريف إدلب الجنوبي، كما طال القصف محيط بلدة سرمين بريفها الشرقي.

من ناحية أخرى، قدم النائب في البرلمان عن مدينة أنقرة في حزب «الجيد» المعارض، المتحدث باسم الحزب كورشاد زورلو، سؤالاً إلى وزير الثقافة والسياحة، محمد نوري أرصوي، بشأن الادعاء بأن وقف الديانة التركي افتتح إحدى مدارس الأئمة والخطباء في إدلب الخاضعة لسيطرة «هيئة تحرير الشام».

وطلب زورلو في سؤاله بتوضيح حقيقة فتح وقف الديانة التركي المدرسة في منطقة «هيئة تحرير الشام» المدرجة على لائحة المنظمات الإرهابية للأمم المتحدة والتي صنفتها تركيا أيضاً تنظيماً إرهابياً، وما هي المناهج التي تدرسها، وهل الشهادة الصادرة عن المدرسة صالحة في تركيا؟


مقالات ذات صلة

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة من موقع غارة إسرائيلية على معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا - 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

«المرصد السوري» يعلن ارتفاع عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي على تدمر إلى 92

قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم (الجمعة)، إن عدد قتلى القصف الأخير الذي شنَّته إسرائيل على مدينة تدمر، في ريف حمص الشرقي بوسط البلاد هذا الأسبوع ارتفع

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي أشخاص فارّون من القصف الإسرائيلي في لبنان يعبرون حفرة ناجمة عن غارة إسرائيلية في منطقة المصنع على الجانب اللبناني من معبر الحدود مع سوريا 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات الإسرائيلية على تدمر هي «على الأرجح» الأكثر فتكاً في سوريا

اعتبرت مسؤولة بالأمم المتحدة، اليوم (الخميس)، أن الغارات الإسرائيلية التي أودت الأربعاء بالعشرات في مدينة تدمر هي «على الأرجح الأكثر فتكاً» في سوريا حتى الآن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي دخان الغارات في تدمر (متداولة)

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، من بينها موقع اجتماع لفصائل إيرانية مع قياديين من حركة «النجباء» العراقية وقيادي من «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ماذا يعني إعلان «حزب الله» العودة للعمل السياسي تحت سقف «الطائف»؟

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
TT

ماذا يعني إعلان «حزب الله» العودة للعمل السياسي تحت سقف «الطائف»؟

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)

كان لافتاً أن يخرج أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، أخيراً، للحديث عن مرحلة ما بعد وقف النار وانتهاء الحرب الإسرائيلية، ليعلن أن خطوات الحزب السياسيّة وشؤون الدولة ستكون «تحت سقف الطائف»، ويتحدث عن «مساهمة فعالة» لانتخاب رئيس للجمهورية، مع إشارة واضحة إلى ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة»، التي عدّها «الرصيد المتبقّي الذي نستطيع من خلاله أن نبني وطننا». وهذه الثلاثية هي عبارة ترد في البيان الوزاري للحكومات اللبنانية منذ أعوام، وفيها تشريع مبطن لعمل الحزب العسكري.

واختلفت قراءة مواقف الحزب تلك. ففيما عدَّ البعض أنه يمهّد من خلالها لتنازلات في المرحلة المقبلة مرتبطة بسلاحه، رأى آخرون أنها تنحصر بـ«المشروع السياسي»، إذ إن آخر ما قد يُقدم عليه «حزب الله» اليوم طالما الحرب مستمرة وفي أوجها الحديث عن سلاحه ومصيره.

ما الذي نص عليه «الطائف»؟

وقسّم «اتفاق الطائف»، الذي يُعرف بـ«وثيقة الوفاق الوطني اللبناني»، التي صادق عليها مجلس النواب في عام 1989، المراكز والمناصب على الطوائف، وحدد صلاحيات السلطات الأساسية. ونصّ على «حلّ جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم أسلحتها إلى الدولة اللبنانية»، لكنه في الوقت عينه أشار إلى «اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي، وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها».

ولطالما حاول «حزب الله» إبداء تمسكه بـ«اتفاق الطائف». وفي يوليو (تموز) 2023، أكد الأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله أن «الحديث عن أن (حزب الله) يريد إلغاء (اتفاق الطائف) والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين هو كذب وتضليل مقصود».

المشروع السياسي

ووصف الكاتب والباحث السياسي قاسم قصير، المطلع عن كثب على شؤون «حزب الله»، موقف قاسم، بـ«المهم»، معتبراً أنه «يؤكد التزام الحزب بالاتفاق، وأنه لن يكون له مشروع سياسي داخلي مختلف». وشدد قاسم، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أنه «ليس لهذا الموقف علاقة بالسلاح باعتبار أن (اتفاق الطائف) له علاقة بالمشروع السياسي».

مصلحة شيعية

من جهته، رأى عضو كتلة «تحالف التغيير» النائب ميشال دويهي أن «مفهوم (اتفاق الطائف) عند عدد كبير من القوى السياسية يتخطى (الطائف) والصلاحيات الدستورية. فنرى هذه القوى، وعلى رأسها (الثنائي الشيعي)، أي (حزب الله) وحركة «أمل»، تنتقي ما تريد من هذا الاتفاق وتطبقه»، متسائلاً: «ألم ينص الاتفاق على حل كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة وهو أمر لم يحصل؟».

وعدَّ دويهي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل السلوك السياسي والدستوري والقانوني لـ(الثنائي)، هو تعدّ على (الطائف)»، مضيفاً: «آخر ملامح خرق (الطائف) تولي الرئيس بري مفاوضات وقف النار بدلاً عن رئيس الجمهورية»، ولافتاً إلى أنه «بعد الحرب الكبيرة والمؤلمة لجميع اللبنانيين، نرى أنه لدينا فرصة لتطبيق (الطائف)، واستعادة الدولة وبناء المؤسسات، ونعتقد أن للطائفة الشيعية مصلحة وجودية وكيانية بالعودة إلى الدولة والمساهمة في بناء دولة قوية».

لا شيء مضمون

أما رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية المحامي بول مرقص، فعدَّ أن الشيخ قاسم، وبحديثه في هذا التوقيت عن «الطائف»، إنما «غمز باتجاه أن الحزب سيكون من الآن وصاعداً حزباً سياسياً يعمل وفق أطر اللعبة السياسية التي أرسى قواعدها (اتفاق الطائف) لا ميليشيا مسلحة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «قصد أيضاً أن الحزب لن يذهب باتجاه (العد)، أي اعتبار أن أكثرية طائفية معينة يمكنها أن تحتل مركز طائفة أخرى. لكن الأمرين أشار إليهما من باب الغمز، لا من باب الضمانة أو التأكيد، لأن لا شيء يمنع أن يستمر الحزب بحمل سلاحه طالما العبارة لم تأت واضحة وصريحة».

وأضاف مرقص: «(الطائف) نصّ على حل جميع الميليشيات إلا أنه أبقى على مفهوم المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية، لذلك يفسره (حزب الله) على النحو الذي يريده، بحيث يبقي على سلاحه تحت هذا الشعار، من هنا لا يمكن اعتبار عبارة (تحت سقف الطائف) عبارة ضامنة إنما تحتمل الكثير من الالتباس والتأويل».