استمرار الغارات الإسرائيلية على غزة مع دخول الحرب يومها السادس

فلسطينيون ينظرون إلى تدمير منزل في أعقاب غارة وسط الصراع مع إسرائيل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون ينظرون إلى تدمير منزل في أعقاب غارة وسط الصراع مع إسرائيل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

استمرار الغارات الإسرائيلية على غزة مع دخول الحرب يومها السادس

فلسطينيون ينظرون إلى تدمير منزل في أعقاب غارة وسط الصراع مع إسرائيل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون ينظرون إلى تدمير منزل في أعقاب غارة وسط الصراع مع إسرائيل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

تُواصل إسرائيل قصف قطاع غزة لليوم السادس على التوالي منذ أن شنت حركة «حماس» وفصائل فلسطينية هجوماً مباغتاً عبر الحدود على البلدات والمدن الإسرائيلية المتاخمة للقطاع فجر السبت الماضي، أوقع ما لا يقل عن 1200 قتيل من الجانب الإسرائيلي، بالإضافة إلى أسر عشرات آخرين.

وأفاد التلفزيون الفلسطيني اليوم الخميس بمقتل 22 شخصاً جرَّاء القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة، حيث أشار إلى أن الطائرات والمدفعية الإسرائيلية شنت ضربات «عنيفة» استهدفت مناطق متفرقة من القطاع، وفقاً لما ذكرته «وكالة أنباء العالم العربي».

وفي وقت لاحق، أفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية بمقتل 15 شخصاً جرَّاء قصف إسرائيلي على منزل بمنطقة جباليا البلد شمال قطاع غزة، فضلاً عن إصابة العشرات ووقوع أضرار مادية وصفتها بالجسيمة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر حسابه على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) اليوم إن القوات الإسرائيلية ستواصل ضرب أهداف لحركة «حماس» في غزة «دون توقف».

وأشار أدرعي إلى تسجيل مصور بثته قناة الجزيرة القطرية لعملية إطلاق سراح مستوطِنة إسرائيلية وطفلين بعد احتجازهم في قطاع غزة لأيام، قائلاً إن «حماس تغير الحقيقة من خلال مسرحية نشر فيديو دعائي عبر أبواقها الإعلامية. الحقيقة واضحة وجلية وسوف تتضح معالمها أكثر في الأيام المقبلة».

وأظهرت اللقطات التي نشرتها الجزيرة عدداً من المسلحين وهم يطلقون سراح سيدة وطفلين في منطقة كيبوتس حوليت، وفقاً لما ذكرته الشبكة. لكن لم يتضح ما إذا كانت هذه الخطوة جرت بالتنسيق مع أي جهة.

بيد أن موقع «مفزاك لايف» الإخباري الإسرائيلي ذكر أن السيدة الإسرائيلية هي أفيتال الجم وأن الطفلين اللذين كانا معها عند احتجازهم أبناء صديقتها، ويبلغ أحدهما من العمر أربع سنوات والآخر ستة أشهر. وبحسب الموقع، فإن والدة الطفلين الحقيقية ما زالت محتجزة في غزة، وتدعى آدي فيتال كابلون.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم الخميس ارتفاع عدد القتلى الذين سقطوا في الضفة الغربية وغزة إلى أكثر من 1229 قتيلاً، في حين ذكرت أن عدد المصابين بلغ أكثر من 5 آلاف، بحسب ما أفاد به التلفزيون الفلسطيني.

ونقلت قناة «الأقصى» الفضائية عن المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أن عدد الضحايا جرَّاء الهجمات الإسرائيلية على القطاع بلغ 1200 قتيل.

اقتحام جنين لفترة وجيزة

في غضون ذلك، أفاد التلفزيون الفلسطيني اليوم بأن قوات إسرائيلية انسحبت من مدينة جنين في الضفة الغربية بعد اقتحامها في وقت سابق.

وكانت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ذكرت أن قوات إسرائيلية اقتحمت جنين، فيما تحدثت صحيفة «جيروزالم بوست» الإسرائيلية عن أن الجيش الإسرائيلي أرسل تعزيزات إلى المدينة بعد اشتباكات مع فلسطينيين.

ونقلت الصحيفة عن تقارير إعلامية إسرائيلية أن الاشتباكات التي وصفتها بالعنيفة وقعت خلال الليل بين قوات الأمن وفلسطينيين، مشيرة إلى أن الجيش أرسل التعزيزات بعد تصاعد حدة تلك الاشتباكات.

ونقل المركز الفلسطيني للإعلام في وقت لاحق عن «كتيبة جنين» أنها استهدفت قوات إسرائيلية اقتحمت المدينة «بدفعات كثيفة ومتتالية من الرصاص».

وقالت «جيروزالم بوست» إن الجيش الإسرائيلي نشر اليوم أسماء 31 عسكرياً قُتلوا في هجوم «حماس».

وكانت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» ذكرت أمس الأربعاء أن الجيش أعلن ارتفاع عدد جنوده الذين قتلوا منذ تفجر القتال مع الفصائل الفلسطينية يوم السبت الماضي إلى 189 جندياً. وبإعلان اليوم، يكون العدد الإجمالي ارتفع إلى 220 قتيلاً في صفوف الجيش.

ممر آمن لخروج الأجانب من غزة

في غضون ذلك، أكدت مصادر لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) اليوم أن هناك توافقاً مبدئياً تجري صياغته لتأمين ممر آمن لخروج رعايا الدول الأجنبية من قطاع غزة، لكنها ذكرت أنه لم يتحدد بعد، إن كان الخروج سيتم عبر معبر رفح المصري أو منفذ إيرز.

وأشارت المصادر إلى أن إسرائيل لم تعط حتى اللحظة أي موافقة بشأن إدخال مواد غذائية ومحروقات ومستلزمات طبية إلى القطاع. إلا أن مصدراً ذكر أنه من المتوقع الإعلان عن مسار الممر الآمن للرعايا الأجانب مساء اليوم.

وكان موقع «أكسيوس» الأميركي نقل في وقت سابق اليوم عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين لم يسمهم القول إن الولايات المتحدة تتواصل مع مصر وإسرائيل سعياً لتوفير ممر آمن للأميركيين والأجانب للخروج من غزة.

وذكر الموقع أن إسرائيل ومصر اتفقتا من حيث المبدأ على إنشاء الممر الآمن؛ لكنه قال إن التنفيذ العملي لهذا الممر قد يكون صعباً للغاية، لأنه سيتطلب نوعاً من وقف إطلاق النار.

وكانت شبكة «إن بي سي نيوز» نقلت أمس عن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن القول إن هناك تنسيقاً مع دول أخرى بشأن خطة لتوفير ممر آمن لخروج المدنيين من غزة عبر مصر.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام الأجنبي دعوته أهالي غزة للخروج إلى مصر؛ لكن متحدثاً آخر سارع بنفي وجود أي دعوة إسرائيلية رسمية لتوجيه سكان القطاع نحو الأراضي المصرية.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الثلاثاء إن مصر «لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب أطراف أخرى»، وذلك بعد أن نقل تلفزيون «القاهرة الإخبارية» عن مصادر مصرية رفيعة يوم الاثنين تحذيرها من دفع الفلسطينيين تجاه الحدود المصرية وتغذية «بعض الأطراف» لدعوات النزوح الجماعي للفلسطينيين من القطاع.

محاولة لتفريغ القطاع

واعتبر طاهر النونو، مستشار رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، الممر الآمن للنازحين في غزة مقترحاً إسرائيلياً «لتفريغ» القطاع؛ وقال في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي: «الحديث عن مقترح ممر آمن للنازحين، أطروحات يقترحها الاحتلال يريد بها تفريغ قطاع غزة... مثل هذه القضايا يستهدف الاحتلال بها خلق رأي عام حولها».

أضاف: «لدينا (في حركة حماس) ثقة بصمود الشعب الفلسطيني الصامد والثابت في أرضه... وواثقون أنهم لن يقبلوا بتكرار تجربة الهجرة ومغادرة وترك الأرض الفلسطينية».

ورداً على سؤال حول أي هدنة إنسانية مقترحة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، قال النونو: «حماس تدعو إلى إدخال احتياجات شعبنا الفلسطيني الإنسانية والطبية والغذائية»، لكنه أكد في الوقت ذاته عدم التوصل إلى أي اتفاقيات تهدئة من أي نوع حتى الآن.

وكانت مصادر إعلامية تحدثت عن أن مصر تناقش مقترحاً لهدنة إنسانية تستمر من أربع إلى خمس ساعات يومياً، تعبر فيها المساعدات الغذائية والطبية إلى قطاع غزة وينقل فيها الجرحى الفلسطينيون إلى المستشفيات المصرية.

في سياق متصل، أكد النونو أن حركته ترحب بمشاركة لبنان في المواجهة ضد إسرائيل، قائلاً: «نرحب بمشاركة أي جهة في المواجهة مع الاحتلال وتدفيعه ثمناً جرَّاء جرائمه واحتلاله. هذه معركة الأقصى وأمتنا كلها مدعوة للمشاركة فيها».

واعتبر وجود أكثر من جبهة «يربك إسرائيل ويعجّل الانتصار»، وفق تعبيره.

وقال النونو إنه من المبكر الحديث عن صفقة تبادل أسرى خلال هذه الفترة، مضيفاً: «نخوض الآن معركة، وعندما تنتهي يمكن الحديث في كل القضايا وتفاصيلها وفي مطالب الحركة... عندما تضع الحرب أوزارها، يتم الحديث في كل القضايا وحول المطالب، خاصة وأننا ما زلنا في البدايات».

وبشأن توعد إسرائيل باجتثاث حركة «حماس» في هذه الحرب، اعتبر النونو هذه التهديدات «أوهاماً لدى الاحتلال، يريد بها مخاطبة الرأي العام الإسرائيلي فقط». وقال إن «المقاومة وحماس متجذرة في الشعب الفلسطيني».

أضاف: «لا قدرة للاحتلال على ذلك؛ هو تلقى ضربة قاسية وتلقى هزيمة نكراء في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، ويريد أن يعوّض عن نفسه فقط بقتل المدنيين ومسح مربعات بأكملها وتدمير الشوارع وقصف سيارات الإسعاف، لكنه عاجز عن المواجهة الحقيقية مع المقاومة».

كانت إسرائيل توعدت بأن حربها على قطاع غزة تهدف إلى «اقتلاع» حماس.

وقالت وزيرة المخابرات الإسرائيلية جيلا غامليئيل: «علينا اقتلاع حماس، حتى لا تتمكن من القيام بأي شيء. لن يكون هناك أي خيار؛ لا مجال حتى للتفكير بخيارات أخرى؛ وعليه، يمكن للعالم استخدام ما حدث (في إسرائيل) كنموذج لهجمات مستقبلية».

إغاثة فورية

وكشف مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، اليوم عن تخصيص تسعة ملايين دولار لتمكين جهود الإغاثة الفورية في الأراضي الفلسطينية.

وقال غريفيث عبر منصة «إكس» (تويتر سابقاً) إن «الأوضاع الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة آخذة في التدهور».

في الوقت ذاته، حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة اليوم من أن الخدمات الصحية دخلت مرحلة حرجة، وقالت إن الأدوية والمستهلكات الطبية والوقود على وشك النفاد.

وأكدت الوزارة عبر حسابها على «فيسبوك» ضرورة التحرك العاجل لتوفير ممر آمن للإمدادات الطبية ومغادرة الجرحى والمرضى «قبل فوات الأوان».

وقالت الوزارة على لسان المتحدث باسمها أشرف القدرة: «المستشفيات في حال إشغال تام لقدراتها السريرية، والجرحى والمرضى باتوا يفترشون الأرض جرَّاء اشتداد العدوان الإسرائيلي».

وطلبت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أمس الأربعاء توفير 104 ملايين دولار بشكل عاجل لتوفير المساعدات المنقذة للحياة في قطاع غزة.

وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني في بيان: «مأساة إنسانية غير مسبوقة في غزة والمساعدات للمدنيين الفارين من القصف يجب أن تكون فورية... لا بد من ضمان وصول المساعدات الإنسانية والحماية لجميع المدنيين»، مناشداً مانحي الأونروا وشركاءها زيادة دعمهم المالي للحفاظ على عمل الوكالة الأممية في غزة والمنطقة.

وأعلنت نائبة مدير شؤون وكالة الأونروا في غزة جينفر أوستن أمس مقتل 11 من أفراد الوكالة الأممية منذ بدء الهجمات في قطاع غزة.

بلينكن يلتقي عباس في الأردن

من جهة أخرى، أكد حسن الشيخ، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، اليوم أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في العاصمة الأردنية عَمّان غداً الجمعة.

وقال الشيخ عبر حسابه على منصة «إكس» (تويتر سابقاً): «في إطار الجهد المبذول على مدار الساعة من قبل القيادة الفلسطينية لوقف هذه الحرب المدمرة... من المقرر أن يلتقي السيد الرئيس يوم غد الجمعة مع وزير الخارجية الأميركي».

وأشار أيضاً إلى أن عباس سيلتقي اليوم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.

وكان تلفزيون «المملكة» الأردني ذكر أن عباس سيصل إلى عمان اليوم وسيلتقي بلينكن والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لبحث الأوضاع في غزة في يوم وصوله.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية أيضاً أكدت في وقت سابق أن الزيارة التي يجريها بلينكن إلى إسرائيل والأردن ستتضمن لقاءً يجريه مع عباس في عمان.

وأبغت مصادر على صلة بالولايات المتحدة وكالة أنباء العالم العربي (AWP) بأن عباس سيطالب بالضغط على إسرائيل لفتح طريق إمداد إنساني لإيصال المساعدات إلى الفلسطينيين في قطاع غزة.

وأكد مصدر وجود ضغوط شديدة على عباس لإدانة هجمات «حماس» في غلاف غزة على حد سواء مع إدانته الحرب الإسرائيلية على القطاع. لكن لم تؤكد المصادر أو تنفِ إمكانية استجابة الرئيس الفلسطيني لتلك الضغوط، مشيرة إلى رفضه منذ السبت الماضي إدانة هجوم «حماس».

ويلتقي بلينكن في عمان كذلك بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.

ويصل بلينكن اليوم إلى إسرائيل للقاء كبار قياداتها. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في مؤتمر صحافي يوم الثلاثاء إن زيارة بلينكن لإسرائيل ستكون رسالة تضامن ودعم والاستماع بشكل مباشر إلى الإسرائيليين عن الوضع القائم.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

شؤون إقليمية صورة أرشيفية لجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمات الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان يحرسان معبراً في غزة الخميس (أ.ب)

جنود إسرائيليون يعترفون: قتلنا أطفالاً فلسطينيين ليسوا إرهابيين

تحقيق صحافي نشرته صحيفة «هآرتس»، الخميس، جاء فيه أن قوات الاحتلال المرابطة على محور «نتساريم»، رسموا خطاً واهياً، وقرروا حكم الموت على كل من يجتازه.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيان ينقلان بسيارة إسعاف جثث قتلى سقطوا بضربة إسرائيلية في جباليا الخميس (أ.ف.ب)

مقتل العشرات بهجمات في قطاع غزة

تستغل إسرائيل المماطلة بإبرام اتفاق لوقف النار في قطاع غزة لشن هجمات تُودي بحياة العشرات كل يوم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون بالقرب من معبر كرم أبو سالم في الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)

جنود إسرائيليون يكشفون عن عمليات قتل عشوائية في ممر نتساريم بغزة

يقول جنود إسرائيليون خدموا في قطاع غزة، لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إنه «من بين 200 جثة (لأشخاص أطلقوا النار عليهم)، تم التأكد من أن 10 فقط من أعضاء (حماس)».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينية تطعم طفلة مصابة بالضمور وسوء التغذية في مخيم للنازحين بدير البلح... الأربعاء (د.ب.أ)

مصيدة الموت في غزة تخلّف معاناة لأجيال

منظمة «أطباء بلا حدود» تشير إلى أن الظروف المعيشية اللاإنسانية في قطاع غزة سيبقى أثرها على مدى أجيال.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الشرع لـ«الشرق الأوسط»: سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع
القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع
TT

الشرع لـ«الشرق الأوسط»: سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع
القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع

شدد القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع لـ«الشرق الأوسط» على أن «الثورة السورية انتهت مع سقوط النظام ولن نسمح بتصديرها إلى أي مكان آخر»، مؤكداً أن بلاده «لن تكون منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية مهما كان».

وقال الشرع في المقابلة التي جرت في قصر الشعب الرئاسي بدمشق، الخميس، إن «ما قمنا به وأنجزناه بأقل الأضرار والخسائر الممكنة... أعاد المشروع الإيراني في المنطقة 40 سنة إلى الوراء».

وأعرب عن تطلعه إلى «الحالة التنموية المتقدمة التي وصلت إليها بلدان الخليج ونطمح إليها لبلدنا. والمملكة العربية السعودية وضعت خططاً جريئة جداً ولديها رؤية تنموية نتطلع إليها أيضاً. ولا شك أن هناك تقاطعات كثيرة مع ما نصبو إليه، ويمكن أن نلتقي عندها، سواء من تعاون اقتصادي أو تنموي أو غير ذلك». وفي ما يلي نص المقابلة:

قدمتم تطمينات للعديد من البلدان الغربية والإقليمية. لكنكم لم تتوجهوا إلى دول الخليج والبلدان العربية الوازنة بأي رسالة مباشرة. أليس لديكم ما تقولونه لهم؟

- بالطبع لدينا ما نقوله للبلدان العربية، خصوصاً أن سوريا كانت تحولت منبراً لإيران تدير منه 4 عواصم عربية أساسية وعاثت حروباً وفساداً في الدول التي دخلتها، وهي نفسها التي زعزعت أمن الخليج وأغرقت المنطقة بالمخدرات والكبتاغون. بالتالي ما قمنا به وأنجزناه بأقل الأضرار والخسائر الممكنة من إخراج للميليشيات الإيرانية وإغلاق سوريا كلياً كمنصة للأذرع الإيرانية، وما يعني ذلك من مصالح كبرى للمنطقة برمتها، لم تحققه الوسائل الدبلوماسية وحتى الضغوط.

أحمد الشرع خلال المقابلة مع الزميلة بيسان الشيخ في دمشق الخميس

وعندما استعيدت بوادر العلاقات العربية مع النظام السابق وعودته إلى جامعة الدول العربية مقابل تقديمه بعض التنازلات، كنا واثقين من فشل ذلك مسبقاً لمعرفتنا بأن هذا النظام لن يقدم أي تنازل ولن يستقبل هذه البادرة بحسن نية. بل تسرب إلينا عن لقاء مع الطرف الأردني الذي سأل لماذا الإصرار على تصدير الكبتاغون إليهم، فكانت الإجابة أنه لن يتوقف ما لم تُرفع العقوبات عنه. هذه ليست طريقته.

اليوم نقول إن الأمن الاستراتيجي الخليجي أصبح أكثر أمناً وأماناً لأن المشروع الإيراني في المنطقة عاد 40 سنة إلى الوراء.

أحمد الشرع: وجودنا لا يعني تهديداً لأحد

ولكنكم أيضاً استضفتم شخصيات تثير قلق بلدان عربية، وبعضها مطلوب لديها، فكيف تطمئنون هذه البلدان بأن سوريا لن تتحول ملاذاً لهؤلاء الأشخاص الإشكاليين؟

- نحن اليوم في مرحلة بناء الدولة. الثورة السورية انتهت مع سقوط النظام ولن نسمح بتصديرها إلى أي مكان آخر، ولن تكون سوريا منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية مهما كان. دخل كثيرون إلى الثورة السورية، لكننا اليوم في مرحلة جديدة هي بناء الدولة. ونحن نسعى لبناء علاقات استراتيجية فاعلة مع هذه الدول. سوريا تعبت من الحروب ومن كونها منصة لمصالح الآخرين ونحن بحاجة لإعادة بناء بلدنا وبناء الثقة فيه، لأن سوريا بلد في قلب الحدث العربي.

وجودنا في دمشق لا يعني تهديداً لأحد ونحن ندعم ونتطلع إلى الحالة التنموية المتقدمة التي وصلت إليها بلدان الخليج ونطمح إليها لبلدنا سوريا. والمملكة العربية السعودية وضعت خططاً جريئة جداً ولديها رؤية تنموية نتطلع إليها أيضاً. ولا شك أن هناك تقاطعات كثيرة مع ما نصبو إليه، ويمكن أن نلتقي عندها، سواء من تعاون اقتصادي أو تنموي أو غير ذلك.

كيف ترون العلاقة بالجار اللبناني الذي خضع بدوره لسلطة وتحكم النظام السابق؟

- بالفعل كان هناك قلق كثير وصلنا من الأخوة اللبنانيين بسبب وصولنا إلى دمشق، وأن ذلك سيقوّي طرفاً ضد آخر في لبنان. في الحقيقة لا نسعى لأي علاقة تسلطية مع الجار اللبناني بل علاقة احترام وتبادل، ولا نريد التدخل في الشأن الداخلي اللبناني فلدينا ما يكفي من عمل في بلدنا. نريد بناء علاقات جيدة وسنقف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين وما يرضيهم يرضينا.

أحمد الشرع في المسجد الأموي وسط دمشق غداة سقوط الأسد

أحمد الشرع: سوريا بثرائها لن يسودها رأي واحد

تحدثتم عن مؤتمر حوار وطني أو لقاء وطني جامع ودستور يؤسس للمرحلة الجديدة في سوريا. ولكن ما هي الآلية التي ستعتمدونها وكيف ستؤمنون تمثيل كافة أطياف الشعب السوري، خصوصاً شريحة من قاعدتكم الشعبية والعسكرية التي قد لا تكون بالضرورة موافقة على خطابكم المعتدل الجديد؟

- قد لا أتفق معك بالجزئية الأخيرة ولكن بشكل عام أنا لا أريد أن أفرض آرائي الشخصية على السوريين، بل أترك ذلك لأصحاب الخبرة والاختصاص من القانونيين ليكون القانون هو الحد الفاصل في صياغة العلاقة بين الناس. لا يمكن أن نتوقع بلداً بحجم سوريا وثرائها بمكوناتها المختلفة وأن يسودها رأي واحد. فالاختلاف هذا جيد وصحي وهذا النصر الذي تحقق ليس نصراً لفئة على أخرى، وإنما هو نصر لجميع السوريين. حتى من كنا نعتقدهم موالين للنظام السابق شهدنا فرحتهم لأنه لم يكن متاحاً للناس التصريح بما تشعر به أو تفكر به. وأنا على ثقة أن السوريين كلهم بمختلف فئاتهم على درجة من الوعي الكفيلة بحماية بلدهم.

باختصار ما أطمح إليه هو التوصل إلى اتفاق جامع ودولة قانون نحتكم إليها في حل خلافاتنا.

أحمد الشرع: لن ننظر بمنطق الثأر

ملف شائك من ملفات كثيرة تنتظركم هو ملف المختفين قسرياً والمغيبين في السجون والمقابر الجماعية. كيف ستحيطون بهذه المسألة؟

-- نحن في الحقيقة لم نواجه نظاماً سياسياً بل كنا نقاتل عصابة مجرمة وسفاحة بكل معنى الكلمة. في السلم والحرب على السواء من اعتقالات وإخفاء قسري وقتل وتهجير وتجويع وكيماوي وتعذيب ممنهج... اليوم نقول إن المسبب انتهى. لذا لا يمكن أن ننظر إلى الأمور بمنطق الثأر، مع الاحتفاظ بالطبع بحق الناس بمحاسبة الأشخاص القائمين على سجن صيدنايا ومن رموا البراميل والكيماوي وارتكبوا فظائع معروفة. هؤلاء لابد من محاسبتهم وملاحقتهم وأسماؤهم معروفة. أما بالنسبة إلى الأفراد غير المعروفين، فيحق للأهالي التقدم بشكاوى ضدهم لمحاسبتهم أيضاً.

أحمد الشرع مستقبلاً المبعوث الأممي غير بيدرسن في دمشق

المهم أننا كسرنا القيود وجاءت منظمات متخصصة لتساعد بهذه المهمة، وسيتم إنشاء وزارة متخصصة لمتابعة ملف المفقودين وتحديد مصيرهم، الأحياء منهم والأموات، لتيسير شؤون عائلاتهم أيضاً من أوراق وفيات وإرث وغير ذلك. هذا عمل كثير ولكننا يجب أن نصل إلى الحقيقة.

على الهامش: ما شعورك وأنت تستضيفنا في قصر الشعب وفي نفس المكان الذي جلس فيه بشار الأسد؟

- (ضاحكاً) إذا صدقت القول فحقيقة لست مرتاحاً أبداً، ولكن هذا مكان يفترض أن يكون مزاراً مفتوحاً أمام الشعب ليتمكنوا من زيارته وأن يلعب الأطفال في هذه الباحات.