اتهم حزب «الكتائب اللبنانية»، «حزب الله» بـ«خطف الاستحقاق الرئاسي، وينتظر أن يقبض الثمن ليفرج عنه»، وذلك في ظل تعثر المحادثات الداخلية، وتصعيد «حزب الله» الذي يتهم خصومه بالسعي لـ«الصدام والمواجهة الداخلية، وجرّ البلد إلى الفتنة»، فيما لم تسفر الوساطات الخارجية عن أي خرق حتى الآن.
ويجول الموفد القطري جاسم بن حمد آل ثاني على القيادات اللبنانية، والتقى بممثلي الأحزاب السياسية، وتشير مصادر مواكبة لهذا الحراك إلى أنه التقى بممثلين لـ«حزب الله» ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس مجلس النواب نبيه بري وآخرين، في مسعى لإحداث خرق، واصطدم مرة أخرى بتمسك القوى السياسية بمواقفها.
وتتهم المعارضة ثنائي «حزب الله» و«حركة أمل» بعدم التنازل في مقابل تنازل المعارضة في المرة الأولى بالتخلي عن ترشيح النائب ميشال معوض، وتقاطعها على دعم ترشيح الوزير الأسبق جهاد أزعور، وهو ما تحدث عنه رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل بالقول إن «حزب الله» يرفض ملاقاة اللبنانيين على منتصف الطريق، مضيفاً: «سحبنا أولاً مرشحنا ميشال معوض ورشحنا جهاد أزعور كحسن نية لإنهاء الشغور الرئاسي. أمّا (الحزب) فلم يقم بأي خطوة تجاه انتخاب رئيس».
وقال الجميل بعد استقباله السفير القطري سعود بن عبد الرحمن بن فيصل آل ثاني: «الأساس أن الحزب يخطف الاستحقاق الرئاسي وينتظر أن يقبض الثمن ليفرج عنه». ولفت إلى أنّ «رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يدعو إلى جلسات انتخاب رئيس للجمهورية و(حزب الله) مُصِرّ على مرشحه، ونحن أمام خيارين؛ إمّا الصمود وإما الخضوع، إمّا نرفض منطق الإملاء والسيطرة والفرض وإما نخضع للمرشح الذي يفرضه الحزب».
واعتبر الجميّل أنّه «إذا كان (حزب الله) حريصاً على البلد كما يدّعي فليسحب مُرشحه وليقترح مرشحاً آخر، عندها إمّا نختار بين الاثنين وإما نذهب إلى خيارٍ ثالث رئاسي».
وكان أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله قال في تصريح ليل الاثنين: «كانت هناك فرصة هي فرصة الحوار الذي دعا إليها الرئيس بري، وكان ممكناً أن يأتي الجميع إلى الحوار ونتناقش ونطرح مرشحنا ويطرحون مرشحهم، ونتحدث بالضمانات ونتحدث بالمستقبل ونتحدث بكل شيء. المبادرة تقول إنه إذا اتفقنا على اسم نذهب وننتخبه وإذا اختلفنا على اسمين نذهب ونصوّت، لكن هذه الفرصة ضُيّعت فقط بالنكد، بالمكابرة». وأضاف: «ننتظر منذ أشهر والآن تقريباً سنة مرت. على كل حال، المبادرة الفرنسية يجب أن نستطلع أين أصبحت. الوفد القطري ما زال يبذل جهوداً يومية للوصول إلى نتيجة ما».
وتعارض القوى المسيحية الرئيسية حواراً اقترحه بري للخروج من الأزمة. وقال وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال المقرب من بري محمد مرتضى إن رئيس مجلس النواب «لم ينهِ الحوار ولم ينعه، بل هو أكّد وما زال يؤكّد في كلّ مناسبة أنه لا يمكن للبنانيين أن يخرجوا من أزماتهم إلا باللقاء والتداول والحوار والتوافق». وأشار إلى «أن بري يقدّر كثيراً المبادرة القطرية التي تقيم حواراً بين المكوّنات اللبنانية، وهو يأمل بأن تفضي إلى نتيجةٍ إيجابية على مستوى أزمة الشغور الرئاسي».
وتعمل الوساطتان الفرنسية والقطرية على إيجاد مرشح ثالث، بعد فشل القوى السياسية في انتخاب أحد المرشحين المطروحين، وهما جهاد أزعور وسليمان فرنجية. وقال النائب عبد الرحمن البزري في تصريح إذاعي: «الخيار الثالث ليس واضحاً للقوى السياسية اللبنانية الوازنة في المجلس النيابي، كما أن الخيارين الأول والثاني لم يستطع أي منهما أن يحصد الأصوات اللازمة».
ويبدو أن بعض المبادرات الخارجية تستثني نواب التغيير والمستقلين من لقاءاتها، وهو ما لمح إليه النائب وضاح الصادق الذي قال: «أرفض أن يقوم أي موفد بتجاهل عدد كبير من النواب المستقلين الرافضين لنهج الفساد وضرب السيادة السائدين منذ سنوات، وأن يعطي حصراً الشرعية إلى الطبقة السياسية التي أوصلتنا إلى الانهيار واستباحت السيادة وأهدرت المال ورفضت أي إصلاح».
وفي غياب أي أفق للحل حتى الآن، يتصاعد السجال السياسي الداخلي، ويتجه «حزب الله» إلى تصعيد في وجه خصومه السياسيين. وكان عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أشار، يوم الأحد الماضي، إلى أن «جماعة التحدي والمواجهة بمشاريعهم الخاسرة والمغامرات غير المحسوبة، وبإفشالهم المبادرات والتوافقات، صاروا عبئاً ثقيلاً على البلد؛ لأنهم هم سبب كل هذه الأزمات، ولا يريدون الحل».
وجاءت الردود على قاووق، حيث قال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب فادي كرم: «أوافق مع الشيخ قاووق، على أننا في المعارضة أصبحنا الثقل الحقيقي والعائق الفعلي لمشروعهم الإلغائي للبنان. واستكمل، أنه بالمقابل، حزب الشيخ ودويلته أصبحا العائق المؤكد للدستور اللبناني، وللعمل الديمقراطي، وللإصلاح في لبنان، ولتحريره من العزلة الدولية».
من جهته، رد عضو كتلة «الكتائب» النائب إلياس حنكش على قاووق، قائلاً: «سنبقى عبئاً عليكم وسداً منيعاً في وجه هيمنتكم!». وأضاف متوجهاً إلى قاووق بالقول: «سأخبرك من أصبح عبئاً على البلد، هو من عزل لبنان عن العالم وأقحمه في حروب ومحاور غريبة، ومن دمر مؤسساته، وهدد قضاءه، وحمى متهمين، ومن يعرقل الديمقراطية، ويمنع انتخاب رئيس، وينقل أسلحة ومتفجرات بين الأهالي، يهددهم ويرهبهم... فبلسانك أدنت نفسك».