معابر سوريا تُفجر صراعات متكررة على النفوذ... ما خريطتها؟

محاولات «تحرير الشام» السيطرة على «الحمران» لفتت الانتباه إليها مجدداً

معابر سوريا تُفجر صراعات متكررة على النفوذ... ما خريطتها؟
TT

معابر سوريا تُفجر صراعات متكررة على النفوذ... ما خريطتها؟

معابر سوريا تُفجر صراعات متكررة على النفوذ... ما خريطتها؟

تُفجر معابر سوريا صراعات متكررة على النفوذ بعد أن لفتت محاولات «تحرير الشام» السيطرة على «الحمران» الانتباه إليها مجدداً... فما خريطتها؟​ تواصل «هيئة تحرير الشام» محاولتها السيطرة على معبر «الحمران» الاستراتيجي الذي يربط بين مناطق «مجلس منبج العسكري» التابع لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في منبج ومناطق سيطرة ما يُعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا في مدينة جرابلس بريف حلب الشرقي.

واندلعت اشتباكات بين فرقة «السلطان مراد» الموالية لتركيا، وفصيل «أحرار عولان» المتحالف مع هيئة تحرير الشام، على محاور عدة في شمال وشرق حلب، بعد اشتباكات مماثلة بين الثاني ومجموعة «الكتلة الكبرى» بقيادة محمد رمي، المعروف بـ«أبو حيدر مسكنة» القيادي ضمن الفيلق الثاني بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا، الذي يسيطر على معبر «الحمران».

ويعد معبر «الحمران»» شرياناً رئيسياً للتجارة بين مناطق «قسد» ومناطق سيطرة المعارضة، وتدخل من خلاله أيضاً مواد غذائية وكهربائيات وآليات وغيرها، فضلاً عن كونه الطريق الرئيسية لمرور قوافل النفط القادمة من شمال شرقي سوريا إلى مناطق سيطرة المعارضة، ويربط بين قرية الحمران الواقعة تحت سيطرة «الجيش الوطني» وقرية أم جلود، أول قرية ضمن مناطق سيطرة «قسد».

عائدات ضخمة

ويدرّ المعبر عائدات ضخمة من مرور قوافل النفط، تقدَّر بملايين الدولارات. وأعلنت وزارة الدفاع في «الحكومة السورية المؤقتة»، في 7 مارس (آذار) الماضي، أنها تسلمت إدارة وتشغيل معبر «الحمران» بعد 5 أشهر من التنازع عليه، لكنَّ ذلك لم يمنع حصول «تحرير الشام» على إيرادات، خصوصاً مع وجود أذرع لها في المعبر، تقول بعض التقديرات إنها تصل إلى 100 ألف دولار يومياً.

وكان فصيل «أحرار الشام - القطاع الشرقي» (أحرار عولان) يسيطر على المعبر إلا أنه شهد انقساماً في صفوفه، وبات قسمٌ منه تابعاً لـ«تحرير الشام» وآخر أكبر تابعاً لـ«الجيش الوطني» الموالي لتركيا. وسعت «تحرير الشام» للسيطرة على المعبر من خلال هجوم شنته في 14 سبتمبر (أيلول) الحالي، وقطعت القوات التركية الطرق المؤدية لمناطق الاشتباكات بين «أحرار الشام» وفصائل الجيش الوطني، التي قامت برفع سواتر ترابية وإغلاق الطرق الفرعية الواصلة بين بعض مدن وبلدات منطقة «درع الفرات» الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل، في الجهة الغربية. وقُتل خلال الاشتباكات 3 عناصر من الجيش الوطني.

معبر «باب السلامة» هو المعبر الثاني حالياً لإيصال المساعدات الإنسانية عبر تركيا بعد توقف نقلها عبر «باب الهوى»

خريطة السيطرة

وتثير محاولة تحرير السيطرة على معبر «الحمران» التساؤلات حول أهمية المعابر الداخلية بين مناطق السيطرة المختلفة في شمال سوريا، وكذلك المعابر الحدودية.

ولكونها أداة رئيسية للاقتصاد، تتسبب المعابر في صراعات متكررة بين الفصائل بسبب العائدات الضخمة التي تدرّها.

ويتوزع الشمال السوري بين منطقتين مختلفتين من حيث السيطرة، لكلٍّ منها معابرها المعتمدة مع الجانب التركي.

تدير «هيئة تحرير الشام» وحكومة الإنقاذ التابعة لها معبر «باب الهوى»، أما الحكومة السورية المؤقتة فتسيطر على 6 معابر تشرف عليها فصائل «الجيش الوطني».

و«باب الهوى» هو المعبر التجاري الوحيد مع تركيا، وهو أيضاً المعبر المعتمَد من الأمم المتحدة لإدخال المساعدات إلى شمال غربي سوريا عبر تركيا. وسيطرت فصائل الجبهة الإسلامية، وأبرزها حركة «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» و«صقور الشام» على المعبر. وحسب بعض التقديرات، يدرّ المعبر نحو 10 ملايين دولار شهرياً.

وتوجد 6 معابر أخرى مع تركيا، بخلاف «باب الهوى»، في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، هي: أطمة، وخربة الجوز، وحارم، ودركوش، لكنها مغلقة، أو متاحة فقط لعمليات الإجلاء الطبي وتسليم المساعدات الإنسانية، إضافةً إلى معبرين تستخدمهما القوات التركية في عملياتها وإرسال التعزيزات العسكرية، أحدهما معبر كفر لوسين.

معابر الجيش الوطني

ويتحكم الجيش الوطني السوري، الموالي لتركيا في 6 معابر حدودية مع تركيا، تقع في مناطق «درع الفرات» و«غضن الزيتون» و«نبع السلام»، هي: جرابلس، والراعي، وباب السلامة، والحمام، ورأس العين، وتل أبيض. وتدير معبر جرابلس هيئة «ثائرون للتحرير» بعد أن طُرد تنظيم «داعش» من جرابلس شمال حلب، في عملية «درع الفرات» في أغسطس (آب) 2016.

ويدير الفيلق الثالث بالجيش الوطني السوري معبر «باب السلامة» الواقع على الحدود التركية - السورية، على بُعد نحو 5 كيلومترات شمال مدينة أعزاز بمنطقة «درع الفرات». وتدير هيئة «ثائرون للتحرير» أيضاً معبر «الراعي» في منطقة درع الفرات في حلب، كما تدير فرقة الحمزة معبر «رأس العين»، أما معبر «تل أبيض»، ضمن منطقة «نبع السلام» الخاضعة لسيطرة تركيا والجيش الوطني في شمال شرقي سوريا فيديره الفيلق الثالث، ومعبر «الحمام» تديره حركة «التحرير والبناء»، لكن «هيئة تحرير الشام» سيطرت عليه مؤخراً.

وتعود السيطرة على المعابر الخاضعة لإشراف الجيش الوطني للحكومة السورية المؤقتة التي لا تملك أي سيطرة على المعابر الداخلية مع مناطق سيطرة الحكومة السورية و«قسد».

وحسب الحكومة المؤقتة، تخضع المعابر الحدودية الستة لإشراف مدير واحد، وتوضع الرسوم الجمركية المتحصلة منها في حساب الحكومة المؤقتة بأحد البنوك التركية بعد خصم المصاريف التشغيلية للمعابر ورواتب الموظفين.

ويذهب 50 في المائة من حصيلة الرسوم إلى الجيش الوطني، و25 في المائة إلى المجالس المحلية في درع الفرات ونبع السلام في حلب، و15 في المائة للحكومة المؤقتة و10 في المائة لأهالي ضحايا المعارك.

معبر تشوبان باي (الراعي) يُستخدم حالياً لنقل المساعدات إلى شمال غربي سوريا بواسطة الأمم المتحدة

معابر بين المعارضة والحكومة

ترتبط مناطق سيطرة المعارضة في إدلب وريف حلب الشمالي مع مناطق سيطرة الحكومة السورية بثلاثة معابر هي: «ميزناز - معارة النعسان» في إدلب، وهو مغلق، لكن يُسمح من خلاله بإدخال المساعدات التي ترسلها الأمم المتحدة من مستودعاتها الموجودة في مناطق سيطرة حكومة دمشق. أما المعبر الثاني، فهو «ترنبة - سراقب» في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وتسيطر عليه «هيئة تحرير الشام». وفي ريف حلب الشرقي، هناك معبر «أبو الزندين» الواقع في شرق مدينة الباب، وهو معبر تجاريّ وإنسانيّ يَفصل مناطق سيطرة الجيش الوطني عن مناطق سيطرة حكومة دمشق.

وترتبط مناطق سيطرة «قسد» بعدد من المعابر الشرعية وغير الشرعية تخضع لسيطرة فصائل «الجيش الوطني السوري»، ومن أهمها «عون الدادت» الذي يربط مناطق سيطرة الجانبين في حلب، ويقع بالقرب من جرابلس ويعدّ المعبر الرسمي لتدفق السلع والأفراد، ويفصل بين مدينة جرابلس الخاضعة لسيطرة القوات التركية والجيش الوطني، ومدينة منبج الواقعة تحت سيطرة «قسد».

وتدخل من هذا المعبر المحروقات والمواد الغذائية والإلكترونيات وغيرها من السلع المهمة للطرفين. وهناك معابر تهريب أقل أهمية، مثل «أم جلود». ومناطق «قسد» مهمة بالنسبة للمعارضة الموالية لتركيا، لجهة نقل البضائع من وإلى مناطق سيطرة دمشق، وأيضاً لحركة التجارة مع العراق، كما تعد مورداً مهما لـ«قسد»، لجهة رسوم عبور الأفراد والسلع والسيارات.

وفي أغلب الأحيان تستخدم المعابر بين مناطق «قسد» والمعارضة معابرَ وسيطة لتحرك السلع والأفراد من مناطق النظام إلى مناطق المعارضة أو العكس مروراً بمناطق «قسد».

معابر التهريب

ورغم تأكيد الفصائل الموالية لتركيا والحكومة المؤقتة عدم السماح بوجود معابر للتهريب، فإنها لا تستطيع منعها، بل إن الكثيرين من قادة الفصائل التي يصل عددها إلى 40 فصيلاً في شمال سوريا، متورطون في أعمال التهريب وجني العائدات من المعابر التي تدار لهذه الأعمال، حيث تضبط القوات التركية المعابر الرسمية لكنها لا تستطيع السيطرة على هذه المعابر التي تذهب عائداتها إلى المنتفعين منها خارج الرقابة.

وتنتشر معابر من هذا النوع على خطوط التماس مع القوات السورية و«قسد»، ويتنوع ما يمر خلالها، من مناطق سيطرة الحكومة السورية إلى مناطق المعارضة، بين تهريب الأشخاص سواء بين المناطق أو إلى تركيا، والسلع الأساسية التي يحدث بها نقص بين منطقة وأخرى، إضافةً إلى النفط والوقود والإلكترونيات، وصولاً إلى السيارات الأوروبية.

معابر المساعدات

فشل مجلس الأمن الدولي في 9 يوليو (تموز) الماضي، في تجديد آلية المساعدات الأممية إلى سوريا بسبب استخدام روسيا حق الفيتو، ليتوقف دخول المساعدات من معبر «باب الهوى» الحدوديّ مع تركيا، في حين استمر الاستثناء الخاص بدخول المساعدات عبر معبري «باب السلامة» و«الراعي» مع تركيا حتى 13 أغسطس (آب) الماضي، قبل تمديده 3 أشهر حتى 13 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

كانت الحكومة السورية قد وافقت على دخول مساعدات أممية عبر هذين المعبرين بعد 10 أيام من الزلزال المدمِّر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال غربي سوريا في 6 فبراير (شباط) الماضي. وفي 8 أغسطس (آب) أعلنت الأمم المتحدة أن دمشق وافقت على تمديد دخول المساعدات عبر معبرَي «باب السلامة» و«الراعي» 3 أشهر حتى 13 نوفمبر، وبذلك أصبح دخول المساعدات عبر جميع المعابر مرهوناً بموافقة الحكومة السورية.

وقالت منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) إن «الأمم المتحدة تجاهلت مطالب السوريين ومناشداتهم، وسمحت لنظام بشار الأسد بالتحكم في الملف الإنساني والمساعدات عبر الحدود إلى شمال غربي سوريا، رغم وجود مستند قانوني يمكّنها من إدخال المساعدات دون موافقة الدولة المعنية أو مجلس الأمن».

كانت الأمم المتحدة قد اعتمدت عام 2014 آلية لتوزيع المساعدات التي تقدّمها جهات ومنظمات دولية للسوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام عبر 4 معابر، تشرف المنظمة الدولية على عملية توزيع المساعدات التي تدخل من خلالها عبر مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). وهذه المعابر هي: باب الهوى، وباب السلامة عبر تركيا، ونقطة الرمثا عبر الأردن، ونقطة اليعربية عبر العراق.

معبر جيلفاجوز (باب الهوى) بين تركيا ومحافظة إدلب... البوابة المعطَّلة حالياً لدخول مساعدات الأمم المتحدة الإنسانية

إحباط الجهود الدولية

لكنّ روسيا والصين أحبطتا الجهود الدولية لإدخال المساعدات من خلال هذه المعابر في أوقات متتابعة، إذ استخدمتا حق النقض في مجلس الأمن، ضد مشروع قرار تمديد التفويض الدولي للأمم المتحدة بإدخال المساعدات إلى سوريا من دون إذن الحكومة السورية عبر معبر «باب السلامة»، آخِر المعابر التي ظلت مفتوحة إلى جانب معبر «باب الهوى». وبقي «باب الهوى» الوحيد المفتوح قبل الزلزال، لكنه أُغلق اعتباراً من 10 يوليو (تموز) الماضي بسبب الفشل في اتخاذ قرار باستمرار تدفق المساعدات الأممية من خلاله.

كما يرتبط الشمال السوري مع تركيا بمعابر أخرى، مثل الحمام، الذي افتتحته تركيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 بعد انتزاعها السيطرة على منطقة «عفرين» من سيطرة «قسد»، ومعبر «الراعي» الذي افتتحته الحكومة السورية المؤقتة المدعومة من تركيا في ديسمبر (كانون الأول) 2017 أمام المدنيين وحركة التجارة، بعد أسابيع من تسلمها إدارة معبر «باب السلامة» من فصائل المعارضة.

وهذان المعبران لم يُستخدما في عمليات الأمم المتحدة الإنسانية عبر الحدود منذ عام 2020، عندما استخدمت كل من روسيا والصين حق الفيتو ضد مساعي الأمم المتحدة الرامية إلى إبقاء المعبرين مفتوحين لتوصيل المعونات الإنسانية.

وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في تقرير سابق، إن الحكومة السورية وضعت إطاراً سياسياً وقانونياً يسمح لها باستغلال المساعدات الإنسانية وتمويل إعادة الإعمار لخدمة مصالحها، ومعاقبة من تنظر إليهم على أنهم معارضون، وإفادة الموالين. وأكدت التلاعب بتوزيع المساعدات الإنسانية بطريقة تصبّ في مصلحة حكومة دمشق مباشرةً، وليس إيصالها إلى السوريين المحتاجين.

وتدفع موسكو ودمشق باتجاه دخول المساعدات «عبر الخطوط»، أي من مناطق سيطرة الحكومة السورية إلى مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، بالسعي لافتتاح المعابر بين المنطقتين وفق الاقتراح الذي كانت قد تقدمت به روسيا بفتح معابر في مناطق سراقب وميزنار شرق إدلب، ومعبر أبو الزندين شمال حلب.


مقالات ذات صلة

وزير دفاع تركيا يستبعد عملية عسكرية جديدة ضد «قسد» شمال سوريا

شؤون إقليمية وزير الدفاع التركي يشار غولر خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان الثلاثاء (وزارة الدفاع التركية)

وزير دفاع تركيا يستبعد عملية عسكرية جديدة ضد «قسد» شمال سوريا

استبعد وزير الدفاع التركي يشار غولر شن عملية عسكرية تستهدف مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا سبق أن لوح بها الرئيس رجب طيب إردوغان مراراً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا بعد التصريحات الأخيرة لروسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لم تصدر أي تفاصيل حول نتائج لقاء الموفد الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الأحد، مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

إسرائيل تقصف طرق إمداد لـ«حزب الله» في القصير السورية

ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
TT

إسرائيل تقصف طرق إمداد لـ«حزب الله» في القصير السورية

ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)
ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)

اختارت إسرائيل وقت ذروة الحركة في منطقة القصير عند الحدود مع لبنان، لتعيد قصف المعابر التي دمرتها بغارات سابقة، بينما أكدت مصادر أهلية في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» أن الضربات الإسرائيلية تفاقم المعاناة المعيشية لسكان المنطقة على جانبي الحدود؛ لأنها تغلق المتنفس المتاح لحصولهم على المواد المعيشية الأساسية.

واستهدفت غارات إسرائيلية، مساء الاثنين، جسور الحوز ومطربة والجوبانية وجوسيه في منطقة القصير جنوب غربي حمص، وقال مصدر عسكري سوري إن إسرائيل شنت «عدواناً جوياً» من اتجاه الأراضي اللبنانية مستهدفة نقاط عبور على الحدود بين سوريا ولبنان، وهي نفسها التي استهدفتها إسرائيل سابقاً على الحدود السورية - اللبنانية في منطقة القصير بريف حمص. وحسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أسفرت الضربة عن إصابة مدنيين اثنين بجروح، ووقوع خسائر مادية.

قطع طرق إمداد

قال المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الغارة استهدفت طرق استخدمها «حزب الله» اللبناني لنقل وسائل قتالية من سوريا إلى لبنان، وقال إن «حزب الله» وبدعم من السلطات السورية، يواصل استغلال بنى تحتية مدنية لـ«أغراض إرهابية»، مؤكداً أن الضربات الأخيرة تمت في إطار الجهود المستمرة الهادفة إلى «عرقلة القدرات العملياتية لـ(حزب الله)، وضمان أمن إسرائيل».

ورأى أدرعي أن الغارات الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة ركزت على إحباط قدرات «الوحدة 4400» التابعة لـ«حزب الله» والمسؤولة عن نقل الأسلحة المستخدمة في شن عمليات ضد إسرائيل.

تدمير للجسور الفرعية في القصير السورية (الشرق الأوسط)

المصادر الأهلية في القصير قالت إن الجسور والبنى التحتية سبق أن تم تدميرها بالكامل، ولا يمكن للآليات والسيارات عبورها، وتكرار ضربها يؤذي المدنيين الذين يستخدمونها مضطرين للحصول على أساسيات العيش على جانبي الحدود. وأكدت المصادر أن الغارات، مساء الاثنين، حصلت في وقت ذروة الحركة للحصول على المواد الأساسية للمعيشة، حيث يتوجه الأهالي على الجانبين قبل مغيب الشمس لتأمين حاجتهم من الوقود اللازم للتدفئة والغاز المنزلي اللبناني، بسبب أزمة المحروقات على الجانب السوري، وازدياد الحاجة إليها مع تدني حرارة الطقس والبرودة الشديدة. وفي المقابل، يحصل سكان الجانب اللبناني على مواد غذائية أرخص ثمناً كالألبان والأجبان وبعض الأصناف الأخرى.

وأشارت المصادر إلى أنه في ظل التأزم المعيشي جراء الحرب تمثل الحدود متنفساً لسكان المنطقة، وقطع تلك الطرقات وتدميرها بشكل كامل يزيد معاناتهم، ويعرضهم للخطر الدائم حيث يقومون ببناء جسور مؤقتة خطيرة، أو يضطرون لعبور مياه نهر العاصي في أجواء شديدة البرودة.

القصير معقل لـ«حزب الله»

تقع منطقة القصير على الحدود مع لبنان، وتضم نحو 80 قرية وبلدة، يعيش فيها خليط ديني غالبية من السنة وأقليات من الشيعة والمرشديين والعلويين والمسيحيين، ومعظم سكان تلك المناطق من المزارعين الفقراء، حيث ترتبط القصير بمناطق الهرمل ـ بعلبك بعدة معابر منها جوسية ومطربا كمعبرين شرعيين والكثير من المعابر غير الشرعية كحوش السيد علي وجرماش والقصر وغيرها.

تبادل سلع ومحروقات عند جانبي الحدود السورية - اللبنانية لجهة المصنع في البقاع (أ.ف.ب)

ومنذ عام 2013 سيطر «حزب الله «على القصير بعد تهجير أهلها، وأصبحت أحد أبرز معاقله في سوريا، ثم استغل فقر أهالي القرى الشيعية لتجنيدهم في صفوفه، ومنحهم امتيازات مالية وسلطوية. وحسب مصادر محلية، تكتسب منطقة القصير أهمية استراتيجية كبيرة لدى «حزب الله»، وإن حركة الامداد فيها شهدت تراجعاً جراء التصعيد الإسرائيلي، مع الإشارة إلى عدم إمكانية قطعها تماماً لوجود طرق بديلة في جغرافية ممتدة على طول الحدود.

ومنذ بداية التصعيد الإسرائيلي على لبنان، استهدفت إسرائيل المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان 36 مرة، بحسب تقرير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أفاد، الثلاثاء، بأن الضربات الإسرائيلية على المناطق الحدودية جاءت في سياق تعطيل عودة النازحين إلى لبنان ومنع وصول الإمدادات والمساعدات إلى الداخل اللبناني، وقطع طرق إمداد «حزب الله»، ومنعه من نقل سلاحه من داخل الأراضي السورية باتجاه لبنان. وتركز القصف على المعابر الرسمية وغير الرسمية، بالإضافة إلى الطرق الترابية والفرعية في منطقة الحدود السورية - اللبنانية، مع استمرار المراقبة المكثفة للمنطقة الحدودية.

تدمير ممرات وجسور صغيرة بين لبنان وسوريا قرب القصير (الشرق الأوسط)

وحسب توثيقات المرصد، بدأت أولى الغارات في 26 سبتمبر (أيلول) الماضي، وأسفرت عن تدمير مواقع عدة، وخروج معابر رسمية وغير رسمية عن الخدمة، ما أعاق حركة عبور النازحين من لبنان إلى سوريا والعكس. كذلك تسببت هذه الضربات بمقتل 30 شخصاً، بينهم 4 من عناصر «حزب الله»، وشخص لبناني الجنسية، و6 من السوريين العاملين مع «حزب الله»، و8 مدنيين، إلى جانب ذلك، أصيب 22 آخرون، هم: 8 من قوات النظام وأجهزته الأمنية، و12 من العاملين مع الحزب، بالإضافة إلى إصابة مدنيين اثنين.