«فاجعة نينوى»: النيران التهمت حفل زفاف والمئات تفحموا مع الكراسي

شبهة فساد في مواد البناء والتحقيق يستبعد «الجناية»

TT

«فاجعة نينوى»: النيران التهمت حفل زفاف والمئات تفحموا مع الكراسي

تجمع حول سيارات إسعاف تقل جرحى بعد اندلاع حريق خلال حفل زفاف في قاعة مناسبات خارج مستشفى الحمدانية بمحافظة نينوى (أ.ف.ب)
تجمع حول سيارات إسعاف تقل جرحى بعد اندلاع حريق خلال حفل زفاف في قاعة مناسبات خارج مستشفى الحمدانية بمحافظة نينوى (أ.ف.ب)

حدث كل شيء قبل منتصف ليلة الثلاثاء بدقائق، حين التهمت النيران قاعة مناسبات بمدينة الحمدانية (شمال شرقي الموصل)، وحاصرت مئات المشاركين في عرس محلي. انتهت الفاجعة بمقتل وإصابة المئات، غالبيتهم لقوا حتفهم من الاختناق أو الدهس نتيجة التدافع عند باب خروج بعرض متر واحد.

وكان العريسان يرقصان وسط دائرة كبيرة من المحتفلين، حين سقطت ألسن اللهب من سقف القاعة، كما أظهرت لقطات مصورة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، كان من بينها لقطة أظهرت ألعاباً نارية داخل القاعة يصل لهيبها فجأة إلى السقف المرصع بالزينة والإنارة، وحينها بدأت الكارثة.

رجل من الدفاع المدني يتفقد قاعة مناسبات بعد إخماد النيران في الحمدانية بمحافظة نينوى العراقية (أ.ف.ب)

وقال الدفاع المدني العراقي إن «الحريق أدى إلى انهيار أجزاء من القاعة، نتيجة استخدام مواد بناء سريعة الاشتعال ومنخفضة التكلفة تنهار خلال دقائق عند اندلاع حريق»، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية.

وتضاربت أرقام الحصيلة النهائية للضحايا بين ثلاثة مسؤولين عراقيين، حتى الساعة الخامسة عصراً بالتوقيت المحلي، أي بعد نحو 20 ساعة من لحظة وقوع الحريق، وقال وزير الداخلية إن آخر إحصائية سجلتها مديرية الصحة في نينوى هي 93 قتيلا وأكثر من 100 مصاب.

وأكد وزير الصحة صالح الحسناوي، في تصريح لوسائل الإعلام، أن الحريق أسفر عما لا يقل عن 87 قتيلا وأكثر من 100 مصاب، بينما تحدث رئيس خلية الإعلام الأمني سعد معن عن مقتل 93 شخصاً وإصابة 100 آخرين.

رجال الإطفاء يتفقدون الأضرار في قاعة مناسبات بعد اندلاع حريق خلال حفل زفاف في الحمدانية بمحافظة نينوى العراقية (أ.ف.ب)

ورغم أن وسائل إعلام محلية وعربية أفادت بأن العروسين لقيا حتفيهما في الحريق، لكن طبيباً في أربيل، وأحد أقارب العروس أكدا لـ«الشرق الأوسط» أنهما على قيد الحياة، ويعانيان من انهيار عصبي وحروق بسيطة.

وتشير تقارير طبية محلية إلى أن عدد القتلى جراء الحريق قد يفوق 120 شخصاً فقدوا حياتهم جراء الحروق الشديدة أو الاختناق، فيما يقول أطباء من مستشفى الموصل إنها تلقت خلال الليل عشرات الأطفال المتوفين.

وأعلنت الحكومة العراقية الحداد العام لمدة 3 أيام على ضحايا حادثة الحمدانية، وفقا لبيان مكتب رئيس مجلس الوزراء محمد السوداني، بعد أن قرر محافظ نينوى نجم الجبوري حداداً لمدة أسبوع وتأجيل الاحتفالات الخاصة بالمولد النبوي إلى إشعار آخر.

يقول أحد الناجين من الحريق، والذي التقتهم «الشرق الأوسط» في أحد مستشفيات أربيل، إن النيران امتدت على السقف بسرعة مخيفة، وسقطت فوق رؤوسنا كتل نارية أرعبت الجميع ودفعتهم نحو باب الطوارئ (...) لم يكن سوى باب وحيد تكدس حوله العشرات.

وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري يتفقد قاعة الزفاف المحترقة بعد حريق مميت أودى بحياة العشرات (د.ب.أ)

«شاهدت أطفالاً يزحفون تحت الطاولات، وهم يصرخون، وفي الجانب الآخر ثمة أمهات ينادين بحثاً عنهم (...) كانت النيران تعزل العوائل عن بعضها، وفي النهاية جاء الرجال يدفعون عوائلهم نحو الباب»، يقول ناج آخر، كان ممدداً على سرير في مستشفى بأربيل.

وبحسب هذا المصاب، فإنه «شاهد أنابيب غاز التبريد تنفجر داخل القاعة بفعل النيران».

وقال رجل من أهالي الحمدانية لم يحضر الحفل، لكنه جاء إلى موقع الحريق لتفقد أفراد عائلته، وهم ستة أشخاص، وتأكد أخيراً أنهم فارقوا الحياة، وكانوا بحسب الدفاع المدني متفحمين مع الكراسي التي كانوا يجلسون عليها خلال الحفل.

وقال ضابط في الدفاع المدني في الموصل إن التحقيق الأولي أشار إلى أن الظلام الدامس داخل القاعة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي تسبب في التدافع وتلكؤ إخلاء المحتفلين.

رجل مصاب يسير بين أشخاص أمام قاعة احترقت خلال حفل زفاف في بلدة الحمدانية (أ.ف.ب)

وقال ضابط آخر، أشرف على عمليات الإنقاذ، إن «حريق الحمدانية قد يكون الأكبر في العراق، خلال السنوات العشر الماضية».

واستغرق رجال الدفاع المدني ساعات طويلة للبحث عن المفقودين بين الحطام، وشوهد بعضهم عالقاً بين طاولات متفحمة لمحاولة سحب الجثث، «كان مشهداً مؤلماً (...) لم أستطع تحمل رؤية يد تبرز بين كومة حديد»، يقول أحد عناصر الإنقاذ.

وهرعت سيارات الإسعاف من الحمدانية والموصل، التي تبعد نحو 35 كيلومتراً، لنقل المصابين، فيما نقلت العجلات العشرات منهم إلى مستشفيات أربيل، وبحسب مصادر طبية مختلفة فإن نسبة الحروق والجروح تجاوزت 50 في المائة.

وتهافت العشرات إلى المستشفيات في الموصل والحمدانية، صباح الأربعاء، للتبرع بالدم، فيما قال رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، إنه «قرر إرسال المساعدات الطبية اللازمة، ووجه بفتح مستشفيات الإقليم لتقديم العلاج اللازم للجرحى».

سيارة إسعاف من الموصل تحمل جثة ضحية حريق مميت في حفل زفاف في قضاء الحمدانية بمحافظة نينوى العراقية (رويترز)

وخلال تغطية وسائل الإعلام لعمليات الإنقاذ، ظهرت سيدة من بلدة الحمدانية، صباح الأربعاء، تبحث عن والدتها، وما أن دخلت مع مراسل تلفزيوني القاعة المتفحمة عثرت بالصدفة على سترتها بين الرماد، فانهارت باكية.

ويقول ضابط في الدفاع المدني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا يزال هناك مفقودون من الأطفال تحت الركام».

وشكلت وزارة الداخلية لجنة تحقيقية في حادثة الحمدانية، وأكدت أنها أوقفت إدارة القاعة، واتخذت إجراءات قانونية بحق مالكها.

وجاء إعلان الداخلية، بعد أن وصل الوزير عبد الأمير الشمري إلى موقع الحريق، وإلى جانبه وزيرة الهجرة إيفان فائق، بالتزامن مع أنباء أشارت إلى أن مالك القاعة هرب إلى جهة مجهولة، بعد أن سحب أشرطة كاميرات المراقبة الداخلية.

وقال ضابط رفيع، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوة أمنية خاصة تابعت مالك القاعة، وتحفظت عليه للتحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية، فيما اعتقلت قبل ذلك أربعة أشخاص كانوا يشرفون على تنظيم حفل الزفاف».

وفي وقت لاحق، أعلن «مجلس أمن كردستان» المعروف باسم «الأسايش»، عن إلقاء القبض على مالك قاعة «الهيثم» للمناسبات بقضاء الحمدانية، على خلفية دعوى قضائية بتهمة مخالفة إجراءات السلامة والتسبب في حريق قاعة الحمدانية.

وتداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي معلومات عن ارتباط مالك القاعة بقادة الفصائل المسلحة في الحمدانية، وأن السلطات المحلية تجاهلت مخالفته لشروط السلامة في بناء القاعة، بسبب علاقاته بجهات متنفذة.

أحد أفراد الجيش يقف أمام قاعة مناسبات في أعقاب حريق مميت لحفل زفاف في الحمدانية بمحافظة نينوى العراقية (رويترز)

ومن الصعب التحقق من هذه الأنباء، لكن المنطقة بالفعل يسيطر عليها تشكيلان مسلحان تابعان للحشد الشعبي، أثيرت حولهما شبهات فساد تتعلق بجباية أموال من مستثمرين وأصحاب مشاريع خاصة في المنطقة.

ومع ذلك، فإن رئيس خلية الإعلام الأمني، سعد معن، أكد أن الحريق لم يكن بسبب «جريمة جنائية».

وذكّر الحريق العراقيين بخلل مزمن في مشاريع البناء، إذ يلجأ أصحابها إلى استخدام مادة «الكوبوند» بسبب رخص ثمنها في الأسواق، لكنها سريعة الاشتعال، وارتبطت باستخدام هذه المادة غالبية حوادث الحريق في العراق، خلال السنوات الماضية.

وقال مسؤول حكومي رفيع، لـ«الشرق الأوسط»، إن معالجة هذا النوع المتكرر من الحرائق بحاجة إلى مراجعة - قد تأخذ وقتاً طويلاً - لضوابط استيراد المواد الإنشائية، إلى جانب مراجعة دور الأجهزة الرقابية المعنية بالتحقق من جودة الأبنية وسلامتها.


مقالات ذات صلة

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري
خاص عائلة صدام وتبدو حلا إلى يساره (أ.ف.ب) play-circle 03:44

خاص جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

ليس بسيطاً أن تكون صهر صدام حسين، وسكرتيره الثاني، وابن عشيرته، وليس بسيطاً أن تُسجن من عام 2003 وحتى 2021... فماذا لدى جمال مصطفى السلطان ليقوله؟

غسان شربل
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
TT

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

حين قرر «حزب الله»، ومن خلفه إيران، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تحويل جبهة جنوب لبنان إلى جبهة دعم وإسناد لغزة، التزاماً باستراتيجية «وحدة الساحات» التي تقول إن كل القوى المحسوبة على طهران تتحرك تلقائياً لتدعم أي هجوم على أي منها، لم يستشر أحداً، لا الحلفاء ولا الأخصام، ولم يعد لأي من المؤسسات الدستورية لتغطية قراره هذا، لعلمه بوقتها أن أحداً لن يغطيه.

اليوم وبعد ما يتردد عن قراره فصل مساري غزة ولبنان، بالموافقة على وقف النار، باتت القوى التي تجنبت طوال الفترة الماضية انتقاد هذه السياسة علناً، لا تتردد باعتبار التزام الحزب السابق بهذه الاستراتيجية «خطأ استراتيجياً».

تحسين شروط

ولفت مؤخراً ما قاله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي كان قد ساند «حماس» و«حزب الله» بعد «طوفان الأقصى»، عن وجوب «فصل المسارات ووقف استخدام الجنوب ساحة صراع لدعم غزة أو الضفة»، منتقداً استخدام إيران للبنان في «ربط المسارات من أجل تحسين شروط المناقشات حول موضوع النووي الإيراني».

أما حركة «أمل»، الحليف الأقرب لـ«حزب الله»، التي انخرطت ولو بشكل رمزي بحرب الإسناد، فتشير المعلومات إلى أنها لم تكن تؤيد استراتيجية «وحدة الساحات» لكنها وبعد بدء المواجهات جنوباً انخرطت بالحرب «دفاعاً عن لبنان».

ويتجنب نواب وقياديو الحركة الحديث بهذا الخصوص، إذ يصر «الثنائي الشيعي» على تظهير موقف واحد مرتبط بالحرب الراهنة.

لا مصلحة لبنانية فيها

وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، حليف «حزب الله» منذ عام 2006، أول من خرج ليصف التزام «حزب الله» باستراتيجية «وحدة الساحات» بـ«الخطأ الاستراتيجي»، معتبراً أنها «تصب لصالح دول أخرى وليس لصالح لبنان».

ويشير عضو تكتل «لبنان القوي» جيمي جبور إلى أنه «تم العمل باستراتيجية وحدة الساحات حصراً عند تضامن (حزب الله) مع غزة، وفتحه لجبهة الإسناد التي رأينا منذ البداية ألا مصلحة لبنانية فيها، وإذ تبين لاحقاً أن موقفنا كان صائباً بتراجع الجميع عن هذا الإسناد عملياً، بما فيهم (حزب الله) الذي دفع وحيداً مع لبنان ثمن وحدة الساحات من غير أن نرى إيران، أم غيرها من الدول والقوى، تنضم تضامناً معه إلى هذه المعركة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كل ما حصل بات يُحتم «إعادة النظر الجذرية باستراتيجية السلاح فور انتهاء المعارك»، مضيفاً: «آن الأوان لحوار داخلي يجعل السلاح في خدمة لبنان فقط دون سواه من الدول ضمن استراتيجية دفاعية تكون الدولة ومؤسساتها صاحبة القرار، ويكون الجيش اللبناني العمود الفقري والأساس في الدفاع عن لبنان».

مقاتل من «حزب الله» يطلق صاروخاً موجهاً (أرشيفية)

بالتسوية أو بالقوة

ويُعدُّ حزب «القوات اللبنانية» أبرز المعارضين لـ«وحدة الساحات»، وبالأصل لوجود «حزب الله» حزباً مسلحاً. وترى عضو تكتل «الجمهورية القوية» غادة أيوب أن «إيران اعتمدت استراتيجية (وحدة الساحات)، لأنها أرادت بذلك أن تكون لاعباً قوياً يتدخل في 5 بلدان عربية عبر أذرعه بدءاً من (حزب الله) في لبنان، والحوثيين في اليمن، و(حماس) في غزة، و(الحشد الشعبي) في العراق، والنظام السوري بوجود (فيلق القدس) والحرس الثوري الإيراني»، مشيرة إلى أنه «غداة إعلان (طوفان الأقصى) في 8 أكتوبر (تشرين الأول) لم تتحرك سوى ساحتين لمساندة (حماس) في غزة انطلاقاً من لبنان واليمن، وبذلك تعطلت استراتيجية وحدة الساحات التي ابتدعتها إيران، وسقطت بمجرد أن رفض النظام السوري الدخول في هذه الحرب لاعتبارات تتعلق بالوجود الروسي على أراضيه واعتبارات أخرى، وكذلك العراق، مع العلم أن إيران، وبالرغم من هذه الاستراتيجية، فهي لم تسلم من الضربات المباشرة على أراضيها والتهديدات المباشرة إذا ما أكملت في سياستها».

وتعدُّ غادة أيوب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الاستراتيجية تنتهي إما عن طريق التسوية مع إيران أو بالقوة»، لافتة إلى أن محور الممانعة أصبح «محوراً صوتياً أو سياسياً لا عسكرياً» كممانع للعلاقة مع إسرائيل لحين تبلور صورة الشرق الأوسط.

مدماك حزام النار

أما مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، فيوضح أن «استراتيجية وحدة الساحات التي تم تفعيلها عند بدء الحرب على غزة، وشارك فيها اليمن وطبعاً (حزب الله) الذي أعلن جبهة جنوب لبنان جبهة دعم وإسناد، قررت إيران وقفها، وليس بشكل علني، لأنها واجهت ضربة عسكرية إسرائيلية كبيرة، وأصبح الاستمرار بهذه الاستراتيجية مكلفاً جداً، بخاصة على (حزب الله) الذي هو المدماك، أي الحجر الأساس في ما يُسمى حزام النار الذي أنشأته إيران لتطويق إسرائيل، الذي يُسمى سياسياً بـ(وحدة الساحات)».

ويلفت نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بدأ أخيراً تقليم أظافر (حزب الله) وصولاً لشبه إنهائه من خلال اقتلاع قدراته العسكرية، وهذا أمر مستمر»، موضحاً أن «إيران وأذرعها لم يقرروا فقط وقف العمل باستراتيجية وحدة الساحات، إنما باتوا يريدون وقف النار وإنهاء العمليات العسكرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».