غضب فلسطيني تجاه «الإغلاق» خلال احتفالات الأعياد اليهودية

اتهامات لإسرائيل بممارسة «فصل عنصري وتفوق عرقي شرس»

أغلقت السلطات الإسرائيلية كل المعابر الحدودية في وجه الفلسطينيين عشية يوم الغفران (أ.ف.ب)
أغلقت السلطات الإسرائيلية كل المعابر الحدودية في وجه الفلسطينيين عشية يوم الغفران (أ.ف.ب)
TT

غضب فلسطيني تجاه «الإغلاق» خلال احتفالات الأعياد اليهودية

أغلقت السلطات الإسرائيلية كل المعابر الحدودية في وجه الفلسطينيين عشية يوم الغفران (أ.ف.ب)
أغلقت السلطات الإسرائيلية كل المعابر الحدودية في وجه الفلسطينيين عشية يوم الغفران (أ.ف.ب)

أثارت الإجراءات الإسرائيلية خلال الأعياد اليهودية، المتمثلة في إغلاق الضفة الغربية والمعابر الحدودية ومنع الصلوات في الأقصى والحرم الإبراهيمي في الخليل لساعات طويلة، غضباً عارماً في صفوف الفلسطينيين. وعدّها عضو هيئة العمل الوطني في القدس، أحمد الصفدي أنها «ليست فصلاً عنصرياً فحسب، إنما تكريس للتفوق العرقي الشرس لليهود على الفلسطينيين».

وقال الصفدي، وهو صحافي ومدير مؤسسة «إيليا» للإعلام الشبابي في المدينة، ويعد واحداً من مئات الفلسطينيين المسلمين الذين تلقوا أمر إبعاد عن المسجد الأقصى، إن هذه السنة بلغت الإجراءات الإسرائيلية في القدس وغيرها من المناطق الفلسطينية حداً أقصى من العسف والتنكيل، ويلاحظ أن حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو تسعى لتثبيت أمر واقع جديد أشد بطشاً من الماضي لغرض توسيع الاستيطان اليهودي وتطفيش العرب من وطنهم.

وأضاف: «لقد زادوا عدد اليهود الذين يقتحمون المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وشددوا إجراءات الإغلاق في وجه الفلسطينيين، حتى تعطى الحرية لليهود في أداء الصلوات والطقوس الدينية التلمودية، وبذلك يؤججون حرباً دينية. وفوق ذلك، ضاعفوا عدد البيوت الفلسطينية التي يتم هدمها بلا رحمة، وضاعفوا عدد الاعتقالات وزادوا الحواجز العسكرية».

شرطي إسرائيلي يحرس شارعاً مغلقاً يربط القدس الغربية مع الشرقية عند بلدة بيت حنينا عشية يوم الغفران (أ.ف.ب)

حماية المستوطنين

وكانت السلطات الإسرائيلية قد سمحت لمئات المستوطنين اليهود بدخول المسجد الأقصى المبارك، بحماية مشددة من قوات الشرطة وحرس الحدود. وارتدى عشرات المستوطنين «ثياب الكهنة»، خلال اقتحامهم، ضمن القناعة بأن «موعد قدوم الكهنة قد حان، لإعادة بناء الهيكل اليهودي في الحرم الذي يزعمون أنه قام في المكان نفسه الذي يقوم فيه مسجد مر وقبة الصخرة». وأدوا صلوات تلمودية داخل باحات الأقصى ونفخوا البوق وانبطح كثير منهم أرضاً.

وفي المقابل، منعت المسلمين من دخول الأقصى لصلاة الفجر حتى صلاة الظهر. وأغلقت الشوارع الرئيسية ومداخل الأحياء في القدس لتأمين اقتحام المستوطنين. كذلك وضعت آليات الجيش الكتل الإسمنتية في شوارع رئيسية بمدينة القدس وعلى أبواب الأحياء الكبيرة مثل العيزرية وجبل أبو غنيم والعيساوية، وفرضت إغلاقاً وحصاراً لتسهيل مخططات المستوطنين واقتحاماتهم للأقصى، خلال موسم الأعياد اليهودية.

وأعلنت السلطات الإسرائيلية، فرض إغلاق شامل على الضفة الغربية وقطاع غزة، ابتداء من منتصف ليل السبت - الأحد، ليستمر حتى منتصف ليلة الاثنين - الثلاثاء، أي طيلة «يوم الغفران»، وهو اليوم الذي يعد يوم حداد مقدساً، يصوم فيه اليهود المتدينون لـ25 ساعة متواصلة، وتجري فيه محاسبة النفس والتكفير والتطهير من الذنوب.

يهودي متطرف يوزع أعلاماً لحركة «المعبد الثالث» بالقدس في 7 سبتمبر الحالي (أ.ف.ب)

جماعات الهيكل المتطرفة

وتحاول جماعات الهيكل المتطرفة استغلال هذا اليوم، لتكريس نفوذها السياسي والترويج لأفكارها التي تسعى لتهويد المدينة المقدسة وحشد أنصارها لأداء صلوات خاصة بالمسجد الأقصى في هذه المناسبة في سعيها لإقامة كل الطقوس الدينية المتعلقة بالهيكل داخل المسجد. وفي السنوات الأخيرة، يزداد عدد المقتحمين، ويتعمدون تنفيذ طقوسهم الاستفزازية بشكلٍ علني، مع محاولات متواصلة لتحقيق مكاسب؛ أبرزها النفخ في البوق، وإدخال القرابين النباتية.

وأدان البرلمان العربي اقتحامات المسجد الأقصى المبارك، والسماح لهم بممارسات استفزازية تنتهك حرمة المسجد والمقابر الإسلامية، واقتحام المسجد الإبراهيمي ومنع دخول المصلين إليه.

ويرى البرلمان العربي، في بيان له الاثنين، أن تلك الاقتحامات تنتهك حرية المصلين في التوجه للمساجد وأماكن العبادة بحرية وأمان. وقال البرلمان العربي إن اقتحامات المستوطنين المتطرفين للمسجد الأقصى المبارك، والمسجد الإبراهيمي في الخليل، والاعتداءات اليومية في الضفة، دعوة لتأجيج دوامة العنف وتفجير ساحة الصراع.

واستنكر البرلمان العربي العدوان الوحشي الذي شنته القوات الإسرائيلية على مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم، الذي أدى إلى استشهاد شابين، وتدمير البنية التحتية للمخيم، وتصعيد وتيرة الاعتداءات الوحشية على المواطنين في قطاع غزة. وعدّ البرلمان العربي أن هذه الجرائم «جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تضاف لجرائم القتل خارج القانون التي ترتكبها القوة القائمة بالاحتلال بحق الشعب الفلسطيني الأعزل».

قوات أمن إسرائيلية تحرس مستوطنين قرب قبة الصخرة في القدس (أ.ف.ب)

انفجار الأوضاع

وحمل البرلمان العربي، إسرائيل، المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجرائم، التي ستؤدي إلى انفجار الأوضاع، وإلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار. ودعا، المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن، والمؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية، إلى الضغط على إسرائيل من أجل وضع حد لجرائمها وانتهاكاتها المتكررة، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. وطالب باتخاذ ما يلزم من الخطوات العملية لإجبار إسرائيل على إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، والكف عن جميع الممارسات والانتهاكات بحق المسجد الأقصى المبارك، واحترام حرمته، وضرورة احترام سلطة إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية، بإدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك. وأكد أن المسجد الأقصى، بكامل مساحته البالغة 144 دونماً، مكان عبادة خالص للمسلمين.


مقالات ذات صلة

احتفالات في غزة باتفاق وقف إطلاق النار (صور)

المشرق العربي رجل يُلوح بالعلم الفلسطيني وسط أنباء عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في دير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

احتفالات في غزة باتفاق وقف إطلاق النار (صور)

احتفل آلاف الفلسطينين في قطاع غزة اليوم (الأربعاء) بإعلان التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمعتقلين بين اسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية إسرائيلية تمر أمام لوحة تضم صور مخطوفين لدى «حماس» (أ.ب)

نتنياهو يلغي كل برامجه ويتفرغ لتمرير الصفقة مع «حماس»

ألغى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كل برامجه المقررة، معلناً أنه يتفرغ لتمرير الصفقة مع «حماس» لوقف النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية غزيون يتفقدون الدمار الذي خلَّفته غارة إسرائيلية على مدرسة الفارابي وسط مدينة غزة الأربعاء (أ.ف.ب)

إسرائيل تستعد لتشويش «أفراح حماس» عند تنفيذ الصفقة

تحتل مهمة التشويش على ما يسمى في تل أبيب «أفراح حماس» مكانة رفيعة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي 
فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان

اختمرت على نحو كبير، حتى مساء أمس، ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل بعد 15 شهراً من الحرب، وسط ترجيحات كبيرة بقرب إعلانه.

نظير مجلي (تل أبيب) «الشرق الأوسط» (غزة) علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية ضابط إسرائيلي يزيل جزءاً من صاروخ أطلقه الحوثيون من اليمن بعد أن أصاب منزلاً في قرية ميفو بيتار الإسرائيلية 14 يناير 2025 (أ.ب)

الحوثيون يعلنون قصف أهداف إسرائيلية بطائرات مسيّرة وصاروخ

أعلنت جماعة الحوثي اليمنية، اليوم (الثلاثاء)، تنفيذ هجومين على أهداف في تل أبيب بوسط إسرائيل وإيلات في الجنوب، في خامس هجوم خلال يومين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اندفاعة عربية ودولية نحو دعم لبنان تدشّنها زيارة ماكرون

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
TT

اندفاعة عربية ودولية نحو دعم لبنان تدشّنها زيارة ماكرون

الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)
الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام في القصر الجمهوري (رويترز)

يشكّل انتخاب الرئيس اللبناني جوزيف عون وتسمية الرئيس المكلّف نواف سلام لتأليف الحكومة الأولى للعهد الجديد، موضع اهتمام عربي ودولي غير مسبوق، وهذا ما تترجمه الزيارات التي يبدأها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت، الجمعة، لتهنئة الرئيس عون والرئيس المكلف.

وفي حين جال وزير خارجية إسبانيا والاتحاد الأوروبي خوسيه مانويل ألباريس على المسؤولين اللبنانيين، الأربعاء، بالتزامن مع لقاءات مماثلة لوزير خارجية الدنمارك لارس لوكه راسموسن، من المقرر أن يصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش السبت إلى بيروت، ثم يبدأ مسؤولون عرب وأجانب في الوصول إلى العاصمة اللبنانية بدءاً من الأسبوع المقبل.

وعدّ سفير لبنان السابق في واشنطن أنطوان شديد، أن «لبنان مهمّ جداً للمنطقة والعالم، والتغييرات التي تحصل الآن في لبنان هي جزء من المتغيرات التي تحصل على مستوى المنطقة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاهتمام الدولي بلبنان لم يبدأ اليوم، بل تبلور خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وكان للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا الدور الأكبر في التوصل إلى قرار وقف إطلاق النار». وأشار السفير شديد إلى أن «الاستقرار في لبنان وانتظام العمل الدستوري مسألة مهمة جداً لإرساء الاستقرار في المنطقة، وتجلَّى ذلك بانتخاب رئيس الجمهورية وإطلاق عجلة تأليف الحكومة».

ضمانة عون وسلام

ويشكّل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف الآن، ضمانة إطلاق مسيرة الدولة وعدم عودة عقارب الساعة إلى الوراء، وذكّر السفير أنطوان شديد بأن «زيارة الرئيس الفرنسي هي فاتحة زيارات عدد من القادة الدوليين والعرب؛ للتعبير على الدعم المطلق للدولة اللبنانية برئيسها وحكومتها وجيشها ومؤسساتها الدستورية». وقال: «نحن أمام مرحلة من الدعم الدولي غير المسبوق للعهد وللدولة، والمهم أن يتلقف لبنان هذا الدعم بإيجابية، وأعتقد أن ما أعلنه الرئيس عون أمام الوفود التي زارته، عن هجمة عربية دولية تجاه لبنان لتقديم الدعم والمساعدة في عملية بناء الدولة يعبّر عن الحقيقة التي يعرفها الرئيس عون، عمّا ينتظر لبنان من الأشقاء والأصدقاء في المرحلة المقبلة».

من جهته، عدَّ الوزير السابق رشيد درباس أن «الاهتمام الدولي بلبنان، يؤشر بوضوح إلى أن لبنان خرج من حالة الاضطرابات والاختلال الأمني، ولم يعد منصّة للتخريب على أمن المنطقة». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «زيارة الرئيس الفرنسي وما يليها من توافد لقيادات عربية وعالمية إلى بيروت، يعطي انطباعاً بعودة الثقة إلى اللبنانيين بمجرد أن انتخبوا رئيساً للبلاد وشكَّلوا حكومة»، مشيراً إلى أن «هذا الانفتاح مقدمة لمساعدة لبنان على الاستثمار في عوامل الأمان والتنمية وتخفيف النزاعات وخروجه من العدمية والفوضى».

وقال: «إن مجيء الرئيس ماكرون أو غيره من الشخصيات العالمية، دليل على أنهم باتوا شركاء مع اللبنانيين في بناء الدول ومؤسساتها، ومنخرطين في عملية تعامي لبنان عن الأمراض التي كانت تسكنه».

ويقرأ البعض في هذه الزيارات تدخلاً في الشؤون اللبنانية، إلّا أن درباس رأى أن «بعض اللبنانيين وتحديداً الثنائي الشيعي لم يقرأوا المتغيرات في المنطقة ولا التقلبات في موازين القوى، بل أصروا على خطاب حماسي يعمي البصيرة»، لافتاً إلى أنه «عندما كان لدى هذا الفريق (الثنائي الشيعي) الحقّ بالشراكة القوية في تسمية رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، رفضوا كلّ العروض وأصروا على إضاعة الفرص، إلى أن فُرضت الخيارات عليهم من الخارج»، متمنياً «الانتهاء من مرحلة تضييع الفرص على البلد وانتهاك الدستور تحت حجّة الحفاظ على السيادة التي بذريعتها أصبحنا على عداء مع كل الأشقاء والأصدقاء، ومزاعم تحرير فلسطين ومقولة أن إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت».

مقاطعة شيعية غير مطمئنة

وعكست مقاطعة كتلتي الثنائي الشيعي (أمل وحزب الله) الاستشارات أجواء سلبية عشية توافد المسؤولين الدوليين والعرب على لبنان، ورأى المحلل السياسي توفيق هندي أن «الخيار الذي ذهب إليه الثنائي الشيعي بمقاطعة الاستشارات غير الملزمة لا يطمئن ولا يلاقي إرادة اللبنانيين في الداخل وإرادة الأشقاء والأصدقاء في الخارج»، مبدياً أسفه كيف أن «هذا الفريق يعلن مقاطعته الاستشارات غير الملزمة، وبالوقت نفسه يؤكد على رغبته المشاركة في الحكومة»، مشدداً على أن «خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس جوزيف عون جاء على قدر آمال اللبنانيين، وشكَّل بارقة رجاء لدول العالم، ولاقاه بذلك كلام الرئيس المكلف نواف سلام من القصر الجمهوري عندما وضع الخطوط العريضة لمشروع بناء الدولة».