طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، في مقابلة له مع صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، نُشرت (الاثنين)، بأن تساعد أوروبا لبنان على معالجة قضية النازحين السوريين على أراضيه مع الحكومة السورية.
أجرت صحيفة «لوفيغارو» مقابلة مع حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي، للاطلاع على مواقفه من أبرز القضايا التي تهمّ لبنان قبل توجّهه إلى المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقد أدلى ميقاتي بتصريحات للصحيفة ركزت على الوضع الاقتصادي الذي يعانيه البلد والانتخابات الرئاسية وملف النازحين وترسيم الحدود مع إسرائيل.
حمّل ميقاتي الدولة اللبنانية المسؤولية الرئيسية عن الانهيار الاقتصادي في لبنان، مشيراً أيضاً إلى «ثقافة الفساد والهدر في الوظيفة العامة وغياب الإصلاحات». وأعطى مثالاً هو إنفاق الدولة ما مجموعه 45 مليار دولار لدعم الكهرباء، معتبراً أن ذاك السلوك كان غير مسؤول.
ودعا ميقاتي النواب إلى «إظهار المسؤولية المالية واعتماد الميزانية» التي اعتمدتها حكومته في 12 سبتمبر (أيلول). وشدد على ضرورة البدء بإصلاح عميق.
ورأى أنه «بمجرد إقرار القوانين (الإصلاحية) وتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ستعود الثقة في لبنان تدريجياً، وسيعود البلد مركزاً مالياً من جديد». وأضاف: «من الممكن إعادة تفعيل حزمة المساعدات البالغة 11 مليار دولار، والتي تم التفاوض عليها في مؤتمر سيدر في باريس، مما يُطمئن المستثمرين ويحثّهم على إعادة النظر في الفرص المتاحة في لبنان. سيجدون بعد ذلك بلداً يكون فيه رواد الأعمال على استعداد للتعاون، وقد بدأوا بالفعل في تحسين الوضع».
وقال ميقاتي إن «لبنان يمتلك كل الوسائل اللازمة لنهوضه، والأمر متروك لطبقته السياسية للسماح بذلك. الدولة موجودة ويمكن أن تعمل بشكل جيد». وأشار إلى أنه منذ رحيل الرئيس ميشال عون (بعد نهاية ولايته العام الماضي)، وقّع ميقاتي ما لا يقل عن 1400 مرسوم.
وأبدى ثقته باللبنانيين كونهم «متعلمين ومتألقين وقادرين على المنافسة وطنياً ودولياً».
وعن الرسالة التي سوف يوجهها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال إنه سيطلب من المجتمع الدولي والدول المانحة مساعدة لبنان على مستويات عدة. بدايةً، سيطلب من القوى العالمية أن تستخدم نفوذها لإقناع التيارات اللبنانية المختلفة بانتخاب رئيس للجمهورية.
ويرى أن «على الرئيس أن يكون مقبولاً من جميع الأطراف، وأن يضع نفسه فوق المشاجرة ويكون بمثابة الحكم. ولكن أيضاً على الرئيس أن يتمتع بالرؤية والقيادة وروح الجماعة، ليكون قادراً على العمل بشكل وثيق مع الحكومة لحل المشكلات وبناء الوطن».
وعمّا إذا كان يؤيد انتخاب المرشح الرئاسي سليمان فرنجية، المدعوم من «حزب الله» والمقرّب من نظامَي إيران وسوريا، قال إنه «من غير المنطقي انتخاب رئيس يعادي حزب الله...». وفي المقابل أشار إلى أن أجهزة «حزب الله» شبه العسكرية والأمنية، المرتبطة بدورها الإقليمي، أصبحت تدريجياً موضع استقطاب، بل وانقسام، ومصدر خوف للكثير من اللبنانيين.
وأوضح ميقاتي أنه سيطلب كذلك من المجتمع الدولي دعم لبنان في مواجهة أزمة الهجرة. وقال: «نحن نستضيف بالفعل أكثر من مليون لاجئ سوري، ويصل مئات النازحين الإضافيين إلى لبنان كل يوم ويُخلّون بالتوازن الاقتصادي والديموغرافي والطائفي للبلاد. يقولون إنهم يأتون إلى لبنان للعبور إلى أوروبا، لذا يجب على أوروبا أن تساعدنا على التعامل مع هذه القضية مع الحكومة السورية».
وانتقد دور مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في استقبال اللاجئين في لبنان، قائلاً: «إن استقبال النازحين في لبنان، الذي تقدمه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ينطوي على عيب يتمثل في أنه يشكل حافزاً مالياً قوياً للهجرة غير الشرعية، من دون معالجة المشكلة من مصدرها».
وأضاف: «ينبغي للمفوضية أن تتفاوض مباشرةً مع السلطات السورية. والأوروبيون لديهم مصلحة كبيرة في مساعدتنا على التعامل مع هذه المشكلة، نظراً إلى الزيادة الحادة في معدلات الاتجار بالبشر إلى قبرص وغيرها من الوجهات. إن التهديد المتمثل في حدوث غزو جديد للمهاجرين في أوروبا أمر حقيقي، وهو ما يحمل معه أيضاً ضرورة أمنية».
وعن ملف ترسيم الحدود البرية مع إسرائيل، دعا ميقاتي الأمم المتحدة للمساعدة على الوصول إلى حل مشكلة الخلافات الحدودية، مما من شأنه تعزيز الأمن في جنوب لبنان والسحب التدريجي لجنود قوات «يونيفيل»، التي كانت في الأصل «مؤقتة»، ولكنها موجودة في الواقع منذ عام 1978.
ولدى سؤاله عن سبب عدم اعتراف لبنان بدولة إسرائيل في حين وقَّع عدد من الدول العربية اتفاق سلام معها، قال ميقاتي إنه منفتح على نقاش مبنيّ على أُسس مبادرة السلام التي اقترحتها الدول العربية مجتمعةً عام 2002. وأضاف: «أنا رجل عملي ونحن بحاجة إلى السلام والاستقرار والازدهار في المنطقة. وأنا على استعداد للنظر في مبادرات السلام التي من شأنها تمكين لبنان من التنمية والحفاظ على قضايانا النبيلة وحقوقنا المشروعة، مع احترام قرارات مجلس الأمن بالطبع».