اتفاق «فتح» و«حماس» على التهدئة في «عين الحلوة» قيد الاختبار

بعد هدوء صباحي تجددت الاشتباكات بعد الظهر

فلسطينية وطفلها في حافلة تنقلهما إلى مدرسة لـ«الأونروا» خصصت لإيواء الفارين من معارك «عين الحلوة» (أ.ب)
فلسطينية وطفلها في حافلة تنقلهما إلى مدرسة لـ«الأونروا» خصصت لإيواء الفارين من معارك «عين الحلوة» (أ.ب)
TT

اتفاق «فتح» و«حماس» على التهدئة في «عين الحلوة» قيد الاختبار

فلسطينية وطفلها في حافلة تنقلهما إلى مدرسة لـ«الأونروا» خصصت لإيواء الفارين من معارك «عين الحلوة» (أ.ب)
فلسطينية وطفلها في حافلة تنقلهما إلى مدرسة لـ«الأونروا» خصصت لإيواء الفارين من معارك «عين الحلوة» (أ.ب)

لا يزال الوضع في مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، يختبر قدرة حركتي «فتح» و«حماس» على فرض وقف إطلاق النار الذي تم التفاهم عليه بعد اجتماع وفدين من الحركتين في السفارة الفلسطينية بالعاصمة اللبنانية بيروت بمشاركة عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد، وعضو المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق، اللذين أتيا إلى لبنان في محاولة لاستيعاب التطورات في المخيم.

وأفادت مصادر ميدانية بأن الهدوء الحذر ظل مسيطرا على محاور القتال في ساعات الصباح والظهر قبل أن يخرق بعد الظهر على محور حي حطين وجبل الحليب، حيث استخدمت القذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة. وأكدت المصادر التي تمكث داخل المخيم لـ«الشرق الأوسط» أن «التموضع العسكري للطرفين لا يزال على حاله والاستنفار قائم دون تغيير».

وأسفرت المواجهات بين حركة «فتح» ومجموعات إسلامية متشددة التي استمرت بشكل متقطع منذ الخميس عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة أكثر من 85 آخرين بجروح.

حقائق

9 قتلى و85 جريحاً

على الأقل نتيجة المعارك في عين الحلوة حتى الآن

وفشلت مساعي وقف إطلاق النار وكل الضغوط التي مارستها القوى السياسية والأمنية اللبنانية في وضع حد للجولة الثانية من القتال، باعتبار أن الجولة الأولى كانت انطلقت مطلع أغسطس (آب) الماضي وأسفرت عن مقتل 13 شخصا بينهم قيادي في «فتح» في كمين.  

ورغم أن الاتفاق الذي تم بين «فتح» و«حماس» مساء الثلاثاء لحظ ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار، وأكد على قرار هيئة العمل الفلسطيني المشترك بتسليم المطلوبين المتهمين باغتيال القيادي الفتحاوي اللواء أبو أشرف العرموشي ورفاقه للقضاء اللبناني، والعمل على تسهيل عودة النازحين من المخيم إلى منازلهم، وإخلاء المدارس، ووقف الحملات الإعلامية كافة، فإن مصادر «فتح» استبعدت أن نكون بصدد حل نهائي للأزمة. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «نعلم تماما أن المتطرفين لن يسلموا القتلة لأن في حقهم جميعا عشرات مذكرات التوقيف التي ستؤدي لأحكام قاسية تطالهم، أضف أن التسليم سيؤدي لانقسامات كبيرة في صفوفهم». ورجحت المصادر أن يكون «الوضع حاليا أشبه باستراحة محارب لا أحد يعلم كم ستستمر باعتبار أن هدف المتطرفين ومن يقف خلفهم هو إضعاف حركة (فتح) وما داموا لم ينجحوا بذلك، سيكررون استفزازاتهم وهجوماتهم بأي وقت». 

وأضافت: «قرار الحركة واضح بعدم التراجع قبل تسليم قتلة العرموشي. نحن سنعطي مهلة إضافية قصيرة ولكن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة خاصة أن (فتح) لم تستخدم كل أسلحتها ولم تقم بأي هجوم فعلي إنما كانت بموقع رد الهجوم».  

ميقاتي مجتمعا مع ممثلي الفصائل الفلسطينية بحضور قائد الجيش العماد جوزف عون (إكس)

وبحث رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي الأربعاء، بحضور قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون، مع وفد فلسطيني يرأسه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد كما مع عدد من رؤساء الأجهزة الأمنية اللبنانية الوضع في «عين الحلوة».  

وبعد اللقاء، كشف الأحمد أن «استخبارات دولة أجنبية في داخل لبنان اتصلت بالمتشددين في المخيم للتحريض وتقديم إغراءات خدمة للبرنامج»، لافتا إلى أن «إسرائيل ليست بعيدة عما يدور». 

وعما إذا كان الخيار العسكري لا يزال مطروحا، قال الأحمد: «كل الخيارات مطروحة أمامنا واتفقنا عليها، ونحن نفضل خيار العقل. لقد وضعنا سقفا زمنيا وهو ليس طويلا، وهو على قاعدة النقاط التي وضعناها، أي تسليم القتلة للقضاء اللبناني الذي هو صاحب السيادة». 

وتعد حركة فتح الفصيل الأبرز في المخيم الذي توجد فيه حركة حماس أيضاً وفصائل أخرى. وتتخذ مجموعات متطرفة من عدة أحياء فيه معقلاً لها يلجأ إليها الهاربون من وجه العدالة في لبنان أيا كانت جنسيتهم. إذ إن القوى الأمنية اللبنانية لا تدخل إلى المخيمات الفلسطينية بموجب اتفاق ضمني بين منظمة التحرير والسلطات اللبنانية. وتتولى الفصائل الفلسطينية نوعاً من الأمن الذاتي داخل المخيمات عبر قوة أمنية مشتركة.


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

هل يدوم تضامن الإسرائيليين مع نتنياهو بشأن مذكرة الاعتقال؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

هل يدوم تضامن الإسرائيليين مع نتنياهو بشأن مذكرة الاعتقال؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، إن مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ بسبب الحرب في غزة، أثارت غضباً عارماً بين مختلف أطياف الساحة السياسية في إسرائيل، ولكن على المدى البعيد، لا يبدو هذا الأمر جيداً بالنسبة لرئيس الوزراء.

وأضافت أنه كلما تم تصوير نتنياهو على أنه منبوذ دولياً، بدا أن كثيراً من الإسرائيليين يحتضنونه على الرغم من الاستقطاب الداخلي العميق.

وقال المحللون إنه من المرجح أن يتجمع معظم الإسرائيليين حول رفض نتنياهو قرار المحكمة، الذي ندد به بوصفه «معادياً للسامية».

وذكر ميتشل باراك، وهو خبير استطلاعات رأي عمل مساعداً لنتنياهو في التسعينات: «هذا يساعده». ووصفه بأنه «الرجل الوحيد الذي يقف ضد كل الشر في العالم».

وقال باراك: «إن هذا يحوله إلى الضحية التي يحب أن يكونها، والشخص الذي يقاتل من أجل حقوق إسرائيل»، مضيفاً أن الإسرائيليين كانوا موحَّدين إلى حد كبير في دعمهم للحرب.

وجاءت مذكرة الاعتقال في الوقت الذي تآكلت فيه صورة نتنياهو المحلية في الأشهر الأخيرة، ومع ازدياد اللوم الدولي على الأزمة الإنسانية في غزة، حيث قُتل أكثر من 44 ألف فلسطيني، وفقاً لمسؤولي الصحة المحليين.

وانخفضت ثقة الإسرائيليين في قيادة نتنياهو، بعد الهجوم المفاجئ الذي شنَّته حرك «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، واتهمه كثير من الإسرائيليين بإطالة أمد الحرب في غزة لأسباب سياسية: للحفاظ على ائتلافه الحاكم اليميني، والبقاء في السلطة حتى مع معركته ضد اتهامات الفساد.

ووفقاً لمسؤول حكومي إسرائيلي متقاعد، أخيراً، عمل على قضايا تتعلق بالشؤون الدولية لإسرائيل لسنوات، وطلب عدم الكشف عن هويته، فمن المحتمل أيضاً أن نتنياهو لا يقلق بسبب أوامر الاعتقال، لأمر واحد، لأن الولايات المتحدة، حليف إسرائيل الأكثر أهمية، رفضت القضية ضد القادة الإسرائيليين. ومن ناحية أخرى، إسرائيل ليست عضواً في المحكمة الدولية ولا تعترف بولايتها القضائية في إسرائيل أو غزة.

وقالت الصحيفة إن عدداً قليلاً من الإسرائيليين أعربوا علناً عن تعاطفهم مع المدنيين في غزة، وألقوا باللوم على «حماس» في معاناتهم. ومع تجنيد معظم الشباب، يجد معظم الإسرائيليين صعوبة في تصور الجنود مجرمي حرب.

ويدرك الإسرائيليون أنه لا يزال من الممكن إصدار مذكرات اعتقال دولية ضد الضباط والجنود، مما يزيد من عدائهم للمحكمة، ولكن في الوقت نفسه فإنهم معزولون، إلى حد كبير، عن العداء لإسرائيل في الخارج.

وحتى خصوم نتنياهو السياسيين يقولون ما يبدو أن معظم الإسرائيليين يفكرون فيه، حيث كتب يائير لبيد، زعيم المعارضة، على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الخميس: «تدافع إسرائيل عن حياتها ضد المنظمات الإرهابية التي هاجمت وقتلت واغتصبت مواطنينا»، مضيفاً: «أوامر الاعتقال مكافأة للإرهاب».

وتأتي أوامر الاعتقال في وقت مضطرب، يعيشه نتنياهو وإسرائيل، التي على وشك التوصل إلى اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار بشأن الصراع مع «حزب الله» في لبنان، في حين لا يزال نحو 100 رهينة، من المفترض أن يكون ثلثهم على الأقل قد لقوا حتفهم، في غزة.

وأقال نتنياهو، أخيراً، يوآف غالانت من منصب وزير الدفاع؛ بسبب الخلافات حول استمرار الحرب في غزة والسياسات الداخلية؛ مما أدى إلى تقويض الثقة في الحكومة.

كما تعرَّض مكتب نتنياهو للتدقيق بشكل متزايد بشأن سلسلة من التحقيقات التي ركزت على سوء التعامل مع المواد الاستخباراتية.

ويوم الخميس، اتهم المدعون الإسرائيليون أحد مساعديه بتسريب معلومات سرية عن «حماس» بطريقة يقول المدعون إنها من المرجح أن تضر بالأمن القومي، وتضع الناس في خطر يهدد حياتهم في وقت الحرب.

وفي الشهر المقبل، من المتوقع أن يقف نتنياهو في محاكمة بعدما وُجِّهت إليه اتهامات بالرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة، في 3 قضايا منفصلة ولكنها مترابطة يتم الاستماع إليها بالتوازي.

وقد نفى ارتكاب أي مخالفات في القضايا التي تركز على اتهامات بأنه رتب خدمات لرجال أعمال مقابل هدايا، وتغطية إخبارية متعاطفة له ولأسرته.

وحرصاً على تجنب أي لوم شخصي تجاه نتنياهو على تلك الإخفاقات، ومع اقتراب الوقت المناسب للإدلاء بشهادته في قضايا الفساد، ضاعف أنصاره هجماتهم ضد النظام القضائي الإسرائيلي وربما شجعهم فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على ذلك، فقد تغذوا على فكرة أن نتنياهو يتعرَّض للاضطهاد من قبل القوى الليبرالية في الداخل والخارج.

ويتوقع الإسرائيليون أن تكون إدارة ترمب الجديدة أكثر استيعاباً للحكومة الإسرائيلية، الأكثر يمينية ومحافظة دينياً في تاريخ البلاد.

وعلى الرغم من الرفض الإسرائيلي الواسع النطاق لقرار إصدار أوامر الاعتقال، فإن التعاطف مع نتنياهو قد يتضاءل في الأمد البعيد، كما يقول بعض المحللين.

نتنياهو وغالانت خلال مؤتمر صحافي سابق في قاعدة «كيريا» العسكرية في تل أبيب (رويترز)

وقال باراك، خبير استطلاعات الرأي، إن كون المرء «شخصية دبلوماسية غير مرغوب فيها» ليس مظهراً جيداً لرئيس الوزراء، خصوصاً أن مكانة نتنياهو الدولية الضخمة كانت ذات يوم واحدة من دعاياته الانتخابية.

ولا يواجه نتنياهو وغالانت أي خطر للاعتقال في إسرائيل بسبب أوامر الاعتقال. ومع ذلك، يمكن احتجازهما إذا سافرا إلى إحدى الدول الأعضاء في المحكمة، البالغ عددها 124 دولة، والتي تشمل معظم الدول الأوروبية ولكن ليس الولايات المتحدة.

وحتى السفر جواً إلى الولايات المتحدة قد يكون محفوفاً بالمخاطر إذا احتاج شخص ما على متن الطائرة، على سبيل المثال، إلى علاج طبي عاجل، مما يضطره إلى الهبوط اضطرارياً في الطريق.

وفي إشارة إلى القيود الجديدة على قدرة نتنياهو على السفر إلى الخارج، قال باراك: «لا يمكنك أن تكون رئيس وزراء على تطبيق زووم».