مصدر: «قسد» وسّعت المعارك إلى دير الزور بأكملها بعد أن كانت مع «المجلس»

«التحالف الدولي يبث رسالة للطرفين»

مركبة تابعة لقوات «قسد» بينما ينتشر مقاتلوها لفرض حظر التجول في بلدة البصيرة بمحافظة دير الزور، 4 سبتمبر (أ.ف.ب)
مركبة تابعة لقوات «قسد» بينما ينتشر مقاتلوها لفرض حظر التجول في بلدة البصيرة بمحافظة دير الزور، 4 سبتمبر (أ.ف.ب)
TT

مصدر: «قسد» وسّعت المعارك إلى دير الزور بأكملها بعد أن كانت مع «المجلس»

مركبة تابعة لقوات «قسد» بينما ينتشر مقاتلوها لفرض حظر التجول في بلدة البصيرة بمحافظة دير الزور، 4 سبتمبر (أ.ف.ب)
مركبة تابعة لقوات «قسد» بينما ينتشر مقاتلوها لفرض حظر التجول في بلدة البصيرة بمحافظة دير الزور، 4 سبتمبر (أ.ف.ب)

قتل 19 شخصاً في اشتباكات بين مسلحين محليين وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) بريف دير الزور الشرقي، أحدهم من عناصر «قسد».

وذكر قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الثلاثاء، أن عدد القتلى الذين سقطوا منذ اندلاع الاشتباكات بدير الزور في 27 أغسطس (آب) الماضي، ارتفع إلى 90 قتيلاً، بينهم 9 مدنيين و24 من «قسد»، بينما أصيب ما لا يقل عن 104 آخرين.

وأشار إلى أن قوات سوريا الديمقراطية تقدمت داخل بلدة ذيبان بريف دير الزور الشرقي، وسيطرت على أكثر من نصف مساحتها، بعد معارك عنيفة اندلعت في منتصف الليلة الماضية (الإثنين).

وفي وقت سابق، الثلاثاء، أكد مدير المركز الإعلامي لقوات «قسد»، فرهاد شامي، عبر حسابه على «تويتر»، سيطرة «قسد» على قرية الحوايج، التابعة لبلدة ذيبان. ووصف المرصد السوري بلدة ذيبان بأنها «آخر معاقل المسلحين المحليين في ريف دير الزور الشرقي».

«الشرق الأوسط» توجهت لمتحدث من أبناء دير الزور، مطلع على الوضع، ليروي مجريات الأحداث الأخيرة من وجهة نظر الطرف الآخر في النزاع العسكري، بعد أن نشرنا موقف «قوات سوريا الديمقراطية».

يقول الصحافي عهد الصليبي، من منصة «نهر ميديا»، إن المعركة الأخيرة «الرابح فيها خاسر»، سواء المجلس العسكري في دير الزور، أو «قسد»، أو العشائر، وأن المستفيد (ربما الرابح جزئياً) هو النظام، وإن الساعات المقبلة حاسمة في تفاصيلها.

وعن البدايات التي أشعلت المعارك بين قوات سوريا الديمقراطية والمجلس العسكري في دير الزور، يقول الصليبي إن التوتر بدأ مع محاولة تنحية رئيس المجلس، أحمد الخبيل (أبو خولة) قبل 5 أشهر. إذ وجدت «قسد» أن الخبيل ما عاد الشخص الذي تريده بعد أن تمادى وكبر فصيله وصار قوة لا يستهان بها، إذ رفض كثيراً من الأوامر التي طلبت منه أو ما أرادت تطبيقه «قسد» على المنطقة التي تسيطر عليها، وهي كامل ريف دير الزور، شرق الفرات، باستثناء 7 قرى، يسيطر عليها النظام والميليشيات الإيرانية شمال المنطقة.

قائد مجلس دير الزور العسكري «أبو خولة» (مواقع تواصل)

سعت «قسد» لإعادة هيكلة المجلس، بإقالة أبو خولة والصف الأول من المجلس. كان عدد مجلس العسكري في دير الزور، آنذاك، يتراوح بين 15 ألفاً و20 ألف مقاتل، وربما هو أقوى فصيل ضمن قوات سوريا الديمقراطية، بحسب الصليبي. حاولت قيادة «قسد» بطريقة سلمية أن تقيله، لكنها فشلت. ثم بدأت معركة خفيفة، وبدأ الخبيل يرسل رسائل صوتية للتجهز لمعارك داخلية، وأخرى خارجية.

الشرارة الأولى

قبل شهرين - والكلام للصليبي - بدأت المعركة بين قيادة «قسد» والمجلس، عندما أنزل حاجزاً لـ«قسد» عناصر من المجلس قادمون من ريف الحسكة الجنوبي، واشتبكوا معهم، وقتل اثنان حينها. ويرى أن هذا الحادث تحديداً دفع المجلس إلى بدء معركته التي انتهت بتدخل التحالف الدولي بين الطرفين، مستدعياً الخبيل إلى قاعدة التحالف في حقل العمر النفطي (شرق سوريا) مع قياديين في «قسد»، وجرى لقاء آخر مع وجهاء العشائر، وانتهت المشكلة مؤقتاً لأن «التهدئة كانت جزئية».

اجتماع طارئ واعتقال

أما ما أطلق الشرارة الأخيرة للمعارك، فيقول الصحافي المطلع على مجريات الأحداث في دير الزور، إنه في 27 أغسطس (آب) تمت الدعوة إلى اجتماع طارئ وعاجل في الحسكة، بين قيادة «قسد» وقيادة المجلس العسكري في دير الزور. وعلى هذا الأساس، ذهب قادة المجلس، وهناك حوصروا مباشرة، واعتقلوا وقطعت عنهم شبكة الإنترنت، بالتوازي مع إطلاق «قسد» عملية أمنية تحت مسمى «تعزيز الأمن في دير الزور»، التي فهمت على أنها حرب «قسد» على قيادة المجلس.

وانتشرت رسائل صوتية، على لسان الخبيل وقيادة المجلس موجهة لعشائرهم، أن فكوا أسرنا بالمعارك حتى يتم إطلاق سراحنا. وكانت هذه آخر الرسائل الصوتية التي وصلت من قيادة مجلس دير الزور المعتقلين.

مقتل الطفل يوسف إبراهيم المحمد برصاصة طائشة أثناء الاشتباكات التي وقعت في بلدة أبوحمام بريف دير الزور الشرقي (نهر ميديا)

ثم انطلقت المعركة بين «قسد» والداعمين للمجلس، علماً بأن قلة من المدنيين شاركت دعماً للمجلس، من منطلق من له أخ أو ابن عمومة بين القادة المعتقلين. غير أن «قسد» ارتكبت جرماً لا يغتفر بأن أدخلت مناطق جديدة بأكملها للمعركة، موسعة من نطاق المعارك. ويشير الصليبي إلى مجزرة ارتكبتها «قسد» في قرية ضومان، قتل فيها 4 مدنيين، إضافة إلى مصابين بحالة خطرة. ومن ضمن الانتهاكات، استهداف شباب وشيوخ خارجين من المسجد عند صلاة الظهر، حيث أطلق عليه الرصاص الحي، وسقط تقريباً 16 شخصاً بين قتيل وجريح، «كانوا مجرد مدنيين خارجين من المسجد، ولا يحملون أسلحة».

من هنا، انتفضت العشائر، وتحديداً عشيرة العقيدات، وبدأت المعركة، وتحولت من «قسد» والمجلس، إلى «قسد» وعشائر دير الزور بأكملها.

جنود أميركيون خلال دورية في ريف دير الزور (أرشيفية - الشرق الأوسط)

مناشدة التحالف

يكمل عهد الصليبي، أن إبراهيم الهفل، شيخ العقيدات، وجّه مؤخراً رسالة صوتية، طالب فيها التحالف الدولي لمحاربة «داعش» بالتدخل. وعندما لم يجد استجابة لمناشدته، نشر فيديو وهو يحمل جعبة مقاتل وبندقية، وأعلن الحملة لطرد «قسد» من المنطقة. الأحد، نشرت «قسد» بياناً، أن «الهفل هو رأس الفتنة».

المعركة الأخيرة منذ بدأت، صنفتها «قسد» ضد 4 جهات متتالية، بحسب الصليبي، بداية ضد «داعش»، ثم ضد متمردين، ثم ضد الميليشيات الإيرانية والنظام السوري، وأخيراً قالوا إن المعارك ضد «دولة معادية»، أي تركيا، رغم أن المعركة هي فعلياً ضد أبناء المنطقة.

موقف المتفرج

لكن؛ ما الموقف الأخير للتحالف باعتقاده؟ يقول: «أعتقد أنه بارك العملية، وهو يدعم (سوريا الديمقراطية). الأحداث التي مرت في الأسبوع الفائت تؤكد ذلك. القيادي في المجلس العسكري، خليل الوحش، ذهب إلى قاعدة العمر، وطلب الإفراج عن زملائه في المجلس، لكنه اعتقل وتحول إلى معتقل آخر، مع أنه ذهب للوساطة».

وليلة الأحد / الإثنين انطلقت 35 عربة وآلية عسكرية انطلقت من قاعدة التحالف باتجاه بلدة ذيبان، وعاد منها ما لم يدمَّر. التحالف هو متفرج الآن. يريد أن يوصل رسالة للطرفين، واحدة للمجلس العسكري أن «(قسد) موجودة وندعمها»... ورسالة لـ«قسد» أن هناك بديلاً لكم، هو العشائر، إذا أردتم الاتجاه إلى أطراف أخرى أو لم تتفاهموا معنا.


مقالات ذات صلة

«المرصد السوري»: 11 قتيلاً في هجوم شنته «قسد» على مقاتلين موالين لأنقرة

المشرق العربي قصف تركي على مواقع لـ«قسد» شمال شرقي سوريا (أرشيفية - إكس)

«المرصد السوري»: 11 قتيلاً في هجوم شنته «قسد» على مقاتلين موالين لأنقرة

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن 11 شخصاً، بينهم مدنيون، قتلوا الاثنين في هجمات شنتها قوة يقودها الأكراد على مواقع مقاتلين مدعومين من تركيا شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا بعد التصريحات الأخيرة لروسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي دخان الغارات في تدمر (متداولة)

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، من بينها موقع اجتماع لفصائل إيرانية مع قياديين من حركة «النجباء» العراقية وقيادي من «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

واشنطن وباريس: محادثات وقف إطلاق النار في لبنان حققت تقدماً كبيراً

تصاعد دخان كثيف وألسنة لهب جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت مبنى في الطيونة ببيروت الاثنين 25 نوفمبر 2024 (أ.ب)
تصاعد دخان كثيف وألسنة لهب جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت مبنى في الطيونة ببيروت الاثنين 25 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

واشنطن وباريس: محادثات وقف إطلاق النار في لبنان حققت تقدماً كبيراً

تصاعد دخان كثيف وألسنة لهب جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت مبنى في الطيونة ببيروت الاثنين 25 نوفمبر 2024 (أ.ب)
تصاعد دخان كثيف وألسنة لهب جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت مبنى في الطيونة ببيروت الاثنين 25 نوفمبر 2024 (أ.ب)

عبرت كل من الولايات المتحدة وفرنسا، الاثنين، بتفاؤلهما من اقتراب التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وقال البيت الأبيض إن المناقشات التي أجرتها الحكومة الأميركية بشأن وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل إيجابية، وتمضي في الاتجاه الصحيح نحو التوصل إلى اتفاق، وذلك بعد وقت قصير من قول مصادر لبنانية رفيعة إن الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون من المتوقع أن يعلنا عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في غضون 36 ساعة.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي: «نحن قريبون. كانت المناقشات بناءة، ونعتقد أن المسار في اتجاه إيجابي للغاية. ولكن لن يتم فعل أي شيء حتى يتم الانتهاء من كل شيء».

وأضاف أن تأكيد تقارير إعلامية حول فحوى أي اتفاق سيكون عملاً «عديم المسؤولية»، مشدداًً على أنه لا يريد القيام «بأي فعل قد ينسف فرصنا».ولفت كيربي إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن يتابع «عن كثب» تقدم محادثات وقف إطلاق النار، وهو على تواصل مباشر مع المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكستين الذي زار المنطقة في الأسبوع الماضي.

تقدم كبير

من جهتها، قالت الرئاسة الفرنسية إن محادثات وقف إطلاق النار في لبنان حققت تقدماً كبيراً، وجاء في بيان للرئاسة: «نواصل العمل مع... شركائنا الأميركيين في هذا الاتجاه... ونأمل أن تغتنم جميع الأطراف المعنية الفرصة في أقرب وقت».

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري تلقى، بحضور مستشاره علي حمدان، اتصالاً استمر 20 دقيقة، يرجّح أنه من الموفد الأميركي آموس هوكستين، تبلغ فيه تفاصيل الساعات المقبلة المتعلقة بطريقة إعلان الاتفاق.

ونقل عن بري زواره قوله إن الأجواء إيجابية، وإن وقف إطلاق النار سيعلن بعد نحو 36 ساعة، إذ سيعلن في توقيت واحد بيان من واشنطن وباريس، ثم يتبع ذلك اجتماع المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) في إسرائيل للموافقة على الإعلان، ثم يتبعه اجتماع مماثل لمجلس الوزراء اللبناني يعلن في ختامه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الموافقة على وقف إطلاق النار.

وأفادت المصادر بأن الرئيسين بري وميقاتي توافقا على الأمر، وبدأ الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية الاتصال بالوزراء، بمن فيهن المعارضون، لتأمين حضورهم جميعاً الجلسة لكي يتخذ مجلس الوزراء بكامل أعضائه القرار بالإجماع.

وينتظر أن يشارك في اجتماع مجلس الوزراء قائد الجيش العماد جوزف عون وعدد من الضباط لوضع اللمسات الأخيرة على الإجراءات التنفيذية التي يتولاها الجيش للانتشار التدريجي جنوب الليطاني وصولاً إلى الحدود الدولية، بمؤازرة «اليونيفيل».