مبادرة يمنية توصي بتسهيل نقل البنوك إلى المناطق المحررة

سلطت الضوء على انتهاكات الحوثيين في القطاع المصرفي

مبنى البنك المركزي الخاضع للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء (فيسبوك)
مبنى البنك المركزي الخاضع للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء (فيسبوك)
TT

مبادرة يمنية توصي بتسهيل نقل البنوك إلى المناطق المحررة

مبنى البنك المركزي الخاضع للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء (فيسبوك)
مبنى البنك المركزي الخاضع للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء (فيسبوك)

​أوصت مبادرة يمنية معنية بتتبع الأموال المنهوبة من قبل الميليشيات الحوثية في اليمن، بتسهيل نقل البنوك من صنعاء إلى المناطق المحررة، مشيرة إلى الانتهاكات الحوثية التي دمرت القطاع المصرفي خلال السنوات الماضية.

وركزت مبادرة «استعادة» في تقرير جديد بعنوان «تدمير الحوثي للقطاع المصرفي- غسل ونهب الأموال» على الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها الميليشيا الحوثية الموالية لإيران ضد البنوك في العاصمة صنعاء ومحافظات عدّة. وأكدت أن الجماعة الانقلابية ألحقت الضرر بالقطاع المصرفي الذي اضطّر للعمل في بيئة صعبة تتّسم بكثير من التحديات، أبرزها أزمة سيولة نقدية حادة، وضعف ثقة المودعين في البنوك، بسبب تقييد سحب الودائع بالعملة المحلية والأجنبية من البنوك.

مقر البنك المركزي اليمني في مدينة عدن (سبأ)

تقرير المبادرة سلط الضوء على أثر الانقلاب الحوثي على القطاع المصرفي، وتداعيات استهداف الحوثي للقطاع المصرفي، وأزمة السيولة النقدية، والسحب على المكشوف، وتدهور الريال اليمني، وانقسام السياسة النقدية، ومنع تداول أي إصدارات نقدية جديدة، واستهداف البنوك وإفلاسها، والعزلة الخارجية، وفتح حسابات وهمية، ونهب أرصدة العملاء، ومرسوم منع التعاملات الربوية.

المبادرة الطوعية المعنية برصد وتوثيق جرائم السلب والنهب الحوثي للممتلكات العامة والخاصة، ومساندة ومساعدة المتضرّرين لاستعادة حقوقهم، تناولت في تقريرها بالوثائق التصدّعات الكبيرة في النظام المصرفي اليمني بسبب التدمير الحوثي، وهو الأمر الذي يشكل تهديداً وجودياً لبقاء القطاع المصرفي ليؤدي مهامه الطبيعية كما كانت قبل الأزمة.

تدمير ممنهج

أوضح تقرير المبادرة اليمنية كيف استغلّت ميليشيا الحوثي الحرب للسيطرة الكاملة على القطاع المصرفي وتدميره، واستبدال منشآت صرافة به، ساعدت الميليشيا في حصولها على تمويلات من الخارج، والتحايل على إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وأكد التقرير أن القطاع المصرفي تأثّر بالحرب الاقتصادية التي تشنّها ميليشيا الحوثي، ابتداءً بمنع تداول العملة الوطنية، ما فاقم من أزمة السيولة النقدية، إضافة إلى إجبار البنوك على عدم التعامل مع البنك المركزي بعدن، أو التعميم على المنظّمات الدولية بعدم التعامل مع عدد من البنوك، بذريعة ارتباطاتها بالبنك المركزي بعدن.

وأشار التقرير إلى القيود والتعسّفات، واستخدام الميليشيا الحوثية للقطاع المصرفي لغسل الأموال ونهبها، وإقرار قوانين غير دستورية لتجميد حسابات البنوك، ومصادرة فوائد الودائع والودائع نفسها، ومنع البنوك من تحصيل أي شكل من أشكال الفوائد على أغلب العمليات المصرفية، ما يسرّع من عملية إفلاس البنوك خلال الفترة المقبلة.

وأكدت مبادرة «استعادة» في تقريرها، أن ميليشيا الحوثي عملت بشكل حثيث على تدمير القطاع المصرفي، ودعم منشآت الصرافة؛ حيث قيّدت البنوك بكثير من التعميمات المتناقضة، ناهيك من اقتحام المقرّات والمداهمة واعتقال واختطاف قيادات العمل المصرفي، مقابل الدعم الكامل والمطلق لمنشآت الصرافة؛ حيث فتحت لديها حسابات خاصة لتوريد مبيعات المشتقّات النفطية والغاز المنزلي، وهي كتلة نقدية تفوق ما في خزائن البنوك، الأمر الذي أثّر على تدفّق السلع والخدمات وفاقم الأزمة الإنسانية.

ونتيجة الانقلاب الحوثي، أوضح التقرير أن أشكال الضرر التي لحقت بالقطاع المصرفي اليمني تنوعت بين علاقة البنوك مع العملاء، أو علاقة البنوك مع السلطات، أو حتى علاقة البنوك مع فروعها الداخلية، وكذا علاقتها مع القطاع المصرفي العالمي.

وقال التقرير إن القطاع المصرفي اضطر للعمل في ظل بيئة صعبة؛ حيث تأثر بالحرب الاقتصادية التي تشنها ميليشيات الحوثي، ابتداء من منع تداول العملة الوطنية، ما فاقم من أزمة السيولة النقدية، إضافة إلى إجبار البنوك على عدم التعامل مع البنك المركزي اليمني في عدن، أو عدم المشاركة في الاعتمادات المستندية أو نظام المزادات التي ينظمها، وكذا التعميم على المنظمات الدولية بعدم التعامل مع عدد من البنوك.

القيود والتعسفات الحوثية، جعلت القطاع البنكي -حسب مبادرة «استعادة»- منقسماً على نفسه، وأوجدت أكثر من مقر رئيسي للبنك الواحد، وقيدت من سهولة التحويلات الداخلية، مع ارتفاع عمولات التحويل في ظل القيمتين المختلفتين للطبعة الجديدة والقديمة من العملة الوطنية.

عامل بمحل صرافة في صنعاء (إ.ب.أ)

واتهم التقرير الميليشيات الحوثية بأنها عملت بشكل حثيث على تدمير القطاع المصرفي؛ حيث فرضت سعر صرف للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية غير منطقي، ولا يتناسب مع الحالة الاقتصادية؛ إذ كانت تلك حيلة لنهب تحويلات المغتربين، وأموال المنظمات الإنسانية، بصفة أن الجماعة مشترٍ وحيد لتلك الأموال عبر ما تسمى لجنة المدفوعات، لضمان حصول شركات تابعة لقياداتها على عملة أجنبية بسعر منخفض لا يتلاءم مع الارتفاع المطرد في أسعار السلع في مناطق سيطرتها.

وأفاد التقرير بأن الميليشيات الحوثية استخدمت القطاع المصرفي لغسل الأموال، ونهبها، وإضفاء الشرعية عليها من خلال فتح حسابات وهمية بأسماء شركات غير حقيقية، من أجل التحايل على الاتفاقيات الدولية لمكافحة غسل الأموال، كما استغلت الميليشيات علاقات بعض البنوك لتوريطها في صفقات غير شرعية لاستيراد أسلحة، وتمويل صفقات الاستحواذ على شركات القطاع العام والخاص والمختلط.

وأشارت مبادرة «استعادة» إلى ما قامت به الميليشيات الحوثية من فرض قوانين غير دستورية لتجميد حسابات البنوك، ومصادرة فوائد الودائع والودائع نفسها، ومنع البنوك من تحصيل أي شكل من أشكال الفوائد على أغلب العمليات المصرفية.

توصيات للمواجهة

أوصت المبادرة اليمنية «استعادة» في تقريرها المعزز بالأرقام والوثائق، مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية، بتسهيل نقل مراكز البنوك إلى مناطق الشرعية، وتهيئة المناخ المناسب لها لتمارس أعمالها بعيداً عن ضغوط الميليشيات الحوثية.

كما أوصت بتفعيل دور اللجنة الاقتصادية في دعم البنوك، ووضع السياسات النقدية المالية التي تسهل عمل البنوك، وتفعل دور أجهزة الحكومة المختلفة، إلى جانب تفعيل أداء اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ووحدة جمع المعلومات، وفرض تعليمات القانون رقم واحد لعام 2010 وملحقاته، ولائحته التنفيذية أساساً لاستعادة دور البنوك وفرض نصوص مواد القانون.

وطالبت المبادرة المنظمات الدولية بنقل أرصدتها إلى البنوك العاملة في المناطق المحررة عبر البنك المركزي في عدن، والتقيد بالإجراءات المصرفية القانونية الصادرة عن البنك.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي خلال اجتماع سابق مع وزير المالية ومحافظ البنك المركزي (سبأ)

وأوصى التقرير البنك المركزي اليمني بوضع آليات لتحفيز البنوك لنقل مراكزها الرئيسية إلى مناطق الشرعية، وبالمقابل وضع ضوابط قاسية بالتنسيق مع البنوك المركزية في مختلف الدول، لوضع إجراءات عقابية تجاه البنوك التي لا تعمل على نقل مراكزها المالية إلى مناطق الشرعية.

وفي سياق التوصيات للمودعين، دعا التقرير إلى التحرك العاجل والسريع في استعادة ما تبقى من أموال لدى البنوك بمختلف الوسائل، وتشكيل نقابات ومنظمات محلية ودولية ضد البنوك التي ترفض إعادة الأموال والحقوق بفوائدها، وفقاً لقواعد ربط الودائع، وإلى استغلال أرصدة البنوك في الخارج لاستعادة الحقوق.

وأوصت المبادرة البنك المركزي في عدن بفرض سيطرته على التحويلات النقدية الواردة لجميع مناطق اليمن، من خلال شبكة التحويلات الموحدة، كما أوصت جمعية البنوك اليمنية بنقل مقرها الرئيسي إلى مناطق الشرعية، أو تشكيل جمعية بنوك في مناطق الشرعية تمثل البنوك وتنطق باسمها أمام المجتمع الدولي، وبعيداً عن هيمنة الميليشيا الحوثية.

وتضمنت توصيات التقرير دعوة جميع مساهمي البنوك التجارية والإسلامية للخروج عن هيمنة الميليشيات الحوثية، إلى جانب توصية مجلس القيادة والحكومة الشرعية بتعميم الأسماء الحوثية في القائمة السوداء، وقائمة «الإنتربول» الدولي، وقائمة العقوبات الدولية الخاصة باليمن، وقائمة وزارة الخزانة الأميركية.


مقالات ذات صلة

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)
خاص نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)

خاص «اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

يُشكّل الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اليمنية في مسقط مع الحوثيين لتبادل 2900 محتجز من الطرفين اختباراً جديداً لمدى مصداقية الجماعة في إغلاق هذا الملف الإنساني

محمد ناصر (تعز)

تقرير: إسرائيل تصدر أوامر إخلاء جديدة في شرق حي التفاح بمدينة غزة

جنود من الجيش الإسرائيلي يقفون فوق برج دبابة متمركزة في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الإسرائيلي يقفون فوق برج دبابة متمركزة في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

تقرير: إسرائيل تصدر أوامر إخلاء جديدة في شرق حي التفاح بمدينة غزة

جنود من الجيش الإسرائيلي يقفون فوق برج دبابة متمركزة في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الإسرائيلي يقفون فوق برج دبابة متمركزة في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

أصدر الجيش الإسرائيلي، مساء اليوم (الخميس)، «أوامر إخلاء» جديدة للمواطنين في شرق حي التفاح بمدينة غزة.

وأفادت مراسلة وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) بأن «جيش الاحتلال أصدر أمر إخلاء لمربع سكني كامل في المنطقة التي يصفها بالآمنة، شرق حي التفاح، تمهيداً لنسفه، ولتوسيع ما يسمى (المكعبات الصفراء) لمسافة إضافية تزيد على 100 متر، وبعرض يزيد على 300 متر».

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

وأضافت «وفا» أن حركة نزوح واسعة بدأت لمئات العائلات من شرق حي التفاح.

وذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن الجيش قال إن القوات في شمال قطاع غزة «أطلقت النار على عنصر إرهابي، وقتلته بعد أن عبر خط وقف إطلاق النار، واقترب من القوات»، ما شكّل ما وصفه الجيش بأنه «تهديد مباشر».


إصابة رضيعة فلسطينية بهجوم مستوطنين في الضفة الغربية

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)
TT

إصابة رضيعة فلسطينية بهجوم مستوطنين في الضفة الغربية

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)

أصيبت رضيعة فلسطينية من جراء هجوم نفّذه مستوطنون على منزل في الضفة الغربية المحتلة، بحسب ما أفاد الإعلام الرسمي الفلسطيني الخميس، بينما أعلنت الشرطة الإسرائيلية توقيف خمسة مستوطنين للاشتباه بضلوعهم في الاعتداء.

وأفادت «وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية» (وفا) بإصابة «الرضيعة ميار الشلالدة (8 أشهر) بجروح في الوجه والرأس» من جراء «هجوم للمستعمرين على منازل المواطنين في بلدة سعير شمال شرقي الخليل» بالضفة الغربية.

وأوضحت أنه إثر الهجوم الذي وقع في وقت متأخر من مساء الأربعاء، تمّ نقل الطفلة إلى المستشفى حيث «وصفت إصابتها بالمتوسطة، كما لحقت أضرار كبيرة بممتلكات ومنازل المواطنين».

بدورها، أعلنت الشرطة توقيف خمسة من المشتبه بهم على خلفية «تورّطهم المزعوم في حوادث عنف خطيرة في قرية سعير».

جنود إسرائيليون يسيرون خلال جولة أسبوعية للمستوطنين في الضفة الغربية (رويترز)

وأضافت في بيان أن قوات الأمن تلقت بلاغات عن «قيام مدنيين إسرائيليين برشق منزل فلسطيني بالحجارة»، مشيرة إلى إصابة طفلة فلسطينية من جراء ذلك.

وأوضح البيان أن «التحقيق الأولي حدّد تورّط عدد من المشتبهين الذين قدموا من بؤرة استيطانية قريبة»، في إشارة إلى المستوطنات غير المعترف بها رسمياً من قبل السلطات الإسرائيلية.

من جهة ثانية، أكد الجيش الإسرائيلي تورط جندي احتياط في واقعتين في قرية دير جرير شمال شرقي رام الله، وأشار إلى «لقطات تظهر شخصاً مسلحاً يدهس فلسطينياً».

وأظهر مقطع فيديو انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي رجلاً يقود مركبة رباعية الدفع ويحمل سلاحاً على ظهره بينما يصدم فلسطينياً كان يصلي على جانب الطريق.

وبحسب بيان الجيش فإن المسلح «جندي احتياط» وهو متورط في واقعة ثانية في محيط قرية دير جرير حيث «استخدم سلاحه وهو بملابس مدنية».

وعدّ الجيش الإسرائيلي في بيانه ما جرى «انتهاكاً صارخاً»، مؤكداً أنه تم سحب سلاحه وإنهاء خدمته كجندي احتياط.

وأظهرت اللقطات أيضا جندي الاحتياط وهو يعتدي على سائق إحدى مركبات الأجرة الذي تواصلت معه «وكالة الصحافة الفرنسية» ويدعى مجدي أبو مخو وهو والد الشاب الذي تم دهسه.

وقال أبو مخو إن «مستوطنين أغلقوا مدخل القرية ما استدعى توقف السيارات»، الأمر الذي دفع ابنه محمداً (23 عاماً) للنزول «وأداء صلاة الظهر في الشارع».

وبحسب أبو مخو «حاولت أن أنادي على محمد ليصعد إلى السيارة ونغادر المكان، فقام المستوطن برشنا بغاز الفلفل».

وأكد الأب أنه لم يعد «قادراً على الرؤية، قام شاب بقيادة السيارة وأخذنا إلى مركز الطوارئ في قرية سلواد» القريبة.

وبحسب الأب، يعاني ابنه من آلام في الرجلين بسبب الدهس.

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

ووضح أبو مخو أن المستوطن «معروف، بنى بؤرة استيطانية بالقرب من القرية، دائماً ما يأتي بالبقر الذي لديه ويغلق الطريق ويستفز السكان هو ومستوطنون آخرون».

وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قد أفاد بأن شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2025 كان الأسوأ من حيث عنف المستوطنين، منذ بدء توثيق هذه الحوادث عام 2006، حيث سُجّل 264 هجوماً أسفرت عن إصابات أو أضرار بالممتلكات.

ارتفعت وتيرة العنف في الضفة الغربية المحتلة بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023.

وقُتل مذاك ما لا يقل عن 1028 فلسطينياً، بينهم مسلحون، على أيدي القوات أو المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وفق أرقام وزارة الصحة الفلسطينية.

في الفترة ذاتها، قُتل ما لا يقل عن 44 إسرائيلياً بينهم جنود، في هجمات نفّذها فلسطينيون أو خلال عمليات عسكرية إسرائيلية، بحسب الأرقام الرسمية الإسرائيلية.


جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

المارة في شارع مزين خلال احتفالات عيد الميلاد في اللاذقية الخميس بعد عام من فرار بشار الأسد وسيطرة المعارضة السورية على البلاد (إ.ب.أ)
المارة في شارع مزين خلال احتفالات عيد الميلاد في اللاذقية الخميس بعد عام من فرار بشار الأسد وسيطرة المعارضة السورية على البلاد (إ.ب.أ)
TT

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

المارة في شارع مزين خلال احتفالات عيد الميلاد في اللاذقية الخميس بعد عام من فرار بشار الأسد وسيطرة المعارضة السورية على البلاد (إ.ب.أ)
المارة في شارع مزين خلال احتفالات عيد الميلاد في اللاذقية الخميس بعد عام من فرار بشار الأسد وسيطرة المعارضة السورية على البلاد (إ.ب.أ)

كانوا من كبار رجال الاستخبارات والجنرالات في عهد بشار الأسد، ومارسوا على مدار أكثر من عقد قمعاً وحشياً ضد انتفاضة شعبية في سوريا. والآن، بعد عام من فرارهم إثر سقوط نظام الأسد، يخططون لزعزعة الحكومة الوليدة، التي أطاحت بهم، وربما استعادة سيطرتهم على جزء من البلاد.

أما في ما إذا كان هؤلاء المسؤولون من النظام السابق يشكلون بالفعل تهديداً حقيقياً للسلطات السورية الجديدة، فمسألة لا يزال يكتنفها الغموض؛ ومع ذلك، يتضح بما لا يدع مجالاً للشك، من خلال مقابلات أجرتها صحيفة «نيويورك تايمز» مع مشاركين في تلك التحركات، وبالاطلاع على مراسلات جرت بينهم، أنهم عازمون على إعادة بسط نفوذهم في سوريا، التي لا تزال تعصف بها التوترات بعد أكثر من 13 عاماً من اشتعال حرب أهلية.

في خضم ذلك، تعكف بعض هذه القيادات السابقة على بناء حركة تمرد مسلح من المنفى، ويدعم أحدهم مجموعة تقف وراء حملة ضغط (لوبي) في واشنطن، تقدر تكلفتها بملايين الدولارات. ويأمل العديد منهم في إحكام السيطرة على الساحل السوري، معقل الطائفة العلوية، التي ينتمي إليها الأسد وكثير من كبار قادته العسكريين والأمنيين.

غياث سليمان دلا الجنرال في الفرقة الرابعة (مواقع تواصل)

عن ذلك، قال غياث الدلا (45 عاماً)، القائد السابق في الفرقة الرابعة، التي كانت تثير الرعب في سوريا في وقت مضى، خلال مكالمة هاتفية مع أحد مرؤوسيه، أبريل (نيسان) الماضي، من لبنان، جرى التنصت عليها دون علمه: «لن نبدأ حتى نتسلح بالكامل».

وجاءت هذه المحادثة ضمن عشرات المحادثات النصية والمكالمات الصوتية والمحادثات الجماعية، التي جرى نسخها ومشاركتها مع الصحيفة، من قبل مجموعة من النشطاء السوريين، الذين قالوا إنهم اخترقوا هواتف قادة كبار في نظام الأسد قبل سقوطه، وما زالوا يراقبونهم منذ ذلك الحين.

وراجعت الصحيفة هذه المواد، وتحققت من تفاصيلها مع مسؤولين سوريين يراقبون هؤلاء القادة السابقين، وكذلك مع أشخاص على تواصل أو يعملون مع الذين جرى اختراقهم. وقد شارك النشطاء جزءاً فقط من المواد التي بحوزتهم، وطلبوا عدم كشف هويتهم، حفاظاً على قدرتهم على الاستمرار في المراقبة.

متهمان بجرائم حرب

سهيل الحسن الملقب بـ«النمر» (إكس)

من أبرز الشخصيات التي تدور حولها هذه الجهود سهيل الحسن، قائد القوات الخاصة السابق بنظام الأسد، وكمال حسن، الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية. وكلا الرجلين يخضع لعقوبات دولية بتهم ارتكاب جرائم حرب.

وتكشف المراسلات النصية والمقابلات مع المشاركين أنهما وزّعا أموالاً، وجندا مقاتلين، وتولت شبكة سهيل الحسن شراء أسلحة. يذكر أن الرجلين توجها إلى المنفى في موسكو رفقة الأسد، في ديسمبر (كانون الأول) 2024، لكن يبدو أن كليهما قادر على السفر، رغم العقوبات الدولية.

كمال الحسن الرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية السورية

وحسب مراسلات نصية تتعلق بموقعه، التقى سهيل الحسن بمتعاونين معه في لبنان والعراق، وحتى داخل سوريا، خلال العام الماضي.

كما أشارت مضامين رسائل إلى أن كمال حسن زار لبنان. وقد أكد ذلك مساعد له وشخص جرى تجنيده للعمل لحسابه، وأحد معارفه الذين قالوا للصحيفة إنهم التقوا به هناك، واشترطوا جميعاً عدم ذكر أسمائهم.

ولم تتمكن الصحيفة من التواصل مع سهيل الحسن. أما كمال حسن فقد نفى عبر رسائل نصية أن يكون متورطاً في إثارة تمرد مسلح.

في المقابل، قلل المسؤولون السوريون، الذين يتولون مراقبة أي محاولات تمرد من خطورة هذا التهديد. جدير بالذكر أن سوريا لا تزال ترزح تحت وطأة انقسامات عميقة، إثر حرب أهلية تجاوز قتلاها 600 ألف شخص.

وقد أكد اثنان من المسؤولين السابقين المتعاونين مع الجنرالات أنهم قادرون على تجنيد أفراد من الطائفة العلوية، التي يعتمل الخوف في نفوس أبنائها، وتعج صفوفهم بالعسكريين السابقين.

ومع ذلك، من غير الواضح بعد عدد الذين سيستجيبون لدعوة المشاركة في التمرد على النظام الحالي؛ خصوصاً وأن الكثير من العلويين لا يزالون ينقمون بشدة على النظام السابق، بعد سنوات الحرب الدامية.

«خادمكم برتبة مجاهد»

تعود أقدم المراسلات التي اطلعت عليها الصحيفة إلى أبريل 2025، عندما لاحظ النشطاء تصاعداً في النشاط بين بعض المستهدفين بالمراقبة.

وقبل ذلك بشهر، سقط أكثر من 1600 قتيل، معظمهم من العلويين، في إطار موجة من أعمال العنف الطائفي على أيدي آلاف المسلحين، الذين سارعوا بالتوجه إلى الساحل السوري بعد أن شن عناصر أمن سابقون في نظام الأسد هجوماً منسقاً ضد قوات الحكومة الجديدة، أسفر عن مقتل 16 جندياً.

وقد استغل مسؤولو النظام السابق هذه المجزرة نداء تعبئة لاستقطاب مقاتلين من الطائفة العلوية. ومن بين أكثر النشطاء في هذا المجال، سهيل الحسن، قائد القوات الخاصة السابق، الذي أُطلق عليه لقب «النمر»، بسبب شراسته في المعارك. واشتهر داخل أوساط المعارضة السورية بتكتيكات الأرض المحروقة، ويواجه اتهامات بإصدار أوامر بشن ضربات جوية ضد مدنيين.

ولطالما كان سهيل الحسن من الأشخاص المفضلين لدى الروس، ومن أوائل من أجلتْهم موسكو لدى انهيار النظام، حسب أربعة ضباط سابقين. إلا أنه لم يرض، على ما يبدو، بالبقاء ساكناً في روسيا.

ومن أبريل وحتى الصيف، أظهرت مراسلات بين الحسن وآخرين، اطلعت عليها الصحيفة، تخطيطه للعودة. وكان من بينها جداول مكتوبة بخط اليد أُرسلت من هاتفه في أبريل، تصف عدد المقاتلين والأسلحة في قرى مختلفة على امتداد الساحل السوري.

وقد أرسل الحسن هذه الجداول إلى شخص خاطبه بـ«القائد العام لجيشنا وقواتنا المسلحة»، وقال إنه «تحقق» من هويات أكثر من 168 ألف مقاتل، منهم 20 ألفاً يحملون رشاشات، و331 لديهم مدافع مضادة للطائرات، و150 يحملون قنابل مضادة للدبابات، و35 قناصاً لا يزالون يحتفظون بأسلحتهم. وكان يختم كل رسالة بالعبارة نفسها: «خادمكم، برتبة مجاهد».

مخلّص العلويين

رجل الأعمال السوري وابن خال بشار الأسد رامي مخلوف (فيسبوك)

اللافت أن الحسن لم يذكر اسم قائده قط في الرسائل التي اطلعت عليها الصحيفة، لكن ثلاثة أشخاص مطلعين قالوا إنه يعمل مع رامي مخلوف، أحد كبار رجال الأعمال السوريين وابن خال الأسد الذي فر هو الآخر إلى موسكو. وقالوا إن مخلوف موّل جهود الحسن، كما أرسل مبالغ كبيرة إلى أسر علوية فقيرة على امتداد الساحل السوري.

ويقدّم مخلوف نفسه قائداً مخلّصاً مستعداً لقيادة العلويين في سوريا. وحسب مصادر مقربة منه، لديه اعتقاد بأنه قادر على التنبؤ بالأحداث عبر نص غامض يملكه. وقد رفضت أسرته ترتيب مقابلة معه لحساب الصحيفة.

‏العميد الركن غياث دلا قائد قوات الغيث (الثالث إلى من اليمين) من بين الحضور في أداء القسم الرئاسي صيف 2021

بحلول الربيع، أظهرت المراسلات أن الحسن جنّد غياث الدلا، الجنرال في الفرقة الرابعة. وفي إحدى المحادثات النصية، قال الدلا للحسن إنه وزّع 300 ألف دولار مدفوعات شهرية للمقاتلين المحتملين والقادة، بمعدل يتراوح بين 200 و1000 دولار شهرياً. كما طلب الموافقة على شراء معدات اتصالات عبر الأقمار الاصطناعية مقابل نحو 136 ألفاً و600 دولار.

وخلال الرسائل، ذكر الدلا أنه يقيم في منزل بلبنان، قرب الحدود السورية، وأنه وعائلته يفتقرون إلى الكهرباء والطلاء على الجدران.

وفي محادثات أخرى، وصف اجتماعاته مع قادة ميليشيات عراقية مدعومة من إيران، ناقشوا خلالها طرق تهريب الأسلحة لعناصر متمردة، دون استثارة هجمات إسرائيلية أو رصدهم من قبل السلطات السورية. كما أشار إلى لقاءات مع ممولين محتملين.

وأظهرت مراسلات أخرى أن الدلا أوقف خطط اغتيال، وسعى للحصول على طائرات مسيّرة وصواريخ مضادة للدبابات، ذكر أن بعضها مخبأة داخل سوريا.

نقل 20 طياراً إلى لبنان

محمد حاصوري قائد ﺍﻟﻠﻮﺍﺀ 50 ﺳﻼﺡ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ السوري الذي أسقط قنابل غاز السارين على مدينة خان شيخون شمال سوريا (متداولة)

وفي أبريل، انضم جنرال سابق آخر إلى الشبكة، هو محمد الحاصوري (60 عاماً)، قائد سلاح الجو المتهم بشن هجوم بأسلحة كيميائية على بلدة خان شيخون عام 2017.

وكتب الحسن أن مسؤولين إيرانيين نقلوا الحاصوري و20 طياراً سابقاً عملوا في ظل النظام السابق، إلى فندق في لبنان. وقال إنهم أبدوا رغبةً في البقاء والانضمام إلى التمرد إذا ما جرى تأمين تكاليف الإقامة والطعام لهم.

وأكد مسؤول سابق في النظام، قال إنه على تواصل مع الحاصوري، صحة هذا الأمر في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنه استطرد بأن الخطط انهارت بعد ذلك بشهر، مضيفاً أن الشبكة الأوسع التي حاول الدلا والحسن تشكيلها بدأت تتفكك.

طريق نحو واشنطن

خلال المراسلات التي جرى اعتراضها، جرى وصف كمال حسن، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، بأنه يقدم أموالاً لأنصاره والمجندين المحتملين.

يذكر أن حسن يخضع لعقوبات أميركية، لتوليه الإشراف على فرعين سيئي السمعة من الاستخبارات العسكرية، أظهرت صور مسربة في 2014 تورط الفرعين في تعذيب وإعدامات ممنهجة.

من عناصر الخلية التي قالت وزارة الداخلية إنها تتبع رامي مخلوف في اعتقالاتها الأخيرة (الوزارة)

ولدى سؤاله عن هذه الاتهامات، قال: «أعتبرها سياسية وادعاءات فقط، لأنها تفتقر إلى التوثيق». كما نفى مزاعم أنه موّل متمردين، واصفاً إياها بأنها «تنطوي على الكثير من المغالطات والحقائق المشكوك بها».

وقال اثنان من المتعاونين مع كمال حسن إنه يركز أكثر على بناء شبكة نفوذ، بدلاً من قيادة تمرد مسلح. وذكروا أنه العقل المدبر وراء «مؤسسة تطوير سوريا الغربية»، ومقرها بيروت.

وتُقدّم المؤسسة نفسها باعتبارها جهة تدافع عن الأقليات السورية، وتوفر مساكن للعلويين الذين لجأوا إلى لبنان. لكن حسب المتعاونين مع الحسن، فإنه يستخدمها للضغط على واشنطن من أجل فرض «حماية دولية» على المنطقة العلوية في سوريا.

نزوح إلى لبنان عبر النهر الكبير على الحدود بين سوريا ولبنان في عكار 12 مارس 2025 هرباً من مواجهات طائفية في الساحل (نيويورك تايمز)

وتظهر عدة فيديوهات عبر الإنترنت لاجئين سوريين في لبنان، يشكرون حسن على دعمه المالي، كما جاء في منشور على صفحة المؤسسة على «فيسبوك»، أن «جميع تكاليف الحملة» لمشروع إسكان اللاجئين العلويين «مغطاة بالكامل من قبل المواطن السوري اللواء كمال حسن».

وحسب وثائق أميركية صادرة في أغسطس (آب)، استعانت مؤسسته بشركة الضغط السياسي الأميركية «تايغر هيل بارتنرز»، والمستشار السابق لترمب والمدير التنفيذي السابق لشركة «بلاكووتر»، جوزيف إي. شميتز، في عقد بقيمة مليون دولار لتمثيلها.

في البداية، أحال حسن طلب صحيفة «نيويورك تايمز» لعقد مقابلة معه، إلى شميتز، واصفاً إياه بمحاميه، ثم أنكر لاحقاً أي صلة بالمؤسسة أو «بأي منظمة سورية»، مضيفاً: «لكن من حيث المبدأ، أدعم وأشجع أي خطوة تخدم التنمية والسلام في سوريا».

نشاط «تايغر هيل»

من جهته، رفض شميتز التعليق نيابةً عن الحسن، لكنه قال باسم المؤسسة إنهم يعملون لضمان حماية وتمثيل الأقليات في سوريا.

ونشرت المؤسسة عبر وسائل التواصل لقاءات مع مكاتب 6 نواب أميركيين، بينهم النائب براين ماست من فلوريدا، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، والسيناتورة جين شاهين من نيوهامبشر، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ.

وأكد مساعدو شاهين وماست وآخرون عقد لقاءات مع ممثلين عن «تايغر هيل»، ووصفوها بالروتينية ومع موظفي مكاتبهم فقط.

وأفاد عدة دبلوماسيين في سوريا بأنهم يرون في حملات الضغط هذه مصدر قلق أكبر من مخططات التمرد، إذ قد تمهد تدريجياً لتصاعد دعوات لإنشاء منطقة شبه مستقلة في سوريا.