مجلس الأمن يتجاوز المطالب اللبنانية ويقرر «حرية الحركة» لـ«اليونيفيل»

13 صوتاً لمصلحة القرار 2695… وروسيا والصين تمتنعان عن التصويت وتحذران

TT

مجلس الأمن يتجاوز المطالب اللبنانية ويقرر «حرية الحركة» لـ«اليونيفيل»

دورية لـ«اليونيفيل» في بلدة الناقورة قرب الحدود اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)
دورية لـ«اليونيفيل» في بلدة الناقورة قرب الحدود اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)

جدد مجلس الأمن الدولي التفويض الممنوح للقوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» لمدة عام آخر بعد مفاوضات وصفت بأنها «مضنية» و«عصيبة» استمرت حتى الخميس، اليوم الأخير في التفويض السابق الممنوح لهذه البعثة الدولية، داعياً الحكومة اللبنانية إلى «تيسير» عملها ودعم حرية حركة أفرادها في مواجهة العوائق والعراقيل التي يواجهونها من جهات موالية لـ«حزب الله».

وبعد إرجاء التصويت الذي كان مقرراً الأربعاء إلى الخميس، ثم تأخيره بعض الوقت، وافق أعضاء مجلس الأمن بغالبية 13 عضواً، مقابل امتناع كل روسيا والصين، على الصيغة الفرنسية المعدلة للقرار الذي أعطي الرقم 2695، مبقياً الصيغة التي اعتمدت خلال العام الماضي في القرار 2650 على رغم الطلبات التي تقدمت بها الحكومة اللبنانية لتغييرها، ولا سيما ما يتعلق بالتنسيق بين «اليونيفيل» والسلطات اللبنانية، بالإضافة إلى فقرة أخرى تتعلق بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

الأميركيون والإماراتيون

وفي ظل تباينات جدية حيال كيفية التعامل مع الطلبات اللبنانية، سعت الدبلوماسية الفرنسية إلى إيجاد حل وسط لتجاوز اعتراضات من الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة ودول أخرى. كان آخرها حول حرية حركة «اليونيفيل»، التي أنشئت عام 1978 على إثر الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، ثم عدلت بشكل جوهري بعد حرب عام 2006 بموجب القرار 1701، في منطقة عملياتها من نهر الأولي إلى الخط الأزرق، ومنعها من الدخول إلى بعض المناطق حيث يشتبه بنشاط غير مشروع لقوى عسكرية غير نظامية، لا تحظى بترخيص من السلطات الرسمية اللبنانية. وبعدما استجاب المفاوضون الفرنسيون لمطلب أميركي بإزالة الإشارة إلى «خراج بلدة الماري» التي لم تذكر في قرارات سابقة تدعو إسرائيل إلى الانسحاب من شمال بلدة الغجر، أصر المفاوضون الإماراتيون على إبقاء حرية حركة «اليونيفيل» كما كانت خلال العام الماضي، بل تعزيزها.

وحيال هذا المأزق، وضعت الإمارات فقرة بالحبر الأزرق، ليل الأربعاء، بغية التصويت إجرائياً عليها، قبل التصويت على مشروع القرار المعدل الذي أعدته فرنسا. وبموجبها «يدعو (مجلس الأمن) الحكومة اللبنانية إلى تسهيل وصول اليونيفيل الفوري والكامل إلى المواقع التي تطلبها بغرض إجراء تحقيق سريع، بما في ذلك كل المواقع ذات الصلة شمال الخط الأزرق، المتعلقة باكتشاف الأنفاق التي تعبر الخط الأزرق، والتي أبلغت اليونيفيل عن انتهاكها القرار 1701، وتماشياً مع القرار 1701، مع احترام السيادة اللبنانية».

دوريات معلنة وغير معلنة

ودفع هذا التطور الفرنسيين إلى إجراء مزيد من المفاوضات الخميس لإدخال عبارة في البند 16 من القرار، وهي تنص على أن مجلس الأمن «يطالب الأطراف بوقف أي قيود أو عوائق أمام حركة أفراد القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان، وضمان حرية حركة القوة في لبنان، بما في ذلك عن طريق السماح بدوريات معلنة وغير معلنة». وعلقت مندوبة لبنان في مجلس الأمن، جان مراد، على القرار وقالت إنّه «لم يعكس مشاغل لبنان بصورة كاملة، ولم يضع في الاعتبار خصوصية الواقع الحالي»، مشيرة إلى أنّه «إذا حاول لبنان جاهداً إدخال التعديلات على مشروع قانون تمديد عمل قوات (اليونيفيل)، فهو من باب الحرص على السيادة اللبنانية»، موضحة أنّ «قوات اليونيفيل لديها كامل حرية الحركة، لكن بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية». ولفتت إلى أنّ «الحركة يجب أن تكون لديها ضوابط من أجل حفظ سلامة هذه القوات والاطلاع على مهامها».

وبعيد التصويت، قال نائب المندوبة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، جيمس كاريوكي، إنه بموجب القرار الجديد «يحق لـ(اليونيفيل) اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان حرية حركة موظفيها والوفاء بواجباتها»، موضحاً أن التفويض «يسمح بإجراء دوريات مستقلة والاستجابة بسرعة لانتهاكات الخط الأزرق»، وبذلك جرى الاحتفاظ بالنص الذي اعتمد خلال العام الماضي، بموجب القرار 2650.

وأسف ممثل الصين الذي امتنعت بلاده عن التصويت، لأن مجلس الأمن لم يأخذ في الاعتبار موافقة لبنان على صيغة القرار، مؤكداً «دعم مواصلة تعزيز التواصل مع الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني أثناء الوفاء بتفويضها مع الانخراط في تفاعلات إيجابية مع السكان المحليين».

تحذير روسي

وقال المندوب الروسي، فاسيلي نيبينزيا، إن بلاده امتنعت عن التصويت على القرار الفرنسي، معتبراً أن القرار اتخذ بعد «سلسلة من التغييرات المثيرة للجدل التي أدخلت على النص في المرحلة الأخيرة من عملية التفاوض الصعبة». وأسف لأن «النص الختامي الذي صوتنا عليه لم يحافظ على التسوية الهشة». وشدد على أن «موقفنا أثناء التصويت مشروط فقط بعدم موافقتنا على بعض العبارات الواردة في القرار»، آملاً «ألا يؤدي القرار (...) إلى تعقيد الوضع في لبنان».

أما نظيرته الإماراتية، لانا نسيبة، فرحّبت بـ«الصيغة الواضحة التي أضيفت إلى النص المتعلق باستقلال اليونيفيل»، مشيرة إلى أن النص «يدعو الحكومة اللبنانية إلى تسهيل الوصول الفوري والكامل لـ(اليونيفيل) إلى المواقع التي تطلبها».

وأضافت: «نؤمن بأن هذا القرار يعزز حرية حركة يونيفيل واستقلاليتها في مواجهة محاولات إضعافها من قبل حزب الله، ويدعو لتسهيل وصول يونيفيل للمواقع ذات الاهتمام والتي تشمل ميادين الرماية غير المصرّح بها. كما يعيد التأكيد على السماح ليونيفيل بإجراء دوريات معلنة وغير معلنة دون تقييد أو عوائق».

وفيما يتعلق بشمال الغجر، «شعرنا بخيبة أمل كبيرة لافتقار القرار لإدانة واضحة للاحتلال الإسرائيلي ومطالبة قوات الدفاع الإسرائيلية بالانسحاب الفوري، على الرغم من مساعي الإمارات الحثيثة خلال المفاوضات لإدراج لغة أقوى».

سرور أميركي

وعبّرت المندوبة الأميركية، ليندا توماس غرينفيلد، عن سرورها باللغة المعتمدة في القرار، قائلة إن «قدرة الأفراد النظاميين على القيام بمسؤولياتهم بشكل مستقل عن أي قيود أمر ضروري»، مشيرة إلى «مخاوف طويلة الأمد بشأن الإجراءات التي اتخذتها بعض الجهات الفاعلة لعرقلة حرية حركة البعثة». وأضافت: «نحن نعلم أن (اليونيفيل) لم تتمكن من الوصول إلى مجموعة من المواقع المثيرة للقلق عبر الخط الأزرق، بما فيها ميادين الرماية غير القانونية وجمعية (أخضر بلا حدود)، ومواقع إطلاق الصواريخ، ومواقع الأنفاق» التابعة لـ«حزب الله».


مقالات ذات صلة

السعودية تدعو لشراكة جادة تحقق السلام في المنطقة

الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة لمجلس الأمن بشأن غزة في نيويورك (الأمم المتحدة)

السعودية تدعو لشراكة جادة تحقق السلام في المنطقة

أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن بلاده تؤمن بأن تنفيذ حل الدولتين هو الأساس لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

جبير الأنصاري (الرياض)
العالم العربي ممثل كوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة هوانغ جون-كوك يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن (الأمم المتحدة)

كوريا الجنوبية تصف التصعيد في المنطقة بـ«غير المسبوق»

قال ممثل كوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة هوانغ جون-كوك، إن الضربة في الضاحية الجنوبية لبيروت «أدت إلى تعميق مشاغلنا»، واصفا التصعيد في المنطقة بـ«غير المسبوق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يلقي كلمة أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك (أ.ف.ب)

لافروف: الشرق الأوسط على شفا «حرب شاملة»

حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، من أن الشرق الأوسط على شفا «حرب شاملة» مع قيام إسرائيل بشن هجمات على «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية لقاء بين إردوغان والأسد في 2010 (أرشيفية)

أميركا لا تدعم التطبيع بين أنقرة ودمشق قبل الحل السياسي في سوريا

أحدثت التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان التي كرر فيها استعداده للقاء الرئيس السوري بشار الأسد من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين ردود فعل متباينة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حضر اجتماع غداء في الأمم المتحدة (رويترز)

ماكرون يدعو لتقييد حق استخدام «الفيتو» بمجلس الأمن في حالات «القتل الجماعي»

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الأربعاء)، إلى إصلاح مجلس الأمن الدولي عبر تقييد حقّ استخدام «الفيتو» في حالات «القتل الجماعي».

«الشرق الأوسط» (باريس)

واشنطن ترفع درجة التأهب لسفارتها في بغداد

السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)
السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)
TT

واشنطن ترفع درجة التأهب لسفارتها في بغداد

السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)
السفارة الأميركية في بغداد (رويترز)

بينما قررت واشنطن وضع سفارتها في بغداد في حالة التأهب القصوى، شرع «الإطار التنسيقي» الشيعي الحاكم في العراق بحث تداعيات اغتيال زعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله. وطبقاً لمصدر مطلع، فإن «الولايات المتحدة أصدرت توجيهات عاجلة لسفارتها في العاصمة العراقية بغداد تقضي برفع حالة التأهب تحسباً لأي استهداف، وإن واشنطن تتابع التطورات في الشرق الأوسط عن كثب».

وكانت جماعات عراقية هددت مساء السبت بحرق السفارة الأميركية داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد بسبب ما عدّته الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، الأمر الذي دفع القوات الأمنية العراقية إلى تشديد الحراسة بالقرب من السفارة وقطع الطرق المؤدية إليها من وإلى الجسر المعلق بين جانبَي الكرخ والرصافة طوال ليلة السبت وفجر الأحد، منعاً لأي اعتداء محتمل من المتظاهرين على السفارة.

يُذكر أن آخر مظاهرة كبرى وقعت بالقرب من السفارة الأميركية في بغداد كانت في أواخر عام 2019 من قبل متظاهرين ينتمون إلى الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران، وأدت إلى إحراق أحد «الكرفانات» قرب مبنى السفارة. وعقب أقل من أسبوع من مرابطة المتظاهرين قرب السفارة الأميركية أقدمت واشنطن على تنفيذ غارة جوية أدت إلى مقتل قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني، والرجل القوي في هيئة «الحشد الشعبي» في العراق أبو مهدي المهندس، على طريق مطار بغداد الدولي، في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020.

قرارات لدعم لبنان

موقع اغتيال نصر الله بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي اتخذ سلسلة قرارات لدعم لبنان، عقد اجتماعاً مع قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي لمناقشة التداعيات المحتملة. وطبقاً لبيان صادر عن الاجتماع، فإن المجتمعين عدّوا أن رحيل «حسن نصر الله بداية النصر وحياة جديدة للأمة»، على حد قول البيان. وأضاف البيان أن قادة «الإطار التنسيقي» الشيعي جدّدوا «التزامهم بتوجيهات المرجعية الدينية العليا في إغاثة الشعب اللبناني الشقيق وتقديم كل ما من شأنه تخفيف المعاناة عنهم». كما شكر «الإطار التنسيقي» الجهود الحكومية الكبيرة «في تذليل الصعاب أمام النازحين من لبنان».

من جهته، قدم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي أصدر أمراً بإعلان الحداد العام في العراق لثلاثة أيام، في اتصال هاتفي مع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، تعازي العراق حكومةً وشعباً في مقتل نصر الله. وجدد السوداني تأكيد موقف العراق الثابت والمبدئي بدعم لبنان والوقوف معه، واستمراره في تقديم جميع المساعدات التي يحتاجها الشعب اللبناني، مشدداً على ضرورة تنسيق الجهود العربية والإسلامية من أجل إيقاف الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة التي تهدد أمن المنطقة واستقرارها.

مخاوف ووعود

مدربون من «التحالف الدولي» داخل قاعدة «عين الأسد» في العراق (سينتكوم)

وفي الوقت الذي عبّرت فيه قيادات وقوى سياسية ومجتمعية عراقية عن مخاوفها من إمكانية جر العراق إلى صدام مسلح، لا سيما في ظل تزايد التكهنات بإمكانية إقدام إسرائيل على تنفيذ ضربات لقيادات ومواقع تعود للفصائل العراقية الموالية لإيران، والتي تواصل ضرباتها ضد مواقع داخل إسرائيل؛ فإن هذه التطورات تأتي متزامنة مع القرار العراقي ـ الأميركي المشترك بإنهاء مهمة «التحالف الدولي» في العراق.

وبينما أبدت واشنطن استمرار دعمها للعراق في مواجهة التحديات، فإن مفهوم التحديات طبقاً لما يراه الأميركيون يتمثل في مواجهة المخاطر المتزايدة لتنظيم «داعش»، في وقت تضغط واشنطن على بغداد لعدم السماح للفصائل المسلحة باستهداف قواتها في العراق. كما أكدت وزارة الدفاع البريطانية استمرار دعم بريطانيا للحكومة العراقية، وذلك في أول تعليق لها على الاتفاق الذي وقعته بغداد مع واشنطن بشأن إنهاء مهمة «التحالف الدولي» في العراق.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن المملكة المتحدة ستواصل دعم أمن العراق، لافتة إلى أن «الأشهر المقبلة، ستشهد عمل لندن مع بغداد لتطوير علاقة دائمة كجزء من هذا الانتقال إلى شراكة أمنية ودفاعية جديدة». وأشادت بريطانيا باحتراف جنودها الذين لعبوا دوراً في مهمة هزيمة «داعش»، كما أشادت بشجاعة وفاعلية قوات الأمن العراقية، و«البيشمركة»، وفقاً للبيان. وأضافت أنه بفضل الأهداف الأساسية التي يتم تحقيقها، يمكن أن تبدأ عملية الترتيبات الأمنية الجديدة، مؤكدة أن المملكة المتحدة ما تزال ملتزمة بضمان هزيمة «داعش»، ما يعزز التزام بريطانيا بأمن العراق والمنطقة الأوسع.