كركوك... قلق شعبي وتوتر سياسي وتحذير من «حرب أهلية»

على خلفية مطالبات «الديمقراطي الكردستاني» باستعادة مقره في المحافظة

الزعيم الكردي مسعود بارزاني (أ.ف.ب)
الزعيم الكردي مسعود بارزاني (أ.ف.ب)
TT

كركوك... قلق شعبي وتوتر سياسي وتحذير من «حرب أهلية»

الزعيم الكردي مسعود بارزاني (أ.ف.ب)
الزعيم الكردي مسعود بارزاني (أ.ف.ب)

تشهد محافظة كركوك (270 كيلومتراً شمال بغداد)، منذ أيام، قلقاً شعبياً وتوترات سياسية وتحذيرات من «حرب أهلية» محتملة، على خلفية الحديث عن تمكن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني، ومعقله محافظة أربيل، من استعادة مقره المتقدم في كركوك، بعد نحو 6 سنوات من سيطرة القوات الاتحادية عليه غداة عملية فرض القانون التي نفذتها حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي عام 2017.

وكان الحزب الديمقراطي بنى مقراً كبيراً على الطريق الرابط بين كركوك وأربيل شمالاً، واتخذه منطلقاً لإدارة شؤونه وشؤون أعضائه في كركوك ومناطق كرميان بعد عام 2003، قبل أن يضطر إلى مغادرته لاحقاً وقيام قيادة العمليات المشتركة الاتحادية باتخاذه مقراً لها.

مشهد معقد

المشهد السياسي القائم في كركوك يبدو على قدر كبير من التعقيد، ولا تقتصر الخلافات السياسية فيه على الصراع المعروف بين الأكراد من جهة، والعرب والتركمان من جهة أخرى، إنما تمتد ليظهر أن الجميع في خصومة مع الجميع. فحزب الاتحاد الكردستاني في خصام شديد مع الحزب الديمقراطي، وحدثت مناوشات كلامية بين العرب والتركمان مؤخراً، ما دفع النائب عن كركوك ساهرة عرب إلى التحذير من «حرب أهلية» في حال استمرار الأوضاع، ونجاح الحزب الديمقراطي من استعادة مقره في كركوك.

ويؤكد مصدر مطلع في كركوك لـ«الشرق الأوسط» أن «كل ما يجري من مناكفات حادة بين مختلف الأطراف السياسية يعود في جزء أساسي منه إلى التنافس المبكر حول مقاعد المجالس المحلية التي ستجرى خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل». ويضيف: «نلاحظ أن الحزب الديمقراطي الكردستاني حرك قضية المقر خلال هذه الأيام، وقامت الجهات المناوئة له بأمر مماثل، مع أن الديمقراطي سمح له بشغل جناح صغير من المقر منذ نحو 7 أشهر».

تفجر الأوضاع في كركوك مؤخراً نجم، وفق أحاديث غير مؤكدة، عن اتفاق ضمن تحالف «إدارة الدولة» الذي يقود الحكومة ويضم معظم القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية، وضمنها الحزب الديمقراطي الكردستاني، بحيث يستعيد الأخير مقره في كركوك بأوامر من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. الأمر دفع القوى التركمانية والعربية إلى الاعتراض بشدة على ذلك، ودفعها إلى قطع الطريق إلى المقام من خلال نصب خيام كبيرة للحيلولة دون تسليمه للحزب الديمقراطي.

قيمة معنوية

وأظهر مقطع فيديو، أمير قبيلة العبيد والنائب في البرلمان وصفي العاصي، اليوم الثلاثاء، وهو يتحدث من أمام مقر الحزب الديمقراطي السابق قائلاً: إن «المقر المتقدم يعتبر بالنسبة لأهالي كركوك قيمة معنوية؛ لأنه يمثل نتائج خطة فرض القانون ذات المكتسبات المهمة لأهالي كركوك، لأن القوات الحكومية الموجودة اليوم في المقر هي من أنهى معاناة 14 عاماً من التهجير والقتل والدمار، حين كانت الأحزاب الكردية تسيطر على ملف كركوك».

لقطة من فيديو أمير قبيلة العبيد والنائب في البرلمان وصفي العاصي

وفي معرض الخصوم مع الجبهة التركمانية، تحدث العاصي عن أن «رئيس الجبهة التركمانية العراقية قد وقّع على اتفاق تحالف إدارة الدولة، وأن أحد بنودها إخلاء مقر قيادة العمليات المشتركة في محافظة كركوك»، ما دفع الجبهة إلى إصدار بيان غاضب حول تصريحات العاصي، نفت فيه نفياً قاطعاً توقيع رئيسها على الاتفاق المزعوم.

وقالت الجبهة: «نود تذكير النائب (وصفي العاصي) بأن اتفاق إدارة الدولة قد اكتسب شرعيته بتصويت مجلس النواب عليه، وأنه وكتلته كانوا من المصوتين على المنهاج الحكومي ولم نسمع منهم أي اعتراض».

وسبق أن أصدر التحالف العربي في كركوك وجبهة تركمان العراق الموحد، بياناً يطالبان فيه الحكومة الاتحادية بعدم تسليم المقر المتقدم إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني.

صورة لبيان كان قد صدر عن العرب والتركمان

من جانبه، يقول النائب عن الحزب الديمقراطي في مجلس النواب العراقي جياي تيمور، إن حزبه «اتفق مع الحكومة الاتحادية على استعادة مقراته السابقة في كركوك، لكن هناك جماعات تعود لقوى سياسية وبعضها عسكرية تمنع وجود الحزب سياسياً مرة ثانية في المحافظة».

ويؤكد تيمور في تصريحات لمواقع إخبارية كردية، أن «عرقلة عودة مقرات الحزب الديمقراطي إلى داخل كركوك تضر بالعملية السياسية وبالاتفاقات المبرمة بين حكومتي الإقليم والاتحادية من جهة، وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني وائتلاف إدارة الدولة من جهة أخرى»، وطالب الحكومة الاتحادية بـ«تنفيذ القانون وإزاحة الذين يقطعون الطرق ويتظاهرون، واسترداد مقرات الحزب في كركوك، وكذلك في محافظة نينوى التي تسيطر عليها جماعات وتنظيمات سياسية».

بيان ناري

بدوره، أصدر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، اليوم الثلاثاء، بياناً نارياً بشأن أحداث كركوك، هاجم فيه وبشدة، خصمه التقليدي الحزب الديمقراطي الكردستاني، قال فيه: «مع اقتراب خيانة 31 (في إشارة إلى 31 أغسطس «آب» 1996حين طلب مسعود بارزاني المساعدة من نظام صدام) وحمى الانتخابات، ومن أجل التغطية على هذه الخيانة قام حزب الديمقراطي الكردستاني، وبحجة استرداد مقره، بلعبة خلقت المشاكل لأهالي وكسبة كركوك».

واتهم البيان الحزب الديمقراطي بـ«الاتفاق مع حلفائه العرب في كركوك لقطع الطريق أمام المقر المتقدم لعرقلة مصالح المواطنين وإحداث فوضى في المحافظة».


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

شؤون إقليمية موظف عراقي يتصفح جهازاً لوحياً لإجراء التعداد السكاني (أ.ف.ب)

تركيا تحذر من «تغيير ديموغرافي» في كركوك

حذرت تركيا من عمليات «تخل بالتركيبة الديموغرافية» لمحافظة كركوك العراقية، داعية إلى حماية حقوق التركمان بسبب «تطورات مقلقة» في نطاق التعداد السكاني.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قوة عسكرية مشتركة بين «البيشمركة» والجيش العراقي (موقع باس الكردي)

تفجير يودي بضباط وجنود من الجيش العراقي و«قوات البيشمركة» الكردية

أعلنت وزارة «البيشمركة» في حكومة إقليم كردستان، مقتل عدد من الضباط وجرح جنود، جراء انفجار أكثر من عبوة مزروعة في المكان نفسه، محدثة انفجاراً سُمع لمسافات بعيدة.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي بارزاني خلال مراسم حفل التخرج (الشرق الأوسط)

نيجرفان بارزاني: «البيشمركة» جزء رئيسي من منظومة الدفاع العراقية

جدد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، السبت، دعواته المتكررة لتوحيد صفوف قوات الأمن الكردية (البيشمركة) وعدها جزءاً مهماً من منظومة الدفاع العراقية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مركب سياحي في البصرة (أ.ف.ب)

بغداد ترفض طلباً كردياً بتأجيل التعداد السكاني في المناطق «المتنازع عليها»

رفضت الحكومة المركزية في بغداد طلباً لحكومة إقليم كردستان بتأجيل إجراء التعداد السكاني في المناطق «المتنازع عليها» إلى موعد لاحق.

حمزة مصطفى (بغداد)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)
تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)
تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة، و«سيعمل على إعادة المدنيين الأبرياء المحتجزين كرهائن إلى ديارهم».

وأضافت أنه «سيعيد فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران، ومحاربة الإرهاب، ودعم إسرائيل».

ووفقاً لما نقله الموقع عن مصادر، فإن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ عندما اتصل بترمب لتهنئته على فوزه في الانتخابات، أخبره هرتسوغ أن إطلاق سراح الرهائن الـ101 «قضية ملحة» وقال لترمب: «عليك إنقاذ الرهائن»، الذي قال رداً على ذلك إن جميع الرهائن تقريباً ماتوا على الأرجح، ولكن الرئيس الإسرائيلي ذكر أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تعتقد أن نصفهم ما زالوا على قيد الحياة.

وقال أحد المصادر: «لقد فوجئ ترمب، وقال إنه لم يكن على علم بذلك»، وأكد مصدران آخران أن ترمب قال إنه يعتقد أن معظم الرهائن ماتوا.

وعندما التقى هرتسوغ بايدن في البيت الأبيض في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، طلب منه العمل مع ترمب بشأن هذه القضية حتى يتولى ترمب منصبه.

وبعد يومين، عندما استضاف ترمب في اجتماع لمدة ساعتين في المكتب البيضاوي، أثار بايدن مسألة الرهائن واقترح عليه العمل معاً للدفع نحو التوصل إلى اتفاق.

وقال بايدن لعائلات الرهائن الأميركيين، في اجتماع عقد بعد ساعات قليلة من لقاء ترمب: «لا يهمني إن كان ترمب يحصل على كل الفضل ما دام أنهم سيعودون إلى الوطن».

ولفت الموقع إلى أن المفاوضات بشأن صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار عالقة منذ أكثر من ثلاثة أشهر.

وفي اجتماع عُقد في وقت سابق من هذا الأسبوع، أخبر قادة الجيش الإسرائيلي والموساد والشين بيت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنهم يعتقدون أن حركة «حماس» من غير المرجح أن تتخلى عن شروطها للانسحاب الإسرائيلي من غزة وإنهاء الحرب.

وأخبروه أنه إذا كانت الحكومة الإسرائيلية مهتمة بالتوصل إلى صفقة، فيجب عليها تخفيف مواقفها الحالية.

وتضع عائلات الرهائن والمسؤولون الإسرائيليون الآن آمالهم في نجاح ترمب، حيث فشل بايدن حتى الآن في إقناع نتنياهو بإنهاء الحرب في غزة مقابل تحرير الرهائن المحتجزين لدى «حماس».

وقبل أقل من شهرين من تنصيب ترمب، يبدو من غير المرجح أن يحدث اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في أي وقت قريب.

وبدلاً من ذلك، من المرجح جداً أن يرث ترمب الأزمة والمسؤولية عن الأميركيين السبعة المحتجزين لدى «حماس»، والذين يُعتقد أن أربعة منهم على قيد الحياة.