لبنان: حماسة سياسية لتطبيق اللامركزية في قطاع الكهرباء

4 اقتراحات قوانين في البرلمان تنتظر القرار السياسي

مبنى «مؤسسة كهرباء لبنان» (أ.ف.ب)
مبنى «مؤسسة كهرباء لبنان» (أ.ف.ب)
TT

لبنان: حماسة سياسية لتطبيق اللامركزية في قطاع الكهرباء

مبنى «مؤسسة كهرباء لبنان» (أ.ف.ب)
مبنى «مؤسسة كهرباء لبنان» (أ.ف.ب)

شكَّل الهدر في قطاع الكهرباء في لبنان، محفزاً أساسياً لقوى سياسية لبنانية على تقديم سلسلة اقتراحات قوانين حول أهمية تطبيق اللامركزية في الكهرباء، بوصفها المخرج الكفيل بتأمين التيار على مدار الساعة للمواطنين بتكلفة مقبولة، بعد انتزاع هذا الاحتكار من «مؤسسة كهرباء لبنان».

وبعد اقتراحَي قانون تقدم بهما ممثلو «الحزب التقدمي الاشتراكي» في البرلمان، عام 2021، وآخر تقدم به «تكتل لبنان القوي» (نواب «التيار الوطني الحر») في مطلع عام 2022، يستعد اليوم «تكتل الجمهورية القوية» (نواب «القوات اللبنانية») إلى مقاربة مشروع اللامركزية في الكهرباء، وفق تصور يتم إعداده، كشف النائب وضاح الصادق عن تحضيره لاقتراح قانون بالتنسيق مع عدة نواب آخرين سيبصر النور يتعلق بتطبيق اللامركزية في ملف الكهرباء، ويولي المجالس البلدية مهام ومسؤوليات في هذا الشأن.

والمقصود بـ«لامركزية الكهرباء»، هو تأمين كل منطقة للتيار الكهربائي لسكان المنطقة، وجباية الفواتير وتوزيع الكهرباء، وترتبط كل منطقة مع «مؤسسة كهرباء لبنان» بعقود تشغيل وصيانة لفترة زمنية، أما الإنتاج فيكون من محطات المؤسسة الرسمية أو محطات أخرى في المناطق يجري التعاون فيها مع القطاع الخاص.

ويرى كثيرون أن الإنفاق على قطاع الكهرباء خلال السنوات الماضية أقرب إلى الهدر على مرفق استنزف مالية الخزينة دون أي جدوى، بل على العكس رافقه ترهل لـ«مؤسسة كهرباء لبنان» التي خرجت عن خدمة المشتركين في معظم الأوقات ليأخذ دورها أصحاب المولدات الخاصة الذين وسعوا هامش الأرباح وبنوا الإمبراطوريات فيما هي اكتفت بتراكم الخسائر.

بداية الحل

ويقول عضو «تكتل الجمهورية القوية» النائب رازي الحاج أنه «سبق للجنة المال والموازنة في البرلمان أن أقرَّت مشروع القانون المتعلق بإنتاج الطاقة المتجددة الموزعة، مما سيسمح للقطاع الخاص بالدخول إلى مرفق الكهرباء. وهو بداية الحل القاضي بإنتاج الكهرباء من قبل القطاع الخاص وبيعه للدولة».

ولكنه مع توسيع هذا المشروع «فلا يعود محصوراً بالطاقة المتجددة فقط، إلى جانب أهمية تطبيق اللامركزية في الكهرباء، والسماح للقطاع الخاص بإنتاجها من مصادر مختلفة في كل المناطق تحت مراقبة الهيئة الناظمة بدءاً من الإنتاج إلى التوزيع فالجباية».

ويقول الحاج لـ«الشرق الأوسط»: «نحن كتكتل مع توسيع المشروع بدءاً من تسريع تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء عملاً بالقانون 462/ 2002، التي من ضمن صلاحياتها وضع دفاتر شروط وتحديد المعايير مع السماح للقطاع الخاص بالدخول إلى الكهرباء كمنتج وموزع وجاب، شرط إبقاء ملكية الشبكة للدولة»، مذكراً بـ«أننا قدمنا اقتراح قانون إنشاء مؤسسة مستقلة لإدارة أموال الدولة، ومن ضمنها ملكية (كهرباء لبنان)».

ويشير الحاج إلى أن «المشكلة ليست بالحلول، ولكن بالإرادة السياسية. نحن ما زلنا نعيش تحت وطأة نفس النهج والمنطق بالتعاطي داخل المؤسسات العامة والمصالح المستقلَّة التي تم تفريغها من كل مفاهيم العمل المؤسساتي والخدماتي السليم، إلا أننا بالمرصاد داخل مجلس النواب، وأيضاً أمام مراقبة السلطة التنفيذية، على أمل التوصل إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كانطلاقة فعالة لانتظام العمل المؤسساتي».

وتظهر الأرقام في لبنان أنه بين 1992 و2018، شكلت التحويلات إلى «مؤسسة كهرباء لبنان» أكثر من 40 مليار دولار من الدين العام في البلاد، بينها 25 مليار دولار خلال السنوات العشر الأخيرة.

احتفاظ الدولة بالشبكة

من جهته، يقول النائب بلال عبد الله لـ«الشرق الأوسط» إنه بصدد إحياء اقتراح القانون المتعلق بشركات توزيع الطاقة الكهربائية في لبنان الذي سبق وتقدم به في يوليو 2021، حيث إن أي تجديد لولاية المجلس النيابي يتطلب تجديداً لاقتراحات القوانين المقدمة إلى المجلس، مشيراً إلى أن هذا الاقتراح «أصبح اليوم أكثر من ضروري دون أي تعديل عليه خصوصاً أنه ما من طرف ممتنٌ لأوضاع الكهرباء في لبنان».

ويؤكد أن «اقتراحه هو تطبيق لـ(اللامركزية) في الكهرباء، الذي يقضي باحتفاظ الدولة بالشبكة مع تحرير قطاعات الإنتاج والتوزيع والجباية في كل المناطق»، ويضيف: «المطلوب هنا إشراك القطاع الخاص بجدية عبر شركات صغيرة موزعة في كل المناطق، تكون خدماتها محصورة بعدد معين من المشتركين على صعيد الإنتاج، والتوزيع والصيانة وأيضاً الجباية لقاء مبالغ بدلاً من أن تدفع للدولة، فلا يبقى عبء الإنتاج والصيانة والجباية على كهرباء لبنان أو الدولة».

وتُظهر أرقام وزارتي المالية والطاقة أن «شركة كهرباء لبنان» تعاني من عجز بحدود ملياري دولار سنوياً على امتداد السنوات العشر الأخيرة. كما يُقدر «البنك الدولي» أن التحويلات السنوية من الميزانية إلى «مؤسسة كهرباء لبنان» بلغت في المتوسط 3.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبنان في العقد الأخير، أي ما يقرب من نصف العجز المالي العام.

عجز السلطة المركزية

ويدعو رئيس المعهد اللبناني لدراسات السوق، الدكتور باتريك مارديني، إلى «تطبيق اللامركزية في قطاع الكهرباء بسرعة لأن السلطة المركزية أثبتت عجزها عن تأمين الكهرباء، علماً بأنه يجب ألا يكون هناك أي علاقة للحكومة بأي خدمة مقدمة على الصعيد المحلي».

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «في الواقع الكهرباء أصبحت (لامركزية) اليوم، وذلك مع التقدم الحاصل في قطاع الطاقة المتجددة، وخصوصاً في لبنان مع وجود نحو 300 نهار مشمس؛ ما يساعد في إقامة مزارع من الطاقة الشمسية، بهدف تخفيض كلفة الفاتورة على المشتركين».

ويضيف: «للأسف، القانون اللبناني حصر إنتاج الطاقة بـ(مؤسسة كهرباء لبنان). وهو يمنع إنشاء طاقة شمسية وبيع إنتاجها للمشتركين، رغم الجدوى الاقتصادية والعملية الحسابية التي تلحظ تكلفة 7 سنتات لكل كيلو واط/ ساعة تكون مصدرها مقابل 35 سنتاً لإنتاج (مؤسسة الكهرباء)».

ويُعدّ هذا الأمر مجدياً في القرى حيث «الأماكن الواسعة الجاذبة لاستثمارات من هذا النوع». ويفتح التقدم الحاصل في مجال التكنولوجيا المجال أمام حلول استثمارات ذكية لمشكلة الكهرباء في لبنان عكس ما تم الاعتماد عليه من بواخر ومعامل حرارية. ويكفي رفع يد وزارة الطاقة والسماح للسلطات المحلية بالاستثمار في الكهرباء، وهو ما يتطلب قراراً سياسياً.



عائلات محتجزين في غزة يتهمون نتنياهو بتضليل ترمب للتهرب من صفقة تبادل

إسرائيليون يقفون في ساحة بتل أبيب حيث تم وضع صور وتذكارات للأسرى المحتجزين لدى «حماس» الاثنين (رويترز)
إسرائيليون يقفون في ساحة بتل أبيب حيث تم وضع صور وتذكارات للأسرى المحتجزين لدى «حماس» الاثنين (رويترز)
TT

عائلات محتجزين في غزة يتهمون نتنياهو بتضليل ترمب للتهرب من صفقة تبادل

إسرائيليون يقفون في ساحة بتل أبيب حيث تم وضع صور وتذكارات للأسرى المحتجزين لدى «حماس» الاثنين (رويترز)
إسرائيليون يقفون في ساحة بتل أبيب حيث تم وضع صور وتذكارات للأسرى المحتجزين لدى «حماس» الاثنين (رويترز)

بعدما تكشف أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، لا يعرف أن نصف عدد المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة «حماس» في قطاع غزة أحياء، اتهمت عائلات عدد من هؤلاء المحتجزين، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته، بتقديم معلومات مضللة إلى ترمب حول مصير الأسرى، للتهرب من الصفقة والإفلات من الضغوط الأميركية المحتملة على إسرائيل لدفعها نحو إتمام صفقة تبادل.

وقال تقرير بثته «القناة 13» الإسرائيلية، الاثنين، إنه في الوقت الذي تركز فيه الولايات المتحدة وإسرائيل على مفاوضات لإنهاء الحرب في لبنان، لا يزال ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة عالقاً في ظل تراجع الجهود لإتمام صفقة تبادل، مضيفاً أن هذا الأمر «يغضب العائلات ويفقدها صوابها؛ فهم يرون أن الحكومة، التي تدير ظهرها لقضية الأسرى طيلة 416 يوماً منذ خطفهم من بيوتهم ومن قواعدهم العسكرية، تعمل بكل قوتها لمنع اتفاق مع (حماس) على الرغم من معرفتها الوثيقة بأن هذا يعني تهديد حياة المخطوفين».

وأشار التقرير إلى أن مصادر مقربة من ترمب أكدت اهتمامه بقضية الأسرى، إلا أن تل أبيب تقدم معلومات لمسؤولي إدارته المقبلة تفيد بأن «أغلب الأسرى قتلوا وليسوا على قيد الحياة»، بهدف تقليل الضغوط الأميركية لإبرام صفقة تبادل مع «حماس»، بعد تنصيب الإدارة الجديدة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وفي منتجع «مارا لاغو» في فلوريدا، ذكرت القناة أن «البعض شبّه ترمب بالرئيس رونالد ريغان، الذي أنهى أزمة رهائن إيران فور تسلمه السلطة عام 1981». وأشارت إلى أنه أثناء حملته الانتخابية، ادعى ترمب مراراً أنه لو كان في منصب الرئيس، لما اندلعت الحرب، وأنه قادر على «إطلاق سراح الأسرى في غزة».

وكان شخص مقرب من الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هيرتسوغ، هو الذي كشف أن ترمب لا يعرف عن مصير الأسرى. وأضاف أنه عندما اتصل هيرتسوغ ليهنئ ترمب بانتخابه، سمع منه هذا الأمر، إذ قال إنه يعرف أن المخطوفين قتلوا لدى وجودهم في الأسر لدى «حماس». ورد عليه هيرتسوغ قائلاً إن أكثر من نصفهم أحياء، ففوجئ. ومن هنا، استنتج الإسرائيليون أن نتنياهو هو الذي يضلل ترمب ويخبره أن معظم المحتجزين أموات.

وقال والد الجندي المحتجز، رُوبي حن: «يمكنني أن أؤكد، بناءً على المصادر التي أتحدث معها، أن مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، وهم أنفسهم المسؤولون عن فشل 7 أكتوبر، يبلغون ترمب وفريقه بأن غالبية المختطفين قد قُتلوا». واعتبر أن الحكومة ستخدم هذا النهج في محاولة لتقليل ضغوط محتملة قد تحاول إدارة ترمب ممارستها مستقبلاً على إسرائيل. وقال: «يعتبرون أنه بذلك لن تكون هناك ضغوط لاستعجال التوصل إلى صفقة تبادل. إنه لأمر مذهل أن يجرأوا على قول مثل هذه الأمور بينما يرتدون شارة دعم الرهائن».

وقال غيل ديكمان، قريب إحدى الأسيرات، في منشور على منصة «إكس»: «من يروج لترمب هذه الأكاذيب؟ من يقنعه بأن الرهائن قد ماتوا؟ بدلاً من إعادة الجميع سريعاً، سواء كانوا أحياء أو موتى، انتظرتم حتى يُقتل الرهائن في الأسر، والآن تكذبون وتقولون إن معظمهم قد ماتوا لتبرير التخلي عنهم مجدداً». وأضاف: «ما زال هناك من هم أحياء. أعيدوهم جميعاً. بلا أعذار. الأحياء لإعادة التأهيل، والموتى للدفن».

وفي نشاط احتجاجي نظمه أقارب الأسرى في تل أبيب، طالبت أسيرة أُفرج عنها بعد 57 يوماً في الأسر، بالإسراع في إبرام صفقة تبادل، قائلة: «كل الأطراف المعنية تؤكد أن الظروف أصبحت مهيأة للصفقة. لم تعد هناك أعذار. حان الوقت لإعادة جميع الرهائن، وبأسرع وقت ممكن، لأن الشتاء في الأنفاق يجعل من الصعب معرفة من سيبقى على قيد الحياة». وأضافت: «لو فهم المسؤولون فقط ما يعنيه البقاء في ظروف غير إنسانية في الأنفاق، لمدة 54 يوماً، لما تركوا المختطفين هناك طوال 415 يوماً».

وكان رئيس «حزب الديمقراطيين»، الجنرال يائير جولان، قد حذر من أن يكون هدف إسرائيل من إبرام اتفاق مع لبنان هو إجهاض اتفاق مع «حماس». وقال: «إذا وافقت حكومة اليمين على وقف إطلاق النار في لبنان، فسوف تركز على (الطبق الرئيسي)» في غزة. يذكر أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي أثبت منذ بداية الحرب أنه رئيس الوزراء الفعلي أشار في الأيام الأخيرة إلى هذا الاتجاه.