ميللر يدعو من شمال شرقي سوريا إلى محاربة إمبراطورية المخدرات

وزير الدفاع الأميركي السابق طالب بدعم «الإدارة الذاتية»

ميللر (يمين) مجتمعاً مع جيا كرد (يسار) في شمال شرقي سوريا (المكتب الإعلامي للإدارة الذاتية)
ميللر (يمين) مجتمعاً مع جيا كرد (يسار) في شمال شرقي سوريا (المكتب الإعلامي للإدارة الذاتية)
TT

ميللر يدعو من شمال شرقي سوريا إلى محاربة إمبراطورية المخدرات

ميللر (يمين) مجتمعاً مع جيا كرد (يسار) في شمال شرقي سوريا (المكتب الإعلامي للإدارة الذاتية)
ميللر (يمين) مجتمعاً مع جيا كرد (يسار) في شمال شرقي سوريا (المكتب الإعلامي للإدارة الذاتية)

أعرب وزير الدفاع الأميركي السابق كريستوفر ميللر عن أمله باستمرار دعم الولايات المتحدة ودول التحالف الدولي، «الإدارة الذاتية لشمال شرقي» سوريا، و«قوات سوريا الديمقراطية»، لحماية السجون والمحتجزات الخاصة بعناصر «داعش»، والإشراف على المخيّمات الخاصة بأُسر وعائلات التنظيم، وبحث مع المسؤولين الأكراد التحديدات التي تواجهها والتهديدات التركية التي تزعزع الاستقرار، كما علَّق على تدهور الأوضاع الأمنية في مدينة عفرين الكردية، الخاضعة لفصائل مسلَّحة مُوالية لتركيا، واتهم الحكومة التركية باستخدام المياه سلاحاً ضد المدنيين؛ سكان مناطق الإدارة شرق سوريا.

وتطرَّق المسؤول الأميركي، خلال لقاءاته مع مسؤولي الإدارة وقواتها العسكرية، إلى دور قوات التحالف الدولي في محاربة الإرهاب، ودحر الخلايا المُوالية للتنظيم. وقال ميللر، في إفادة صحافية، الخميس: «هناك حاجة إلى حماية المكاسب التي تحققت ضد الإرهاب، والحاجة لاستمرار الدعم الأميركي للإدارة الذاتية لشمال وشمال شرقي سوريا، وضرورة الاستقرار الإقليمي».

وطالب دول التحالف الدولي وحكوماتها إلى دعم عمليات الاستقرار بهذه المناطق، التي شهدت، خلال سنوات الحرب السورية، توالى سيطرة جهات عسكرية عدة؛ كان أبرزها تنظيم «داعش» الإرهابي، وبحث، مع المسؤولين الأكراد، التحديدات التي تواجهها، والتهديدات التركية ضدها، وضرورة تحقيق الأمان والرخاء لشعوب المنطقة، وضرورة دعم الإدارة المدنية اقتصادياً وسياسياً.

وأشار إلى أن العمليات القتالية للتحالف وقوات «قسد» لا تزال مستمرة شرق البلاد وداخل المخيمات والسجون. وتابع، في إحاطته الصحافية: «بمخيم الهول توجد خلايا (داعش) النائمة، علماً بأن الحملة العسكرية الرئيسية قد انتهت، لكن الحرب مستمرة ويجب على واشنطن والتحالف تقديم الدعم لقوات (قسد) وشعوب شمال شرقي سوريا».

وأوضح ميللر أن تركيا تشن حرباً مفتوحة ضد مناطق الإدارة وجناحها العسكري، وتُجبر بالقوة الناس للخروج من موطنها الأصلي وترك ممتلكاتها؛ في إشارة إلى سكان مدينة عفرين، الذين تركوا منازلهم وممتلكاتهم بعد عملية «نبع السلام» التركية، في مارس (آذار) 2018، بعد أيام من إدراج الخزانة الأميركية فصيلَي «الحمزات» و«لواء سليمان شاه»، وقادتهما المُوالين لأنقرة، على لائحة العقوبات الأميركية؛ لصلتهما بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان شمال سوريا، بما في ذلك عمليات خطف واعتداء جسدي شديد واغتصاب. وقال ميللر إن الحكومة التركية تستخدم الماء سلاحاً ضد المدنيين العُزل، و«أعتقد أن العالم يجب أن يعلم بهذا الأمر، ربما بسبب التركيز على الحرب التي تجري في أوكرانيا، لكن على العالم أن يدرك المأساة التي تحدث في شمال شرقي سوريا بسبب أفعال تركيا».

وعن دور القوات الأميركية شرق سوريا ومهامّها في إطار التحالف الدولي المناهض لتنظيم «داعش»، يقول وزير الدفاع الأميركي السابق: «أعتقد أن الخطوة المقبلة لهذه القوات هي مُحاربة إمبراطورية المُخدرات»، واتهم إيران باستخدام المخدرات سلاحاً ضد العراق وسوريا، وقال: «هذه المخدرات قد تصل لأوروبا أو الولايات المتحدة، أعتقد أن هناك فرصة للتحالف الدولي لتغيير مهامّه من مُحاربة (داعش)، لدعم مُحاربة المخدرات؛ لأن هذا الأمر مهم لشعوب المنطقة».

الجنرال كوريلا

قيادية من «قسد» تشرح للجنرال كوريلا خلال جولة تفقدية أمس الأربعاء في مخيم الهول (المكتب الإعلامي للإدارة الذاتية)

وتزامنت زيارة وزير الدفاع الأميركي الأسبق مع زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا، الذي تفقّد، الأربعاء الماضي، مخيمَي «الهول» و«روج»، الواقعين أقصى شمال شرقي سوريا، ويُعدّان من بين أكبر المخيمات بسوريا على الإطلاق، التي تضم آلاف الأشخاص من عائلات عناصر ومسلَّحين كانوا في صفوف تنظيم «داعش». وأكد كوريلا، لمسؤولي الإدارة والقيادة العامة لقوات «قسد»، أن الجهود الدولية المستمرة لإعادة قاطني هذه المخيمات إلى أوطانها، تعزز الأمن والاستقرار للمنطقة؛ وتخفف التحديات الإنسانية لقاطنيه.

من جانبه، قال بدران جيا كرد، رئيس دائرة العلاقات الخارجية بالإدارة، والذي التقى ميللر، في حديث، لـ«الشرق الأوسط»، إنهم ناقشوا عدة قضايا مهمة مع الوزير الأميركي السابق، من بينها سبل مكافحة الإرهاب، وأوضاع أسرى «داعش» المحتجَزين في سجون الإدارة وعائلاتهم القاطنين في المخيمات. وقال: «أكدنا، خلال لقائنا، ضرورة مواصلة الجهود الدولية للحيلولة دون عودة ظهور هذا التنظيم الإرهابي الذي لا يزال يشكل تهديداً كبيراً». وبحث المسؤول الكردي الأزمة السورية المستعصية، وطالب بإيجاد حلول جذرية، وتقديم الدعم السياسي لتجربة الإدارة. وحذّر جيا كرد من المخاطر التي تواجهها الإدارة بسبب الهجمات التركية ضدها وطالب بمنعها.

وشدّد رئيس دائرة العلاقات الخارجية على ضرورة إيجاد حلول فورية وعاجلة لقاطني مخيمي «الهول» و«روج»، والعمل على إعادتهم لأوطانهم الأصلية، حتى تتكامل مع الجهود التي تبذلها قوات التحالف الدولي و«قسد»، في تجفيف منابع «داعش». وختم جيا كرد حديثه قائلاً: «ركّزنا، في لقائنا، على منع خلايا التنظيم من الانطلاق مرة أخرى، وتجريده من جميع أدواته، والقضاء على ما تبقّى من خلاياها النشطة شرق سوريا».


مقالات ذات صلة

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي».

علي بردى (واشنطن)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي صورة من موقع غارة إسرائيلية على معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا - 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

«المرصد السوري» يعلن ارتفاع عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي على تدمر إلى 92

قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم (الجمعة)، إن عدد قتلى القصف الأخير الذي شنَّته إسرائيل على مدينة تدمر، في ريف حمص الشرقي بوسط البلاد هذا الأسبوع ارتفع

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».