دمشق: رفع أسعار المحروقات التهم الزيادة في رواتب العاملين بالدولة 100%

حالة من الوجوم تسيطر على الشارع السوري

زحمة سيارات عند محطة لتعبئة المحروقات في دمشق (أرشيفية - رويترز)
زحمة سيارات عند محطة لتعبئة المحروقات في دمشق (أرشيفية - رويترز)
TT

دمشق: رفع أسعار المحروقات التهم الزيادة في رواتب العاملين بالدولة 100%

زحمة سيارات عند محطة لتعبئة المحروقات في دمشق (أرشيفية - رويترز)
زحمة سيارات عند محطة لتعبئة المحروقات في دمشق (أرشيفية - رويترز)

لم تمهل الحكومة السورية العاملين بالدولة فرصة للاستبشار خيراً، بزيادة الرواتب بنسبة 100%، حيث عاجلتهم في وقت متأخر من ليل الثلاثاء بجملة قرارات تقضي برفع أسعار جميع أنواع المحروقات، بشكل يلتهم الزيادة وكامل الراتب، في زيادة متسارعة بنسبة التضخم قدرتها مصادر اقتصادية بـ3000 في المائة في شهر يوليو (تموز) الماضي، وسط مخاوف من قرارات أخرى قريبة بزيادة سعر الخبز وتحرير أسعار المياه.

وصدر، ليل الثلاثاء، مرسومان تشريعيان رقم 11 و12، يقضيان بإضافة نسبة 100 في المائة إلى الرواتب والأجور المقطوعة لكل من العاملين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين السوريين. ليصل معدل الرواتب ما بين 250 إلى 300 ألف ليرة، أي ما يعادل 20 دولارا.

وبالتوازي مع ذلك، رفعت الحكومة أسعار جميع أنواع المحروقات، وقالت وزارة التجارة الداخلية المسؤولة عن تحديد الأسعار، إنها «عدلت» أسعار المشتقات النفطية (المازوت والبنزين والفيول والغاز السائل).

صورة من «سانا» لمخبز في دمشق

ولم يحدّ نفي الحكومة عزمها رفع سعر ربطة الخبز المدعوم من توارد أنباء عن رفع سعر الربطة من 200 إلى 500 ليرة، (سبعة أرغفة/ 800 غرام)، علما بأن سعر ربطة الخبز الحكومي غير المدعوم 1200 ليرة، وتباع في السوق السوداء بأكثر من ألفي ليرة.

ومع رفع أسعار المحروقات لا سيما المازوت، ارتفعت أسعار غالبية السلع والمواد الغذائية، مع توقف حركة المواصلات العامة والقطاع الخاص في معظم المناطق، صباح يوم الأربعاء، حيث أضرب أصحاب حافلات النقل الداخلي الخاص احتجاجا على التعرفة التي تحددها الإدارات المحلية، وكادت تغيب الحافلات تماما عن شوارع العاصمة التي بدا فيها الناس هائمين على وجوههم عند مواقف الحافلات، بحثا عن وسيلة نقل، في حين رفع أصحاب التاكسي أجورهم إلى مستويات غير مسبوقة، لتصل في بعض المناطق قطع مسافة 5 كم إلى أكثر من عشرين ألف ليرة سورية.

صورة نشرتها صحيفة «تشرين» المحلية لندرة المواصلات في دمشق الأربعاء

وبدل أن تحمل زيادة الأسعار انفراجة ضئيلة للسوريين، تعمقت أزماتهم المعيشية مع فوضى ارتفاع الأسعار، في شهر صيفي شديد الحرارة يفتقد فيه معظم السوريين للكهرباء اللازمة للتبريد وحتى الماء، حيث تعاني غالبية المناطق من برامج تقنين قاسية.

ووفق الأسعار الجديدة، أصبح سعر مادة المازوت للمخابز التموينية الخاصة 700 ليرة سورية للتر الواحد، فيما بلغ سعر المازوت المدعوم للمستهلك ألفي ليرة سورية للتر الواحد. كما أصبح سعر مبيع مادة المازوت الصناعي المقدم لكل من الزراعة خارج المخصصات المدعومة والصناعات الزراعية والمشافي الخاصة ومعامل الأدوية، 8 آلاف ليرة سورية للتر الواحد.

أما سعر مبيع مادة البنزين الأوكتان 90 المدعوم، فأصبح 8 آلاف ليرة سورية للتر الواحد، فيما تم تحديد سعر مبيع مادة البنزين الممتاز الأوكتان 95 بـ13500 ليرة سورية للتر الواحد.

وحددت الوزارة سعر مبيع المواد المذكورة الموزعة للقطاع الصناعي والقطاعات الأخرى وهي: المازوت الحر بسعر 11550 ليرة سورية للتر الواحد، والفيول بسعر 7887500 ليرة سورية للطن الواحد، والغاز السائل دوكما بسعر 9372500 ليرة سورية للطن الواحد.

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك (سانا)

واعتبرت مصادر اقتصادية نشرة الأسعار الجديدة تخليا عن معظم سياسات الدعم في سوريا، بينما تشهد العملة المحلية تدهورا متسارعاً، حيث وصل سعر صرف الدولار الأميركي إلى عتبة الخمسة عشر ألف ليرة.

وتوقعت المصادر أن تسهم القرارات في حصول أزمات جديدة تمس لقمة العيش، وتزيد في أعداد الفقراء المعدمين، كما ستؤثر على عملية الإنتاج من حيث الكم والنوع. وأكدت أن «معاناة السوريين مستمرة إلى أجل غير مسمى»، وأن «الحكومة ستبقى عاجزة عن إيجاد مخارج للأزمات المعيشية، ما لم يتم التوصل إلى تسوية عامة لمجمل الأزمات السورية».


مقالات ذات صلة

نمو مفاجئ للاقتصاد البريطاني في الربع الأول

الاقتصاد يظهر مبنى «بنك إنجلترا» خلال مرور راكبي الدراجات الهوائية في الحي المالي لمدينة لندن (رويترز)

نمو مفاجئ للاقتصاد البريطاني في الربع الأول

نما الاقتصاد البريطاني بوتيرة أسرع مما كان يُعتقد سابقاً في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، حيث توسّع بنسبة 0.7 في المائة عن الرُّبع السابق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تظهر سحب داكنة فوق مبنى الرايخستاغ في برلين (رويترز)

تراجع مفاجئ في معنويات الأعمال يُثير مخاوف حول الاقتصاد الألماني

انخفضت معنويات الأعمال الألمانية بشكل غير متوقع في يونيو (حزيران) بسبب تزايد التشاؤم بشأن أداء أكبر اقتصاد في أوروبا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد منظر عام للمركز المالي في لندن (رويترز)

انتخابات المملكة المتحدة تُعيق نمو الأعمال

تواصل الشركات البريطانية التوسع بوتيرة أبطأ منذ بداية الركود الاقتصادي العام الماضي، حيث قررت بعض الشركات تأجيل اتخاذ القرارات الكبيرة حتى بعد الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عمال يسيرون نحو «تاور بريدج» في لندن، بريطانيا (رويترز)

اقتصاد بريطانيا ينتعش بقوة منهياً «ركوداً فنياً»

انتعش الاقتصاد البريطاني بأقوى وتيرة في نحو 3 سنوات في الربع الأول من العام، منهياً ما سماه الاقتصاديون «الركود الفني»، وفقاً للأرقام الرسمية الصادرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي وألمانيا ترفرف أمام مبنى الرايخستاغ مقر مجلس النواب في البرلمان الألماني في برلين (رويترز)

ركود يلوح في أفق ألمانيا... تخلف عن النمو الأوروبي في 2024

توقع معهد «إيفو» الألماني للأبحاث الاقتصادية أن يركد الاقتصاد في البلاد في عام 2024، على الرغم من بداية أقوى من المتوقع لهذا العام.

«الشرق الأوسط» (برلين)

الاغتيالات وتداعياتها قد تجران «حزب الله» وإسرائيل لحرب لا يريدانها

قصف إسرائيلي على بلدة كفركلا اللبنانية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
قصف إسرائيلي على بلدة كفركلا اللبنانية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

الاغتيالات وتداعياتها قد تجران «حزب الله» وإسرائيل لحرب لا يريدانها

قصف إسرائيلي على بلدة كفركلا اللبنانية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)
قصف إسرائيلي على بلدة كفركلا اللبنانية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

في الوقت الذي يكرر فيه «حزب الله» وإسرائيل، منذ بداية الحرب قبل ستة شهور، أنهما غير معنيين بتوسيع نطاق الحرب، وفيما يؤكد الوسيط الأميركي عاموس هوكستين أن هناك صيغة اتفاق بينهما على وقف النار وأكثر، وتؤكد أوساط عدة وجود تفاهمات أميركية إيرانية بالحفاظ على سقف محدود لا يتم تجاوزه إلى حرب واسعة، فإن التصرفات على الأرض تشير إلى احتمال غير قليل بأن تفلت الأمور في لحظة ما وتسفر عن اشتعال حرب مدمرة لا أحد يريدها.

فـ«حزب الله» يعلن بصراحة أنه لا يريد توسيع الحرب، وأنه في حال التوصل إلى اتفاق تهدئة في قطاع غزة سيوقف قصف إسرائيل فوراً. وفي إسرائيل يؤكدون أن كل ما يريدونه هو إعادة سكان الجليل المهجرين إلى بيوتهم ليعيشوا فيها بسلام من دون تهديد بالقصف من «حزب الله»، ويطلبون ابتعاد قوات «حزب الله» إلى مسافة 10 كيلومترات من الحدود القائمة بين البلدين، ويفضلون تحقيق ذلك بالمفاوضات السياسية.

لكن ما يجري على الأرض يبدد التفاؤل بإمكانية عبور هذه الجولة من دون حرب واسعة. فإسرائيل نفذت اغتيالات دقيقة بشكل لافت بحق عدد كبير من القادة الميدانيين لـ«حزب الله»، بينهم قائد «قوات الرضوان» في الجنوب وسام الطويل، الذي كان يعد مسؤولاً عن القصف البعيد المدى باتجاه إسرائيل، وتم اغتياله في يناير (كانون الثاني) الماضي، وطالب عبد الله (أبو طالب)، قائد القطاع الشرقي (تم اغتياله قبل شهر)، ومحمد نعمة ناصر، قائد القطاع الغربي، الذي اغتيل قبل يومين، وجميعهم يحملون رتبة تضاهي رتبة عميد في الجيش. ورد «حزب الله» على هذه الاغتيالات بقصف مكثف لمواقع ذات حساسية استراتيجية، وردت إسرائيل على الرد بقسوة.

«حزب الله» لم يخرج كل أسلحته

وفي تقرير لمعهد أبحاث «آلما» الإسرائيلي المتخصص بشؤون لبنان، فإن القيادة العسكرية الإسرائيلية تعترف بأن «حزب الله» ما زال يرد على العمليات الحربية الإسرائيلية والاغتيالات بشكل محدود، وتحت السقف المتفق عليه بين واشنطن وطهران. فهو يلتزم بتنفيذ القصف على منطقة جغرافية تقتصر على المواقع والمصانع العسكرية بشكل رئيسي. ومع أنه يستخدم أسلحة جديدة ويظهر ضلوعاً بأسرار إسرائيل العسكرية، إلا أنه لا يخرج كل أسلحته وقدراته. وهذا الحذر من قبل «حزب الله» ينعكس أيضاً في نتائج القصف. فحتى الآن قتل 550 لبنانياً، بينهم 370 عنصراً من «حزب الله»، في مقابل 29 قتيلاً إسرائيلياً، كما أن الدمار قائم في الجنوب اللبناني وفي الشمال الإسرائيلي على السواء، وكذلك اضطرار الأهالي إلى ترك بيوتهم وبلداتهم (نحو 70 ألف إسرائيلي و200 ألف لبناني). ومع ذلك، فإن الاغتيالات الإسرائيلية مستمرة، وكذلك القصف من قبل «حزب الله».

وقد ارتدع قادة الجيش الإسرائيلي عن الانطلاق إلى حرب موسعة حتى الآن، برغم نتائج استطلاعات أشارت إلى أن 62 في المائة من المواطنين يطالبون بتوسيع الحرب لتوجيه ضربة قاضية لـ«حزب الله»، لأنهم أدركوا أن الجمهور لا يدرك الثمن الذي سيدفعه فيما لو اشتعلت حرب مفتوحة مع «حزب الله»، وأكدوا أن «إسرائيل قادرة على محو بيروت وإعادة لبنان إلى العصور الوسطى، لكن ذلك سيكون له ثمن باهظ. فقد يتمكن (حزب الله) من تدمير أحياء في تل أبيب وحيفا، ويوقع ألوف القتلى».

وقد بدأت أصوات ترتفع محذرة من أن إسرائيل ليست جاهزة لحرب مع «حزب الله»، خصوصاً أن إيران تهدد بالانضمام إليها في حال بلغت عمقاً كبيراً ضد «حزب الله».

مخاطر الحرب ضد «حزب الله»

ونشر معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب دراسة في مطلع الأسبوع خلصت إلى أنه «إذا اندلعت حرب شاملة ضد (حزب الله)، فمن الأفضل لإسرائيل أن تعمل على صياغتها بحيث تكون قصيرة ومحدودة جغرافياً قدر الإمكان، وذلك بهدف إلحاق أضرار مادية ومعنوية أقل بالجبهة الداخلية الإسرائيلية. وفي كل الأحوال، المطلوب تنسيق كبير للتوقعات مع الجمهور فيما يتعلق بالهدف والإنجاز المطلوب في الحرب، وكذلك المخاطر المتوقعة منها والاستعداد المطلوب لها. ولم يتم حتى الآن اتخاذ أي خطوات لإعداد الجمهور لهذا السيناريو».