الراعي ينتقد سلاح «حزب الله»: لا يمكن العيش على أرض فيها أكثر من دولة وجيش وسلطة

الحزب يحذر خصومه: الغلط لا يمكنه أن يتكرر

الراعي يلقي كلمته في ختام مؤتمر أساقفة الطائفة المارونية (الوكالة الوطنية)
الراعي يلقي كلمته في ختام مؤتمر أساقفة الطائفة المارونية (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي ينتقد سلاح «حزب الله»: لا يمكن العيش على أرض فيها أكثر من دولة وجيش وسلطة

الراعي يلقي كلمته في ختام مؤتمر أساقفة الطائفة المارونية (الوكالة الوطنية)
الراعي يلقي كلمته في ختام مؤتمر أساقفة الطائفة المارونية (الوكالة الوطنية)

طالب البطريرك الماروني بشارة الراعي جميع مكونات البلاد والأحزاب، بالانتظام تحت لواء الدولة بشأن استخدام السلاح، مؤكداً أنه «لا يمكن العيش على أرض واحدة فيها أكثر من دولة وجيش وسلطة»، وذلك وسط سجالات بين «حزب الله» وخصومه، عقب حادثة الكحالة التي قُتل فيها شخصان بعد انقلاب شاحنة سلاح عائدة لـ«حزب الله».

ويمثل موقف الراعي، دعماً صريحاً للقوى السياسية التي تدعو لحصر السلاح بالقوى العسكرية والأمنية الرسمية، وإنهاء ظاهرة السلاح الذي يحمله «حزب الله»، في مقابل إصرار من الحزب على الاحتفاظ بسلاحه، ومهاجمة خصومه، واتهام مَن لا يريد المقاومة بأنه «لا يريد اتفاق الطائف» الذي أنهى الحرب اللبنانية في عام 1989.

الشارع الذي انقلبت فيه شاحنة «حزب الله» في منطقة الكحالة (إ.ب.أ)

وكانت شاحنة أسلحة عائدة لـ«حزب الله» انقلبت على طريق بيروت - دمشق الدولية في منطقة الكحالة شرق بيروت، وحاول السكان الكشف على محتوياتها، مما أدى إلى اشتباك مع حامية الشاحنة، أسفر عن مقتل شخصين، أحدهما من الكحالة، والآخر من «حزب الله». واستُتبعت الحادثة بسجالات سياسية عكست انقسامات لبنانية حول سلاح الحزب، بين مطالب بحصر السلاح بالشرعية اللبنانية، ومتمسك بسلاح الحزب.

وتوقف الراعي في عظة الأحد، عند «الحادث المؤسف» في الكحالة، وما سبقه من اختطاف ومقتل قيادي سابق في «القوات اللبنانية»، في بلدة عين إبل جنوب لبنان، قائلاً: «نتألم ونحزن مع أهالي عين إبل على قتل الياس الحصروني (عُثر عليه مقتولاً في عين إبل) الذي كانت مأساته في 2 أغسطس (آب)، وذهبت حقيقتها فيما بعد، ونحزن ونتألم مع أهالي الكحالة لفقدان عزيزهم المناضل فادي بجاني الذي سقط ضحية شاحنة الأسلحة التابعة لـ(حزب الله)، ويؤلمنا أيضاً سقوط ضحية من صفوفه».

وأكد الراعي أنه «لن نخرج عن الدولة، ولن ننزلق إلى العيش دونها والاحتكام إلى غيرها». وطالب «جميع مكونات البلاد والأحزاب بأن ينتظموا تحت لواء الدولة، وعلى الأخص بشأن استخدام السلاح؛ فلا يمكن العيش على أرض واحدة فيها أكثر من دولة وجيش وسلطة». ودعا الراعي إلى «تطبيق (اتفاق الطائف) والابتعاد عن المغامرات في هذا الظرف الإقليمي وانتخاب رئيس».

ومع انتهاء التداعيات الأمنية، وعدّ رئيس مجلس النواب نبيه بري في حديث صحافي الأحد أن «لبنان اجتاز قطوعاً كبيراً إثر هذا الحادث»، فإن مفاعيله في السياسة لا تزال قائمة، حيث صعَّد «حزب الله» من لهجته تجاه خصومه، متهماً إياهم بأنهم «لا يريدون مقاومة في هذا البلد ولا حتى شيئاً بسيطاً من أثرها»، حسبما قال رئيس كتلة الحزب البرلمانية النائب محمد رعد، الذي رأى أيضاً أن «حادثة الكحالة كانت بسبب التحريض والحقد الذي ينفثه الآخرون».

صورة تداولتها مواقع على الإنترنت لشاحنة «حزب الله» المقلوبة

وقال رعد في تصريح: «لا نقاتل من أجل منصب ولا من أجل موقع سلطة، وبشهادة خصومنا نتنازل في السلطة عن كل ما يعطل عملنا في المقاومة، وهذا هو الثبات على الحق. ولأن المقاومة بهذا المستوى من الجهوزية في الدفاع عن الوطن، يأتي حلفاء إسرائيل ويشغلون بعض الأغبياء عندنا في البلد، ليحرضوا ضد المقاومة؛ فهؤلاء قاصرو النظر، وعلينا أن نتحملهم لأنهم أهل بلدنا، ولكن عليهم أن ينتبهوا أن الغلط لا يمكنه أن يتكرر، ولا تجعلونا نفكر أبعد من أنكم قاصرو النظر، وأنكم تريدون أن تخرجوا من التزاماتكم بـ(اتفاق الطائف)»، وتابع: «مَن لا يريد المقاومة، فهذا يعني أنه لا يريد (اتفاق الطائف)، وبالتالي عليكم أن تنتبهوا إلى أين تأخذون وتجرون البلد».

وفي مقابل تصعيد رعد، رأى رئيس «المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان» النائب السابق فارس سعيد أن «احترام (حزب الله) لاتفاقاته مع الجيش الإسرائيلي في تحديد قواعد الاشتباك أكبر من احترام اتفاقاته لتثبيت السلم الأهلي مع الجيش اللبناني في الداخل جنوب الليطاني، خصوصاً في شمال الليطاني حيث يحرج الجيش من خلال سلوكه المستفز للقانون والدستور».

واعتبر سعيد أن «الكلام عن الخروج من الصيغة اللبنانية، هو نتيجة سلوك (حزب الله) الذي أفسد العيش المشترك، من خلال نسف ركائز العيش معاً: الحرية والعدالة، ومع ذلك لا حلَّ إلا في تكوين نصاب سياسي وطني لمواجهته»، مشيراً إلى أن «المعارضة من مربع طائفي تفيد حزب الله».


مقالات ذات صلة

خطاب القسم لرئيس لبنان الجديد: حياد إيجابي... وحق الدولة باحتكار السلاح

المشرق العربي الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون يسير أمام حرس الشرف بعد أدائه اليمين الدستورية في البرلمان اللبناني (رويترز) play-circle 01:32

خطاب القسم لرئيس لبنان الجديد: حياد إيجابي... وحق الدولة باحتكار السلاح

تعهّد الرئيس اللبناني جوزيف عون بأن تبدأ مع انتخابه «مرحلة جديدة من تاريخ لبنان»، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للبنان

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحد أفراد قوات حفظ السلام الإسبانية التابعة لـ«اليونيفيل» يقف أمام أنقاض المباني المدمرة في قرية برج الملوك بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تفجيرات إسرائيلية تستهدف بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان

نفذت القوات الإسرائيلية عصر اليوم (الأربعاء) تفجيرات في بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان، عقب توغل قوة إسرائيلية باتجاه الأحراج الواقعة بين بلدتي عيتا الشعب ودبل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدستور اللبناني لا يفرض على المرشحين لرئاسة الجمهورية تقديم ترشيح رسمي (رويترز) play-circle 02:13

بعد أكثر من عامين على الشغور... جلسة برلمانية الخميس لانتخاب رئيس لبناني

يجتمع مجلس النواب اللبناني الخميس لاختيار رئيس جديد للجمهورية بعد أكثر من عامين على شغور المنصب وحرب مدمّرة أضعفت لاعبا أساسيا هو «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

2025... عام ملء الفراغات؟

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم... فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات أو خلق بعضها؟

المحلل العسكري (لندن)
شؤون إقليمية صورة لحسن نصر الله أمام أنقاض مبنى دمّره الطيران الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

إسرائيل تكشف تفاصيل جديدة عن اغتيال نصر الله

سمحت الرقابة العسكرية في إسرائيل بنشر معلومات جديدة عن عملية اغتيال الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله.

«الشرق الأوسط» (تل ابيب)

جوزيف عون: سأعمل على أن يكون حق حمل السلاح مقتصراً على الدولة

TT

جوزيف عون: سأعمل على أن يكون حق حمل السلاح مقتصراً على الدولة

الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون يسير امام حرس الشرف عقب انتخابه رئيساً في البرلمان (رويترز)
الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون يسير امام حرس الشرف عقب انتخابه رئيساً في البرلمان (رويترز)

أعلن الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون، اليوم (الخميس)، بدء «مرحلة جديدة» في تاريخ البلاد، داعياً إلى «تغيير الأداء السياسي»، وإلى بناء وطن يكون الجميع فيه «تحت سقف القانون والقضاء».

وشدد عون في خطاب القسم الذي تلى أداءه اليمين الدستورية في مقر البرلمان، أنه سيعمل على أن يكون حق حمل السلاح مقتصراً على الدولة.

قال عون: «عهدي إلى اللبنانيين أينما كانوا، وليسمع العالم كله، اليوم تبدأ مرحلة جديدة من تاريخ لبنان»، مضيفاً: «سأكون الخادم الأول للحفاظ على الميثاق ووثيقة الوفاق الوطني، وأن أمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة حكماً عادلاً بين المؤسسات».

وأكد الرئيس اللبناني المنتخب العمل على ضبط الحدود وتثبيتها جنوباً وترسيمها شرقاً وشمالاً ومحاربة الإرهاب وتطبيق القرارات الدولية ومنع الاعتداءات الإسرائيلية.

وأكّد الرئيس عون أنه سيعمل على بناء أفضل العلاقات مع الدول العربية، وأنه لدى لبنان فرصة تاريخية لإعادة العلاقات مع سوريا.

وقال عون، في خطاب القسم: «شرفني السادة النواب بانتخابي رئيساً، وهو أعظم وسام أناله»، لافتاً إلى أن «لبنان هو من عمر التاريخ وصفتنا الشجاعة وقوتنا التأقلم ومهما اختلفنا فإننا عند الشدة نحضن بعضنا بعضاً، وإذا انكسر أحدنا فنكون انكسرنا جميعاً».

الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون لدى وصوله إلى مبنى البرلمان في بيروت بُعيد انتخابه رئيساً للجمهورية 9 يناير 2025 (رويترز)

وشدد عون على أنه «إذا أردنا أن نبني وطناً فإنه علينا أن نكون جميعاً تحت سقف القانون والقضاء»، مؤكداً أن «التدخل في القضاء ممنوع ولا حصانات لمجرم أو فاسد ولا وجود للمافيات ولتهريب المخدرات وتبييض الأموال».

ولفت عون إلى أن «عهدي هو التعاون مع الحكومة الجديدة لإقرار مشروع قانون استقلالية القضاء، وأن أطعن بأي قانون يخالف الدستور، وعهدي هو الدعوة لإجراء استشارات نيابية بأسرع وقت لاختيار رئيس حكومة يكون شريكاً وليس خصماً»، مشيراً إلى إجراء «المداورة في وظائف الفئة الأولى ضمن الدولة كما سنقوم بإعادة هيكلة الإدارة العامة، كما سأعمل على تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح». وأكد عون أنه «سيسهر على تفعيل عمل القوى الأمنية بصفتها أداة أساسية لحفظ الأمن وتطبيق القوانين كما سنناقش استراتيجية دفاعية كاملة على المستويات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بما يُمكّن الدولة اللبنانية من إزالة الاحتلال الإسرائيلي وردع عدوانه».

الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون يسير بعد انتخابه نحو مبنى البرلمان في بيروت 9 يناير 2025 (رويترز)

وقال عون إن «عهدي أن نعيد ما دمره العدو الإسرائيلي في الجنوب والضاحية والبقاع وفي كل أنحاء لبنان، وشهداؤنا هم روح عزيمتنا وأسرانا هم أمانة في أعناقنا»، عادّاً أنه «آن الأوان لنراهن على استثمار لبنان في علاقاتنا الخارجية لا أن نراهن على الخارج للاستقواء على بعضنا بعضاً».

وأضاف عون: «نرفض التوطين للفلسطينيين ونؤكد عزمنا لتولي أمن المخيمات، وسنمارس سياسة الحياد الإيجابي ولن نصدر للدول إلا أفضل المنتوجات والصناعات ونستقطب السياح».

ودعا إلى «بدء حوار جدي وندي مع الدولة السورية لمناقشة كل العلاقات والملفات العالقة بيننا لاسيما ملف المفقودين والنازحين السوريين».

وتابع: «متمسكون بالاقتصاد الحر ونحتاج إلى مصارف لا يكون الحاكم فيها إلا القانون، ولن أتهاون في حماية أموال المودعين، وعهدي أن أدفع مع الحكومة المقبلة لتطوير قوانين الانتخابات، وسأعمل على إقرار مشروع قانون اللامركزية الإدارية الموسعة».