تركيا ترد رسمياً على الأسد: قواتنا لن تغادر سوريا قبل ضمان أمن حدودنا

تعزيزات عسكرية جديدة في إدلب واستمرار التصعيد ضد «قسد»

جندي تركي يراقب الحدود مع سوريا (وزارة الدفاع التركية)
جندي تركي يراقب الحدود مع سوريا (وزارة الدفاع التركية)
TT

تركيا ترد رسمياً على الأسد: قواتنا لن تغادر سوريا قبل ضمان أمن حدودنا

جندي تركي يراقب الحدود مع سوريا (وزارة الدفاع التركية)
جندي تركي يراقب الحدود مع سوريا (وزارة الدفاع التركية)

أكد وزير الدفاع التركي، يشار غولر، أنه لا يمكن تصور أن تغادر القوات التركية سوريا دون ضمان أمن حدود البلاد وشعبها.

وفي أول رد فعل رسمي تركي على تصريحات للرئيس السوري بشار الأسد، أدلى بها منذ أيام وكرر فيها مطالبته بانسحاب «قوات الاحتلال التركي» من الأراضي السورية، قال غولر: «لا يمكن تصور انسحاب قواتنا قبل ضمان أمن حدودنا وشعبنا، وأعتقد أن الرئيس السوري سيتصرف بعقلانية أكثر في هذا الموضوع».

وشدد الوزير التركي، في مقابلة تلفزيونية ليل السبت – الأحد، على أن بلاده ترغب في إحلال السلام في سوريا، لافتاً إلى أن «صياغة دستور جديد لسوريا واعتماده، أهم مرحلة لإحلال السلام هناك».

وأكد غولر، الذي تعدّ هذه أولى تصريحاته منذ توليه منصب وزير الدفاع في حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان الجديدة في يونيو (حزيران) الماضي، أن إردوغان «يبذل جهوداً حثيثة صادقة في سبيل إحلال السلام في سورياً»، مضيفاً: «تركيا تريد السلام بصدق، لكن لدينا ما نعدّه نقاطاً حساسة، فلا يمكن تصور أن نغادر سوريا دون ضمان أمن حدودنا وشعبنا، وأعتقد أن الرئيس السوري سيتصرف بعقلانية أكثر في هذا الموضوع».

وزير الدفاع التركي خلال مقابلة مع قناة «إيه خبر» القريبة من الحكومة (وزارة الدفاع التركية)

وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد أكد، في مقابلة تليفزيونية، الخميس، أنه لن يلتقي الرئيس إردوغان بشروطه، وأن «الإرهاب في سوريا صناعة تركية»، وأن الدول التي خلقت الفوضى في سوريا هي التي تتحمل مسؤولية تجارة المخدرات، وأن التحدي الأبرز أمام عودة اللاجئين هو البنية التحتية التي دمّرها الإرهاب.

وقبل هذه التصريحات، صدرت رسائل جديدة عن أنقرة، تؤكد أن مناقشة مسألة الانسحاب في الوقت الراهن « خط أحمر». كما أكد مجلس الأمن القومي التركي في اجتماعه برئاسة إردوغان، الخميس، أن تركيا ستواصل، بحزم، عملياتها لمكافحة الإرهاب داخل وخارج الحدود.

في السياق ذاته، نقلت وسائل إعلام كردية، الأحد، عن الرئيس المشارك لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي»، أكبر أحزاب «الإدارة الذاتية» الكردية في سوريا، صالح مسلم، أن حكومة دمشق لا تملك أي قوّة أو قدرة لاتخاذ قرار بشأن إخراج القوات التركية من الأراضي السورية.

وأضاف أن دمشق غير قادرة على التحّكم بمفردها، أو اتخاذ أي خطوات من تلقاء نفسها، في مسألة وجود القوات التركية بسوريا، عادّاً أن القوى المهيمنة على سوريا تتصارع في ما بينها ولم تتفق بعد على خروج تركيا من الأراضي السورية، ولا تهتم بذلك الأمر.

ولفت مسلم إلى أن إيران لها مصالح مع تركيا، ولهذا فهي الآن لا تؤيّد خروج تركيا، وروسيا تريد تنفيذ خططها مع تركيا، والتحالف الدولي لا يريد إثارة استياء حليفته في «حلف شمال الأطلسي (ناتو)».

وأوضح أن تلك القوى «لا توافق على ما تقوله تركيا، لكنهم لا يكفون عن عقد الاجتماعات معها أيضاً»، وأنهم اتخذوا خلال اجتماع أستانا الأخير في يونيو (حزيران) الماضي، قرارات ضد «الإدارة الذاتية».

صالح مسلم رئيس «حزب الاتحاد الديمقراطي»

وسبق أن كشف مسلم عن أن التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، أبلغ «الإدارة الذاتية»، بأنه لا يوجد ما يمكنه القيام به لوقف الهجمات التركية على مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا.

وعبرت «الإدارة الذاتية» التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، مراراً، عن استنكارها؛ إزاء «صمت» حلفائها في قوات التحالف الدولي والأطراف الضامنة (روسيا والولايات المتحدة) لوقف إطلاق النار (في عملية «نبع السلام» العسكرية التركية في أكتوبر/ تشرين الأول 2019)، أمام استمرار الهجمات التركية على شمال شرقي سوريا.

وتشهد مناطق سيطرة «قسد» ضربات، شبه يومية، بالطيران المسيّر التركي المسلح، تستهدف قياداتها وتسببت خلال الأسابيع الماضية في مقتل كثير منهم، في وقت تتواصل فيه عمليات القصف والاستهداف المدفعي لمواقع «قسد» على محاور عدة في عين العرب وريف منبج وشمال حلب.

وقصفت القوات التركية وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لها، المتمركزة في منطقة «نبع السلام» شمال شرقي سوريا، الأحد، بالمدفعية الثقيلة، 5 قرى ضمن مناطق سيطرة «قسد»، حيث تركز القصف على قرى أم الكيف والقاسمية والبنجة والبوبي ودادا عبدال بريفي تل تمر وأبو راسين شمال غربي الحسكة، ما أدى إلى تدمير أجزاء من منازل للمدنيين، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

كما استهدفت مسيرة تركية حاجزاً عسكرياً لـ«مجلس منبج العسكري» التابع لـ«قسد» في قرية توخار في منبج بريف حلب الشرقي، كما تعرضت 3 نقاط عسكرية للجيش السوري قرب القرية لاستهداف مسيّرة تركية، وسط معلومات عن سقوط عدد من الإصابات.

أرشيفية لتدريبات مشتركة بين «قسد» و«التحالف الدولي» ضد «داعش» في ريف الحسكة (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية جديدة ضمن رتل ضم نحو 20 مدرعة محملة بتعزيزات عسكرية ولوجيستية، دخل عبر معبر «كفرلوسين» الحدودي واتجه نحو النقاط التركية في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي في شمال غربي سوريا.

جاء ذلك استمراراً لتعزيز نقاط ومواقع عسكرية من قبل القوات التركية في شمال غربي سوريا، حيث أشار «المرصد السوري»، بتاريخ 7 أغسطس (آب) الحالي، إلى استقدام القوات التركية تعزيزات عسكرية جديدة إلى مناطق نفوذها في شمال غربي سوريا.

وتأتي التعزيزات التركية بالتزامن مع التصعيد العسكري بين القوات السورية والروسية من جانب، وفصائل المعارضة السورية من جانب آخر، وذلك بعد أن أعادت أيضاً توزيع وتمركز نقاطها بمنطقة خفض التصعيد في إدلب.


مقالات ذات صلة

إردوغان: أحبطنا محاولة تطويقنا من حدود سوريا... ومتمسكون بـ«الحزام الأمني»

شؤون إقليمية الرئيس التركي متحدثاً الأحد في فعالية بمناسبة ذكرى وفاة أتاتورك (الرئاسة التركية)

إردوغان: أحبطنا محاولة تطويقنا من حدود سوريا... ومتمسكون بـ«الحزام الأمني»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن بلاده ستكمل في الفترة المقبلة الحلقات الناقصة من «الحزام الأمني» على حدودها الجنوبية مع سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة جماعية لقادة «الناتو» بقمة واتفورد في 4 ديسمبر 2019 (أ.ب)

إردوغان متفائل بولاية ترمب الثانية ويعوِّل على «دبلوماسية الهاتف»

تبدي تركيا تفاؤلاً حيال عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، فالعلاقات في عهد إدارة الرئيس جو بايدن لم تكن بأفضل حال.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي نساء من عائلات «داعش» في مخيم الهول (الشرق الأوسط)

مخيم «الهول» في شمال شرقي سوريا يفضح أسرار «داعش»

يشكّل مخيم «الهول» شرق سوريا بؤرة خطرة للغاية لأن غالبية قاطنيه من عوائل وأسر مقاتلي «داعش».

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية جولة سابقة لاجتماعات آستانة في كازاخستان (أرشيفية)

اجتماعات تركية - روسية للتهدئة بمنطقة «بوتين - إردوغان»

عقد الجانبان التركي والروسي اجتماعاً في إدلب قبل أيام من الجولة 22 لمسار آستانة للحل السياسي في سوريا، التي من المقرر أن تعقد الاثنين في عاصمة كازاخستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متحدثاً خلال فاعلية في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)

إردوغان طلب من ترمب وقف الدعم الأميركي لأكراد سوريا

كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن أنه طلب من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب وقف الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب الكردية» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

فنانون لبنانيون يكافحون الحرب ويواصلون الإبداع

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

فنانون لبنانيون يكافحون الحرب ويواصلون الإبداع

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

بينما تشنّ إسرائيل هجوماً عسكرياً دامياً على وطنه لبنان في حربها مع «حزب الله»، تساءل الفنان شربل صموئيل عون عن دور الفن ومكانته في بلد يجتاحه الصراع.

وقال عون، وهو رسام ونحات يمزج بين فنون متعددة ويبلغ من العمر 45 عاماً: «الفن هل بيظل إله محل في هيك أزمة؟»، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يحمل قطعة فنية غير مكتملة بورشته في بلدة الفنار - لبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

وتاريخياً، لعب لبنان دوراً محورياً في المشهد الفني بالعالم العربي وكان بمثابة مركز نابض بالحياة للفنون البصرية والموسيقى والمسرح ويمزج بين المؤثرات التقليدية والمعاصرة.

والآن يعبّر الفنانون اللبنانيون في أعمالهم عن الإحباط واليأس الذي يشعرون به منذ الهجوم الإسرائيلي على وطنهم قبل عام والذي أسفر عن مقتل أكثر من 3200 شخص، معظمهم منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتعكس أعمال عون بشكل مباشر الأزمات المتتالية التي يمر بها لبنان. فقد بدأ في عام 2013 جمع التراب من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان لرسم سلسلة من اللوحات متعددة الطبقات قبل أن ينتقل إلى استكشاف وسائل أخرى.

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يعمل على قطعة فنية باستخدام الغبار المخلوط بالراتنج في بلدة الفنار - لبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

ويقول الفنان عون إن الظلام واليأس الناجمين عن الحرب والركام الذي خلَّفته حملة القصف الإسرائيلي المكثفة في جنوب لبنان وشرقه والضاحية الجنوبية لبيروت أحييا رغبته في العمل بالتراب.

وقال: «يا بتوقفي كل شيء، يا إنه بالشيء إللي باقيلك فيه معنى شوي بتكفي».

وتم إلغاء معرضين له بسبب الحرب. وبينما كان يعيش في السابق على الدخل الذي يجنيه من فنه، يعتمد الآن على بيع العسل من منحل أسسه في البداية مشروعاً لصنع أعمال فنية من شمع العسل.

وقال: «لم يعد بإمكاني الاعتماد على سوق الفن».

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يرتدي بدلة تربية النحل أثناء حضوره مقابلة مع وكالة «رويترز» في بلدة الفنار بلبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

وأُغلقت صالات العرض في مختلف أنحاء بيروت خلال الأشهر القليلة الماضية، وقال أصحابها لوكالة «رويترز» إنه لا يوجد طلب على شراء الأعمال الفنية في هذا التوقيت. ونقل متحف سرسق الشهير في لبنان، وهو متحف للفن الحديث، معروضاته إلى مخزن تحت الأرض.

المغنية والموسيقية اللبنانية جوي فياض تحمل غيتارها بالاستوديو الخاص بها في مزرعة يشوع - لبنان 6 نوفمبر 2024 (رويترز)

وعانت المغنية والموسيقية اللبنانية جوي فياض من التأثير النفسي للصراع الذي جعل من الصعب عليها أداء عروضها منذ أشهر عدة.

وقالت: «هذا الشيء عمل شوي (حدودا) للإبداع تبعي، وبالتالي (انغلقت) شوي على حالي، ما بقى فيني أعطي غيري ولا أعطي حالي كمان».

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

ووجهت طاقتها في المقابل إلى كتابة الأغاني. وعادت مجدداً لتأدية عروض في الفترة الماضية بالغناء للأطفال النازحين واللاجئين في لبنان خلال حفل خيري أقيم في شمال بيروت.

وأضافت: «بتخيل أحلى شعور كان برجع أحسه بعد فترة طويلة إني أشوفهم كلهم مبسوطين... وعم بيغيروا جو وينبسطوا من بعد فترة صعبة أكيد»، خصوصاً لمن اعتادوا على سماع صوت القصف بدلاً من الموسيقى.