ليبيا مستعدّة للتعاون مع لبنان لجلاء مصير الصدر ورفيقيه

اشترطت تقديم معلومات مقابل تحرير هانيبال القذافي

صورة تعود لعام 2009 لهانيبال القذافي وهو يشارك في طرابلس في عرض بمناسبة الذكرى الأربعين لقيام نظام والده معمر القذافي (غيتي)
صورة تعود لعام 2009 لهانيبال القذافي وهو يشارك في طرابلس في عرض بمناسبة الذكرى الأربعين لقيام نظام والده معمر القذافي (غيتي)
TT

ليبيا مستعدّة للتعاون مع لبنان لجلاء مصير الصدر ورفيقيه

صورة تعود لعام 2009 لهانيبال القذافي وهو يشارك في طرابلس في عرض بمناسبة الذكرى الأربعين لقيام نظام والده معمر القذافي (غيتي)
صورة تعود لعام 2009 لهانيبال القذافي وهو يشارك في طرابلس في عرض بمناسبة الذكرى الأربعين لقيام نظام والده معمر القذافي (غيتي)

تسلّم النائب العام التمييزي في لبنان، القاضي غسان عويدات، كتاباً من المدعي العام الليبي المستشار الصديق الصور، يستفسر فيه الأخير عن الدوافع القانونية للاستمرار بتوقيف هانيبال القذافي المعتقل في لبنان منذ عام 2015، وبيان المعونة القضائية التي يحتاجها لبنان من الجانب الليبي، في ملف خطف وإخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين.

ويبدو أن التعاون الليبي مشروط بمراعاة مقتضيات القانون المحلّي.

وقال مصدر قضائي لبناني إن «المذكرة الليبية طلبت تزويدها بالاتهامات المنسوبة إلى مسؤولين ليبيين سبق للقضاء اللبناني أن أصدر مذكرات توقيف غيابية بحقهم، واتهمهم بالتورّط في جريمة خطف وإخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه على الأراضي الليبية عام 1978، وتمكين النيابة العامة في ليبيا من استجوابهم وتزويد لبنان بنتائج الاستجواب».

وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن عويدات «أحال الكتاب على المحقق العدلي في هذا الملفّ القاضي زاهر حمادة، للاطلاع عليه وتقديم الأجوبة لتزويد الجانب الليبي بها». وأوضح أن القاضي حمادة «بدأ دراسة الرسالة الليبية كونه المعني بالملف، وهو بصدد تحضير تقرير يفند فيه الاتهامات الموجهة إلى هانيبال القذافي، والمعطيات المتوافرة بحقه حول التهم المسندة إليه في ملف الصدر، التي أدت بالتالي إلى الاحتفاظ به موقوفاً منذ عام 2015 حتى الآن».

ويتهم القضاء اللبناني هانيبال القذافي بـ«كتم معلومات تتعلق بمصير الصدر ورفيقيه، بالإضافة إلى علاقته المباشرة في الجريمة، لكونه كان مسؤولاً عن السجون السياسية في السنوات الأخيرة من حكم والده معمر القذافي». وتمثّل الخطوة الليبية تطوراً إيجابياً، فهي المرّة الأولى التي يستجيب فيها المدعي العام الليبي للتعاون مع القضاء اللبناني في ملفّ يشكّل أولوية لأكثرية اللبنانيين. وأوضح مصدر متابع لهذا الملفّ لـ«الشرق الأوسط» أن «الإيجابية التي أبداها الجانب الليبي جاءت نتيجة إخفاق كلّ الضغوط التي مورست على لبنان من أجل إطلاق سراح هانيبال القذافي الموقوف منذ 8 سنوات في السجن التابع لشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي»، مشيراً إلى أن المدعي العام الليبي «عرض مساعدة مقابل الإفراج عن القذافي الابن وتمكينه من مغادرة لبنان، إما إلى ليبيا أو أي بلد آخر يختاره الموقوف، بما فيها سوريا التي كان مقيماً فيها كلاجئ إثر سقوط حكم والده، وهذه المساعدة توفّر للبنان معلومات عن كلّ الشخصيات الليبية المتهمة بقضية الصدر».

وتعترف الرسالة القضائية الليبية التي وردت إلى القاضي عويدات، وتسلّم نسخة منها رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود والمحقق العدلي في ملفّ الصدر القاضي زاهر حمادة، بما أسمته «التحديات التي تواجه التحقيق اللبناني في واقعة اختفاء الصدر ورفيقيه». وأكدت الرسالة أن «الإمكانات متوفرة لتجاوز هذه التحديات عبر إجراء تعاون قضائي بين النيابات العامة في البلدين، حتى إذا استدعى الأمر طلب مساعدة قانونية دولية فلا مانع».

واللافت أن الجانب الليبي «يلتمس موافقة القضاء اللبناني لتمكين النيابة العامة الليبية من الاستماع إلى أقوال هانيبال القذافي، ومناقشته في المعلومات التي أدلى بها والوقوف على المعلومات التي كتمها، ثم موافاة الجهات اللبنانية بالنتائج فور إنجاز الإجراء». وقال المصدر القضائي اللبناني: «إن الطلب الليبي غير واضح بشأن ما إذا كان الاستماع إلى هانيبال سيحصل في لبنان أو بالخارج». وأفاد المصدر بأن «الإيجابية الليبية لا تعني تسليم المطلوبين الليبيين من أركان نظام معمر القذافي، باعتبار أن قواعد قانون الإجراءات الجنائية الليبي تحظر تسليم الليبي الذي اتهم في الخارج بارتكاب جناية أو جنحة». لكنه لفت إلى «إمكانية اتخاذ الإجراءات القانونية محلياً، وأنه عند تزويد النيابة العامة الليبية بالوقائع المسندة إلى المسؤولين الليبيين المدعى عليهم في القضية يمكن للنيابة العامة الليبية سماع أقوالهم حولها، وموافاة الجهات اللبنانية بالنتائج في أوقات ملائمة».



لبنان يبث التفاؤل حول مفاوضات وقف النار... ومصادر دبلوماسية «تتريث»

شبان يرفعون العلم الفلسطيني في منطقة رأس النبع في بيروت حيث استُهدف مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف (رويترز)
شبان يرفعون العلم الفلسطيني في منطقة رأس النبع في بيروت حيث استُهدف مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف (رويترز)
TT

لبنان يبث التفاؤل حول مفاوضات وقف النار... ومصادر دبلوماسية «تتريث»

شبان يرفعون العلم الفلسطيني في منطقة رأس النبع في بيروت حيث استُهدف مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف (رويترز)
شبان يرفعون العلم الفلسطيني في منطقة رأس النبع في بيروت حيث استُهدف مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف (رويترز)

واصلت القوى السياسية اللبنانية بث جرعات من التفاؤل فيما يتعلق بتقدم مفاوضات وقف الحرب الإسرائيلية عليه، والتي تقودها الولايات المتحدة الأميركية، بعد مسودة اتفاق عرضتها واشنطن على المفاوضين اللبنانيين، وتنتظر إجابات حولها، تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثانية مع الجانب الإسرائيلي.

وقالت مصادر لبنانية مواكبة لمسار المفاوضات لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي ومساعديه، بقوا على اتصال دائم بالمفاوض الأميركي آموس هوكستين وفريق عمله للوصول إلى خلاصات تتم بموجبها صياغة المسودة النهائية التي ستقدم للجانب الإسرائيلي، مشيرة إلى أن الرد اللبناني «لن يكون سلبياً، وإن كان سيتضمن مجموعة من الملاحظات». وأكدت المصادر أن هوكستين قد يكون في بيروت الثلاثاء «إن تم تذليل بعض الخلافات في النص المقترح».

دعوة للتريث

غير أن مصادر دبلوماسية متابعة للملف، دعت إلى «التريث في التفاؤل المفرط»، مشيرة إلى أن إنجاز الشق اللبناني ـ الأميركي من الاتفاق «لن ينسحب تلقائياً على الموقف الإسرائيلي المتشدد حتى الآن»، مبديةً «مخاوف جدية من رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمشروع في نهاية المطاف»، انطلاقاً مما يتردد عن رغبة إسرائيلية باستغلال الفترة المتبقية من عمر الإدارة الأميركية الحالية في استكمال عملية تدمير مقدرات «حزب الله» وإضعافه.

تنافس غير معلن

وتحدثت المصادر عن «تنافس أميركي ـ فرنسي غير معلن في زمن المفاوضات، مع طلب واشنطن ترؤس اللجنة المقترحة لمراقبة تنفيذ القرار (1701)، والذي تُرجم بتحرك القوة الفرنسية العاملة في قوة الطوارئ الدولية بجنوب لبنان، واصطدامها بوحدات من (حزب الله)، كتأكيد فرنسي على قدرة الصيغة الحالية على تنفيذ هذا القرار».

في المواقف، أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن الحكومة «ماضية في العمل مع كل أصدقاء لبنان والدول الفاعلة والمقررة ومع الشرعية الدولية لتنفيذ القرار الدولي رقم (1701)، وبسط سلطة الجيش على كل الأراضي اللبنانية»، معبراً عن أمله في أن تسفر الاتصالات الجارية عن وقف لإطلاق النار تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثانية المرتبطة بتنفيذ القرار «1701».

وأكد ميقاتي أن «شهداء الجيش اللبناني الذين قدموا أرواحهم دفاعاً عن أرض الوطن هم أمانة في ضمير كل لبناني مخلص، وعلينا جميعاً التعاون كي لا تذهب تضحياتهم سدى، من خلال العمل أولاً على وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وتمكين الجيش من القيام بكل المهام المطلوبة منه، لبسط سلطة الدولة وحدها على كل الأراضي اللبنانية».

مواقف متناقضة

وتتضارب الآراء في لبنان حول إمكانية نجاح المفاوضات الجارية لوقف إطلاق النار؛ إذ إنه بينما استبعد عضو كتلة حزب «القوات اللبنانية» النائب غسان حاصباني إحداث خرق في المباحثات الجارية، قال النائب قاسم هاشم عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه برّي، إن «الأمور في خواتيمها».

وقال حاصباني في حديث إذاعي: «أي مبادرة الآن من الصّعب أن تلاقي تجاوباً ونجاحاً؛ لجملة اعتبارات؛ فاللاعبون الأساسيون ليسوا على استعداد لتلقفها، والقرار ليس بيد لبنان ولا (حزب الله)».

ورأى أنّ «إسرائيل بعد الدّخول في الحرب لن تتراجع إلّا بالحصول على ضمانات تتخطّى القرار (1701)، من شأنها منع اندلاع أيّ حرب مستقبلية مع لبنان من جديد، في حين أن إيران تريد إطالة أمد الحرب في لبنان وإبعاد كأس المواجهة المباشرة عنها، بانتظار تسلّم الإدارة الأميركية الجديدة».

ونبّه حاصباني إلى أنّ الدّول الصّديقة لن تقدّم التّمويل أو المساعدة للبنان لإعادة الإعمار والنّهوض إلى حين تطبيق القرارات الدّولية كافّة، وسحب السّلاح وحصره بيد الدّولة اللبنانية، داعياً إلى «عدم انتظار وقف النار، والذهاب فوراً إلى انتخاب رئيس للجمهورية، يتسلم المفاوضات ويبدأ بورشة نهضة البلاد».

جانب من الدمار الذي أصاب أحد المباني بمدينة صور في جنوب لبنان جراء القصف الإسرائيلي (رويترز)

من جهته، رأى هاشم أن «الأجواء الإيجابية التي سادت بعد تسلم لبنان مقترح وقف العدوان والتزام القرار (1701) تتوقف على متابعة الاتصالات؛ لأن الأمور في خواتيمها كما أكد الرئيس نبيه برّي؛ لأننا أمام عدو متفلت، ورئيس حكومته مراوغ ومماطل، والتجربة معه مريرة خلال سنة من حرب غزة».

وأضاف: «ما نراه من ارتفاع التصعيد خلال اليومين الماضيين، وبشكل غير مسبوق، والذي تزامن مع وصول مسودة المقترح، هو محاولة إسرائيلية لتكون الملاحظات اللبنانية تحت النار، وهذا الإجرام لن يستطيع مهما وصلت همجيته أن يبدل من قناعات وثوابت المفاوض اللبناني الذي ينطلق بصلابة، وبما يملك من حكمة وحنكة، لأن يحفظ حقوق لبنان واللبنانيين ويصون سيادته وكرامته».