الموازنة العراقية تدخل حيز التنفيذ بعد قرار المحكمة العليا

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وبجواره شاخەوان عبد الله أحمد نائب رئيس البرلمان خلال مراسم افتتاح المعهد العالي لإعداد القادة الإداريين في بغداد اليوم (البرلمان العراقي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وبجواره شاخەوان عبد الله أحمد نائب رئيس البرلمان خلال مراسم افتتاح المعهد العالي لإعداد القادة الإداريين في بغداد اليوم (البرلمان العراقي)
TT

الموازنة العراقية تدخل حيز التنفيذ بعد قرار المحكمة العليا

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وبجواره شاخەوان عبد الله أحمد نائب رئيس البرلمان خلال مراسم افتتاح المعهد العالي لإعداد القادة الإداريين في بغداد اليوم (البرلمان العراقي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وبجواره شاخەوان عبد الله أحمد نائب رئيس البرلمان خلال مراسم افتتاح المعهد العالي لإعداد القادة الإداريين في بغداد اليوم (البرلمان العراقي)

بعد جدل سياسي وطعون متبادلة استمرت شهوراً بين الحكومة والبرلمان من جهة، وحكومة إقليم كردستان والبرلمان الاتحادي من جهة أخرى، دخلت الموازنة المالية الثلاثية (2023ـ 2024ـ 2025) حيز التنفيذ، الثلاثاء، وذلك بعدما كسب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني المعركة لصالح حكومته بعد صراع طويل.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في البلاد) حسمت، الاثنين، الطعون المقدمة لها، لا سيما تلك المتعلقة بإقليم كردستان.

وبالتزامن مع دخول الموازنة حيز التنفيذ بعد نشرها في جريدة «الوقائع» العراقية، بدأ وفد كردي رفيع المستوى برئاسة السكرتير العام للحزب الديمقراطي الكردستاني فاضل ميراني زيارة إلى بغداد؛ لبحث العلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم بعد حسم طعون الموازنة، على خلاف ما كانت تسعى إليه حكومة الإقليم.

وقال مظهر محمد صالح، المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء، إن «أول شيء إيجابي بدخول قانون الموازنة حيز التنفيذ، هو بدء الإنفاق على المشاريع الاستثمارية في البلاد، ما يشكل نقطة استباقية لنهضة سوق الأعمال والعمل واستقرارهما، ونقطة تفاؤل لبناء توقعات اقتصادية إيجابية على انطلاق التنمية الوطنية التي ستستمر حتى نهاية عام 2025».

وأضاف أنه «وفق الموازنة الثلاثية، بكونها خطة مالية متوسطة الأجل من أجل النهوض باقتصاد البلاد، ولا سيما في الجانب الاستثماري الذي سيسمح لصندوق العراق للتنمية، العمل بفاعلية عالية جداً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتوليد تفاعل خلاق مع القطاع الخاص وسوق العمل»، مبيناً أن «دخول قانون الموازنة حيز التنفيذ سيكون له أثر إيجابي كبير على مجمل الأوضاع الاقتصادية في العراق خلال المرحلة المقبلة».

الموازنة الأكبر

وتعد الموازنة المالية الحالية التي تم التصويت عليها من قبل البرلمان العراقي في الثاني عشر من شهر يونيو (حزيران) الماضي، بعد جدل سياسي وبرلماني استمر نحو ستة شهور من تاريخ تقديمها أواخر العام الماضي 2022 إلى البرلمان، هي الأضخم في تاريخ البلاد. كما أنه ولأول مرة تقدم حكومة عراقية منذ تأسيس الدولة العراقية أوائل القرن الماضي موازنة مالية لثلاث سنوات، حيث كان من المعتاد أن تقدم الحكومة، خاصة بعد عام 2003، إلى البرلمان موازنة سنوية.

وعكست جلسات إقرار الموازنة عمق الخلافات السياسية بين مختلف الأطراف في البلاد. ففي الوقت الذي خاض فيه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني صراعاً مع اللجنة المالية في البرلمان التي أضافت العديد من الفقرات إلى مشروع قانون الموازنة، فإن الخلاف الآخر كان مع إقليم كردستان الذي رفض التصويت على المواد التي عدها ضارة بالإقليم.

وبينما قدم السوداني طعناً بالمواد التي أضافتها اللجنة المالية من منطلق ليس من حق البرلمان إضافة مواد، إنما إعادة الموازنة إلى الحكومة لتعديلها، وهو ما أقرته المحكمة الاتحادية العليا، فإنها ردت الطعون التي تقدمت بها حكومة الإقليم بوصفها طعوناً غير قانونية.

وكانت الخلافات مع الإقليم تركزت حول الفقرات المتعلقة بالإيرادات النفطية للإقليم، وتوزيع رواتب الموظفين في الإقليم.

وبالإضافة إلى كون البرلمان صوّت لصالح استمرار الموازنة لثلاث سنوات، وهو ما يعطي الحكومة فسحة كاملة من الوقت لتنفيذ المشاريع المدرجة ضمن المنهاج الوزاري، فإن النقطة الأهم التي كسبتها الحكومة هي عدم التأخر خلال السنتين المقبلتين في إقرار الموازنة، ما دام التصويت قد جرى على أصل القانون، بينما ما يتبقى هو فقط الأموال التي تخصص لكل عام المتحصلة من مبيعات النفط والتي لا تزال تشكل أكثر من 95 في المائة، فضلاً عن الإيرادات غير النفطية.

وتبلغ قيمة موازنة العام الحالي 197 تريليوناً و828 مليار دينار عراقي (نحو 152.2 مليار دولار)، بعجز إجمالي بلغ 63 تريليون دينار (48.3 مليار دولار)، بينما لم يتم نشر بنود موازنتي عامي 2023 و2024.

تراجع كردي

وبعد رفض طعونه بالموازنة، فإن الوفد الكردي يواصل محادثاته الآن مع مختلف القوى السياسية لضمان تنفيذ عادل للموازنة، يأخذ بعين الاعتبار حقوق إقليم كردستان.

يذكر أن الزعيم الكردي مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، أعلن بعد إقرار الموازنة خلال يونيو (حزيران) الماضي، أن «ما حدث في الأيام الأخيرة في البرلمان أزال القناع وكشف عن الوجه الحقيقي للأطراف الشوفينية وعدم احترامها للعهود والدستور».

وقال بشتيوان صادق، أحد أعضاء الوفد الكردي الموجود في بغداد حالياً، إن «وفد (الديمقراطي) أكد خلال الاجتماع الحقوق الدستورية لإقليم كردستان، خاصة الموارنة ورواتب الموظفين، وألّا يتم ربطها بأي شيء آخر، خصوصاً أن الإقليم أوفى بكل التزاماته أمام الحكومة الاتحادية».

وأفاد صادق في تصريحات صحافية بأن «اتفاقين سابقين أبرما مع بغداد؛ الأول مع الجهات السياسية المشكّلة لهذه الحكومة، والثاني بين رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني ورئيس وزراء الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني».

وأضاف أن «وفد الحزب الديمقراطي تحدث أيضاً، خلال الاجتماع، مع قادة الإطار التنسيقي عن إيمانه بالحوار والفيدرالية»، مؤكداً أن «الاجتماع كان إيجابياً وستستمر اللقاءات مع القوى الأخرى».


مقالات ذات صلة

بغداد ترفض طلباً كردياً بتأجيل التعداد السكاني في المناطق «المتنازع عليها»

المشرق العربي مركب سياحي في البصرة (أ.ف.ب)

بغداد ترفض طلباً كردياً بتأجيل التعداد السكاني في المناطق «المتنازع عليها»

رفضت الحكومة المركزية في بغداد طلباً لحكومة إقليم كردستان بتأجيل إجراء التعداد السكاني في المناطق «المتنازع عليها» إلى موعد لاحق.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني (إكس)

بارزاني يحدد 4 مبادئ لتشكيل حكومة كردستان

شدد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، على أربعة مبادئ أساسية لتشكيل حكومة إقليم كردستان، أبرزها توحيد الإدارات وقوات «البيشمركة».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي فتاة من أنصار بارزاني تحتفل بفوز «الديمقراطي الكردستاني» في الانتخابات الأخيرة (أ.ف.ب)

تحالف بارزاني - طالباني الأقرب لحكم إقليم كردستان

فتحت نتائج الانتخابات في إقليم كردستان الباب لمفاوضات تشكيل الحكومة بين الحزبين الكرديين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني لكنها لن تكون سهلة أبداً

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي ناخبون كرديون يُدلون بأصواتهم في سادس انتخابات تشريعية بكردستان العراق (أ.ف.ب)

كردستان العراق ينتخب البرلمان السادس

في سادس انتخابات يشهدها إقليم كردستان، صوَّت الناخبون لاختيار ممثليهم في البرلمان، بعد تأجيل وتأخير لموعد الاقتراع منذ العام الماضي.

حمزة مصطفى (بغداد) «الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي ناخبون كرديون يُدلون بأصواتهم في سادس انتخابات تشريعية بكردستان العراق (أ.ف.ب)

كردستان ينتخب البرلمان السادس... ومحاولات لتغيير «ميزان القوى»

في سادس انتخابات يشهدها إقليم كردستان، صوَّت الناخبون الكرد لاختيار ممثليهم بالبرلمان الجديد، بينما تقول أحزاب ناشئة إنها تعمل على تغيير ميزان القوى.

حمزة مصطفى (بغداد) «الشرق الأوسط» (أربيل)

إسرائيل تدفع بـ«خطة الضم»... وتنديد واسع

مستوطنون إسرائيليون في مستوطنة إيفياتار بالضفة الغربية (أ.ب)
مستوطنون إسرائيليون في مستوطنة إيفياتار بالضفة الغربية (أ.ب)
TT

إسرائيل تدفع بـ«خطة الضم»... وتنديد واسع

مستوطنون إسرائيليون في مستوطنة إيفياتار بالضفة الغربية (أ.ب)
مستوطنون إسرائيليون في مستوطنة إيفياتار بالضفة الغربية (أ.ب)

دفعت إسرائيل قدماً بخططها لضم مستوطنات يهودية في الضفة الغربية إلى سيادتها، مراهنة على وجود إدارة جديدة مساندة لها في البيت الأبيض بداية العام المقبل، لكن خططها هذه قوبلت بتنديد عربي ودولي واسع.

وانضم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى وزرائه المنادين بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة. وأفادت هيئة البث الرسمية «كان» بأن نتنياهو قال في محادثات مغلقة في الأيام الأخيرة إنه عندما يتولى الرئيس دونالد ترمب الحكم في يناير (كانون الثاني) المقبل، ينبغي «إعادة مسألة فرض السيادة الإسرائيلية على يهودا والسامرة (الضفة الغربية) إلى جدول الأعمال».

وتستهدف الخطة الإسرائيلية فرض السيادة على مناطق واسعة في الضفة وليست كلها. ويوجد في الضفة نحو 144 مستوطنة رسمية، وأكثر من 100 بؤرة استيطانية، ويعيش فيها نحو 600 ألف مستوطن.

ونددت السلطة الفلسطينية بالمخطط الإسرائيلي بوصفه يكرس الاحتلال ويُفشل حل الدولتين. كما رفضه الاتحاد الأوروبي على لسان منسق شؤون الخارجية، جوزيب بوريل، الذي قال إن ضم الضفة يقوّض أسس الشرعية الدولية. كما صدرت إدانات عربية واسعة عن كثير من الدول العربية.

وعلى الرغم من أن نتنياهو وقادة ائتلافه مغتبطون للتعيينات الجديدة في فريق ترمب، فإن أوساطاً سياسية في تل أبيب تؤكد أن الرسالة الأساسية التي ستسمعها إسرائيل من الإدارة الأميركية المقبلة تحمل مطلباً جازماً بإنهاء الحرب، مشيرة إلى أن ترمب يراهن على أن نتنياهو سيتخذ «قرارات جريئة» أيضاً لتسوية الصراع.