السلطة لاستعادة السيطرة شمال الضفة وعباس يأمر بالتحرك

المسؤولون يتحدثون عن مواجهة «الأجندة» و«الفلتان» وليس «المقاومة»

مسلَّحون من أبناء مخيم بلاطة بنابلس مطلع مايو الماضي (أ.ب)
مسلَّحون من أبناء مخيم بلاطة بنابلس مطلع مايو الماضي (أ.ب)
TT

السلطة لاستعادة السيطرة شمال الضفة وعباس يأمر بالتحرك

مسلَّحون من أبناء مخيم بلاطة بنابلس مطلع مايو الماضي (أ.ب)
مسلَّحون من أبناء مخيم بلاطة بنابلس مطلع مايو الماضي (أ.ب)

تسعى السلطة الفلسطينية لاستعادة السيطرة على مناطق شمال الضفة الغربية، بعد فترة طويلة من العمل المتحفظ هناك، فرضته تعقيدات متعلقة بإسرائيل والمجموعات المسلحة في المخيمات ومناطق مكتظة هناك.

وفي الأسابيع القليلة الماضية، نفّذت السلطة حملة اعتقالات لمسلحين وخاضت اشتباكات مسلحة مع آخرين في جنين ثم نابلس، على خلفيات مختلفة بينها الاعتقالات، ومحاولة فض تجمعات، وإزالة حواجز نصبها مسلحون في أماكن محددة.

وجاء تحرك السلطة بعد أعوام من اتهامات إسرائيلية لها، بأنها «فقدت السيطرة في شمال الضفة الغربية وضعفت»، وتركت الساحة هناك لحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي». وهي اتهامات ردت عليها السلطة بـ«اتهام إسرائيل بإضعافها هناك ومحاولة نشر الفلتان».

غير أن الفلتان الأمني هو السبب الرئيسي الذي حرك السلطة، بعد مخاوف من سيطرة فعلية للمسلحين هناك.

وعلى الرغم من أن المسألة معقدة؛ إذ تعمل الجماعات المسلحة ضد إسرائيل، ويبدو الاشتباك معها خدمة لإسرائيل، لكن السلطة تقول، إنها لا تعتقل أو تشتبك مع أي أحد على خلفية المقاومة أو لأسباب سياسية، «وإنما جنائية ومتعلقة بالفلتان الأمني».

مسؤول كبير يوضح

وقال مسؤول كبير لـ«الشرق الأوسط»: إن «الفلتان الأمني هو أحد أهداف الحكومة الإسرائيلية، ويجب أن نكون واعين لذلك». وأضاف أن «للمقاومين دوراً واحداً هو مقاومة إسرائيل، وليس التدخل في الحياة المجتمعية. لا يجب أن يتدخلوا فهذا من اختصاص السلطة». وتابع: «لا يمكن أن تقوم المجموعات المسلحة بدور السلطة، هذا فلتان. تطبيق القوانين والأنظمة مسؤولية السلطة».

وبحسب المسؤول، لا تستهدف السلطة أي مقاوم واع يعرف دوره جيداً، وإنما الذين يستقوون بالسلاح لفرض سيطرتهم وخلق حالة فلتان.

وكان المسؤول يعقّب على اعتقالات واشتباكات جرت في جنين ونابلس، كذلك، آخرها يوم الأربعاء عند مدخل مخيم بلاطة في نابلس، وهي اشتباكات عززت التصور القائم بأن السلطة بدأت ترفع مستوى وجودها في الشمال.

مسلَّحون يطلقون النار باتجاه قوات الجيش الإسرائيلي في مخيم جنين مطلع يوليو (د.ب.أ)

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمر الأجهزة الأمنية بمنع تحول مخيم بلاطة إلى مخيم جنين ثانٍ.

وقال مسؤول فلسطيني في رام الله لصحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية: إن عباس، طلب من رجاله العمل من أجل زيادة السيطرة على مخيم بلاطة، «قبل أن يتحول إلى مخيم جنين آخر».

ونشرت الصحيفة حول الاشتباكات التي اندلعت في مخيم بلاطة يوم الأربعاء، بعدما تقدمت جرافة تابعة للسلطة من ضمن آليات أخرى لإزالة عوائق وضعها المسلحون على مداخل المخيم.

ويضع المسلحون في مخيمات محددة مثل جنين وبلاطة، ونور شمس في طولكرم، حواجز حديدية وحجرية وأسلاكاً شائكة لتعقيد اقتحام قوات الجيش الإسرائيلي.

وقفة احتجاج في مخيم جنين على اعتقال السلطة الفلسطينية بعض الشباب 17 يوليو (رويترز)

المواجهات في بلاطة جاءت بعد يوم من مواجهات في جنين استخدمت فيها الأجهزة الأمنية الفلسطينية، الرصاص والغاز للمسيل للدموع، بعد أن هاجم مسلحون المقرّ الرئيسي للأجهزة وخرج متظاهرون ضد استمرار اعتقال السلطة لنشطاء.

وتتهم حركتا «الجهاد الإسلامي» و«حماس»، السلطة، باعتقال مسلحين ونشطاء سياسيين، لكن السلطة تقول إن المعتقلين لديها «يواجهون تهماً جنائية وأخرى متعلقة بمهاجمة مقرات السلطة».

وكان عباس رفض طلباً لـ«حماس» وآخر لـ«الجهاد»، بالإفراج عن المعتقلين قبل اجتماع الأمناء العامين في القاهرة الأسبوع الماضي، وهو الاجتماع الذي قاطعته «الجهاد» احتجاجاً على موقف الرئيس.

وارتفع التوتر بين الفصائل والسلطة أثناء الاقتحام الإسرائيلي لمخيم جنين بداية الشهر الماضي، عندما هاجم مسلحون مقار أمنية للسلطة.

مخاوف من فلتان

السيطرة التي يفرضها المسلحون على مناطق محددة في جنين ونابلس، ومهاجمة مقار أمنية أشعل مخاوف السلطة من حالة فوضى وفلتان لا يمكن السيطرة عليهما، وأدخلها في مواجهة علنية وسرية مع حركتي «حماس» و«الجهاد».

واتهم مسؤول أمني كبير حركتي «حماس» و«الجهاد» بالعمل على تدمير السلطة. ونقل موقع «تايمز أوف إسرائيل» عن مصدر مطلع، كلاماً لمسؤول كبير في الأجهزة الأمنية، أن «حماس» و«الجهاد» «يريدان تدمير الضفة الغربية، ولا يريدان أن تكون السلطة الفلسطينية هنا».

الأمن الفلسطيني خلال زيارة الرئيس محمود عباس إلى مخيم جنين في الضفة الغربية 12 يوليو (إ.ب.أ)

وأكد الموقع ما نشرته «يسرائيل هيوم»، أنه في محاولة لعكس الاتجاه بعدما فقدت السلطة الفلسطينية، ببطء، السيطرة الأمنية على مناطق في شمال الضفة الغربية، وجّه عباس قوات الأمن للعمل ضد «حماس» و«الجهاد الإسلامي» هناك.

التحرك الفلسطيني في شمال الضفة جاء بعد أشهر من مقاومة ضغوط إسرائيلية وأميركية، على قاعدة أن عقيدة الأجهزة الأمنية تقوم على «احتواء المسلحين وليس مواجهتهم».

ونجحت السلطة جزئياً في ذلك وأنهت مجموعات مسلحة عبر إقناع أفرادها، بتسليم أنفسهم وتقديم حماية لهم من إسرائيل، لكن ذلك لم يجرِ مع الجميع.


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»: الخلافات «تتصاعد» والتفاؤل «يتراجع»

العالم العربي رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقربائها خلال غارة إسرائيلية على مستشفى ناصر جنوب غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: الخلافات «تتصاعد» والتفاؤل «يتراجع»

تقديرات إسرائيلية جديدة تتحدث عن «تصاعد الخلافات وتراجع التفاؤل» بين أروقة مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وسط محادثات شهدتها القاهرة وأخرى لا تزال تستضيفها الدوحة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية على منطقة غرب خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

مقتل 7 فلسطينيين وإصابة العشرات في غارات إسرائيلية جنوب قطاع غزة

 قتل سبعة فلسطينيين وأصيب العشرات في غارة إسرائيلية على منطقة المواصي غرب خان يونس جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

مساعٍ تتواصل للوسطاء لسد «فجوات» مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي إسماعيل هنية ويحيى السنوار (لقطة من فيديو لـ«كتائب القسام»)

لأول مرة... «القسام» تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، (السبت)، فيديو يُظهِر عدداً من قادتها الراحلين لمصانع ومخارط تصنيع الصواريخ.

أحمد سمير يوسف (القاهرة)
أوروبا البابا فرنسيس يلقي خطاب عيد الميلاد أمام كرادلة كاثوليك في الفاتيكان السبت (د.ب.أ)

بابا الفاتيكان عن غزة: هذه وحشية وليست حرباً

عادة ما يكون بابا الفاتيكان فرنسيس حذراً بشأن الانحياز إلى أي من أطراف الصراعات، لكنه صار في الآونة الأخيرة أكثر صراحةً تجاه حرب إسرائيل على غزة.

«الشرق الأوسط» (مدينة الفاتيكان)

ألمانيا تحذِّر من حرب بين تركيا والأكراد في سوريا

بائع يبيع البالونات في سوق بمدينة منبج شمال سوريا (أ.ف.ب)
بائع يبيع البالونات في سوق بمدينة منبج شمال سوريا (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا تحذِّر من حرب بين تركيا والأكراد في سوريا

بائع يبيع البالونات في سوق بمدينة منبج شمال سوريا (أ.ف.ب)
بائع يبيع البالونات في سوق بمدينة منبج شمال سوريا (أ.ف.ب)

حذَّرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك من نشوب حرب بين تركيا والأكراد في سوريا.

وقالت بيربوك في تصريحات لمحطة «دويتشلاند فونك» الألمانية، اليوم (الاثنين): «هذا بالضبط ما لا ينبغي أن يحدث»، مضيفة أنه لن يكون من المفيد لأحد أن يكون الطرف الثالث الضاحك في الصراع مع الأكراد هو إرهابيو تنظيم «داعش»، مضيفة أن هذا من شأنه أن يشكل تهديداً أمنياً لسوريا وتركيا وأوروبا.

ووفقاً لمصادر كردية، تستعد تركيا والميليشيات المتحالفة معها لهجوم على مدينة كوباني الحدودية شمالي سوريا. ويدور قتال عنيف حول المدينة وفي مناطق شمال سوريا منذ فترة. وفي الماضي، نفَّذت تركيا مراراً عمليات عسكرية ضد «وحدات حماية الشعب الكردية» في شمال سوريا، واحتلَّت مناطق حدودية هناك بدعم من متمردين، وتبرر تصرفاتها بالحرب على «الإرهاب».

وفي المقابل، تعد الميليشيات الكردية شريكاً مهماً للولايات المتحدة في الحرب ضد ميليشيات تنظيم «داعش» في سوريا. وأشارت بيربوك إلى أن الأكراد على وجه الخصوص هم الذين دحروا «داعش».

وأضافت بيربوك أن تركيا «بالطبع» لديها مصالح أمنية مشروعة، موضحة أنها -مثل أي بلد آخر- تريد أن تكون خالية من الإرهاب، مضيفة في المقابل أنه لا ينبغي استغلال ذلك في «طرد الأكراد مرة أخرى، واندلاع العنف مرة أخرى».