أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت «يطلبون الموت» للقاء أحبائهم

المرفأ يعيد إعمار نفسه بنفسه!

إعادة تأهيل أجزاء دمّرها انفجار المرفأ (الشرق الأوسط)
إعادة تأهيل أجزاء دمّرها انفجار المرفأ (الشرق الأوسط)
TT

أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت «يطلبون الموت» للقاء أحبائهم

إعادة تأهيل أجزاء دمّرها انفجار المرفأ (الشرق الأوسط)
إعادة تأهيل أجزاء دمّرها انفجار المرفأ (الشرق الأوسط)

قبل 3 أشهر فقدت ماريا زيتون (38 عاماً)، ابنة منطقة الأشرفية في العاصمة بيروت، والدها إثر أزمة قلبية. عادت من عملها لتجده ملقى على الأرض. نادته فوجدته ميتاً. ماريا كانت قد بدأت تتعايش مع فكرة الموت الذي هزها بقوة في أغسطس (آب) 2020 حين انهار منزلهم المتاخم لمؤسسة كهرباء لبنان والمواجه للمرفأ على رؤوسهم؛ ما أدى إلى وفاة والدتها التي كان تقف قربها، فوراً. هي أصيبت إصابات بالغة ووالدها فقد إحدى عينيه.

خضعت الصبية لعلاج جسدي ونفسي طويل. وهي تقرّ أنها لم تشف بعد خاصة أن جرحها الذي لم يلتئم بعد فُتح من جديد مع موت والدها وتحولها يتيمة الأم والأب ووحيدة من دون أشقاء. هي تعيش اليوم في منزل والديها الذي أعادت إحدى الجمعيات ترميم نصفه. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا أحتاج أصلاً إلى القسم المدمر. فالوحدة قاتلة وأنا بت أعدّ هذا المنزل بمثابة مقبرة. ففيه ماتت أمي وأبي».

ماريا كما كل أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت لا تزال تعول على أن تتحقق العدالة في يوم من الأيام، قائلة: «صحيح أن تحقيق العدالة لا يعيد الميت إلى الحياة، لكنه على الأقل يعطي الميت حقه كما يعطينا نحن كضحايا أصبنا وعانينا ما عانيناه حقنا». وتضيف: «أتمنى شيئين في هذه الحياة. إما أن أذهب للقاء أمي وأبي مجدداً لأن لا شيء أعيش لأجله اليوم أو أن أتمكن من تأسيس عائلة عسى ذلك يخفف قليلاً من أوجاعي».

ميراي خوري والدة الشاب الضحية إلياس خوري في زيارة لروما (الشرق الأوسط)

أوجاع ماريا تماماً كأوجاع ميراي خوري والدة الشاب الضحية إلياس خوري والذي توفي عن عمر ناهز الـ17 عاماً نتيجة إصابات بالغة تعرّض لها جراء انفجار المرفأ أثناء تواجده في غرفته. تقول خوري لـ«الشرق الأوسط»: «الوجع لا يخف مع مرور السنوات. هو إما يبقى كما هو أو يزيد في بعض الأحيان». تخون ميراي دموعها قبل أن تضيف بغصة: «كلما فكرت أنه في مثل هذا اليوم كان ليتخرج مع أصدقائه أو أن في هذا التاريخ ذكرى مولده، وغيرها كثير من المناسبات التي كان يفترض أن تكون مناسبات سعيدة، يعود الجرح لينزف بقوة والوجع ليشتد».

وتشير خوري إلى أن «الشعور بالوجع لا يوازيه إلا الشعور بالظلم نتيجة عدم تحقيق العدالة حتى اليوم»، قائلة: «أنا أصلاً أعيش على هذا الأمل. وإذا كنت أتنفس وأقف على قدمي لضمان تحقيق العدالة لابني». وتُعدّ خوري من أبرز أهالي الضحايا الذين يتابعون من كثب الملف القضائي داخل لبنان وخارجه. وهي ترى أن أبرز ما أنجزه الأهالي هو «منع تحويل الملف إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، كما منع تعيين قاضٍ رديف لقاضي التحقيق العدلي (الموقوف عن عمله بسبب دعاوى رفعها سياسيون ولم يتم البت فيها بسبب تعطيل المناقلات القضائية)، لافتة إلى أن «المجتمع الدولي بات أقرب ليقتنع بأن لا أمل بالتحقيق المحلي، وأن المطلوب إطلاق تحقيق دولي بهذه الجريمة». وتضيف: «المهم أن يدرك الشعب اللبناني أن هذه القضية ليست قضية 200 عائلة فقط. نحن حياتنا انتهت. عدم تحقيق العدالة اليوم يعني أنه لن يكون هناك أي أمل ببناء بلد حقيقي. فهل هذا ما يريده اللبنانيون؟».

تماماً كجروح الأهالي التي لم تشف، لا يزال مرفأ بيروت يحمل تشوه الرابع من أغسطس. الإهراءات المشلّعة والتي انهار قسم منها عام 2022 تذكّر يومياً آلاف من يسلكون الأوتوستراد المواجه للمرفأ بحجم الكارثة التي ألمّت بالعاصمة قبل 3 سنوات. أما من يقترب أكثر من موقع المرفأ أو من تسنح له فرصة التنقل داخله فقد يصدمه بعض الدخان المتصاعد قرب مبنى الإهراءات، ليتبين أنه نتيجة تخمر القمح المتناثر بسبب درجات الحرارة المرتفعة. كذلك تستوقفه سيارة لدفن الموتى محطمة ومركونة مع مئات السيارات التي تحولت لـ«الكسر». كما أن كميات هائلة من الحطام والردميات تم تجميعها في القسم المتاخم للإهراءات.

وقد طلب وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال علي حمية من إدارة المرفأ في 11 يوليو (تموز) الماضي إعداد دفاتر الشروط اللازمة لملفات التلزيم الخاصة بأعمال التأهيل والصيانة لبعض مرافق مرفأ بيروت على أساس دراسات تفصيلية وفقاً لأحكام قانون الشراء العام، وذلك ضمن خطة إعادة إعمار المرفأ. على أن تلحظ أعمال: تعزيل وصيانة الأحواض، صيانة الأرصفة، وإزالة الردميات. كما طلب إعداد دفتر شروط لزوم تلزيم مزايدة عمومية لتأهيل وتشغيل وإدارة محطة المسافرين. ويقول حمية لـ«الشرق الأوسط»: «بهذا يمكن القول إن عملية إعادة الإعمار انطلقت فعلياً وبأن مرفأ بيروت يعيد إعمار نفسه بنفسه بعدما ذهبت كل الوعود الدولية بالمساعدة بإعادة الإعمار أدراج الرياح». ويرد ما قد يعدّه البعض تأخيراً بهذه العملية للانكباب على «زيادة إيرادات المرفأ بشكل يمكّن من إعادة الإعمار وبالوقت نفسه من تأمين مداخيل لخزينة الدولة لتأمين مصاريف القطاع العام».

ووفق أحدث الأرقام، ارتفعت إيرادات مرفأ بيروت في العامين الماضيين بشكل كبير مقارنة بالأعوام التي تلت الانفجار. ففي حين كانت الإيرادات نحو 181 مليون دولار عام 2019، انخفضت بعيد الانفجار لتبلغ نحو 42 مليون دولار عام 2020 و15 مليون دولار عام 2021 قبل أن تعاود الارتفاع لتبلغ نحو 69 مليوناً عام 2022 و64 مليونا خلال الأشهر الـ6 الأولى من عام 2023.

هذه الأرقام تعكسها الحركة الكبيرة في محطة الحاويات التي يديرها ويشغّلها القطاع الخاص لمدة محددة، كما الأشغال في قسم الـ«كارغو»، حيث يتم تحميل وتفريغ الأخشاب والحديد وكل المواد التي لا تحتاج إلى أن توضع في صناديق كبيرة. ولعل أبرز ما يتوجب التوقف عنده في مجال النهضة التي يشهدها المرفأ هي حركة المسافنة التي تعدّ بحسب حمية، «معياراً أساسياً لثقة الشركات العالمية بالمرفأ»، فبعد أن انخفضت في الأعوام الماضية عادت لترتفع بشكل كبير بالعام الحالي لتبلغ 86.12 في المائة.



تفكيك «حزب الله»... سنوات من الجهد الاستخباراتي الإسرائيلي

صورة لحسن نصر الله أمام أنقاض مبنى دمّره الطيران الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
صورة لحسن نصر الله أمام أنقاض مبنى دمّره الطيران الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
TT

تفكيك «حزب الله»... سنوات من الجهد الاستخباراتي الإسرائيلي

صورة لحسن نصر الله أمام أنقاض مبنى دمّره الطيران الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)
صورة لحسن نصر الله أمام أنقاض مبنى دمّره الطيران الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

في 27 سبتمبر (أيلول) الماضي، وبينما كان أمين عام «حزب الله»، حسن نصر الله، مختبئاً داخل معقل للحزب على عمق 40 قدماً تحت الأرض، حثَّه مُساعدوه على الذهاب إلى مكان أكثر أماناً، إلا أنه تجاهل هذا، وفق معلومات استخباراتية جمعتها إسرائيل، وشاركتها لاحقاً مع حلفاء غربيين. وجاء رفض نصر الله، بناءً على اعتقاده أن إسرائيل لا تسعى إلى إشعال حرب شاملة. إلا أن ما خفي عنه حينها أن وكالات التجسس الإسرائيلية كانت تتعقب كل تحركاته، وكانت تفعل ذلك لسنوات.

وبعد فترة وجيزة من نصيحة مساعديه، أسقطت طائرات «إف-15» الإسرائيلية آلاف الأرطال من المتفجرات، فدمّرت المخبأ ليُدفن تحته نصر الله وعدد من كبار قادة «حزب الله». وفي اليوم التالي، عُثر على جثة نصر الله مع جنرال إيراني كبير متمركز في لبنان. وتُوفي الرجلان اختناقاً، وفقاً لمعلومات استخباراتية وعدة أشخاص مطّلعين على الأمر.

وكان مقتل زعيم «حزب الله» المخيف، الذي قادَ لعقودٍ الميليشيا اللبنانية في حربها ضد إسرائيل، تتويجاً لحملة هجومية استمرت أسبوعين. وجمعت الحملة بين تكنولوجيا سرية متقدمة جداً وقوة عسكرية غاشمة، بما في ذلك التفجير عن بُعد لمتفجرات مخبّأة داخل آلاف أجهزة النداء واللاسلكي، التي يستخدمها أعضاء «حزب الله»، بجانب قصف جوي مدمر استهدف آلاف الصواريخ والقذائف القادرة على ضرب إسرائيل.

وجاءت الحملة نتاجاً لعقدين من العمل الاستخباراتي المنهجي، استعداداً لحرب شاملة توقَّع كثيرون حدوثها في نهاية المطاف.

ويكشف تحقيقٌ، أجرته صحيفة «نيويورك تايمز»، استناداً إلى مقابلات مع أكثر من عشرين مسؤولاً إسرائيلياً وأميركياً وأوروبياً حالياً وسابقاً، رفضوا كشف هوياتهم بسبب مناقشتهم عمليات سرية، عن مدى اختراق الجواسيس الإسرائيليين للجماعة اللبنانية. لقد جنَّدوا أشخاصاً لزرع أجهزة تنصت في مخابئ «حزب الله»، وتتبعوا الاجتماعات بين أحد كبار القادة وعشيقاته الأربع، وكانوا يحظون برؤية شبه دائمة لتحركات قادة الميليشيا المسلَّحة.

إنها قصة اختراقات، كما حدث في عام 2012 عندما سرقت الوحدة 8200 الإسرائيلية - التي تُعادل وكالة الأمن الوطني بالولايات المتحدة - كنزاً من المعلومات؛ بينها تفاصيل عن مخابئ القادة السرية، وترسانة الصواريخ والقذائف لدى الجماعة.

ومع ذلك كانت هناك تعثرات كذلك، مثلما حدث أواخر عام 2023، عندما شكَّ أحد فنيِّي «حزب الله» في البطاريات الموجودة بأجهزة الاتصال اللاسلكية.

وكانت هناك محاولات للإنقاذ، كما حدث في سبتمبر الماضي، عندما جمعت الوحدة 8200 معلومات استخباراتية تفيد بأن عملاء «حزب الله» كانوا قلقين بما يكفي بشأن أجهزة الاتصال اللاسلكية، لدرجة أنهم أرسلوا بعضها إلى إيران، للتفتيش.

وفي خِضم مخاوف من كشف العملية، أقنع كبار مسؤولي الاستخبارات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإعطاء الأمر بتفجيرها، ما أدى إلى تحريك الحملة التي بلغت ذروتها باغتيال نصر الله.

كان قضاء تل أبيب على «حزب الله» بمثابة انتصار كبير لبلدٍ عانى، قبل عام واحد، أكبر فشل استخباراتي في تاريخه، عندما غزاه مقاتلون بقيادة جماعة «حماس»، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وقتلوا أكثر من 1200 شخص، وأَسَروا 250 رهينة.

كانت الحملة ضد «حزب الله»، وهي جزء من حرب أوسع نطاقاً أسفرت عن مقتل الآلاف في لبنان، ونزوح أكثر من مليون شخص، سبباً في إضعاف أحد أكبر خصوم إسرائيل، بجانب توجيه ضربة لاستراتيجية إيران الإقليمية، المتمثلة في تسليح وتمويل جماعات شِبه عسكرية تسعى لتدمير إسرائيل. وكان مِن شأن إضعاف المحور الذي تقوده طهران أن أُعيد تشكيل الديناميكيات في الشرق الأوسط، ما أسهم في سقوط نظام الأسد في سوريا.

وهنا يبدو التناقض بين نهجيْ إسرائيل تجاه «حزب الله» و«حماس»، صارخاً ومدمراً. ويكشف التركيز الاستخباراتي المكثف على الميليشيا اللبنانية عن اعتقاد قادة تل أبيب أن «حزب الله» يشكل التهديد الأعظم لإسرائيل. ومع ذلك فإن «حماس» داخل قطاع غزة، الجماعة التي اعتقدت الاستخبارات الإسرائيلية أنها لا تملك الرغبة ولا القدرة على مهاجمة إسرائيل، هي التي شنت هجوماً مفاجئاً باغت إسرائيل بأكملها.

كانت إسرائيل في مواجهة مع نصر الله وكبار قادته في «حزب الله» لعقود، وخلصت تقييمات الاستخبارات الإسرائيلية إلى أن الأمر سيستغرق سنوات، وربما أكثر من عقد، حتى تتمكن الجماعة من إعادة بناء نفسها بعد مقتل قياداتها، خاصة أن مجموعة القادة الحاليين تملك خبرة قتالية أقل بكثير من الجيل السابق.

الدافع المركزي

ومع ذلك تظل الحقيقة أن القادة الجدد، مثل جيل المؤسسين، يتحركون بدافع مبدأ مركزي محفز: الصراع مع إسرائيل.

بهذا الصدد، عبَّر العميد شيمون شابيرا، السكرتير العسكري السابق لنتنياهو، ومؤلف كتاب «حزب الله: بين إيران ولبنان»، عن اعتقاده بأنه «لا يمكن لـ(حزب الله) أن يستمر في الحصول على الدعم والتمويل من إيران، دون أن يكون في حرب ضد إسرائيل. هذا تحديداً سبب وجوده».

وأضاف: «سيُعيدون تسليح أنفسهم، وإعادة بناء قوتهم. إنها مسألة وقت فقط».

بناء المصادر

خلقت حرب 2006 حالة تأزم دموي بين إسرائيل و«حزب الله». من جهتها، انسحبت إسرائيل من لبنان بعد 34 يوماً من القتال، والذي بدأ بعد أن اختطفت الميليشيا اللبنانية جنديين إسرائيليين وقتلتهما. وكانت الحرب، التي لم تحقق أهداف إسرائيل، بمثابة إذلال، ما أجبر تل أبيب على تشكيل لجنة تحقيق، ودفع جنرالات كبار نحو الاستقالة، علاوة على محاسبة مسؤولين داخل جهاز الأمن الإسرائيلي بخصوص مدى جودة المعلومات الاستخباراتية.

صورة لحسن نصر الله أمام أنقاض مبنى دمّره الطيران الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

إلا أن العمليات التي جرت في أثناء الحرب، والتي اعتمدت على جهود جمع المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية، شكلت الأساس للنهج اللاحق للبلاد. ووفق ثلاثة مسؤولين إسرائيليين سابقين، زرعت إحدى العمليات أجهزة تعقُّب على صواريخ «فجر» المملوكة لـ«حزب الله»، ما أتاح لتل أبيب معلومات عن الذخائر المخبَّأة داخل القواعد العسكرية السرية، ومرافق التخزين المدنية والمنازل الخاصة. وفي حرب 2006، قصفت القوات الجوية الإسرائيلية المواقع، مما أدى إلى تدمير الصواريخ.

وعبر السنوات التي أعقبت الحرب، أظهر نصر الله ثقته في قدرة الجماعة على الفوز في صراع آخر ضد إسرائيل، مشبهاً إسرائيل ببيت العنكبوت، وأنها قد تبدو مصدر تهديد من بعيد، لكن يمكن تجاهلها بسهولة.

ومع إعادة بناء «حزب الله» قدراته، وسَّع «الموساد»؛ جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي، شبكة من المصادر البشرية داخل الميليشيا، وفقاً لعشرة مسؤولين أميركيين وإسرائيليين حاليين وسابقين.

سيارة إسعاف تنقل الجرحى إلى المركز الطبي للجامعة الأميركية ببيروت بعد انفجار أجهزة «البيجر» في عناصر من «حزب الله» (أ.ف.ب)

وعلى وجه التحديد، جنّد «الموساد» أشخاصاً في لبنان، لمساعدة «حزب الله» في بناء مرافق سرية بعد الحرب. وقال مسؤولان إن مصادر «الموساد» أمدّته بمعلومات حول مواقع المخابئ وساعدت في مراقبتها.

وتشارك الإسرائيليون، بوجه عام، في المعلومات المتعلقة بـ«حزب الله»، مع الولايات المتحدة وحلفاء أوروبيين.

وجاءت لحظة مهمة عام 2012، عندما وقعت الوحدة 8200 على كنز من المعلومات حول أماكن وجود قادة «حزب الله» ومخابئهم وبطاريات الصواريخ والقذائف التي تمتلكها الجماعة، تبعاً لخمسة مسؤولين حاليين وسابقين بمجال الدفاع في إسرائيل وأوروبا.

وعزَّزت هذه العملية ثقة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في أنه إذا نفّذ نتنياهو تهديداته بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية، فإن الجيش الإسرائيلي قد ينجح في تحييد قدرة «حزب الله» على الرد.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وافق على إرسال رئيس «الموساد» إلى الدوحة ورئيس «الشاباك» إلى القاهرة (د.ب.أ)

من جهته، زار نتنياهو مقر الوحدة 8200 في تل أبيب، بعد العملية بفترة وجيزة. وخلال الزيارة، أقدم رئيس الوحدة 8200 على عمل استعراضي، من خلال طباعة مجموعة كبيرة من المعلومات، ما أنتج كومة ضخمة من الورق. ووقف بجانب المواد، وقال لنتنياهو: «يمكنك الآن مهاجمة إيران»، وفقاً لمسؤولين دفاعيين إسرائيليين حاليين وسابقين على دراية بالاجتماع. إلا أن إسرائيل لم تهاجم.

وعبر السنوات التي تَلَت ذلك، عملت وكالات التجسس الإسرائيلية على صقل المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها من العملية السابقة، لإنتاج معلومات يمكن استخدامها حال اشتعال حرب مع الميليشيا اللبنانية.

وطبقاً لما أفاد به مسؤولون دفاعيون إسرائيليون على دراية بالمعلومات الاستخباراتية، فإنه عندما انتهت حرب عام 2006، كانت إسرائيل تمتلك «محافظ أهداف» لما يقرب من 200 من قادة «حزب الله» وعملائه ومخابئ الأسلحة ومواقع الصواريخ. وبحلول الوقت، الذي أطلقت فيه إسرائيل حملتها في سبتمبر، كان العدد قد ارتفع إلى عشرات الآلاف.

صنع أجهزة «البيجر» القاتلة

سعياً لاكتساب ميزة في حرب محتملة مع «حزب الله»، وضعت إسرائيل خططاً لتخريب الميليشيا من الداخل. وبالفعل، تبنّت الوحدة 8200 الإسرائيلية و«الموساد» خطة لتزويد «حزب الله» بأجهزة مفخخة يمكن تفجيرها في توقيت مستقبلي، طبقاً لما أفاده ستة مسؤولين دفاعيين إسرائيليين حاليين وسابقين.

وداخل مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي، عرفت الأجهزة باسم «الأزرار»، والتي يمكن تنشيطها في اللحظة التي تختارها تل أبيب.

واتسم تصميم وإنتاج «الأزرار» ببساطة نسبية، وأتقن المهندسون الإسرائيليون وضع متفجرات «PETN» داخل بطاريات الأجهزة الإلكترونية، ما حوَّلها إلى قنابل صغيرة.

أما العملية الأصعب فكانت من نصيب «الموساد»، الذي خدع الجماعة لما يقارب العقد، ودفعها إلى شراء مُعدات عسكرية وأجهزة اتصالات من شركات وهمية إسرائيلية.

وفي عام 2014، اغتنمت إسرائيل الفرصة عندما توقفت شركة التكنولوجيا اليابانية «iCOM» عن إنتاج أجهزة الاتصال اللاسلكية الشهيرة «IC-V82». كانت الأجهزة، التي جرى تجميعها، في الأصل، في أوساكا باليابان، شائعة جداً لدرجة أن النُّسخ المقلَّدة كانت تُصنع بالفعل في جميع أنحاء آسيا، وتُباع في المنتديات عبر الإنترنت، وفي صفقات بالسوق السوداء.

ونما إلى علم الوحدة 8200 أن «حزب الله» يبحث تحديداً عن الجهاز نفسه لتجهيز جميع قواته في الخطوط الأمامية، وفق سبعة مسؤولين إسرائيليين وأوروبيين. وصممت الميليشيا حتى سترة خاصة لقواتها، مع جيب صدر مصمم خصوصاً للجهاز.

وبالفعل، شرعت إسرائيل في تصنيع نُسخها الخاصة من أجهزة الاتصال اللاسلكية، مع إدخال تعديلات صغيرة، بما في ذلك تعبئة المواد المتفجرة في بطارياتها، طبقاً لثمانية مسؤولين إسرائيليين وأميركيين حاليين وسابقين. ووصلت أولى النُّسخ الإسرائيلية الصنع إلى لبنان عام 2015، وجرى شحن أكثر من 15.000 نسخة، في نهاية الأمر، طبقاً لما أفاده بعض المسؤولين.

وفي عام 2018، صاغت ضابطة استخبارات إسرائيلية في «الموساد» خطة من شأنها استخدام أسلوب مماثل لزرع مادة متفجرة في بطاريات أجهزة «البيجر». راجع قادة الاستخبارات الإسرائيلية الخطة، لكنهم قرروا أن استخدام «حزب الله» أجهزة «البيجر» لم يكن واسع الانتشار بما فيه الكفاية، طبقاً لثلاثة مسؤولين. وعليه جرى تأجيل الخطة.

وعلى مدى السنوات الثلاث التالية، وبسبب قدرة إسرائيل المتزايدة على اختراق الهواتف المحمولة، زاد حذر «حزب الله» وإيران وحلفائهما تجاه استخدام الهواتف الذكية. وساعد ضباط إسرائيليون من الوحدة 8200 في تأجيج هذا الخوف، باستخدام الروبوتات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، للترويج لتقارير إخبارية باللغة العربية حول قدرة إسرائيل على اختراق الهواتف، وفق ما أفاد ضابطان في «الموساد».

وبالفعل، قررت قيادة «حزب الله»؛ خوفاً من اختراق الهواتف الذكية، توسيع استخدامها لأجهزة «البيجر»، خاصة أن هذه الأجهزة تتيح إرسال رسائل إلى المقاتلين، بينما في الوقت نفسه لا تكشف عن بيانات الموقع، ولا تحتوي على كاميرات وميكروفونات يمكن اختراقها.

وعليه، شرعت الميليشيا اللبنانية في البحث عن أجهزة «بيجر» قوية بما يكفي لظروف القتال، وفق ما ذكر ثمانية مسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين. وحينها، أعاد ضباط الاستخبارات الإسرائيلية النظر في عملية أجهزة «البيجر»، وعملوا على بناء شبكة من الشركات الوهمية لإخفاء أصولها وبيع المنتجات للميليشيا.

واستهدف ضباط الاستخبارات الإسرائيلية العلامة التجارية التايوانية «Gold Apollo»، المعروفة بمنتجاتها من أجهزة «البيجر».

وفي مايو (أيار) 2022، جرى تسجيل شركة تُدعى «BAC Consulting» في بودابست بالمجر. وبعد شهر واحد، جرى في صوفيا ببلغاريا، تسجيل شركة تُدعى «Norta Global Ltd» باسم مواطن نرويجي يُدعى رينسون جوزيه.

واشترت شركة «BAC Consulting» ترخيصاً من «Gold Apollo» لتصنيع طراز جديد من أجهزة «البيجر»، عُرف باسم «AR-924 Rugged». وكان الجهاز الجديد أضخم من أجهزة «Gold Apollo» الموجودة بالفعل، وجرى التريوج له بوصفه مقاوماً للماء ويتميز بعُمر بطارية أطول عن الأجهزة المنافِسة.

وأشرف «الموساد» على إنتاج الأجهزة داخل إسرائيل، وفق مسؤولين إسرائيليين. وعبر العمل مع وسطاء، بدأ عملاء «الموساد» تسويق أجهزة «البيجر» لوكلاء «حزب الله»، وعرضوا سعراً مخفضاً للشراء بالجملة.

وعرَض «الموساد» واحداً من هذه الأجهزة، دون أي متفجرات مخفية، على نتنياهو، خلال اجتماع في مارس (آذار) 2023، وفق مصدرين مطّلعين. وبدا نتنياهو متشككاً في متانة الأجهزة، وسأل ديفيد برنيا، رئيس «الموساد»، عن مدى سهولة كسرها. وأكد له الأخير أنها متينة.

ومع ذلك لم يقتنع نتنياهو، ووقف فجأة وألقى الجهاز باتجاه جدار مكتبه. وتصدَّع الجدار، لكن جهاز «البيجر» لم يمسَّه سوء.

وبالفعل، شحنت الشركة العاملة واجهةً لـ«الموساد»، الدفعة الأولى من أجهزة «البيجر» إلى «حزب الله»، في ذلك الخريف.

ألعاب الحرب

لم تكن عملية «البيجر» جاهزة بالكامل في أكتوبر 2023، عندما أشعلت الهجمات التي قادتها «حماس» نقاشاً عنيفاً داخل أروقة الحكومة الإسرائيلية حول ما إذا كان ينبغي لإسرائيل شن حرب شاملة ضد «حزب الله».

وأيّد البعض، بما في ذلك وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، فكرة ضرب «حزب الله» الذي بدأ إطلاق الصواريخ على إسرائيل في 8 أكتوبر 2023، تضامناً مع «حماس». ورأى غالانت أن الفرصة سانحة للتعامل مع «العدو الصعب» المتمثل في الميليشيا اللبنانية، قبل التحول إلى ما عَدَّه العدو الأقل صعوبة، المتمثل في «حماس»، تبعاً لخمسة مسؤولين إسرائيليين مطّلعين على الاجتماعات.

وبعد مكالمة هاتفية مع الرئيس جو بايدن، في 11 أكتوبر 2023، قرر نتنياهو، بجانب حكومته التي شُكّلت حديثاً في زمن الحرب، تجنب فتح جبهة جديدة، في الوقت الحاضر، مع الجماعة اللبنانية، ما أنهى المناقشة رفيعة المستوى حول هذا الموضوع لعدة أشهر.

وحتى مع تركيز إسرائيل على «حماس»، واصل المسؤولون العسكريون والاستخباراتيون صقل الخطط لحرب محتملة مع «حزب الله».

من جهتهم، اكتشف محللو الاستخبارات الإسرائيليون، الذين كانوا يراقبون باستمرار استخدام الأجهزة، مشكلة محتملة في العملية، فقد بدأ أحد فنيِّي «حزب الله»، على الأقل، يشتبه في أن أجهزة الاتصال اللاسلكية ربما تحتوي على متفجرات مخفية، وفقاً لثلاثة مسؤولين إسرائيليين بمجال الدفاع. وتعاملت إسرائيل مع الأمر بسرعة، هذا العام، وقتلت هذا الفني في غارة جوية.

تفاصيل حميمة

وأفاد مسؤولان إسرائيليان بأن الاستخبارات الإسرائيلية والقوات الجوية أجرتا، لمدة عام تقريباً، ما يقرب من 40 لعبة حربية تدور حول قتل نصر الله وغيره من كبار قادة الجماعة. وأراد المسؤولون التأكد من أنهم سيتمكنون من استهدافهم في الوقت نفسه، حتى لو لم يكونوا في المكان نفسه.

وعلى طول الطريق، جمعت إسرائيل تفاصيل عادية وحميمة عن قادة «حزب الله»، بما في ذلك هويات عشيقات فؤاد شكر، أحد الأعضاء المؤسسين للجماعة، والذي حددته الحكومة الأميركية منذ فترة طويلة بوصفه أحد المخططين لتفجير الثكنات في بيروت عام 1983، الذي أسفر عن مقتل 241 من جنود مشاة البحرية الأميركية.

وفي وقتٍ ما من هذا العام، وبسبب شعوره بعدم الارتياح إزاء وضعه، طلب شكر المساعدة من أعلى رجل دين في «حزب الله» للزواج من النساء الأربع، طبقاً لمسؤولين إسرائيليين ومسؤول أوروبي. وبالفعل، رتب رجل الدين هاشم صفي الدين أربعة مراسم زفاف منفصلة عبر الهاتف لشكر.

وبلغ الصراع المشتعل ذروته، هذا الصيف، عندما أسفر هجوم صاروخي من الميليشيا اللبنانية، في يوليو (تموز) الماضي، عن مقتل عشرة إسرائيليين، بينهم تلاميذ، في مجدل شمس؛ وهي بلدة في مرتفعات الجولان.

وردَّت إسرائيل، بعد أيام، بغارة جوية في بيروت أسفرت عن مقتل شكر. وكانت هذه خطوة استفزازية، بالنظر إلى اغتيال قائد رفيع في «حزب الله».

«استغلّها أو اخسرها»

بعد الهجمات المتبادلة، تجدَّد النقاش داخل الحكومة الإسرائيلية حول فتح «جبهة شمالية» ضد «حزب الله». وقد رسم الجيش الإسرائيلي و«الموساد» استراتيجيات مختلفة لشن حملة ضد «حزب الله»، وفقاً لأربعة مسؤولين إسرائيليين.

وفي أواخر أغسطس (آب) الماضي، كتب برنيا، رئيس «الموساد»، رسالة سرية إلى نتنياهو، وفقاً لمسؤول دفاعي إسرائيلي كبير. دعت الرسالة إلى شن حملة تستمر من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، تتضمن القضاء على أكثر من نصف قدرات الصواريخ لدى «حزب الله»، وتدمير المنشآت على بُعد نحو 6 أميال من الحدود الإسرائيلية. وفي الوقت نفسه، بدأ كبار المسؤولين العسكريين جهودهم الخاصة للضغط على نتنياهو لتكثيف الحملة ضد الجماعة اللبنانية.

ومع ذلك، عطلت معلومات استخباراتية جديدة التخطيط، فقد أصبح عملاء «حزب الله» يشكُّون في أن أجهزة «البيجر» قد جرى تخريبها، وفقاً لعدة مسؤولين.

وفي الحادي عشر من سبتمبر الماضي، كشفت معلومات استخباراتية أن «حزب الله» كان يرسل بعض أجهزة «البيجر» إلى إيران؛ للفحص، وأدرك المسؤولون الإسرائيليون أن الأمر كان مسألة وقت فقط قبل أن يجري كشفُ العملية السرية.

وفي السادس عشر من سبتمبر، التقى نتنياهو كبار رؤساء الأجهزة الأمنية؛ لبحث ما إذا كان ينبغي تفجير الأجهزة في عملية «استغلّها أو اخسرها»، وفق ما ذكره أربعة مسؤولين أمنيين إسرائيليين. وعارض البعض هذه الخطوة قائلين إنها قد تؤدي إلى هجوم مضاد كامل من جانب «حزب الله»، بل ربما ضربة من جانب إيران.

وفي اليوم التالي، في تمام الساعة 3:30 مساءً، أمر «الموساد» بإرسال رسالة مشفرة إلى آلاف أجهزة «البيجر». وبعد ثوانٍ، انفجرت الأجهزة.

وفي الوقت الذي انفجرت فيه الأجهزة، كان جوزيه، النرويجي، الذي كان رئيس إحدى شركات الواجهة لـ«الموساد»، يحضر مؤتمراً للتكنولوجيا في بوسطن.

جوزيه والنرويج

وفي غضون أيام، جرى تحديد جوزيه، في مقالات إخبارية، بوصفه مشاركاً في العملية، وأعلنت الحكومة النرويجية أنها تريد عودته إلى النرويج؛ للاستجواب.

وضغط المسؤولون الإسرائيليون سراً على إدارة بايدن؛ لضمان تمكن جوزيه من مغادرة الولايات المتحدة دون العودة إلى النرويج، وفق مسؤول إسرائيلي، وآخر أميركي.

ولم يكشف المسؤولون الإسرائيليون عن مكان جوزيه، واكتفى مسؤول دفاعي إسرائيلي رفيع المستوى بالقول إنه في «مكان آمن».

الموافقة على القتل

بعد عملية الأجهزة، اختارت حكومة نتنياهو، بدعم من كبار المسؤولين الدفاعيين، الحرب الشاملة، وهي حملة اتسمت بسلسلة من التصعيدات.

وفي اليوم التالي لتفجير الأجهزة، فجّر «الموساد» أجهزة الاتصال اللاسلكية، التي كان معظمها لا يزال مُخزناً؛ لأن قادة «حزب الله» لم يحشدوا المقاتلين بعدُ لمعركة ضد إسرائيل.

وفي المجمل، قُتل العشرات بسبب انفجارات أجهزة «البيجر» وأجهزة الاتصال اللاسلكية، بما في ذلك كثير من الأطفال، وجُرح الآلاف. وكان معظم الضحايا من عناصر الميليشيا اللبنانية، ما أدى إلى نشر الفوضى بين كبار قادتها.

وبعد أيام، في 20 سبتمبر، ضربت الطائرات الإسرائيلية مبنى في بيروت؛ حيث كان قادة قوات «الرضوان» النخبوية، التابعة لـ«حزب الله» يجتمعون في مخبأ، ما أسفر عن مقتل كثير منهم، إضافة لإبراهيم عقيل، رئيس العمليات العسكرية لدى الجماعة.

وفي 23 سبتمبر، شنّت القوات الجوية الإسرائيلية حملة كبرى، وقصفت أكثر من 2000 هدف وكانت تستهدف مخازن الجماعة للصواريخ متوسطة وبعيدة المدى.

هل كان ينبغي قتل نصر الله أم لا؟

وبينما كان كبار المسؤولين الإسرائيليين يتجادلون، تلقّت أجهزة الاستخبارات معلومات جديدة تفيد بأن نصر الله يخطط للانتقال إلى مخبأ مختلف، سيكون من الصعب جداً استهدافه، وفقاً لمسؤولين دفاعيين إسرائيليين ومسؤول غربي.

وفي 26 سبتمبر، وفي الوقت الذي كان نتنياهو يستعد للسفر إلى نيويورك، لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، اجتمع رئيس الوزراء مع كبار مستشاريه السياسيين والاستخباراتيين والعسكريين؛ لمناقشة الموافقة على الاغتيال. وكان عليهم كذلك أن يقرروا ما إذا كانوا سيبلّغون الولايات المتحدة مسبقاً أم لا.

من جهته، عارض نتنياهو وغيره من كبار المستشارين إخطار إدارة بايدن، ورأوا أن المسؤولين الأميركيين سيرفضون الضربة، إلا أنه، بغضّ النظر عن ذلك، فإن الولايات المتحدة ستأتي للدفاع عن إسرائيل في حال ردت إيران.

وعليه، وافقوا على عدم إخطار واشنطن.

وبالفعل، وافق نتنياهو على الاغتيال، في اليوم التالي، بعد هبوطه في نيويورك، وقبل ساعات فقط من الوقوف على المنصة في الأمم المتحدة.

وفي خطابه، تحدَّث عن قبضة «حزب الله» على لبنان. وقال لرؤساء الحكومات والوزراء المجتمعين في بيروت: «لا تدَعوا نصر الله يجرّ لبنان إلى الهاوية».

وبعد فترة وجيزة، ألقت طائرات «إف-15» الإسرائيلية فوق بيروت آلاف الأرطال من المتفجرات.

* خدمة نيويورك تايمز