اليوم الأول في «مصرف لبنان» من دون رياض سلامة

إرباكات قانونية واستقرار نسبي لسعر صرف الليرة

النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان في مؤتمر صحافي مع تسلم نائبه الأول وسيم منصوري المسؤولية (أ.ب)
النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان في مؤتمر صحافي مع تسلم نائبه الأول وسيم منصوري المسؤولية (أ.ب)
TT

اليوم الأول في «مصرف لبنان» من دون رياض سلامة

النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان في مؤتمر صحافي مع تسلم نائبه الأول وسيم منصوري المسؤولية (أ.ب)
النواب الأربعة لحاكم مصرف لبنان في مؤتمر صحافي مع تسلم نائبه الأول وسيم منصوري المسؤولية (أ.ب)

برزت إشارات غير مطمئنة في اليوم الأول لتسلم نائب حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري موقع القرار الأول في السلطة النقدية، بالترافق مع وقف منصة «صيرفة»، وإرجاء حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي إلى نهاية الأسبوع «مبدئيا»، إقرار تعهدها بإعداد مشروع قانون يتيح لها الحصول على تمويل ائتماني بالدولار من احتياطي العملات الصعبة لدى البنك المركزي.

وأسهم الاستقرار النسبي لسعر صرف الليرة في الأسواق غير النظامية وانضباط التقلبات دون عتبة 90 ألف ليرة للدولار، وبالتالي انعدام الفوارق الربحية، في الحؤول دون أي ردود فعل فورية من قبل عملاء البنوك على وقف المبادلات النقدية عبر المنصة التي يديرها البنك المركزي، فيما اقتصرت العمليات المنفذة على صرف المخصصات الشهرية لموظفي القطاع العام بالدولار وبسعر 85.5 ألف ليرة.

لكن مصادر مصرفية معنية حذرت من تبعات تثبيت هذا التحول على أنشطة البنوك وعوائدها الكامنة في تحصيل عمولات بنسب تتراوح بين 3 و5 في المائة من المبالغ التي يجري تصريفها يوميا. في حين أن الأنشطة التقليدية للبنوك من إيداع وتسليف وتحويلات منعدمة تماماً وتقتصر تقريباً على تلبية السحوبات المتاحة للعملاء، مما سيضطرها إلى «إنعاش» اعتماد سياسات بديلة لخفض المصاريف، ولا سيما في ظل التكلفة المرتفعة لتشغيل شبكة الفروع من أجور وتقنيات وكهرباء وطاقة واتصالات وسواها.

ويخشى المسؤول المصرفي، من استحقاق موجة جديدة لإقفال الفروع المصرفية غير المجدية التي «صمدت» نسبيا خلال الفترة الماضية عبر العوائد المحققة من العمولات المجباة عن طريق تنفيذ المبادلات النقدية. ومما يحتّم الصرف الوشيك لدفعات جديدة بالعشرات في البنوك الصغيرة والمتوسطة الحجم وبالمئات في البنوك الكبرى، لينضموا إلى أكثر من 8 آلاف من زملائهم الذين فقدوا وظائفهم تباعاً خلال الانهيار المالي والنقدي والمستمر منذ خريف عام 2019، كذلك الأمر بالنسبة لشبكة الفروع التي تقلص عددها الإجمالي من 1080 عشية الأزمة إلى نحو 760 فرعاً حالياً.

رياض سلامة مغادراً مصرف لبنان في اليوم الأخير من ولايته يوم الاثنين (إ.ب.أ)

وبالتوازي، رصدت «الشرق الأوسط» نبرة اعتراضية متصاعدة لدى أوساط سياسية ومالية وقانونية على استعادة تسهيلات الصرف لصالح إنفاق الدولة واحتياجاتها المالية من المخزون المتناقص للاحتياطيات القائمة، والتي تمثل أساساً حقوقاً مشروعة للمودعين في البنوك، بوصفها الرصيد المتبقي والمنقوص من التوظيفات الإلزامية التي أودعتها البنوك وبنسبة 14 في المائة من مدخرات خاصة لمقيمين وغير مقيمين من أفراد ومؤسسات، وبما يشمل الحقوق العائدة لمودعين غير لبنانيين، وأغلبهم من دول عربية.

وبرز في هذا السياق مضمون الكتاب الذي وجهه نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي إلى مجلس الوزراء، والذي أكد فيه أنه، «في حال لم تتمكن الدولة من سداد القرض في المستقبل القريب، وهذا هو المرجح، فسيكون ذلك على حساب ما تبقى من الاحتياطيات بالعملات الأجنبية في مصرف لبنان وعلى حساب المودعين الذين يعانون من عدم قدرتهم على الحصول إلا على جزء بسيط من أموالهم». كذلك التنويه بأن «دعم الأجور في القطاع العام ليس من صلاحية السلطة النقدية وهو بمثابة تحويل من المودعين إلى العاملين في القطاع العام».

وإزاء تعمّد نشر مطالعة الشامي عقب انتهاء الجلسة الحكومية وقبل الانتهاء من مناقشتها واستخلاص القرار النهائي، لاحظ مسؤول مصرفي كبير أن الضمانات التي طلبتها القيادة الجديدة للبنك المركزي من الحكومة، لا تغيّر شيئاً من واقع نأي الدولة بكل سلطاتها عن دورها المحوري والأساسي في معالجة الانهيارات المحققة في المجالات كافة. بل إنه من المستغرب أن تنشد السلطة النقدية في انطلاقتها المتجددة، استخدام الوسائل عينها لبلوغ نتائج مختلفة.

وفضلاً عن الشكوك الموضوعية بتعذر إيفاء المبالغ الجديدة من قبل الدولة بعقود إقراض أو بمواد خاصة في قانون الموازنة، وعلى منوال التنصل المستمر من موجبات الدين العام الذي يفوق حسابياً عتبة 100 مليار دولار، لفت المسؤول المصرفي إلى أن المادة 91 من قانون النقد والتسليف التي تتيح للحكومة طلب التمويل الطارئ من البنك المركزي، تفرض عليه في الوقت عينه اقتراح «التدابير التي من شأنها الحد مما قد يكون لقرضه من عواقب اقتصادية سيئة وخاصة الحد من تأثيره على قوة النقد الشرائية الداخلية والخارجية».

وفي بعد آخر، ثمة مخاوف حقيقية تسود القطاع المالي، من استجرار نظرية الودائع المؤهلة وغير المؤهلة إلى تصنيف الديون المتوجبة على الدولة. فالمقاربات الحكومية لمعالجة الفجوة المالية البالغة نحو 73 مليار دولار، لا تزال ترتكز، وحتى إشعار آخر، على تحميل الجزء الأكبر من الأعباء على المودعين الذين يعانون في تنفيذ حصص سحوبات شهرية محدودة ( 1600 دولار بموجب التعميم 151) وتتعرض لاقتطاعات قاسية بنسبة تقارب 84 في المائة من المبلغ المستحق. بينما يبلغ الرصيد الباقي لإجمالي الودائع المحررة بالدولار نحو 93 مليار دولار.

كذلك، فإنه وفي حال اعتماد آليات خاصة بالديون الجديدة، فإن الحكومة ستبعث برسالة سيئة للغاية إلى حاملي ديونها باستبعادهم مجدداً من موجبات الحصول على حقوقهم، بعدما أعلنت الحكومة السابقة في مارس (آذار) من عام 2020 التوقف عن دفع مستحقات أصول وفوائد سندات الدين الدولية التي كانت تبلغ حينها نحو 31 مليار دولار. وفي حين أطاحت باقتراحات داخلية وخارجية مجدية للشروع بمفاوضات بناءة معهم تمهّد لإعادة هيكلة الديون الدولارية والمجدولة أساسا حتى عام 2037. علما أن مخزون العملات الصعبة كان يتعدى حينذاك 32 مليار دولار.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تواصل غاراتها على الضاحية... ومقتل 12 شخصاً في صور

المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

إسرائيل تواصل غاراتها على الضاحية... ومقتل 12 شخصاً في صور

نقلت الوكالة اللبنانية اليوم (الأثنين) مقتل 12 وإصابة 17 في غارات إسرائيلية على صور بجنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
TT

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)
لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وأن نجنب جر سوريا» إلى النزاع في المنطقة.

من جانبها، لم تُصدر الخارجية السورية أي تفاصيل حول نتائج لقاء بيدرسن والصباغ، واكتفت ببيان مقتضب أعلنت فيه عن اللقاء من دون تفاصيل. وكانت مصادر محلية قد أفادت بأن زيارة بيدرسن الثانية إلى دمشق خلال هذا العام تهدف إلى بحث إمكانية استئناف «اللجنة الدستورية» لحل الأزمة السورية، اجتماعاتها المتعثرة منذ أكثر من عامين، بسبب الخلاف على مكان عقد الاجتماع، وذلك بعد الرفض الروسي القاطع لعقدها في جنيف على خلفية موقف سويسرا من الحرب الروسية - الأوكرانية. وعقدت اللجنة الدستورية 8 جلسات وتم تأجيل الجلسة التاسعة بعد طلب روسيا تغيير مكان انعقاد المحادثات.