اللبنانيون يلوذون بالشمس عن كهرباء الدولة

سباق على زيادة التغذية بين المؤسسة الرسمية والشبكة الموازية

TT

اللبنانيون يلوذون بالشمس عن كهرباء الدولة

ألواح الطاقة الشمسية تغزو أسطح منازل اللبنانيين (الوكالة المركزية)
ألواح الطاقة الشمسية تغزو أسطح منازل اللبنانيين (الوكالة المركزية)

استغنى اللبناني وسيم عن اشتراك الكهرباء في متجره لبيع الهواتف الجوالة، من صيف 2021، منذ ثبَّت نظام توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية. منحه النظام الجديد استغناءً كاملاً عن الشبكة الموازية، كما قلَّص اعتماده على كهرباء الدولة. «لا أكترث لساعات تغذية الكهرباء بتاتاً»، يقول لـ«الشرق الأوسط»؛ ذلك أن الأزمة التي أدت إلى انطفاء كامل للشبكة قبل عامين «حفزتنا على البدائل».

والطاقة الشمسية مثلت أبرز البدائل التي لجأ إليها اللبنانيون، إثر أزمة متواصلة بانقطاع التيار الكهربائي تفاقمت في صيف 2021، وتزامنت مع انقطاع مماثل في مادة «الديزل»، مما أدى إلى إطفاء مولدات الشبكة الموازية. عاش اللبنانيون على الظلام لأشهر، قبل أن تستأنف البلاد تعافيها إثر تسعير المازوت على الدولار في خريف 2021، ودولرة أسعار الكهرباء التي ارتفعت نحو 50 مرة في خريف 2022، مما مكَّن وزارة الطاقة من استئناف التغذية لمدة تتخطى الخمس ساعات يومياً في هذا الوقت، حسب المناطق اللبنانية.

لولا الأزمة لما فكَّر وسيم في تركيب نظام طاقة شمسية؛ يقول: «في هذا الوقت من السنة، أطفئ عداد كهرباء الدولة بالكامل، فيما أحتاج إليه في الشتاء لساعات قليلة»، وبذلك يكون قد قلص فاتورة استهلاك الطاقة، وحقق وفراً إضافياً في ظل ارتفاع أسعار الكهرباء.

لطالما اعتاد اللبنانيون البحث عن بدائل للطاقة، منذ تقلص التغذية الكهربائية، وانتشار ظاهرة التقنين الحاد قبل 15 عاماً. يومها، كانت الشبكة الموازية التي توفرها مولدات الكهرباء في الأحياء والبلدات بديلاً عملياً عن التقنين، وتغطي حاجة اللبنانيين للطاقة لحظة انقطاع الكهرباء. لكنها كانت عاملاً مساعداً، قبل عام 2021، حيث انطفأت إلى حد شبه كامل شبكة الكهرباء الرسمية، في ظل امتناع الحكومة عن صرف اعتمادات لـ«شركة كهرباء لبنان»، مما دفع وزارة الطاقة إلى رفع أسعار الكهرباء.

ألواح للطاقة الشمسية في محاذاة معمل لكهرباء لبنان شرق بيروت (أ.ف.ب)

ومع أن اللبنانيين يشكون من ارتفاع أسعارها؛ كون فاتورة الكهرباء باتت تتخطى قدرات موظفي القطاع العام وتشكل نسبة 20 في المائة تقريباً مما تجنيه أغلبية الموظفين شهرياً، فإن استئناف التغذية ساعد اللبنانيين في الاستغناء عن شبكة المولدات التي يصل سعرها إلى أضعاف ما تسعّره شركة الكهرباء الرسمية؛ فسعر الكيلوواط/ ساعة في «مؤسسة الكهرباء» يتراوح بين 0.10 و0.27 دولار، حسب سلم الاستهلاك، بينما يتراوح سعر الكيلوواط/ ساعة في الشبكة الموازية بين 0.45 و0.70 دولار. لكن الجديد أن تغذية اشتراكات المولد ارتفعت في الفترة الأخيرة، لتغطي النقص في تغذية شبكات الدولة.

أمام هذا الواقع، لجأ كثيرون إلى خيار توليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية. تتخطى نسبة اللبنانيين الذين ثبتوا هذا النظام، 40 في المائة من السكان، في أعلى معدل في المنطقة لتوليد الطاقة النظيفة، لكن ذلك لم ينطلق من معايير بيئية، بل «معايير الحاجة»، حسبما يقول خبراء ومسؤولون في الوزارات اللبنانية. ويمكن ملاحظة ألواح الطاقة المثبتة على قسم كبير من المباني في الأرياف، وقرب منشآت استخراج المياه لأغراض الري وتأمين مياه الشفة ضمن نطاق البلديات، في حين ساعد الدعم الدولي بتأمين محطات التوليد على الطاقة الشمسية لاستخراج المياه من الآبار وتوفيرها للسكان.

ألواح الطاقة الشمسية تغزو أسطح منازل اللبنانيين (الوكالة المركزية)

ودفع هذا الجانب الذي يُوصَف بـ«البديل العملي»، إلى سباق لتوفير الطاقة الكهربائية في البلاد. فبينما يوفر أصحاب المولدات تغذية تصل إلى 16 ساعة يومياً في بعض الأحياء، تسعى وزارة الطاقة لزيادة إنتاج الكهرباء عبر تأمين مصادر تمويل وقروض مؤجلة، أبرزها من العراق.

ووقَّع وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، الجمعة، مذكرة تفاهم مع وزير النفط العراقي حيان عبد الغني، لتزويد لبنان بالمشتقات النفطية، تقضي بتمديد اتفاقية تزويد لبنان بزيت الوقود العراقي مع زيادة الكمية، إضافة إلى إبرام اتفاق تجاري جديد لتزويد لبنان بكميات من النفط الخام لاستبدالها بما يناسب من المشتقات النفطية لزوم تشغيل معامل إنتاج الكهرباء في لبنان».

وتنص الاتفاقية الجديدة على تزويد لبنان بكمية سنوية تصل إلى مليوني طن من النفط الخام تقوم وزارة الطاقة بتبديلها بما يناسب مواصفات معامل إنتاج الكهرباء، ما يعني مضاعفة الكمية من مليون إلى مليوني طن سنوياً، مما يوفر تغذية كهربائية تتخطى الـ10 ساعات يومياً من محطات الإنتاج العاملة على الفيول.


مقالات ذات صلة

«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

العالم طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)

«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

حذّرت منظمة «اليونيسيف» من التحول الديموغرافي والتداعيات المتزايدة لظاهرة الاحترار وتهديد التكنولوجيا المتصلة، وكلها «توجهات كبرى» ترسم مستقبلاً قاتماً للأطفال.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة (أميركا))
بيئة رجل يسكب الماء على رأسه أثناء موجة حر في هيوستن بولاية تكساس بالولايات المتحدة - 25 أغسطس 2023 (رويترز)

دراسة: ارتفاع درجات الحرارة يزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني

تشير دراسة جديدة إلى أن موجات الحر قد تزيد خطر الإصابة بالرجفان الأذيني، وهو اضطراب في ضربات القلب، إلى ضعفين أو 3 أضعاف، لا سيما إذا لم يكن القلب بصحة جيدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق تغير المناخ يرفع درجات الحرارة إلى مستويات جديدة خطيرة (أ.ف.ب)

تقرير: مستويات قياسية من الوفيات المرتبطة بالحرارة في عام 2023

حذّر تقرير جديد أعدّه مجموعة من الأطباء وخبراء الصحة من أن تغير المناخ يرفع درجات الحرارة إلى مستويات جديدة خطيرة، كما يفاقم مشكلة الجفاف والأمن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة تظهر صورة القمر الاصطناعي العاصفة الاستوائية «ميلتون» وهي تشتد وتتجه للتحول إلى إعصار قبل وصولها إلى فلوريدا في خليج المكسيك في 6 أكتوبر 2024 (رويترز)

لماذا يجعل الاحتباس الحراري الأعاصير أكثر قوة؟

يؤدي الاحتباس الحراري إلى ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات؛ مما يجعل الأعاصير أكثر قوة. ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أنه سيكون هناك المزيد من الأعاصير.

«الشرق الأوسط» (باريس)

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)
عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)
TT

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)
عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، أن حصيلة الضحايا جراء الغارات الإسرائيلية المستمرة على مناطق مختلفة في البلاد ارتفعت إلى 3670 قتيلاً، و15413 مصاباً.

وقالت الصحة اللبنانية في بيان، اليوم السبت، إن «الغارات الإسرائيلية المتواصلة على مختلف المناطق اللبنانية تسببت بمقتل 3670 شخصاً وإصابة 15413 آخرين منذ بدء العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية»، وفقاً للوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام.

فرق الإنقاذ تبحث تحت أنقاض مبنى مدمر بعد غارات إسرائيلية على منطقة سكنية في حي البسطة بوسط بيروت (إ.ب.أ)

ولفت البيان إلى أن حصيلة الغارات الإسرائيلية على مختلف المناطق اللبنانية أسفرت عن مقتل 25 شخصاً، وإصابة 58 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة خلال الساعات الـ24 الماضية.

يذكر أن الطائرات الحربية الإسرائيلية بدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول) الماضي بشن سلسلة واسعة من الغارات لا تزال مستمرة حتى الساعة، استهدفت العديد من المناطق في جنوب لبنان والبقاع شرق لبنان والعاصمة بيروت والضاحية الجنوبية لبيروت وجبل لبنان وشمال لبنان.

وبدأ الجيش الإسرائيلي في أول أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عملية عسكرية برية مركزة في جنوب لبنان.

وطالت الغارات الإسرائيلية منازل المواطنين والمنشئات المدنية والصحية والطرقات، ومراكز للجيش اللبناني والقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل».