سوريا تشترط إعمارها لاستقبال النازحين وأوروبا تلزمها بالحل السياسي

لبنان يقف أمام معادلة صعبة لتأمين عودتهم

يشكو لبنان من السياسات الأوروبية حيال النازحين (إي بي إيه)
يشكو لبنان من السياسات الأوروبية حيال النازحين (إي بي إيه)
TT

سوريا تشترط إعمارها لاستقبال النازحين وأوروبا تلزمها بالحل السياسي

يشكو لبنان من السياسات الأوروبية حيال النازحين (إي بي إيه)
يشكو لبنان من السياسات الأوروبية حيال النازحين (إي بي إيه)

يطرح إصرار البرلمان الأوروبي على بقاء النازحين السوريين في لبنان - بخلاف إرادة حكومة تصريف الأعمال والاتفاقية المعقودة بين المديرية العامة للأمن العام والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة التي تنص صراحة على أن لبنان ليس بلداً للجوء - مجموعة من الأسئلة حول الأسباب الكامنة وراء عدم مبادرة الجانب السوري إلى التدخل لنصرة الموقف اللبناني، على الرغم من وجود أكثر من مليوني نازح سوري على الأراضي اللبنانية، حسب الإحصاءات الأولية التي أعدتها وزارة الداخلية.

يأتي الصمت السوري متلازماً مع استعداد حكومة تصريف الأعمال لإيفاد وفد وزاري أمني إلى دمشق للتباحث مع المسؤولين السوريين من أجل إعداد جدول زمني لإعادة النازحين إلى ديارهم، بعد أن انتهت الحرب في سوريا، التي أسقطت الذرائع الذي يتذرّع بها المجتمع الدولي في إصراره على بقائهم في لبنان الجريح الذي يرزح تحت وطأة الأزمات المتراكمة من اقتصادية ومعيشية واجتماعية أدت إلى ارتفاع منسوب الفقر لدى السواد الأعظم من اللبنانيين.

فالمشكلة الناجمة عن بقاء النازحين في لبنان لا تكمن، كما يروق للبعض في الخارج، في انقطاع التواصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية، وإنما في استنكاف المجتمع الدولي عن التدخّل لتوفير الدعم المطلوب للبنان لإعادتهم إلى ديارهم، برغم الإنذار المبكر الذي أطلقه وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب في رسالته إلى مفوض الشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، رداً على قرار البرلمان الأوروبي في الإبقاء عليهم في لبنان.

وفي هذا السياق، كشف مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان، الذي يصر على عودة النازحين لمنع الإخلال بالتوازن الداخلي، بات الآن ضحية إصرار الجانب السوري، حتى لو لم يعلن ذلك رسمياً، على ربط عودتهم بدعم المجتمع الدولي لمشروع إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب، وتأهيل البنى التحتية بذريعة أن التحالف الدولي لإسقاطه تسبّب بهذا الكم من الدمار.

وفي المقابل، فإن المجتمع الدولي، كما يقول المصدر الوزاري، يربط العودة الآمنة والطوعية للنازحين بالحل السياسي في سوريا طبقاً للقرارات الدولية، بدءاً بما نص عليه المؤتمر الذي استضافته سويسرا، وبالتالي يرفض توفير الغطاء السياسي لعودتهم بذريعة أنها تمنح النظام في سوريا شهادة حسن سلوك يستخدمها، من وجهة نظره، لتلميع صورته دولياً.

ولفت المصدر الوزاري إلى أن وزراء حاليين وسابقين كانوا نقلوا عن مسؤولين سوريين التقوهم في خلال زياراتهم لدمشق قولهم بأن الأبواب السورية مفتوحة لاستقبال النازحين لأنه من غير الجائز منع مواطنين سوريين من عودتهم إلى بلداتهم وقراهم، وأن لا صحة لما يتداوله الإعلام الغربي من حين لآخر بأن بعضهم يخضع للتحقيق، ويتعرض للتعذيب والاعتقال، وبالتالي لا مانع لديهم من استحداث مكاتب تابعة للمفوضية العليا للاجئين في دمشق وكبرى المدن السورية للتأكد من أن عودتهم كانت طبيعية ولا تشوبها شائبة.

لكنه توقف أمام أمرين: الأول يتعلق، كما نقل وزراء عن مسؤولين سوريين، بأن النازحين لا يبدون حماسة للعودة إلى ديارهم طالما أنهم ينعمون بحوافز مالية ومعنوية من المفوضية العليا تفوق قدرة النظام في سورية على تأمينها إلا في حال تأمنت هذه الحوافز لإدارات الدولة لتقديمها إلى العائدين.

أما الأمر الثاني يعود، حسب المصدر الوزاري، إلى أن عودة النازحين إلى ديارهم في حاجة إلى إعادة إعمار قراهم وبلداتهم المدمرة، وهذا يتطلب مشاركة دولية ما زالت ليست موجودة بسبب الموقف الأوروبي والأميركي من النظام في سوريا.

لذلك، فإن النظام في سوريا يقول نعم لعودة النازحين، لكنه يتذرع في الوقت نفسه بامتناع المجتمع الدولي عن مساهمته في إعادة إعمار سوريا من جهة، وباستنكاف المفوضية العليا للاجئين عن تجيير الحوافز المالية التي توفرها للنازحين لصالح مؤسسات الدولة لحثهم على العودة.

وفي هذا السياق، استغرب مصدر وزاري محاولة الحكومة القبرصية إعادة 50 شخصاً يحملون الجنسية السورية إلى لبنان كانوا وصلوا إليها بطريقة غير شرعية بواسطة مركب أبحر بهم من أحد الموانئ السورية، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن لبنان رفض استقبالهم، وكشف أن الأمر تكرر بإبعاد 150 سورياً إلى لبنان، لكن تدخّل وزارة الخارجية إلى جانب رئيس حكومة تصريف الأعمال أدى إلى موافقة قبرص على عدم إعادتهم إلى لبنان لأنهم وصلوا إليها عن طريق أحد الموانئ السورية.


مقالات ذات صلة

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تعيد للواجهة المبادرة العراقية للتطبيع مع سوريا بعد موقف روسيا

أعادت تركيا إلى الواجهة مبادرة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني للوساطة مع سوريا بعد التصريحات الأخيرة لروسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع

اعتبر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، بعد لقائه وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق، أمس، أنه «من الضروري للغاية ضمان أن يكون هناك وقف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقاء صباغ وبيدرسن في مقر وزارة الخارجية السورية 24 نوفمبر 2024 (حساب الوزارة على فيسبوك)

بيدرسن: من الضروري عدم جر سوريا إلى النزاع في المنطقة

لم تصدر أي تفاصيل حول نتائج لقاء الموفد الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الأحد، مع وزير الخارجية السوري بسام الصباغ في دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي تشييع اثنين من ضحايا هجوم تدمر في الحطابية بمحافظة حمص الجمعة (متداولة)

بعد هجوم تدمر... قيادات إيرانية تتحرك من سوريا نحو العراق

أنباء عن مغادرة قياديين في «الحرس الثوري الإيراني» وميليشيات تابعة لإيران، الأراضي السورية متجهة إلى العراق؛ خشية تعرضهم للاستهداف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في لبنان وإسرائيل وغزة

نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في لبنان وإسرائيل وغزة

نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)
نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

دعت الأمم المتحدة، اليوم (الثلاثاء)، من جديد إلى «وقف دائم لإطلاق النار» في لبنان وإسرائيل وغزة، في حين يتوقع إعلان هدنة بين إسرائيل و«حزب الله»، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال الناطق باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للمنظمة، جيريمي لورانس، إن «السبيل الوحيد لإنهاء معاناة الناس من جميع الأطراف هو وقف دائم وفوري لإطلاق النار على كل الجبهات، في لبنان وإسرائيل وغزة».

وتجددت الغارات الإسرائيلية العنيفة، اليوم (الثلاثاء)، على ضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 6 مواقع. ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء مرفقاً بخرائط إلى سكان برج البراجنة وتحويطة الغدير.

وتأتي الغارة وسط ترقب لاتفاق وشيك لوقف إطلاق النار في لبنان. وقال مسؤول إسرائيلي كبير لـ«رويترز» إن إسرائيل تبدو مستعدة للموافقة على خطة أميركية لوقف إطلاق النار الثلاثاء، مما يمهد الطريق لإنهاء الحرب التي أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين منذ اندلاعها في قطاع غزة منذ 14 شهراً.

وفي غزة، أسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 44 ألفاً و249 فلسطينياً وإصابة 104 آلاف و746 آخرين.