سوريا تشترط إعمارها لاستقبال النازحين وأوروبا تلزمها بالحل السياسي

لبنان يقف أمام معادلة صعبة لتأمين عودتهم

يشكو لبنان من السياسات الأوروبية حيال النازحين (إي بي إيه)
يشكو لبنان من السياسات الأوروبية حيال النازحين (إي بي إيه)
TT
20

سوريا تشترط إعمارها لاستقبال النازحين وأوروبا تلزمها بالحل السياسي

يشكو لبنان من السياسات الأوروبية حيال النازحين (إي بي إيه)
يشكو لبنان من السياسات الأوروبية حيال النازحين (إي بي إيه)

يطرح إصرار البرلمان الأوروبي على بقاء النازحين السوريين في لبنان - بخلاف إرادة حكومة تصريف الأعمال والاتفاقية المعقودة بين المديرية العامة للأمن العام والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة التي تنص صراحة على أن لبنان ليس بلداً للجوء - مجموعة من الأسئلة حول الأسباب الكامنة وراء عدم مبادرة الجانب السوري إلى التدخل لنصرة الموقف اللبناني، على الرغم من وجود أكثر من مليوني نازح سوري على الأراضي اللبنانية، حسب الإحصاءات الأولية التي أعدتها وزارة الداخلية.

يأتي الصمت السوري متلازماً مع استعداد حكومة تصريف الأعمال لإيفاد وفد وزاري أمني إلى دمشق للتباحث مع المسؤولين السوريين من أجل إعداد جدول زمني لإعادة النازحين إلى ديارهم، بعد أن انتهت الحرب في سوريا، التي أسقطت الذرائع الذي يتذرّع بها المجتمع الدولي في إصراره على بقائهم في لبنان الجريح الذي يرزح تحت وطأة الأزمات المتراكمة من اقتصادية ومعيشية واجتماعية أدت إلى ارتفاع منسوب الفقر لدى السواد الأعظم من اللبنانيين.

فالمشكلة الناجمة عن بقاء النازحين في لبنان لا تكمن، كما يروق للبعض في الخارج، في انقطاع التواصل بين الحكومتين اللبنانية والسورية، وإنما في استنكاف المجتمع الدولي عن التدخّل لتوفير الدعم المطلوب للبنان لإعادتهم إلى ديارهم، برغم الإنذار المبكر الذي أطلقه وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب في رسالته إلى مفوض الشؤون الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، رداً على قرار البرلمان الأوروبي في الإبقاء عليهم في لبنان.

وفي هذا السياق، كشف مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان، الذي يصر على عودة النازحين لمنع الإخلال بالتوازن الداخلي، بات الآن ضحية إصرار الجانب السوري، حتى لو لم يعلن ذلك رسمياً، على ربط عودتهم بدعم المجتمع الدولي لمشروع إعادة إعمار المناطق التي دمرتها الحرب، وتأهيل البنى التحتية بذريعة أن التحالف الدولي لإسقاطه تسبّب بهذا الكم من الدمار.

وفي المقابل، فإن المجتمع الدولي، كما يقول المصدر الوزاري، يربط العودة الآمنة والطوعية للنازحين بالحل السياسي في سوريا طبقاً للقرارات الدولية، بدءاً بما نص عليه المؤتمر الذي استضافته سويسرا، وبالتالي يرفض توفير الغطاء السياسي لعودتهم بذريعة أنها تمنح النظام في سوريا شهادة حسن سلوك يستخدمها، من وجهة نظره، لتلميع صورته دولياً.

ولفت المصدر الوزاري إلى أن وزراء حاليين وسابقين كانوا نقلوا عن مسؤولين سوريين التقوهم في خلال زياراتهم لدمشق قولهم بأن الأبواب السورية مفتوحة لاستقبال النازحين لأنه من غير الجائز منع مواطنين سوريين من عودتهم إلى بلداتهم وقراهم، وأن لا صحة لما يتداوله الإعلام الغربي من حين لآخر بأن بعضهم يخضع للتحقيق، ويتعرض للتعذيب والاعتقال، وبالتالي لا مانع لديهم من استحداث مكاتب تابعة للمفوضية العليا للاجئين في دمشق وكبرى المدن السورية للتأكد من أن عودتهم كانت طبيعية ولا تشوبها شائبة.

لكنه توقف أمام أمرين: الأول يتعلق، كما نقل وزراء عن مسؤولين سوريين، بأن النازحين لا يبدون حماسة للعودة إلى ديارهم طالما أنهم ينعمون بحوافز مالية ومعنوية من المفوضية العليا تفوق قدرة النظام في سورية على تأمينها إلا في حال تأمنت هذه الحوافز لإدارات الدولة لتقديمها إلى العائدين.

أما الأمر الثاني يعود، حسب المصدر الوزاري، إلى أن عودة النازحين إلى ديارهم في حاجة إلى إعادة إعمار قراهم وبلداتهم المدمرة، وهذا يتطلب مشاركة دولية ما زالت ليست موجودة بسبب الموقف الأوروبي والأميركي من النظام في سوريا.

لذلك، فإن النظام في سوريا يقول نعم لعودة النازحين، لكنه يتذرع في الوقت نفسه بامتناع المجتمع الدولي عن مساهمته في إعادة إعمار سوريا من جهة، وباستنكاف المفوضية العليا للاجئين عن تجيير الحوافز المالية التي توفرها للنازحين لصالح مؤسسات الدولة لحثهم على العودة.

وفي هذا السياق، استغرب مصدر وزاري محاولة الحكومة القبرصية إعادة 50 شخصاً يحملون الجنسية السورية إلى لبنان كانوا وصلوا إليها بطريقة غير شرعية بواسطة مركب أبحر بهم من أحد الموانئ السورية، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن لبنان رفض استقبالهم، وكشف أن الأمر تكرر بإبعاد 150 سورياً إلى لبنان، لكن تدخّل وزارة الخارجية إلى جانب رئيس حكومة تصريف الأعمال أدى إلى موافقة قبرص على عدم إعادتهم إلى لبنان لأنهم وصلوا إليها عن طريق أحد الموانئ السورية.


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي يعرب عن قلقه البالغ إزاء العنف في سوريا ويدعو إلى احترام سيادتها

المشرق العربي عناصر من قوات الأمن السورية في منطقة بالقرب من العاصمة السورية دمشق... 30 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يعرب عن قلقه البالغ إزاء العنف في سوريا ويدعو إلى احترام سيادتها

أعرب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، اليوم الأربعاء، عن قلقه البالغ إزاء «العنف غير المقبول» في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عناصر من قوات الأمن السورية ينتشرون في منطقة قرب دمشق وسط الاشتباكات الطائفية الأخيرة (أ.ف.ب) play-circle

سوريا ترفض «التدخل الخارجي» بشؤونها وتؤكد التزامها بـ«حماية» جميع مكونات الشعب

أكدت السلطات السورية اليوم الأربعاء التزامها بـ«حماية» كل مكونات الشعب بمن فيهم الدروز، وفق ما أفادت وزارة الخارجية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مفتي سوريا أسامة الرفاعي (متداولة) play-circle 01:03

مفتي سوريا يحذّر من «الفتنة» على وقع الاشتباكات مع الدروز قرب دمشق

حذّر المفتي العام في سوريا أسامة الرفاعي، الأربعاء، من «الفتنة» بعد الاشتباكات التي اندلعت في منطقة صحنايا قرب دمشق بين مسلحين مرتبطين بالسلطة وآخرين دروز.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لقاء درزي موسع في بلدة عبية بقضاء عاليه استنكاراً للأحداث الدامية التي تتعرض لها طائفة الموحدين الدروز في سوريا (جريدة الأنباء الإلكترونية التابعة للحزب الاشتراكي)

دروز لبنان يستنفرون للتصدي لـ«مشروع فتنة» في سوريا... وجنبلاط: مستعد للذهاب إلى دمشق

استنفر الدروز في لبنان لاحتواء الاشتباكات الدامية التي شهدتها منطقتا جرمانا وصحنايا، جنوب دمشق؛ سعياً لمنع انزلاق الأمور إلى مواجهة دامية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص قوات الأمن السورية تقف حراسة على نقطة تفتيش عند أحد مداخل ضاحية جرمانا بعد اشتباكات الثلاثاء (أ.ب)

خاص «الشرق الأوسط» في صحنايا: السكان عاشوا «ليلة رهيبة» ويطالبون بسحب الأسلحة المنفلتة

قالت مصادر مدنية لـ«الشرق الأوسط»، إن ليلة أمس كانت عصيبة على أهالي بلدتي صحنايا وأشرفية صحنايا إذ لم تهدأ فيها أصوات إطلاق النار وانفجارات قذائف الهاون.

سعاد جروس (دمشق)

غزة: «وورلد سنترال كيتشن» تحذر من تفاقم أزمة الغذاء  

فلسطينيون يتلقون تبرعات غذائية بمركز توزيع في خان يونس بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتلقون تبرعات غذائية بمركز توزيع في خان يونس بقطاع غزة (أ.ب)
TT
20

غزة: «وورلد سنترال كيتشن» تحذر من تفاقم أزمة الغذاء  

فلسطينيون يتلقون تبرعات غذائية بمركز توزيع في خان يونس بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتلقون تبرعات غذائية بمركز توزيع في خان يونس بقطاع غزة (أ.ب)

حذَّر مؤسِّس منظمة «وورلد سنترال كيتشن» الإغاثية خوسيه أندريس، اليوم (الخميس)، من تفاقم أزمة الغذاء في قطاع غزة، داعياً إسرائيل إلى فتح ممرات إنسانية على الفور.

وقال أندريس، في حسابه على منصة «إكس»، موجهاً حديثه إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «الأزمة تتفاقم، والجوع يسبب الفوضى ويعرِّض حياة المدنيين والرهائن، على حد سواء، للخطر».

وأشار مؤسِّس «وورلد سنترال كيتشن» إلى نفاد الدقيق من آخر مخابز المنظَّمة الخيرية في القطاع، الذي يتعرَّض لحرب إسرائيلية أسفرت عن مقتل ما يربو على 52 ألف فلسطيني منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بحسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي إلى 52 ألفاً و400 قتيل، و118 ألفاً و14 مصاباً منذ السابع من أكتوبر 2023.

وأفادت «صحة غزة»، في بيان صحافي نشرته أمس، بأن «حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 مارس (آذار) الماضي بلغت 2308 شهداء و5 آلاف و973 إصابة».