نقص المياه والمساعدات يُرهق مخيمات الشمال السوري

ظهور أمراض جلدية خطيرة بين أطفال النازحين

نازح سوري يحمل قطعة ثلج متجهاً إلى خيمته في مخيم «الرصيف» شمال إدلب (الشرق الأوسط)
نازح سوري يحمل قطعة ثلج متجهاً إلى خيمته في مخيم «الرصيف» شمال إدلب (الشرق الأوسط)
TT

نقص المياه والمساعدات يُرهق مخيمات الشمال السوري

نازح سوري يحمل قطعة ثلج متجهاً إلى خيمته في مخيم «الرصيف» شمال إدلب (الشرق الأوسط)
نازح سوري يحمل قطعة ثلج متجهاً إلى خيمته في مخيم «الرصيف» شمال إدلب (الشرق الأوسط)

وسط موجة حر شديدة، تصاعدت شكاوى نحو مليون ونصف مليون نازح يعيشون في مخيمات عشوائية وفقيرة، من نقص المياه الحاد، من المنظمات الإنسانية الدولية، مع ظهور أمراض جلدية على أجساد الأطفال، ومخاوف من انتشارها على نطاق أوسع.

ويتوجه عشرات الآباء يومياً بأطفالهم من المخيمات الحدودية مع تركيا وغيرها في شمال غربيّ سوريا، نحو المستشفيات العامة والخاصة على حد سواء، بحثاً عن علاج سريع لإصابات جلدية (بقع حمراء مؤلمة وجَرَب)، ظهرت مؤخراً على أجساد أبنائهم، قبل أن يبلغ الأمر حد الإصابات الفردية ويصل إلى العدوى الجماعية. عند غرفة انتظار أحد أطباء الجلدية في مدينة الدانا، شمال إدلب، ينتظر أبو سامر وابنه ذو السنوات العشر (المصاب بالجرب)، مع العشرات من المصابين بأمراض جلدية مختلفة، دورهم لرؤية الطبيب ومعاينة الحالات المصابة وصف العلاجات اللازمة والسريعة لها، التي وصفها البعض بالخطيرة، ما إن تفشّت في أوساط الناس وبخاصة بين النازحين في المخيمات المكتظة بالبشر.

نازح في مخيّم «ترمانين» غرب حلب يرطّب جوانب الخيمة بالماء للتخفيف من درجات الحرارة (الشرق الأوسط)

ويعزو أبو سامر (38 عاماً)، وهو نازح من ريف حلب الجنوبي إلى أحد المخيمات في منطقة أطمة الحدودية شمال إدلب، السبب في حالة ابنه الصحية وظهور علامات الإصابة بالجرب على مختلف أنحاء جسده، إلى قلة النظافة بسبب نقص المياه ومحدودية الكمية المخصصة لأسرته المؤلفة من 5 أشخاص من المياه التي تقدمها إحدى المنظمات الإنسانية، وهي 125 لتراً يومياً (أي 25 لتراً للفرد الواحد يومياً)، ويجري استخدامها والتصرف بها بتقنين شديد، إما للشرب وتبريد الأغطية خلال موجة الحر الحالية، وإما لغسيل أواني الطعام. أما غسيل الملابس والاستحمام، فكل أسبوع مرة واحدة، وربما ذلك هو السبب في تفشي الأمراض الجلدية بين الناس وبخاصة في المخيمات. ويضيف: «قد لا أفلح في معالجة ولدي من مرض الجرب وقد يتطور الأمر إلى إصابة باقي أفراد العائلة عن طريق العدوى، ما دام السبب لا يزال قائماً حتى الآن وهو قلة المياه، وكذلك مئات الحالات المصابة بأمراض جلدية منها الخطيرة في مخيمات النازحين التي تشكّل خطراً على الناس ككل نظراً للاكتظاظ البشري فيها والحمامات الجماعية وكذلك خزانات مياه الشرب، التي تعدّ عوامل رئيسية في انتقال العدوى سواء أمراضاً جلدية وغيرها من الأمراض بين الناس».

عامل في إحدى المنظمات الإنسانية يزوِّد مخيماً للنازحين شمال غربي سوريا بمياه الشرب (الشرق الأوسط)

«نتمنى ألا يأتي الصيف وحره الشديد الذي يرهق فينا الكبير والصغير وحتى الرضيع»... بهذه الكلمات وصفت السيدة أم محمد (28 عاماً) معاناتها وأطفالها، التي تتكرر كل عام مع قدوم فصل الصيف، وهي لاجئة في مخيم «درعمان» غربيّ حلب، ضمن خيمة سقفها من البلاستيك ذي اللون الأزرق الذي يضاعف درجات الحرارة داخل الخيمة.

وتقول: «قضينا أسبوعاً كاملاً ونحن نعالج طفلتنا (5 أعوام) في أحد المستشفيات العامة في المنطقة، بعد تعرضها للإصابة بالتهابات معوية، وكان السبب في ذلك اعتماد أسرتي في مياه الشرب على بئر قديمة قريبة من المخيم، التي اتضح أن مياهها غير صالحة للشرب بتاتاً، والأمر الذي دفعنا للاعتماد عليها في توفير مياه الشرب هو قلة المياه التي نحصل عليها من إحدى المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في المنطقة، وكميتها لا تتعدى 30 لتراً يومياً للفرد الواحد، في حين لا تسمح ظروف زوجي المادية بشراء مياه عن طريق صهاريج نقل المياه التي يبلغ سعر الصهريج الواحد منها (40 برميلاً) 200 ليرة تركية (أي ما يعادل 8 دولارات)، بينما لا يتجاوز أجره اليومي من عمله في البناء 40 ليرة تركية».

وأكدت مصادر طبية في إدلب وريف حلب الخاضعة لسلطة المعارضة في شمال غربيّ سوريا، أن المشافي والمراكز الطبية في تلك المنطقة، سجّلت تعرُّض ما يزيد على 1790 شخصاً بينهم أطفال، بأمراض مختلفة منها الحمى والكوليرا والجرب، ناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة وقلة النظافة وقلة المياه خلال موجة الحر التي تشهدها المنطقة.

وقالت منظمة «منسقو استجابة سوريا»، التي تهتم برصد الجانب الإنساني في شمال غربيّ سوريا ومخيمات النازحين، في بيان لها، إن «أكثر من 811 مخيماً للنازحين في شمال غربيّ سوريا، تعاني من انعدام المياه اللازمة، إضافةً إلى انخفاض مخصصات المياه في باقي المخيمات نتيجة تخفيض الدعم من المنظمات الدولية، وارتفاع معدل استهلاك المياه، مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير والتي من المتوقع أن تزداد خلال الأيام القادمة، كما طالبت بالعمل على حماية الأطفال وبخاصة (الرضع) وكبار السن من موجات الحر الحالية، ودعت المنظمات الإنسانية بشكل عاجل إلى تحمل مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية تجاه النازحين والمخيمات التي يقطنها أكثر من مليون ونصف المليون مدنيّ في مواجهة درجات الحرارة العالية».

وتشهد محافظة إدلب ومناطق حلب ومخيمات النازحين، وقفات احتجاجية لمنظمات إنسانية وجهات إنسانية وطبية وسياسية، بشكل شبه يومي، بسبب عدم وصول مجلس الأمن إلى قرار نهائي بشأن تمديد إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود (باب الهوى) شمال إدلب، وذلك بعد فشل المجلس بالتوافق على مقترح قدمته البرازيل وسويسرا في 11 يوليو (تموز) الجاري، بشأن تمديد إدخال المساعدات لمدة عام، بسبب استخدام روسيا حق الفيتو لمنع القرار، الذي قدمت بعده الأخيرة مقترحاً يتيح تمديد إدخال المساعدات الإنسانية لمدة 6 أشهر، ولم توافق عليه سوى الصين، وأعقبه إعلان النظام السوري، الخميس (الماضي)، منح الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة إذناً باستخدام معبر «باب الهوى» الحدودي مع تركيا، لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غربيّ سوريا لمدة ستة أشهر، شرط التنسيق مع حكومة النظام.



سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
TT

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)
جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (الجمعة)، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل بعد انتهاء ولاية قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بنهاية عام 2026.

وذكرت الرئاسة اللبنانية في بيان أن سلّام طرح خلال اللقاء مع وفد مجلس الأمن إمكانية أن تعمل هذه القوة تحت إطار «هيئة الأمم المتحدة» لمراقبة الهدنة، أو أن تكون قوة حفظ سلام محدودة الحجم ذات طابع مشابه للقوة العاملة في هضبة الجولان بسوريا.

وقرر مجلس الأمن الدولي في أغسطس (آب) الماضي تمديد ولاية «اليونيفيل»، التي أنشئت في 1978 بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، حتى نهاية العام المقبل. ومن المنتظر أن تبدأ «اليونيفيل» عملية انسحاب تدريجي من جنوب لبنان بعد انتهاء ولايتها.


مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
TT

مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

قُتل فلسطيني، الجمعة، إثر إطلاق قوات إسرائيلية النار اتجاهه خلال اقتحامها قرية أودلا، جنوب نابلس، شمال الضفة الغربية، في وقت تصاعدت فيه هجمات المستوطنين بمناطق متفرقة من الضفة، ووسط تحذيرات رسمية من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين.

وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بمقتل الشاب بهاء عبد الرحمن راشد (38 عاماً) برصاص الاحتلال في بلدة أودلا، بينما ذكرت طواقم الهلال الأحمر أن راشد أُصيب برصاصة في رأسه بشكل مباشر، وجرت محاولات لإنعاشه وإنقاذ حياته في عيادة طوارئ بلدة بيتا، إلا أنه فارق الحياة فيها.

وقالت مصادر محلية لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن قوات الاحتلال اقتحمت وسط القرية ومحيط المسجد القديم في أودلا، وأطلقت الرصاص الحي وقنابل الغاز السام والصوت تزامناً مع خروج المصلين من المسجد؛ ما أدى إلى اندلاع مواجهات، وإصابة شاب بالرصاص الحي بالرأس أُعلن مقتله لاحقاً.

جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

وشنَّت القوات الإسرائيلية، فجر وصباح الجمعة، حملة اعتقالات طالت ما لا يقل عن 6 فلسطينيين، في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، داهمت خلالها عشرات المنازل، وأخضعت سكانها لتحقيق ميداني، كما عاثت في المنازل خراباً.

وأضرم مستوطنون، فجر الجمعة، النار في مركبتين، وكتبوا شعارات عنصرية، خلال هجومهم على قرية الطيبة شرق رام الله، التي داهموها وسط حماية من جيش الاحتلال، قبل أن ينسحبوا منها بعد تصدي السكان لهم.

وهذه المرة السادسة التي تتعرَّض فيها البلدة لهجمات، يتخللها إحراق مركبات وخط شعارات عنصرية، منذ بداية العام الحالي، حيث تَزَامَنَ هذا الاعتداء مع بدء استعدادات البلدة لاستقبال عيد الميلاد المجيد، حيث جرى، أمس، افتتاح سوق «ميلادي» بحضور عدد من الدبلوماسيين وأهالي البلدة التي تقطنها غالبية مسيحية.

في حين قطع مستوطنون خطوطاً ناقلة للمياه في خربة الدير بالأغوار الشمالية، بينما شرع آخرون - بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي - في حراثة أرض وزراعتها بعد السيطرة عليها من فلسطينيين، في منطقة خلايل اللوز جنوب شرق بيت لحم، بينما اعتدى آخرون على المزارعين في خربة يرزا شرق طوباس، ومنع آخرين من فلاحة أراضيهم ورعي مواشيهم في قرية الزويدين ببادية يطا جنوب الخليل.

فلسطيني يمر قرب جنود إسرائيليين خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (أ.ف.ب)

وأخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلية، بإزالة المئات من أشجار الزيتون على جانب الشارع الرئيسي بمسافة كيلومتر واحد، من أراضي بلدة تقوع جنوب شرقي بيت لحم، بعد أن علّقت إخطارات على الأشجار وواجهات المنازل.

البرغوثي

يأتي هذا التصعيد الميداني، في وقت ذكرت فيه هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، أن اتصالاً هاتفياً من رقم إسرائيلي، ورد لعائلة القيادي الفلسطيني، الأسير مروان البرغوثي، ادَّعى فيه المتصل أنه أسيرٌ مُحرَّرٌ أُفرج عنه فجر الجمعة من سجون الاحتلال، أثار حالةً من الهلع والقلق في أوساط عائلة البرغوثي بعد أن أبلغهم المتصل بأن حالته صعبة وخطيرة جداً.

وأوضحت الهيئة أنه وبعد المتابعة والتواصل، تبيَّن أن المعلومات التي نُقلت للعائلة تتحدث عن اعتداء وحشي تعرَّض له البرغوثي على يد السجانين الإسرائيليين، حيث ادعى المتصل أن «جزءاً من أذنه قد قُطع، وتعرَّضت أضلاعه وأصابع يده وأسنانه للكسر، وذلك خلال جولات متكررة من التعذيب والتنكيل».

مروان البرغوثي يحضر جلسة مداولات بمحكمة الصلح في القدس (أرشيفية - رويترز)

وأشارت الهيئة إلى أن هذا الاتصال شكَّل حالةً من الذعر لدى أسرة البرغوثي ولدى الشعب الفلسطيني بأكمله، وقد جرت محاولة الاتصال بالرقم ذاته دون جدوى، مؤكدةً أن هناك حالات سابقة تم تسجيلها تتضمَّن تهديداً وتخويفاً ومضايقات لعائلات الأسرى، مشددةً على استمرار عملها المشترك والمكثف مع القيادة الفلسطينية والأصدقاء والمتضامنين الدوليِّين للوقوف على حقيقة حالة البرغوثي، مع تحميل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عمّا يتعرَّض له الأسرى داخل السجون الإسرائيلية.

وفي أعقاب ذلك، حذَّرت الرئاسة الفلسطينية من خطورة ما يتعرَّض له الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية من انتهاكات خطيرة ووحشية، تمس كرامتهم الإنسانية، وتهدد حياتهم بشكل مخالف وسافر للقوانين والمواثيق الدولية كافة، وفي مقدمتها اتفاقات جنيف الـ4.

وأدانت الرئاسة الفلسطينية، بشكل خاص، ما يتعرَّض له البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» من اعتداءات متواصلة وإجراءات انتقامية خطيرة، محملةً الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن سلامته وسلامة جميع الأسرى في سجونها. مؤكدةً أن «استمرار هذه الانتهاكات بحق الأسرى يُشكِّل جريمة حرب مكتملة الأركان، تعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة في التنكيل بالأسرى الفلسطينيين، في محاولة لكسر إرادتهم ومعاقبتهم جماعياً». وفق نصِّ بيانها.

وطالبت الرئاسة المجتمع الدولي، ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بالتحرك الفوري والعاجل لتحمُّل مسؤولياتها القانونية والإنسانية، والضغط على الحكومة الإسرائيلية؛ لوقف هذه الانتهاكات فوراً، وضمان الحماية الدولية للأسرى، وتمكينهم من حقوقهم التي كفلتها الشرائع الدولية، مؤكدةً العمل الدؤوب على إطلاق سراحهم جميعاً، وعلى رأسهم البرغوثي.


الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

الحكومة العراقية الجديدة مفتوحة على المفاجآت

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار قرار في العراق، تضمن إدراج «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» اليمنية على قوائم الإرهاب، ثم التراجع عنه سريعاً، توتراً سياسياً واسعاً داخل المعسكر الشيعي الحاكم في العراق، في وقت يحتدم فيه الجدل حول تشكيل الحكومة المقبلة.

وجاء القرار والتراجع عنه ليعيد تسليط الضوء على واحدة من نقاط الاحتكاك المستمرة بين «الضغوط الأميركية على بغداد» و«النفوذ الإيراني» في البلاد.

ونفت رئاسة جمهورية العراق، الجمعة، علمها أو مصادقتها على قرار اعتبار جماعة «الحوثي» و«حزب الله» اللبناني «جماعة إرهابية»، وتجميد الأصول والأموال العائدة إليهما.

وقالت الرئاسة في بيان، إن مثل هذه القرارات لا تُرسل إليها، مشيرة إلى أن ما يصل إليها للتدقيق والمصادقة والنشر يقتصر على القوانين التي يصوت عليها مجلس النواب والمراسيم الجمهورية.

وأضاف البيان أن قرارات مجلس الوزراء أو لجان تجميد أموال الإرهابيين وتعليمات مكافحة غسيل الأموال لا تُحال إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة، وأن رئاسة الجمهورية لم تطلع أو تعلم بهذا القرار إلا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ما استدعى إصدار التوضيح الرسمي.

وأدرجت السلطات العراقية عبر لجنة تجميد أموال الإرهابيين «حزب الله» اللبناني وجماعة «الحوثي» في اليمن على قوائمها، تنفيذاً لحزم من قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب وتمويله، وذلك بحسب ما ورد في العدد 4848 من جريدة «الوقائع العراقية» الصادر في 17 نوفمبر 2025.

وسرعان ما تراجعت السلطات عملياً عن قرار الإدراج هذا، بعد نشر توضيح رسمي ووثيقة صادرة عن البنك المركزي العراقي تؤكد أن موافقة بغداد اقتصرت على الكيانات والأفراد المرتبطين بتنظيم «داعش» و«القاعدة» حصراً.

رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

توتر داخل «التنسيقي»

وقال سياسيون وخبراء قانونيون إن البنك المركزي، بصفته مؤسسة مستقلة، لا يخضع إدارياً للحكومة، لكن الإجراء التصحيحي الذي اتخذه رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، عبر إصدار توضيحات وفتح تحقيق «عاجل»، دفع الأزمة إلى مستوى سياسي داخل «الإطار التنسيقي»، في وقت يحتدم فيه الجدل حول اسم رئيس الوزراء للولاية المقبلة.

ورغم غياب بيان رسمي موحد من قوى «الإطار التنسيقي»، اتهمت أحزاب وفصائل قريبة منه الحكومة بأن الخطأ لم يكن تقنياً، بل خطوة محسوبة تهدف إلى إظهار انسجام بغداد مع مطالب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بالتزامن مع توقع وصول المبعوث الرئاسي مارك سافايا إلى بغداد بعد زيارة مماثلة لمبعوث واشنطن إلى سوريا ولبنان.

السوداني، الذي يواجه ضغوطاً متزايدة داخل تحالفه السياسي، حتى إن بعض قيادات «الإطار التنسيقي» أزالوه من مجموعة «واتساب» خاصة بالتنسيق الداخلي، حسب مصادر سياسية، أصدر بياناً مقتضباً قال فيه إنه «لا مساومة» بشأن دعم العراق لـ«حقوق الشعوب وتضحياتها»، في إشارة غير مباشرة إلى موقفه من «حزب الله» و«الحوثي».

لكن نائب رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الأعرجي، وهو حليف سياسي للسوداني، دافع عنه قائلاً إن ما حدث «خطأ فني» في قرار صدر عن لجنة تابعة للبنك المركزي «الذي يعد مؤسسة مستقلة لا تخضع للإرادة الحكومية». وأضاف على منصة «إكس»، أن الخطأ «سيُصحّح»، وأن التحقيق سيمنع «المتصيدين» من استغلال الواقعة سياسياً، على حد تعبيره.

«انعكاسات على تشكيل الحكومة»

تأتي الحادثة فيما يعمل «الإطار التنسيقي» على الاتفاق على مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة، وسط انقسام واضح بين قواه الرئيسية بشأن بقاء السوداني لولاية ثانية أو استبداله.

ومع تصاعد الجدل حول «خطأ البنك المركزي»، زاد من صعوبة مهمة «الإطار التنسيقي» في التوصل إلى اتفاق داخلي، وفتح الباب أمام «سيناريوهات مفاجئة»، وفق مصادر سياسية.

في المقابل، صعّدت فصائل شيعية مسلّحة من انتقاداتها للحكومة. وقال رئيس المجلس السياسي لـ«حركة النجباء»، علي الأسدي، إن إدراج الحزبين على قوائم الإرهاب «خيانة»، واعتبر أن ترشيح الرئيس السابق دونالد ترمب لجائزة نوبل «من قِبَل العراق»، حسب تعبيره، يمثل «إهانة للتضحيات». وأضاف أن «مثل هذه الحكومة لا تمثل الشعب العراقي»، مرفقاً تعليقاته بوسم «قرار إعدام الولاية الثانية».

وتعكس الواقعة، التي بدأت بخطأ إداري ثم تحولت إلى أزمة سياسية، هشاشة التوازن الذي تحاول بغداد الإبقاء عليه بين علاقتها بالولايات المتحدة الشريك المالي والعسكري الرئيسي وعلاقاتها مع قوى مرتبطة بإيران.