الأردن: دورة نيابية استثنائية بقوانين جدلية تتصدرها الجرائم الإلكترونية والسير 

تأجيل التعديل الحكومي لمطلع الدورة العادية المقبلة

التصويت على إحالة عدد من مشاريع القوانين إلى اللجان المختصة (مجلس النواب الأردني)
التصويت على إحالة عدد من مشاريع القوانين إلى اللجان المختصة (مجلس النواب الأردني)
TT

الأردن: دورة نيابية استثنائية بقوانين جدلية تتصدرها الجرائم الإلكترونية والسير 

التصويت على إحالة عدد من مشاريع القوانين إلى اللجان المختصة (مجلس النواب الأردني)
التصويت على إحالة عدد من مشاريع القوانين إلى اللجان المختصة (مجلس النواب الأردني)

بدأت اليوم أولى جلسات مجلس النواب الأردني في دورته الاستثنائية الثالثة من عمره، وتتصدر أجندة أعمالها مشاريع قوانين قد تزيد من حدة التوتر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، على وقع مزاج شعبي قلق.

ويتصدر أجندة القوانين في الدورة مشروع قانون السير ومشروع قانون الجرائم الإلكترونية، في وقت ليست فيه بقية القوانين بعيدة الأثر عن الحياة اليومية للأردنيين مثل مشاريع قوانين حماية البيانات الشخصية والملكية العقارية والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتأتي هذه التشريعات في وقت تتراجع الثقة الشعبية في مؤسستي الحكومة والنواب وفق استطلاعات رأي محلية.

وإن أحال النواب مشاريع القوانين الأكثر جدلا إلى لجانه المختصة، فقد استهل مجلس النواب جلسته الصباحية، الأحد، بإقرار قانون الشركات الذي استبدل إعلانات الشركات في الصحف الورقية، بالإعلان الإلكتروني على نافذة دائرة مراقبة الشركات في وزارة الصناعة والتجارة. وهو ما يهدد بارتفاع حدة الأزمة الاقتصادية للصحف اليومية التي تعاني من عجز في موازناتها وتراكم الديون، وتأخير رواتب العاملين فيها، إذ تعتمد الصحف حاليا على الدخل المتأتي من الإعلانات القضائية وإعلانات الشركات، كمصدر دخل ثابت بعد تراجع مقروئية الصحف لصالح متابعة منصات التواصل الاجتماعي.

رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي

ونال مشروعا قانون الجرائم الإلكترونية والسير «الحصة الأكبر» من النقاشات النيابية، بعد انقسام المجلس على جبهتي الموافقة والرفض لما أرسلته الحكومة من تعديلات على بنود القانونين، الأمر الذي رفع من حدة المواجهة النيابية رغم التصويت بالإجماع على إحالتهما إلى اللجنة القانونية، واستبعاد فكرة ردهما إلى الحكومة.

وتصدر مشروع قانون الجرائم الإلكترونية الذي أرسلته الحكومة في وقت متأخر، السبت الماضي، إلى مجلس النواب للمناقشات النيابية.

وإذ توافق نواب على فكرة تحصين المجتمع والأسر من خطر الجريمة الإلكترونية الممارسة عبر أدوات التواصل الاجتماعي، إلا أنهم طالبوا اللجنة النيابية القانونية بإعادة النظر في قيمة الغرامات المترتبة على بعض البنود. غير أن نواب كتلة الإصلاح الذراع النيابية لحزب جبهة العمل الإسلامي، اعتبروا القانون مصادرة للحريات العامة وقمعا لحرية التعبير.

ووقف في مواجهة هذا الرأي نواب أصروا على أن الحريات ليست رديفا للجريمة، الأمر الذي يستدعي وقفة مراجعة في التعامل مع خطر مواقع التواصل الاجتماعي والاستجابة لضحايا الجريمة الإلكترونية بأشكالها المختلفة، عبر قانون يؤطر مفهوم الجريمة ويلاحق مرتكبيها.

جلسة مجلس النواب الأردني في دورته الاستثنائية

وفي مشروع قانون السير، توزعت المواقف النيابية بين مؤيد للقانون بهدف حماية أرواح المواطنين بعد ارتفاع عدد الوفيات نتيجة حوادث السير، حيث تضمن مشروع القانون الجديد عقوبات مغلظة على المخالفات التي تتسبب في وقوع ضحايا نتيجة الاستهتار وعدم الالتزام بالشواخص المرورية، واستخدام الهواتف النقالة أثناء القيادة، وتجاوز السرعة المحددة. مقابل مواقف نيابية معارضة للتعديلات ورفع قيمة المخالفات بشكل يعزز مفهوم الجباية الحكومية على الطرق.

ومن المنتظر في حال إقرار القانون، تفعيل أنظمة الرقابة من خلال الكاميرات الموزعة في شوارع المملكة، لتُسجل المخالفة غيابيا وبعيدا عن الاحتكاك بين السائقين المخالفين ورقباء السير.

الإعفاءات الطبية واستنزاف الميزانية

وإن بدأت الدورة النيابية الاستثنائية على وقع أزمة خفية بين النواب والحكومة على خلفية تقليص عدد الإعفاءات الطبية للنواب، وهي إعفاءات يصدرها نواب لقواعدهم الانتخابية من الذين لا يحملون تأمينا طبيا. ففيما يطالب النواب التوسع بمنحها، فإن الحكومة تعتبر ذلك «استنزافا لعجز الموازنة العامة»، خصوصا في ظل تنامي مديونية الحكومة لصالح المستشفيات الجامعية.

المسألة وإن بدت مغرقة في بعدها المحلي، فإن تحديد سقف الإعفاءات الطبية الممنوحة للنواب بخمسة إعفاءات شهريا لكل نائب، جاءت بعد مخالفات لمواطنين تحصلوا على إعفاءات طبية لمستشفيات جامعية والخدمات الطبية الملكية، بواسطات نيابية، رغم حملهم لتأمين حكومي يمنحهم العلاج في مستشفيات وزارة الصحة. وتلك الازدواجية تفتح الباب على تراجع مساحة العدالة في منح الحقوق الصحية للمواطنين. كما تحدثت مصادر عن دخول سماسرة على خط استصدار تلك الإعفاءات وبيعها للمرضى المحتاجين.

تعديل حكومي

وكذلك يرفع من حدة التوتر النيابي الحكومي لهذه الدورة، طبيعة التوقيت الذي يرغب النواب فيه العودة لقواعدهم الانتخابية خلال العام الأخير من عمرهم الدستوري، فمن المتوقع أن يحدد موعد إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في مثل هذا الوقت من العام المقبل، ورغم أن للملك صلاحيات التمديد للمجلس لمدة أقلها عام وأقصاها عامان، إلا أن مطلعين استبعدوا استخدام تلك الصلاحية الملكية الدستورية، بعد استقرار عمر المجالس النيابية الثلاثة السابقة عند حاجز أربع سنوات شمسية كما حددها الدستور.

وبين خفايا توتر العلاقة النيابية الحكومية حيال الفكرة التي نوقشت على مستوى مراكز القرار لصالح، إجراء تعديل حكومي يأتي بشخصيات قريبة من أعضاء مجلس النواب، لتجسير العلاقة والعبور من مرحلة الدورة الاستثنائية التي ستشهد نقاشات ساخنة ظاهرها تشريعي وباطنها عدم قدرة النواب على تحصيل خدمات لقواعدهم الانتخابية، خصوصا في المحافظات ومناطق الأطراف.

إلا أن مصادر مطلعة تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، بأن الفكرة تم تأجيلها لمطلع الدورة العادية المقبلة المتوقع الدعوة لها بين شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) قبل نهاية العام.



فنانون لبنانيون يكافحون الحرب ويواصلون الإبداع

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

فنانون لبنانيون يكافحون الحرب ويواصلون الإبداع

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)
أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

بينما تشنّ إسرائيل هجوماً عسكرياً دامياً على وطنه لبنان في حربها مع «حزب الله»، تساءل الفنان شربل صموئيل عون عن دور الفن ومكانته في بلد يجتاحه الصراع.

وقال عون، وهو رسام ونحات يمزج بين فنون متعددة ويبلغ من العمر 45 عاماً: «الفن هل بيظل إله محل في هيك أزمة؟»، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يحمل قطعة فنية غير مكتملة بورشته في بلدة الفنار - لبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

وتاريخياً، لعب لبنان دوراً محورياً في المشهد الفني بالعالم العربي وكان بمثابة مركز نابض بالحياة للفنون البصرية والموسيقى والمسرح ويمزج بين المؤثرات التقليدية والمعاصرة.

والآن يعبّر الفنانون اللبنانيون في أعمالهم عن الإحباط واليأس الذي يشعرون به منذ الهجوم الإسرائيلي على وطنهم قبل عام والذي أسفر عن مقتل أكثر من 3200 شخص، معظمهم منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتعكس أعمال عون بشكل مباشر الأزمات المتتالية التي يمر بها لبنان. فقد بدأ في عام 2013 جمع التراب من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان لرسم سلسلة من اللوحات متعددة الطبقات قبل أن ينتقل إلى استكشاف وسائل أخرى.

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يعمل على قطعة فنية باستخدام الغبار المخلوط بالراتنج في بلدة الفنار - لبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

ويقول الفنان عون إن الظلام واليأس الناجمين عن الحرب والركام الذي خلَّفته حملة القصف الإسرائيلي المكثفة في جنوب لبنان وشرقه والضاحية الجنوبية لبيروت أحييا رغبته في العمل بالتراب.

وقال: «يا بتوقفي كل شيء، يا إنه بالشيء إللي باقيلك فيه معنى شوي بتكفي».

وتم إلغاء معرضين له بسبب الحرب. وبينما كان يعيش في السابق على الدخل الذي يجنيه من فنه، يعتمد الآن على بيع العسل من منحل أسسه في البداية مشروعاً لصنع أعمال فنية من شمع العسل.

وقال: «لم يعد بإمكاني الاعتماد على سوق الفن».

الفنان اللبناني شربل صموئيل عون يرتدي بدلة تربية النحل أثناء حضوره مقابلة مع وكالة «رويترز» في بلدة الفنار بلبنان 8 نوفمبر 2024 (رويترز)

وأُغلقت صالات العرض في مختلف أنحاء بيروت خلال الأشهر القليلة الماضية، وقال أصحابها لوكالة «رويترز» إنه لا يوجد طلب على شراء الأعمال الفنية في هذا التوقيت. ونقل متحف سرسق الشهير في لبنان، وهو متحف للفن الحديث، معروضاته إلى مخزن تحت الأرض.

المغنية والموسيقية اللبنانية جوي فياض تحمل غيتارها بالاستوديو الخاص بها في مزرعة يشوع - لبنان 6 نوفمبر 2024 (رويترز)

وعانت المغنية والموسيقية اللبنانية جوي فياض من التأثير النفسي للصراع الذي جعل من الصعب عليها أداء عروضها منذ أشهر عدة.

وقالت: «هذا الشيء عمل شوي (حدودا) للإبداع تبعي، وبالتالي (انغلقت) شوي على حالي، ما بقى فيني أعطي غيري ولا أعطي حالي كمان».

أطفال نازحون ولاجئون يحضرون حفلاً خيرياً حيث تؤدي المغنية اللبنانية جوي فياض والموسيقي أوليفر معلوف وسط الأعمال العدائية المستمرة بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية في بلدة ضبية - لبنان 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

ووجهت طاقتها في المقابل إلى كتابة الأغاني. وعادت مجدداً لتأدية عروض في الفترة الماضية بالغناء للأطفال النازحين واللاجئين في لبنان خلال حفل خيري أقيم في شمال بيروت.

وأضافت: «بتخيل أحلى شعور كان برجع أحسه بعد فترة طويلة إني أشوفهم كلهم مبسوطين... وعم بيغيروا جو وينبسطوا من بعد فترة صعبة أكيد»، خصوصاً لمن اعتادوا على سماع صوت القصف بدلاً من الموسيقى.